الأربعاء، 21 نوفمبر 2018

الغزو الفضائي

تأليف : امل شانوحة


حربٌ بين البشر ووحوش الفضاء

- سيدي .. إسمع بنفسك ما قاله الولد عندما سألته عمّن سرق طعامي  
فاقترب قائد وحوش الفضاء من الطفل البشري (7 سنوات) وأعاد عليه السؤال , فأجابه الصبي :
- انت !! انت من أكلت كلّ الطعام 
- انا ! أتكذب حتى في وجهي يا ولد ؟! 

ثم نادى حارسين لأخذه الى غرفة الإحتجاز كعقابٍ له .. وبعد ذهابه , قال الحارس :
- هذه المرّة العاشرة التي نعاقبه فيها , ومازال يكذب !
القائد : ربما هي صفة عند البشريين !
- لكن من اين تعلمها ؟! فهو نُقل الى الفضاء منذ ان كان رضيعاً , وجميعنا لا نقول سوى الحقيقة !
ففكّرالقائد قليلاً , ثم قال : إحضر لي ليني 
- الذي أحضر الصبيّ الينا ؟
- نعم , فأنا اريد معرفة من اين أتى بهذا النموذج السيء
***

وحين قدم ليني , أجاب على سؤال القائد :
- بصراحة ..عندما قرأت عمّا فعله ألينور في القصة السابقة (معاً لغدٍ أفضل) وكيف غيّر قوانين العمل في الصين , شعرتُ بالغيرة وأردّتُ التفوق عليه.. فسافرت سرّاً الى الأرض بهيئة بشريّ , ووصلت مساءً بمكانٍ صحراوي بأميركا , ليس فيه سوى طريقٍ عام لا يمرّ به سوى القليل من شاحنات النقل .. فأنا لم أدرس الخرائط جيداً , وكان هذا خطئي .. والأسوء إن الجاذبية الأرضية أجبرتني على المشي لمسافةٍ طويلة ممّا أرهقتني جداً , فأردّت إلغاء المهمّة والعودة الى هنا .. لكن قبل استسلامي , رأيت سيارة تتوقف على جانب الطريق ..وخرج منها رجلٌ يحمل شيئاً داخل منشفة , ووضعه أرضاً ثم ذهب.. في البداية ظننتها نفايات , لكني تفاجأت حين رأيت طفلاً حديث الولادة ! فأحضرته معي الى هنا لدراسة جيناته البشريّة

القائد بعصبية : يعني أحضرت لقيطاً الى كوكبنا ؟!!
- لم أجد غيره , فسرقة العينات البشريّة ليس بالأمر الهيّن
- لكنه ليس مستحيلاً , فبطلنا ألينور ذهب ثانيةً الى الأرض مع عروسته لإحضار عيناتٍ بشريّة من داخل مستشفيات التوليد
ليني بدهشة : وكيف سيسمحون الأهالي بخطفه لأطفالهم ؟!
القائد بفخر : لا شيء صعب على بطلنا ألينور
ليني بعصبية : ألينور ألينور .. وكأن ليس لدينا عبقريٌّ غيره ! اساساً هو يقلّد إنجازي 
- انت أحضرت لنا نموذجاً فاسداً , فالولد ليوناردو أتعبنا منذ ان كان في الخامسة من عمره , فهو مشاغبٌ وقذر .. وهاهو تعلّم الكذب ايضاً ! وربما بالمستقبل يفاجُئنا بجرائمه .. فإبن الحرام لا خير فيه .. لذا سأوكل لك مهمّة مراقبة ذلك المشاغب الصغير , وعليك ان تحرص بأن لا يختلط مع عينات الأطفال السليمة القادمة الينا قريباً

فخرج ليني غاضباً من مكتب القائد وهو يتمّتم : ((هذا في حال نجح ألينور في مهمّته)).. 
***

ثم اتصل القائد بألينور ليتأكّد من سير الخطة , فأجابه قائلاً : 
- نعم سيدي , الأمور على ما يرام .. فبعد قتلي للطبيب والطبيبة المشهورين , تجسّدت انا وعروستي في هيئتهما .. ثم أوهمنا الإعلام على مدى شهرين : بأن هناك مرضاً قاتلاً يفتكّ بأطفالهم الرضّع .. فقبلت الحكومة مُجبرة بتسليمنا الأطفال المولدين حديثاً لوضعهم بمحميةٍ بعيدة في جزيرةٍ غير مأهولة .. وقبل قليل قُمنا بنقل الدفعة الأخيرة منهم , ووضعناهم في حضّانات مُجهزة داخل مركبتنا الفضائية
القائد بحماس : وكم طفلاً صار لديكم ؟

ألينور : 300 طفل وجميعهم سليميّ الصحة , فقد فحصناهم بالكاشف الفضائي المتطوّر .. وقريباً سننطلق جميعاً الى كوكبنا 
- وماذا تنتظران ؟!
- حلول المساء سيدي , كيّ لا يتم تصويرنا من قبل الصحفين المتطفلين .. ومن بعدها نحلّق يومين في الفضاء لنصل اليكم بخيرٍ وسلامة 
القائد : بالتوفيق لك ولعروستك
***

وقد استقبل الفضائيون الأطفال الجدّد بسعادةٍ وحماس , وتطوّع الكثيرون منهم لإطعام ورعاية الرضّع على مدار الساعة 
***

مرّت السنوات ..ووصل الأطفال الى المرحلة الإبتدائية التي سيتعلمون فيها قوانين العيش في الفضاء , داخل صفوفٍ دراسية متواجدة بالجزء السفلي من المركبة الفضائية الضخمة .. بعيداً عن أعين الولد ليوناردو الذي ازداد شقاوةً مع مرور الأيام , حيث برع في سرقة أشياءٍ تخصّ أصدقائه الفضائيين المُتنمّر عليهم ! كما تفنّن في مغازلة الفتيات الفضائيين ومضايقتهنّ , عدا عن إقتحامه للكثير من المكاتب السرّية التابعة للقادة , ممّا أغضب رئيس الفضائيين الذي طالب بحضور ليني الى مكتبه..
- نعم سيدي

القائد بعصبية : الم أعهد اليك بمهمّة مراقبة الولد اللعين ليوناردو ؟
ليني بارتباك : بلى سيدي 
- اذاً كيف غاب عن عينك حين دخل مكتبي البارحة ؟
ليني : كانت حرارتي بالأمس مرتفعة ولم انتبه عليه , لكني علمت بأنه شاهد فيديو عن حياة البشريين على الأرض .. وكما تعرف , هو ولدٌ ذكي لذلك لاحظ الشبه بينه وبينهم .. وظلّ يُتعبني بالأسئلة الى ان أخبرته بالحقيقة ..فجنّ جنونه حين علم بأنني إختطفته من عالمه , وبات يريد العودة الى اهله هناك 
القائد : وهل عرف بأن والديه تخليا عنه ؟
- للأسف , ابني أخبره بذلك 
القائد بقلق : طالما عرف الحقيقة فسيزداد عناداً , ويتسبّب لنا بالمزيد من المشاكل ..والخوف الأكبر ان يصل الى القسم الذي نضع فيه الأطفال البشريين , وربما وقتها يُقلّبهم علينا !
- وماذا تقترح سيدي ؟

فيفكّر القائد قليلاً , ثم يقول : نُدخله العسكريّة
ليني : لكنه مازال في 13 من عمره ! والعسكرية لا تبدأ الا في 18..
القائد مقاطعاً : أطفالنا الآخرون بلغوا السادسة من عمرهم .. وان التقى معهم , سيُخرّب كل عملنا ..لذلك اريد إبعاده عن هذه المركبة 
ليني : حسناً سأنفّذ الأوامر .. اساساً هو أتعبني كثيراً بعناده , ولم أعد أحتمله

وهنا دخل الحارس الى غرفة القائد صارخاً : 
- سيدي !! ليوناردو افتعل حريقاً في قسم الملفّات الإدارية
القائد بقلق : ماذا !
***

وبالوقت الذي كانوا فيه يطفئون الحريق , تسلّل ليوناردو الى القسم السفلي من المركبة الفضائية التي مُنع النزول اليها طوال السنوات الماضية .. 
وحين وصل الى هناك , سمع الأطفال البشريين وهم يردّدون القوانين خلف استاذهم الفضائي كالروبوتات ! وتفاجأ من الشبه الذي بينه وبينهم , فعلم بأنهم ايضاً مُختطفون من الأرض .. فدخل غرفة الإدراة , وبدأ يقرأ ملفاً عن عملية ألينور السرّية ..وحينها عرف انهم جميعاً لديهم أهالي ينتظرونهم في الأرض , بعكسه هو! 

فقال في نفسه بغضب : 
((سأنقذكم يا بنيّ جنسي , وأدمّر الفضائيين الملاعيين)) 
وقبل ان يُنهي جملته , إقتحم الحارس الغرفة وصرخ لرفاقه قائلاً :
- لقد وجدت المشاغب ليوناردو !!!

ومن يومها تمّ إرساله للمدرسة العسكرية المتواجدة في مركبةٍ فضائية ثانية , حيث عُومل بحزمٍ وقساوة من قبل القادة هناك .. ورغم انه حاول مقاومتهم في بادئ الأمر , الا ان العقابات المتكرّرة القاسية جعلته يرضخ مُجبراً لأوامرهم 
***

وبعد سنوات , وفي أحد الأيام .. مرّ ليوناردو بالصدفة من امام مكتب قائده العسكري , ليسمعه وهو يتكلّم بالهاتف مع رئيس الفضائيين قائلاً :
- نعم سيدي .. ليوناردو أصبح عمره الآن 25 سنة , وصار قائد مجموعته .. لا هو لم يعد مشاغباً كالماضي , بل يطيع جميع اوامرنا العسكرية .. كما أصبح بارعاً باستخدام الأسلحة وبالمهمّات القيادية الصعبة .. ماذا ؟ .. أحقاً ! ..هل بلغ أولئك الأطفال 18 من عمرهم ؟! لقد مرّت السنوات بسرعة ! .. آه فهمت .. ومتى سترسلهم الى مركبتي ليبدأوا التمارين العسكرية ؟ .. جيد .. يبدو انه سيصبح لدينا جيشاً بشريّاً نستخدمه لاحقاً كفرقةٍ إنتحارية لغزو الأرض .. وربما أجعل ليوناردو قائداً عليهم .. لا لا تقلق , قلت لك بأنه أصبح شاباً مطيعاً , ولن يثير لنا المشاكل في المستقبل .. أعدك بذلك

فقال ليوناردو في نفسه : ((سأجعلك تندم كثيراً لاختياري لهذه المهمّة))
***

وبالفعل تمّ تسليم ليوناردو قيادة الفرقة الشبابية البشرية لتدريبهم على القوانين العسكرية الفضائية .. وقد فعل ذلك على أتممّ وجه , لكنهم لا يعرفون بأنه كان يدرّبهم سرّاً على عملية الإنقلاب ضدّهم  
***

وفي إحدى الأمسيات بثكنة البشريين .. قال احد الشباب لقائده : 
- أتدري يا ليوناردو , منذ طفولتي وانا أتساءل لما أشكالنا مختلفة عنهم , لكني لم أتجرّأ يوماً على سؤالهم .. جيد انك أخبرتنا بالحقيقة
فقالت صبية بقلق : المهم ان يكون أهالينا مازال لديهم الأمل في لقاءنا من جديد !
ليوناردو : ستعرفين الإجابة حين تعودين اليهم
فسألته : ومتى موعد الإنقلاب ؟ فنحن متحمّسون لذلك اليوم

ليوناردو : لا تستعجلوا يا رفاق , فعليّ تعليمكم اولاً اساليب القتال بأسلحتهم المتطورة بعد كشف مخابئهم السرّية , كما طرق قيادة مركباتهم الحديثة للعودة سالمين الى الأرض 
فسأله شاب : وهل عرفت الوسيلة التي سنعود بها الى بلدنا ؟
ليوناردو : نعم , فقد قرأت معظم ملفّاتهم السرّية أثناء نومهم او وقت انشغالهم بالحفلات الرسمية , وعلمت بأن لديهم مركبة مُخصّصة للهبوط على الأرض .. كما صوّرت الملفّ الذي يُبيّن طريقة التحليق بها عبر المجرّات ..لكني للأسف لا أجيد الطيران , ولم أحب يوماً العلوم التقنية  
فقال شابٌ آخر : وهل معك نسخة عن ذلك الملفّ ؟
ليوناردو : نعم , لما تسأل ؟
فأجابه بحماس : لأنني برعت في دروس الملاحة الجويّة
فقالت الصبية : نعم , لطالما كان متفوقاً علينا بهذا التخصّص

ليوناردو : جيد , اذاً ستكون انت المسؤول عن قيادة المركبة التي ستعيدنا الى الأرض .. وأعتقد انه من الأفضل ان أقسّم المهمّات بيننا .. فالأقوياء منكم سيساعدوني بعملية الإنقلاب الدموي .. اما الآخرون فسينقلون للمركبة : المواد غذائية والأدوية المعالجة للأمراض المستعصية وبعض بذور النباتات الفضائية .. والأهم هو نقل ملخّصات عن أبحاثهم العلمية التي ستنفع البشرية , لأنهم متطورون كثيراً عن علماء الأرض , على حسب ما شاهدته في التقرير الأخير الذي أرسله مراسلهم المتخفي في عالمنا على هيئة بشريّ !
فقالت الصبية بحماس : جيد !! وبذلك نعود الى الأرض كعلماء متفوقين في مجالاتٍ عدة : كالطب والهندسة والفلك وغيرها ... 

فقاطعها ليوناردو : لحظة ! أسمع صوتاً بالخارج .. هيا ليعدّ كل واحدٍ الى سريره , فلا اريد لحارسهم ان يسمع مخطّطاتنا السرّية 
فقالوا له : تصبح على خير , يا قائدنا العظيم ليوناردو
***

ومرّت سنةٍ أخرى في الفضاء .. تعلّم فيها الشباب البشريين (بقيادة ليوناردو) كافة العلوم المتطورة على أيدي اساتذتهم الفضائيين المحترفين , كما أتقنوا الأمور العسكرية التي ستساعدهم في يوم الإنقلاب المنتظر.. 
***

وفي إحدى الأمسيات .. تمّ الإتفاق بين الشباب : بأن الغد هو يوم الإنقلاب الكبير , بعد انتهائهم من جمع الأشياء التي تهمّهم من عالم الفضاء داخل مركبتهم السرّية , بعيداً عن أعين الفضائيين .. 
***

وفي الصباح .. استيقظ الفضائيون على حرائقٍ ضخمة في مركباتهم الخمسة ! بعد ان قام بالمهمّة عشرات البشريين .. 

فأسرعت النساء الفضائيات وأطفالهنّ مع بعض رجالهنّ على ركوب مركبات النجاة الصغيرة , للهروب الى المحميات الموجودة في المجرّات القريبة .. حتى ان بعضهم نزح الى الأرض , هرباً من الهجوم الناريّ للشباب البشريين على القادة العسكريين الفضائيين ! 

وكان لعنصر المباغتة الفضل في تفوق البشريين على الفضائيين , لكنه مع هذا مات بعضهم في سبيل نقل اصدقائهم الى المركبة السرّية ..وكان ممّن أُصيب : ليوناردو الذي هجم على الفضائيين ببسالة , قاتلاً الكثير منهم .. وكان أولهم : ليني الذي خطفه من عالمه , والذي قال له قبل ان يُجهز عليه  
ليني بخوف : لا تقتلني يا ليوناردو !! فلولايّ لكنت مُتّ طفلاً في الصحراء , بعد تخلّي والديك عنك !
ليوناردو بغضب : ليتك تركتني أموت هناك , بدل أن يعاملني الجميع كلقيطٍ قذر .. مُتّ ايها اللعين !!!
***

ووصل 263 بشريّ من أصل 300 الى المركبة السرّية .. وهناك تساءل أحدهم بقلق :
- هل رأى أحدكم ليوناردو ؟ 
فأجابه صديقه : أظنني رأيته مصاباً في الدهليز الذي يسبق هذا المخزن  
- اذاً سأذهب لإنقاذه
- لا !! اوامر ليوناردو ان نرحل فوراً دون إنتظار احد , حتى لوّ كان هو 

وهنا سمعوا صوته , خلف الباب الخارجي للمركبة :
ليوناردو صارخاً بألم بعد ان أصيب بجروحٍ خطيرة : هيا حلّقوا نحو الأرض !! ماذا تنتظرون ؟ فالأعداء على مقربة من هنا !
- دعنا نُدخلك الى المركبة يا ليوناردو !!
- لا !! انا أنزف بشدة وسأموت حتماً .. عودوا انتم الى أحضان اهاليكم , فلا أحد ينتظرني هناك .. سأحمي ظهوركم , وأظلّ أطلق النار عليهم الى ان تبتعدوا من هنا .. هيا أديروا المحرّك حالاً !!

فنظر الشباب الى بعضهم بارتباك , الى ان سمعوا صرخته الغاضبة :
ليناردوا : نفّذوا أوامر قائدكم ايها الجنود !! .. هيا !!!!

وعلى الفور !! جلس كل واحدٍ منهم مكانه بعد ان ربطوا أحزمة الأمان , ووضعوا أقنعة الأكسجين على أنفهم .. ثم انطلقوا مُبتعدين داخل مركبتهم الفضائية الضخمة .. بينما ظلّ ليوناردو يحارب حتى آخر نفسٍ له !
***

وبعد رحيلهم .. إقترب القائد الفضائي من جثة ليوناردو الذي أُصيب بمئات الرصاصات الشعاعية , قائلاً :
- لطالما كنت ولداً مشاغباً , لكنك مع هذا أصبحت بطلاً في نظر بنيّ جنسك ! 
حارسه باستغراب : أتمدحه سيدي بعد ان حطّم سفينتنا وهجّر عائلاتنا ؟!
القائد : هو فعل ما كان عليه فعله .. وكنت محقاً حين قلت عنه سابقاً : التفاحة السيئة تُفسد البقيّة

أحد جنوده : وماذا نفعل الآن سيدي ؟ فنحن لم نتمكّن من السيطرة على الحرائق !
القائد : لننتقل فوراً الى المركبات الإحتياطية , قبل ان نحترق جميعاً .. وبعد ان يهدأ الوضع , نُرسل جنودنا الى الأرض ليعيدوا عائلاتنا النازحة من هناك .. هيا لنهرب بسرعة , فالدخان وصل الى هنا !
***

وقد وصلت المركبة البشريّة بسلام الى الأرض , بعد ان حطّت داخل غابةٍ كثيفة ..
وبعد ان خرجوا منها .. قال قائد المركبة :
- أزيلوا أقنعتكم , فهنا يمكننا التنفّس من دونها 
فقالت الصبية بعد ان استنشقت هواء الأرض لأول مرة : 
- ياه !! ما أجمل هواء بلادنا ! 
وقال شاب وهو يمشي بحذر على الأرض العشبية : مازلت لا استوعب الجاذبية ! أحسّ ان جسمي ثقيلٌ جداً .. لحظة ! ما هذا الشيء الذي يتحرّك على الشجرة ؟
فقال شابٌ آخر لديه خبرة بالعلوم البيولوجية : هذه تسمى حشرة العنكبوت ..وهذه أشجار البلوط ..اما ذلك الأرنب فهو من صنف الحيوانات , وهو ليس مضرّاً بل يمكننا أكله 
الصبية : وماذا عن البشر ؟ انا لا ارى أحداً هنا ! 
القائد : الخريطة التي معي تُبين ان هناك طريقاً عاماً على مقربة من الغابة , دعونا نصل اليها اولاً ..
***

وبعد ان وصلوا الى هناك .. لبس كل واحدٍ منهم حذاءً به عجلات , سرعتها كسرعة دراجةٍ نارية .. فقال لهم القائد :
- والآن من معه عناوين اهلنا ؟ 
فأجاب أحدهم : انا !! فقد سرقت ملفّات المستشفى التي خطفونا منها 
وأخرج دفتراً كتب فيه عناوين الأهالي لكل شابٍ وصبية .. وأعطى كل ورقة لأحدهم , قائلاً : 
- إتبعوا العنوان الموجود بالورقة وستصلون الى عائلاتكم 

وهنا قال لهم قائدهم :
- اذاً سنفترق هنا , ليبحث كل واحدٍ عن اهله .. وكما اتفقنا .. في حال سألونا : اين كنا طوال تلك سنوات ؟
فأكملت الصبية قائلة : سنقول بأن الطبيب الذي خطفنا , نقلنا الى جزيرةٍ أخرى عشنا معه فيها لسنوات .. وقبل موته أخبرنا بالحقيقة , فعدنا اليكم
وبعد ان ودّعوا بعضهم , ذهب كل واحدٍ في طريقه..
***

وقد تفاجأت كل عائلة بإبنتهم او إبنهم الذي فقدوا الأمل في نجاته ! 
حيث قامت الحكومة قبل سنوات (بناءً على طلب الأهالي) باقتحام جزيرة المحمية , لكنهم لم يجدوا الأطفال المختطفين .. وكان ذلك بعد إنكشاف حيلة الوباء المستعصي , بعد ان وجد رجال الشرطة جثة الطبيبن الحقيقين مقتولين ! 

ورغم أهمية الحدث الا ان الشباب طالبوا اهاليهم بعدم إعلام الصحافة بعودتهم , كيّ يحيوا حياةً طبيعية .. ولاحقاً تفوقوا دراسياً بعد تخرّجهم الجامعي , لأنهم تتلّمذوا سابقاً على أيدي الفضائيين ذويّ الخبرة المتطورة (دون إخبار أحدٍ بهذا السرّ) .. 

وخلال سنوات .. حصلوا على الكثير من الجوائز العلمية بعد تفوقهم بمجالات الطب والهندسة والفلك , ممّا زاد من فخر أهاليهم 
***

من جهةٍ أخرى .. كان ألينور وزوجته بهيئتهما البشريّة في بيتهما الريفي , حيث كان يقرأ خبراً بالصحيفة بتوتر : 
- إسمعي .. هذا أحد طلابنا البشريين حصل البارحة على جائزة نوبل بالعلوم .. ولا استغرب هذا , بعد ان علّمناهم كل شيء 
زوجته بقلق : وماذا سنفعل بهذه المشكلة ؟ 
ألينور : أفكّر اولاً بجمع الفضائيين المتنكرين بهيئة بشرٍ مثلنا , لتكوين جيشٌ منتظم نقوم بخطف الشباب مجدّداً وإعادتهم الى الفضاء
- وفي حال قاومونا ؟ 

ألينور بغضب : نقتلهم !! فنحن لا نريد لعلومنا المتطورة ان تكون بأيدي البشر , او ان يكشفوا حياة الفضائيين على الكواكب الأخرى .. فالبشر هم أكثر المخلوقات أذيةً في كل المجرّات , لذا من الأفضل ان نبدأ بالتخطيط لعملية إنقلابٍ عليهم  
زوجته : يبدو ان خطتك هي نفسها خطة ليوناردو ؟! 
- آخ من ذلك الولد المشاغب !! لقد أضاع علينا فرصة غزو الأرض .. ولوّ تخلّصنا منه سابقاً , لكنّا الآن مسيطرين على هذا العالم  

زوجته : غريب انك تريد الإنتقام من البشر ! الم تكن صاحب فكرة تحسين قوانين العمل في الصين قبل سنوات ؟!
ألينور بقهر : وقد اخطأت , فالبشر لا يستحقون هذا المعروف .. لذلك ستكون خطتي التالية : هي تدمير البشر الملاعيين !! فأرضهم جميلةٌ جداً , ونحن أحقّ بها منهم 

ثم ضحك ضحكةً شريره بعد أن عقَدَ العزم على قتل علماء البشر اولاً , قبل البدء بإفناء المدنيين .. تخطيطاً لعمليةٍ ضخمة لإستيلاء الفضائيين على كوكب الأرض ..

وربما يبدأون بتنفيذ تهديداتهم قريباً .. من يدري ! 
******

ملاحظة :
كنت كتبت عن ألينور الفضائي بقصةٍ سابقة بعنوان (معاً لغدٍ أفضل
وهذا هو الرابط :
http://www.lonlywriter.com/2017/10/blog-post_7.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...