الأحد، 3 فبراير 2019

طفل الجحيم

تأليف : امل شانوحة


إنقذوني من عائلتي !!

من خلف نافذة غرفة المعلمين وقف الأستاذ أحمد يراقب الطلاّب اثناء دخولهم الى ساحة الملعب مع بداية العام الدراسيّ 

واثناء إرتشافه للقهوة الصباحية , لاحظ ولداً صغيراً يمشي بخوف بين الطلاّب ! حيث جلس بعيداً عنهم وهو يحاول كبت دموعه بصعوبة 

ورغم وجود الأستاذ في الطابق الثاني الا ان عينيه تسمّرتا على ذلك الولد الذي يبدو الرعب واضحاً من إلتفاتاته المرتبكة والمتكرّرة لكلّ من يمرّ بجانبه , وكان أكثر من الخوف المعتاد لطلاّب السنة الأولى !  

ثم رنّ الجرس .. وبدأ الطلاب يصطفّون بطوابيرهم , بينما تجمّد الولد في مكانه دون ان يعلم وجهته ! 
فنزل الأستاذ أحمد اليه , وسأله :
- هل انت بالصفّ الأول ؟
فأجابه الولد بعينين دامعتين : نعم
- اذاً تعال وقف في هذا الصفّ 

ووقف وحيداً بآخر الصفّ , لكن الأستاذ أخذه من يده وأوقفه في المقدمة.. قائلاً : 
- فقط الأولاد طويلي القامة يقفون بالخلف .. ما اسمك ؟
الولد : ماجد 
ثم قال الأستاذ لطالبٍ الآخر : مروان , سيكون ماجد صديقك منذ اليوم وسيجلس بجانبك 
مروان : حاضر استاذ
وابتسم ماجد ابتسامةٍ حزينة بعد إيجاده لصديق 
***

والتقى ثانيةً مع الطفل ماجد في الحصة الثالثة .. لكنه ما زال شارد الذهن , بينما صديقه مروان منشغلاً بالحديث مع الآخرين 

وبدأت الحصة وماجد هائمٌ بأفكاره بعيداً عن جوّ الدراسة .. وكل ما ناداه الأستاذ , ينتفض مرتعباً ! ممّا أضحك اصدقائه عليه .. 
لذلك تركه الأستاذ أحمد على راحته , لحين انتهاء الدرس ومعرفة مشكلته 
***

رنّ الجرس وانطلق الأولاد للملعب لتناول غدائهم , وبقيّ ماجد لوحده في الصفّ .. فجلس الأستاذ بجانبه وسأله :
- لما لم تنزل معهم الى الملعب ؟
ماجد : وماذا أفعل هناك ؟
الأستاذ أحمد : تأكل طعامك , ألست جائعاً ؟ 
- بلى , لكن ليس معي مال
- الم يعطوك أهلك المصروف ؟
ماجد بحزن : انا لا أهل لي
- هل والداك متوفيان ؟
الولد بغضب : امي توفيت الصيف الفائت .. ليت والدي مات مكانها !! 

وخرج باكياً من الصف , تاركاً الأستاذ في حيرة .. فكيف لصبي في السابعة ان يكره والده لهذه الدرجة ؟!
***

لاحقاً , أرسل الأستاذ طعاماً لماجد .. وشاهده من بعيد وهو يأكله بنهمّ والدموع على خدّيه !
*** 

مرّ شهران .. ومازال ماجد لم يندمج مع اصدقائه , ولم يشارك مع الأساتذة بالصف الذين بدأوا يعاقبونه على إهماله بكتابة واجباته 
وتطوّع الأستاذ أحمد للكلام معه , وفهم المشكلة.. 

وحين سأله جانباً عن عدم المذاكرة , أجابه ماجد بعينين زائغتين :
- انا لا آتي الى هنا لأتعلّم 
- اذاً لماذا تأتي الى المدرسة ؟
الولد بقهر : لكيّ تبقى زوجة ابي مع اصدقائها لوحدهم في المنزل , لذلك تُرسلني بعيداً 
- وماذا عن والدك ؟
فأجاب بعصبية : ابي لا يأتي الا مساءً , وأتمنى ان لا يعود ابداً !! 
الأستاذ : هل يضربك ؟
- ليت هذا فحسب 
الأستاذ بقلق : وماذا يفعل ايضاً ؟
- ممنوع عليّ التكلّم مع أحد , لذا رجاءً دعني وشأني

وركض مبتعداً عنه , ممّا زوّد من شكوك الأستاذ الذي أصرّ على فكّ لغز الصبي الغامض .. 

فذهب الى مكتب الإدارة وبحث عن ملفّه .. ثم اتصل على رقم منزله , لتردّ عليه امرأة :
- نعم , انا زوجة والده .. فماذا فعل هذا الشقيّ ؟
- لم يفعل شيئاً مطلقاً , بل هو هادىء بشكلٍ مريب .. وانا اريد  التحدّث مع والده بهذا الشأن , فهل تعطيني رقم جواله ؟
فأجابت : لا طبعاً !! والده لا يعلم انني أرسله الى المدرسة , وإن علِم سيعاقبني انا ايضاً ..
الأستاذ أحمد : أفهم من كلامك انه يضرب ابنه بقسوة , اليس كذلك؟
- إسمع يا أستاذ !! انا أرسلت ماجد اليكم لأتنفّس قليلاً وآخذ راحتي في منزلي , لذلك لا يهمّني او يهمّ والده نجاحه او رسوبه  
الأستاذ بعصبية : لكن هذا لا يجوز !! الا يهمّكم مصيره ؟
فأجابت بلؤم : مصيره حتماً كوالدته .. المهم ان تبقوه عندكم في الفترات الصباحية , وهذا كل شيء .. 
واغلقت الهاتف ..

فقال الأستاذ في نفسه بدهشة : ((يا الهي ! كيف تتمنّى له الموت كأمه وهو مازال صغيراً ؟ أعانك الله يا ماجد على عائلتك عديميّ الرحمة))  
***

وفي اليوم الثاني ..وأثناء إنشغال الطلاب بتناول غداءهم بالملعب , أخذه استاذ أحمد الى صفّه الفارغ , وسأله : 
- ماجد , إخبرني الصدق ..هل تعذّبك زوجة والدك ؟
فطأطا الصغير رأسه وهو يتنّهد بضيق .. 
فألحّ الأستاذ بالسؤال :
- بنيّ إخبرني ولا تخفّ
وبعد ان مسح دموعه , قال : 
- هي لا تخيفني بقدر والدي
- وهل يضربك والدك كثيراً ؟
- هو وعدني ان لا يؤذيني في حال وجد الطفل العاشر 
- لم أفهم ! 
فأكمل الولد قائلاً بخوف : لكن إن لم يجده , فسيضحّي بي لإكمال شروط العقد 
- عن ماذا تتكلّم يا ماجد ؟ انا لا أفهم شيئاً ! 
- ارجوك استاذ لا تجبرني على بوح السرّ والاّ قتلني 
وصار يبكي بقهر ..
فحضنه الأستاذ , ليشعر برجفاته الخائفة !
- يا الهي , ماذا يفعلون بك بنيّ ؟!

لكن الصبي أبعده عنه وخرج مسرعاً من الصفّ , ليبكي وحده في إحدى زوايا الملعب !

بينما توجّه الأستاذ للمدير قائلاً :  
- هناك أمرٌ مُقلق بشأن الصبي ماجد , وأريد ان أعرف كل شيءٍ عنه , وأحتاج مساعدتك 
فأومأ المدير برأسه إيجاباً
***

بعد يومين .. تفاجأ الجميع بقفز ماجد على استاذ الرياضة وضربه بعنف , والذي قام بإرساله الى المدير لمعاقبته على تصرّفه الغير مقبول 
لكن استاذ أحمد تدخّل وطلب من المدير السماح له بمكالمة الصبي قبل العقاب .. 

ودخل الى غرفة الإدارة ليجد ماجد يتنفس بغضب وكأنه مستعد للعراك ! ففاجأه الأستاذ بحضنٍ حنون , خفّف كثيراً من إنفعاله .. 
وبعد ان هدأ , سأله : 
- لما ضربت استاذك يا ماجد ؟
- لأنه يُجبرني على لبس البنطال القصير 
الأستاذ أحمد : هذا ضروري في حصّة الرياضة 
- وانا لا اريدهم ان يروا قدمي 
الأستاذ باستغراب : لماذا ؟ ..هيا ماجد يمكنك إخباري 

فرفع بنطاله قليلاً , ليرى الأستاذ كدمات وجروح وخربشات على طول قدميه 
- يا الهي ! هل والدك فعل ذلك ؟
فهزّ الصبي رأسه إيجاباً بحزن ..
- وماذا فعلت ليضربك بهذا العنف ؟
الولد : لأنني قاومته حين أراد سحب دمائي 
- وهل أراد دمك لفحوصاتٍ طبّية ؟
الولد بتردّد : لا , بل لأجل ...
- لأجل ماذا ؟ .. تكلّم بنيّ !!

وفجأة ! أصبحت نظراته أكثر حدّية , وتغير صوته الى صوت رجلٍ أجشّ: 
- لأجلي انا !! 
الأستاذ بعد ان أخافه الصوت الرجولي : ومن انت ؟!

فإذّ بالصبي يُطبق كلتا يديه حول عنق الأستاذ , ويضغط بقوة تُشابه قوة الرجال ! حتى كاد الأستاذ يموت إختناقاً .. 
ثم همس الصبي في أذنه بصوتٍ يثير الرعب :
- دمّ ماجد ضمانة بأن والده سينفّذ العقد الذي بيننا
فسأله الأستاذ بصوتٍ مخنوق : من انت ؟!! وأيّ عقد ؟
فأجاب الصبي بصوتٍ جهوريّ مخيف : 
- انا الشيطان !!! .. إبتعد عن ماجد والاّ أذيت هدى ورامي

وما ان سمع الأستاذ ذلك , حتى انتفض مُبتعداً عن أيدي الصبي ..وهو يسأله بخوف : 
- كيف عرفت بأسماء ابنائي ؟!
الصبي مبتسماً إبتسامةٍ مخيفة : انا أعرف كل شيء ..انا ملك الأرض ..وملك جهنم .. (ثم صرخ) ..انا الشيطان الأعظم !!!!

وأدرك الأستاذ بأن مخلوقاً مرعباً يسكن جسد الصغير , فقال بخوف :
- اريد التكلّم مع ماجد
- ماجد لا يملك خياراً آخر , فقد باع والده جسده لنا منذ ولادته .. ..ومصيره ان يكبر ضمن عائلةٍ تعبدني .. وأنصحك بأن لا تعترض طريقنا , والا سنؤذي ابناءك .. هل فهمت ؟!!

وفجأة ! سقط ماجد على الأرض وهو يبكي وينوح , ويمسك بقدم استاذه:
- ارجوك ساعدني , لم أعدّ أحتمل كل هذا الرعب .. أخاف ان يحصل معي مثل ما حصل مع امي
الأستاذ بقلق : وماذا حصل لها ؟ 
- والدي أجبرني على حضور حفلتهم , ورأيته يذبحها ويوزّع دمائها على رفاقه .. 
الأستاذ بفزع : قتلها ؟! هل انت متأكّد انه لم يكن كابوساً ؟

فخلع ماجد حذائه وجوربه وهو يقول باكياً : 
- أنظر بنفسك !! لقد قطعوا أصابعي الثلاثة قبل شهر من دخولي المدرسة .. ارجوك استاذ إبعدني عن ذلك الجحيم , فأنا لا اريد العودة الى بيتي بعد اليوم

فتضاربت الأفكار في رأس الأستاذ .. فهو من جهة : يريد إنقاذ الولد .. ومن جهةٍ أخرى : تهديدات الشيطان بايذاء طفليه أرعبته كثيراً .. ثم هل ستقبل زوجته عيشه معهم , مع وجود إحتمال ان يتأذّى اطفالها من مخلوقات العالم الآخر او من عائلته المريبة ؟ ..وهل ستصدّقه الشرطة في حال أبلغهم بالأمر ؟ 
***

وبنهاية الدوام .. جلس الأستاذ محتاراً في سيارته وهو يراقب الصبي من بعيد .. 

وبعد قليل ..رأى سيارة تقودها امرأة بهيئتها القوطية (عبّاد الشياطين) تنادي عليه للإسراع بالركوب .. بينما كان ماجد يتلفّت حوله , وكأنه يبحث عن استاذه الذي وعد بإنقاذه .. 

وهنا لم يشعر أحمد بنفسه الا وهو يطلق بوق سيارته , ملوّحاً لماجد بالإسراع نحوه .. لينطلق الصغير فرحاً اتجاهه ويركب السيارة التي إنطلقت بسرعةٍ لم تستطع معها زوجة الأب اللحاق بهما 
***

بعد نصف ساعة .. نظر الأستاذ في مرآة سيارته قائلاً : 
- وأخيراً أضعنا تلك الملعونة العنيدة 
فقال ماجد من المقاعد الخلفية : شكراً استاذ لأنك أنقذتني منهم
الأستاذ بقلق : أصدقني القول بنيّ .. هل قتل والدك أحداً غير امك؟ 
- كل ما أعلمه انه قتل تسعة اطفال حتى الآن ؟ معظمهم من اولاد الشوارع 
الأستاذ برعب : أتقول الحقيقة ؟!

الولد بحزن : نعم , فقد كان شرط الشيطان في العقد : ان يجلب له دماء عشرة اطفال قبل اكتمال بدر هذا الشهر , لكيّ يعيش والدي وزوجته في عالمهم .. وهو يحاول منذ فترة خطف الولد العاشر .. وأخبرني إن لم يجده , سأحلّ مكانه .. وهذا ما أخبر به امي التي إعترضت , فقتلها .. بينما تشجّعه زوجته دائماً على فعل ذلك , خوفاً عليه من الشرطة التي بدأت تشكّ فيه 
الأستاذ بغضب: يا الهي ! هذا كثيرٌ على ولدٍ في السابعة .. يجب إبلاغ الشرطة حالاً عن ذلك المجرم !!
الولد وهو يرتجف بخوف : لا استاذ ارجوك ! سيقتلنا جميعاً ان فعلت !! 
- حسناً اهدأ ..سأحلّ مشكلة والدك لاحقاً , عليّ الآن إبعادك عن المدينة 
- والى اين نذهب ؟
- الى بيت والدي في القرية المجاورة , هو شيخ متدين وسيحميك من شياطينهم
***

وعصراً .. إستقبلهما والده العجوز بعد ان أخبره بالجوال عن قصته .. 
فقال الأب لأبنه : إذهب يا احمد الى عائلتك قبل ان تُشغل بالهم , وانا سأهتم بالصغير
الأستاذ : هو لم يأكل شيئاً منذ الصباح
- لا تقلق بنيّ , زوجتي ستهتم به .. وانا سأظلّ أقرأ عليه , الى ان أخلّصه بإذن الله من عفاريته الملاعين
***

وبعد ان أكل ماجد طعامه لأول مرة بنهمٍ وشهيّة , نام مِلء جفونه في الصالة أثناء تلاوة الشيخ عليه آياتٍ ضدّ السحر ..

وقبل ان يختم السورة , إستفاق ماجد فجأة ! ليلاحظ الشيخ تغيّر عينيه الى عينيّ قطة , صارخاً بصوت رجلٍ أجشّ :
- أسكت يا رجل !! القرآن يحرقني ! 
العجوز بلا مبالاة : أعلم هذا 

وتابع القراءة , ليعود ويقاطعه : 
- والى اين تريدني ان أذهب ؟ فهذا بيتي منذ ولادته 
الشيخ بحزم : ستذهب الى الجحيم حيث تنتمي , لا يهمّني أمرك .. أخرج , والا سأتابع القراءة الى ان تحترق تماماً
- لحظة ! دعنا نتفق اولاً 
- على ماذا ؟

فقال الصوت : ماجد ليس صبياً عادياً , بل يمكنك بواسطته إخراج الذهب والكنوز ..كل ما عليك فعله , هو سحب دمه .. وسكبه لاحقاً في مكانٍ مهجور , سواءً قبر او وادي او غابةٍ مهملة .. ثم تكفر بالله ثلاثاً وتمجّد ابليس , ليخرج لك الذهب الذي تريده
العجوز بغضب : خسئت ايها الشيطان !! امّا ان تخرج من جسده , او أحرقك .. لا حلّ ثالث لديّ !!

وظلّ الشيخ يقرأ ويقرأ , الى ان صرخ ماجد صرخةً عالية !!! وسقط بعدها على فراشه نائماً , ليظهر شخيره المتعب وكأنه ينام لأول مرة في حياته ! 
بينما استلقى العجوز على الفراش الآخر , بعد ان أتعبه إخراج الشيطان من الصبي .. 

لكن ما لا يعلمه ان زوجته الصبية (القرويّة الجاهلة) سمعت حوارهما السابق !
*** 

وظلّت تفكّر طوال الليل بالذهب الذي تستطيع الحصول عليه بواسطة الطفل ..واستغلّت نومهما , لتقترب من الصبي وهي تحمل حقنةً فارغة .. لكنها تردّدت بسحب الدماء , خوفاً من بكائه وإيقاظ زوجها الذي سيطلقها في حال عرِفَ بنيّتها 

فردّدت في نفسها قائلة : ((ايها الشيطان الذي كنت في جسّد هذا الصغير , إن كنت تسمعني , فساعدني في الحصول على دمه دون ان يلاحظا فعلتي))
وارتعدت فرائصها حين سمعت رجلاً يهمس مباشرةً في أذنها :  
- إفعلي ذلك , ولن يشعرا بشيء

وبالفعل سحبت الدم من ذراع الصبي الذي تجمّد في فراشه دون حراك ! وكذلك زوجها الذي توقف شخيره فجأة 
***

ثم أسرعت نحو الأحراش القريبة من منزلها , متوجهةً نحو بئرٍ مهجور .. والذي نطقت امامه بكلامات الكفر , قبل ان تُفرغ الدماء بداخله 

وما ان فعلت ذلك .. حتى ظهر خلفها رجلٌ وامراة , كأنما ظهرا من العدم ! سائلاً الرجل بغضب :
- اين ابني ماجد ؟!!
زوجة الشيخ : آه انت والده , وهذه زوجتك !
- نعم , فنحن نستطيع تتبّع رائحة دماء ابني .. والآن أجيبي بسرعة !! اين خطفتم ابني ؟!!
فأجابت : هو في بيتي خلف الأحراش .. أقصد , ابن زوجي الأستاذ جلبه الينا هذا العصر .. ستجدانه نائماً في الصالة
وبينما كانت تدلّهما على البيت , إختفيا فجأة من خلفها ! 

ثم ظهر صوتٌ عميق من داخل البئر المهجور يقول لها : 
- أحسنت !! انت تستحقين مكافأة .. هيا إسحبي الدلو 
وحين حاولت سحبه وجدته ثقيلاً , فابتسمت بحماس : 
- يبدو ان فيه الكثير من الذهب !!

فعادت لتسحبه بكل ما أوتيت من قوة , لكن شيئاً ضخماً سحبها الى الداخل لتختفي صرخاتها في المياه المُوحلة داخل البئر ! 
***

اما الشيخ فقد استفاق صباحاً , ليجد مكتوباً بالدماء على حائط : 
((لوّ لم تكن مُحصّناً بالأدعية , لأخذناك معنا الى الجحيم))

فبحث فِزعاً بكل غرف بيته , لكنه لم يجد الصبي او عروسته الصبية التي تمّ إكتشاف جثتها في البئر بعد يومين من اختفائها
***

اما الأستاذ أحمد وعائلته , وأثناء ذهابهم للقرية لتقديم واجب العزاء في موت زوجة ابيه .. إذّ فجأة يعترض طريقه طيف الصبي ماجد , ممّا جعله ينحرف بقوة , أدّت لانقلاب سيارته وموته مع عائلته 
***

امّا ماجد فلم يعدّ ثانية الى المدرسة , ممّا جعل المدير يُبلغ الشرطة بكل مخاوف المرحوم الأستاذ أحمد عن عائلة الصغير المشبوهة 
***

ولاحقاً ..إقتحمت الشرطة منزل الصبي الفارغ , لتجد في القبو بعض الرفات المحترقة وآثار دماءٍ داكنة .. وقد أثبتت نتائج الفحوصات المخبريّة بأنها تعود الى تسعة اطفالٍ مختطفين .. 
اما نتيجة الدماء الحديثة التي وجدوها في إحدى الغرف , فتعود لماجد !

وعلموا لاحقاً ان الوالد الحقيقي أُختطفت زوجته الحامل منذ سنوات والذي انفطر قلبه بعد ان علم بما عانته زوجته وابنه ماجد من ذلك الرجل المختلّ وزوجته القوطية اللذان عرّضوهما للكثير من الآلام التي لا يمكن لأحد ان يتحمّلها ! 

وبما ان المختطف إستطاع بالنهاية تنفيذ شروط العقد , فالإحتمال الأكبر انه يعيش الآن مع زوجته في عالم الجحيم مع الشياطين  

بينما يحلّق ماجد ورفاقه التسعة كطيورٍ في الجنة .. وربما هذا هو العزاء الوحيد لوالده الحقيقي الذي يبكي كل يوم عند قبر زوجته وابنه , بعد فقده للأمل الأخير بعودتهما الى بيته سالميّن !

هناك 3 تعليقات:

  1. ملاحظة : عند تجديد المدونة (ليكون النشر متاح للجميع) حُذفت جميع التعليقات السابقة دون إرادتي ! أعتذر لكل من علّق سابقاً .. وأتمنى ان لا يحدث هذا في التعليقات الجديدة بإذن الله .. دمتمّ بخير

    ردحذف
  2. تحياتي و تقديري انسة امل دائما قصصك جميلة و ممتازة
    لكن المعذرة اريد ان اسألك انا مثلك احب الكتابة واريد ان اصبح كاتب فأنا لدي هذه الهواية فسوالي انه كيف افتح هذا المجال امامي وهل هذا عملك انت اقصد اي الكتابة هي عملك ام ان هذا من باب التسلية و الهواية وهل تتقادين مال من هذه القصص و عذرا مجددا على سؤالي اختي الفاضلة و ابنة بلدي امل المبدعة

    ردحذف
    الردود
    1. اذا كنت تهوى الكتابة فابدأ بكتابة القصص القصيرة وارسلها الى مواقع تهتم بالكتّاب المبتدئين ..وأنصحك بموقع كابوس فإدارته ومشرفيه ممتازين ويشجّعون المواهب الصاعدة , وستُنشر قصتك ان لاقت إستحسانهم , ولاحقاً إستفدّ من نقد قرّاءهم فمعظمهم في سن المراهقة وهم شديدو الملاحظة وصراحتهم ستنفعك في تطوير موهبتك .. وبعد ان يعرفك قرّاء كابوس ككاتب مميز , إفتح مدونة بلوجر وضع رابطها في كل قصة ترسلها الى كابوس .. فمعظم قرّاء مدونتي من متابعيّ كابوس .. على أمل ان تصل اصداء قصصك يوماً الى إحدى الناشرين ويساهمون في شهرتك في المستقبل القريب بإذن الله
      - اما عن سؤالك الثاني : فأنا اكتب كهواية , وأتمنى ان تصبح موهبتي هي وظيفتي في المستقبل .. بالتوفيق لك

      حذف

المحطّة الأخيرة

كتابة : امل شانوحة    المصيّدة الدمويّة ركبت الصبيّة الحافلة بعد انتهاء عملها الليليّ في إحدى المطاعم ، وهي تشعر بالإنهاك والتعب الشديد.. وم...