تأليف : امل شانوحة
- اريد ان اموت
- وبأيّ طريقة تريد ان تُنهي حياتك ؟ الشنق ام المسدس او انك تفضّل قطع شرايين ..
الشاب الثريّ مقاطعاً بحزن : القفز من فوق سطح شركتي المزيّفة
الطبيب النفسي : ولما مزيّفة ! وهي أشهر شركة طبّية تقنية بالعالم , فأنت اخترعت نظّارة للعميان ساعدت الآلاف منهم على الرؤية من جديد
- لا اريد التحدّث بالموضوع .. اريد فقط إنهاء حياتي
- هل السبب صدمة عاطفية ؟
- لا ابداً , لكنني ملكتُ كل شيء .. كنت متخرّجاً جامعيّ بسيط , وفي يوم وليلة أصبحت مليونيراً ! ..سعدّت كثيراً في البداية .. سافرت ولبست أغلى الماركات العالمية .. ونزلتُ في أفخم الفنادق .. وأكلت ما لذّ وطاب من أصناف الطعام بكل بلدٍ سافرت اليه حول العالم .. هذا عدا عن تجربتي لمفاسد الدنيا .. والآن وصلت لمرحلة التمنّي
الطبيب مُستفسراً : لم أفهم !
- أتمنى لوّ أتمنى شيئاً .. فلا هدف عندي بالحياة .. ومللّت جداً من كل شيء
- اذا كان الأمر كذلك .. فهيا بنا !!
- الى اين ؟!
الطبيب : الى سطح شركتك كيّ تقفز منها
الشاب بدهشة : أحقاً ما تقول ؟!
- نعم وسأكون معك .. وان أردّت .. أصوّرك وانت تسقط , ثم أنشر الفيديو ليراه العالم .. ما رأيك ؟
فتنهّد الشاب بضيق : نعم .. أريدهم ان يشاهدوا موت الإستغلالي الحقير الذي بداخلي
ومع ان الطبيب لم يفهم سبب إصرار الشاب على إهانة نفسه ! الا انه توقف عن طرح الأسئلة .. ليصعدا معاً الى سطح الشركة , دون ان يلاحظ أيّا من الموظفين والحرس ذلك
***
وعلى سطح المبنى .. اقترب الشاب ببطء من الحافّة , وسرعة هبوب الهواء جعلت جسده المُرتجف يميل يمنّةً ويسرا .. بينما وقف الطبيب النفسي خلفه , رافعاً كاميرا جوّاله لتصوير لحظاته الأخيرة ..
لكن بعد ان لاحظ تردّده عن السقوط , ناداه قائلاً :
الطبيب : لحظة تذكّرت !! لا يمكنك الإنتحار دون ان تُخبر الناس بسبب إقدامك على هذه الخطوة اليائسة .. فتعال لأصوّرك وان تعترف للعالم بذنوبك
فاقترب الشاب منه وهو يتصبّب عرقاً : لا , لا اريد
- لما يا رجل ؟ فأنت ميتٌ بجميع الأحوال .. كما لا اريد التورّط بعد نشر الفيديو بقضيّة تحريضك على الإنتحار , وبذلك أخسر وظيفتي ..وربما أسجّن ايضاً
الشاب : بالحقيقة انت شجّعتني فعلاً ! فكل الأطباء الذين ذهبت اليهم حاولوا جاهدين إثنائي عن قتل نفسي , ما عداك ! فقد أتيت اليّ دون موعد لتشاهد موتي ! فلما فعلت ذلك ؟...او بالأصحّ .. (وجذب ذراع الرجل بقوة) .. من دفع لك لتقتلني ؟
فضحك الطبيب ساخراً : يبدو انك فعلاً فقدّت عقلك ! الم تكن فكرة الإنتحار فكرتك منذ البداية ؟ ..ولمّا رأيت أصرارك , لم أجد مانعاً بمرافقتك في رحلتك الأخيرة .. والآن لا تغيّر الموضوع .. سأفتح البثّ المباشر بعد قليل , وأريدك ان تُخبر العالم بسبب قرارك هذا .. هل انت مستعد ؟ حسناً .. 1, 2 , 3 .. تكلّم الآن !!
وبعد ان أخذ الشاب نفساً طويلاً , قال للمتابعين :
- مرحباً ... انا جون داريك .. صاحب أشهر شركة طبّية تقنية عالمية .. أردّت ان أودّعكم جميعاً قبل ان أُنهي حياتي .. فبعد قليل .. سأقفز من تلك الحافة , على علوّ 30 طابقاً من مبنى شركتي .. وأطلب من الإسعاف لمّلمة اشلائي ووضعها داخل تابوت تجدونه في مرآب قصري .. كما سيُخبركم محاميّ عن عنوان القبر الذي اشتريته منذ سنتين .. فأنا لي مدة أعاني بصمت من تأنيب الضمير .. وبما أني سأموت بعد قليل فأريد من محامي شركتي ان يُزيل اسمي عن الإختراع الطبّي لنظّارة العميان , من اسم داريك الى (أيّ سايت) فهذا ما اراده صاحبي جيمي باركل ..(ثم سكت قليلاً وهو يستذكر الماضي بحزن) .. فأنا وهو كبرنا في دار الأيتام الإنجليزية , وكنّا أذكى الأولاد ..وبعد تخرّجنا من ثانوية الميتم رمونا في الشارع .. فتعاهدنا سويّاً ان نكمل تعليمنا .. وصرنا نذهب للجامعة صباحاً ونعمل في المساء .. وكان حلمنا اختراع نظارة للعميان كمشروع تخرّجنا الجامعي .. لكني بالحقيقة كنت أضيّع جلّ وقتي بالترفيه عن نفسي , بينما يظلّ جيمي ساهراً عليه لساعاتٍ طويلة ..الى أنهى المشروع الجامعي لوحده , لكنه مع هذا وضع اسمي معه , وحصلنا على شهادة التخرّج ..
وبما ان حالتي المادية كانت أفضل منه , فقد سرقت بحوث الإختراع من غرفتنا المشتركة في السكن الطلاّبي , وسافرت بها الى اميركا لأحصل على براءة الإختراع .. وكنت محظوظاً حين بعت اول نظّارة الى ابن المليونير الأعمى , فكافأني والده بأن فتح لي هذه الشركة التقنية , ومنها انطلقت وبعت آلاف النظّارات جعلتني خلال خمس سنوات من رجال الإعمال الناجحين
وهنا أوقف الطبيب التصوير لينتظره كي يمسح دموعه , ثم سأله :
- أخبرهم بما حصل لصديقك ؟ .. سأفتح البثّ من جديد .. هل انت بخير ؟
فأومأ الشاب رأسه ايجاباً بإكتئاب وحزنٍ شديد , ثم تابع قائلاً :
- علمت لاحقاً ان صديقي انتحر حين لم يجد أيّ اثبات يدلّ على إنه ساهم باختراع النظّارة , خاصة بعد ان دفعت لجامعتي رشوة لحذف اسمه من مشروعنا الجامعيّ .. في البداية لم أشعر بأيّ ذنب ! لكن بعد ان شبعت من متع الحياة الفانية , أحسسّت بتأنيب الضمير ينغّص عليّ حياتي .. فالمال الذي كسبته من الإختراع كثير وكان بإمكاني تقاسمه معه , فلما طمعت وانهيت صداقة دامت لسنواتٍ طويلة ؟!..(ثم ابتسم بحزن).. وأصبحت كل ليلة قبل ان انام أتذكّر ايام الميتم وكيف كان يقاسمني طعامه , ويهتم بي حين أمرض .. وكيف كانت لنا أهدافاً مشتركة .. وكم ذاكرنا سويّاً , وضحكنا وبكينا معاً .. كان بالفعل نعم الصديق .. صديقٌ يصعب تعويضه
وحين لاحظ الطبيب انه على وشك الإنهيار , أسرع بسؤاله :
- إهدأ يا جون , واخبرنا .. ماذا كان حلم صديقك ؟
- ان يُهدي النظارة التقنية للعميان الفقراء .. فهو كان يملك قلباً كبيراً ومحبّاً للخير .. ليته هو من سرق مجهودي , كنت على الأقل سأنام دون ان أشعر بثقل هذا الذنب اللعين .. ولا ادري ماذا أفعل كيّ ترتاح روحه ويسامحني !
فقام الطبيب بحضنه لينهار الشاب باكياً بقهر , الى ان فجأة ! سقط مغشيّاً عليه
***
استيقظ جون في اليوم التالي , ليجد نفسه في فندقٍ رخيص !
وحين استفاق من شدّة الحرّ الذي لم تخفّفه المروحة القديمة بصوتها المزعج , رأى الطبيب النفسي مستلقي على سريرٍ مجاور .. فسأله وهو مازال يشعر بالتعب :
- اين نحن ؟!
- في افريقيا
الشاب بدهشة : ماذا !
- أتذكر حين كنت تبكي في أحضاني ؟
- نعم , ماذا حصل بعدها ؟
- حقنتك في كتفك بمخدرٍ قويّ , يُستخدم عادةً في ساحة المعارك
- ماذا ! هل خطفتني ؟!!
- دعني أكمل لك ما حصل .. بعد فقدانك للوعيّ , اتصلت من جوالك على قائد طائرتك الخاصة وطلبت منه نقلنا الى هنا .. ويبدو انه تعوّد على رؤيتك سكراناً , لذلك ساعدني بوضعك في كرسي الطائرة , بحجّة مؤتمرٍ مهم ستحضره في افريقيا
الشاب باستنكار : انا لا أصدّق انني سافرت كل هذه المسافة دون ان أشعر بشيء !
- إذاً قمّ وافتح النافذة لتتأكّد بنفسك
وبالفعل شاهد سوقاً شعبياً بسيطاً للأفارقة , لا يبعد كثيراً عن هذا الفندق الرخيص ذو الطابقين ..
فغضب جون منه : لماذا أحضرتني الى هنا دون أخذ إذني ؟!!
- لتنفّذ وعدك لصديقك
- لم أفهم !
- انظر تحت سريرك وستفهم كل شيء
فوجد الشاب صناديق شركته , بها عشرات النظّارات التقنية ..
فسأله جون بدهشة : أتريدني ان أوزّعها على الفقراء فاقدي البصر ؟!
- الم تكن هذه رغبة المخترع الأصلي ؟
فسكت جون وهو مشوّش الفكر , ثم عاد وسأله :
- وماذا عن الذين وعدّتهم البارحة بمشاهدة انتحاري ؟
الطبيب : لا تقلق , فأنا صوّرتك دون نشر الفيديو .. لأني كنت اريدك ان تعترف بما يؤنّب ضميرك ويجعلك تفكّر بالإنتحار على الدوام .. وأظن ان بوحك بذلك السرّ وبكائك بمرارة ساهم كثيراً في علاج مشكلتك .. لكن ضميرك لن يهدأ قبل ان تُحقّق أمنية صديقك
فقال الشاب متردّداً : لكن..
الطبيب مقاطعاً : يبدو انك لم تلاحظ بعد الإسم المطبوع على النظّارات المئة ؟
فعاين الشاب الصناديق من جديد , ليرى ان اسمها تغيّر الى (أيّ سايت) كما كان ينوي صديقه تسميتها !
- كيف فعلتم كل هذا بساعاتٍ قليلة ؟!
الطبيب : ومن قال انها ساعات .. انت نائم منذ يومين
الشاب بدهشة : يومين ! هل أعطيتني مخدّر فيل ؟!
فضحك الطبيب : لا , هو مخدّر بسيط .. لكن بالعادة حين نبوح بسرٍ قديم يُزعجنا , ترتخي العضلات ونستسلم لنومٍ عميق .. لذلك لم أتفاجىء حين نمت كل هذه المدة , فأنت تحمل هذا الذنب منذ وقتٍ طويل
- صحيح , إحدى عشر سنة وثلاثة اشهر منذ يوم سفري الى اميركا بالأبحاث اللعينة !! لكن هل غيّرتم جميع اسماء نظّارات شركتي بهذا الوقت القصير ؟
الطبيب : لا فقط المئة هذه , وساعدتني بذلك سكرتيرتك .. لكن حين عودتنا الى اميركا تقوم انت بتغير البقيّة إن أردّت .. وبرأيّ لا تخبر الصحافة عن السبب , فهذا سيضرّ بسمعتك وتجارتك
الشاب وهو مازال يشعر بالذنب : وانا استحق هذا العقاب
الطبيب : لا , لأنه لو انهارت شركتك لن تتمكّن من تحقيق حلم صديقك
جون : وكيف سأفعل ذلك ؟
الطبيب بابتسامة : ستعرف بعد قليل
***
وبعد ساعة .. دخل عليهما رجل ومعه ورقة من العمدة : فيها اسماء الأولاد والشباب العميان في القرية مع عناوينهم ..
وقال لهم الرجل الأفريقي : انا السائق الذي سيأخذكما اليهم , فأين هي النظّارات لأضعها في السيارة ؟
الطبيب : ستجد الصناديق أسفل سريره .. (وأشار على جون) ..
***
ثم توجهوا الى القرية التي ضجّت ببكاء الأهالي بعد ان رأوهم اولادهم العميان لأول مرة في حياتهم ! وانهالت الأمهات بالقبلات على وجنتيّ الشاب بعد ان عرفوا بأنها عطايا منه .. وأصرّوا عليهما البقاء للغداء .. ثم أقاموا وليمةً ضخمة اجتمعت فيها كل أفراد القرية للطبخ والغناء , وشاركهم الشاب الرقص وهو يشعر بفرحة تفوق فرحتهم بشفاء اولادهم !
***
في المساء .. عاد الشاب والطبيب الى الفندق ..
فاستلقى جون فوق السرير بارتياح , وهو يقول :
- يا الهي ! لا تصدّق كم انا سعيدٌ الآن , كنت أبكي من الفرح حين أرى ردّة فعل الصغار بعد ان يروا أمهاتهم لأول مرة
الطبيب بابتسامة : وهذه تسمّى فرحة العطاء , وهي أقوى من فرحة النجاح بحدّ ذاتها
- لا أعرف كيف أشكرك .. الآن بات لديّ هدفٌ بالحياة
- هل ستساعد شركتك الفقراء دائماً ؟
الشاب بحماس : بالتأكيد !! بل سأسافر كل فترة الى دولة فقيرة حول العالم لأشاركهم فرحتهم بنفسي
- لكن بشرط .. ان تقسم ارباح شركتك الى ثلاثة أقسام : قسم للفقراء .. وقسم لتطوير النظّارة تقنيّاً بحيث تُصبح مُتاحة للجميع وبسعرٍ مقبول ..
الشاب باهتمام : والقسم الثالث ؟
- لعائلتك
- لكني يتيم
- أعرف هذا , أقصد عائلتك بعد ان تتزوج
- لكن لا اريد الزواج !
- هذا القرار ليس بيدك ..فإن كنت تريد الشفاء التام من اكتئابك , فلابد ان تشعر بحنان العائلة الذي تفتقده .. فلا فرحة أقوى من فرحة الأبوّة.. صدّقني
الشاب : لا أظن انني من النوع الذي ينجح بتكوين عائلة
- الم يكن كلامي صحيحا حتى الآن ؟
- بلى
- اذاً عليك ان تقبل نصيحتي هذه ايضاً
- ومن ستقبل برجلٍ مُعقّد مثلي أفسدته متع الحياة ؟
الطبيب بابتسامة : ابنتي
الشاب بدهشة : ماذا !
- ابنتي هي سكرتيرتك في الشركة
- أأنت والدها ؟! لم أكن أعرف ! .. آه !! الآن تذكرت .. في يوم أعطتني بطاقتك وأخبرتني بأنك طبيبٌ جيد سيساعدني في حلّ مشكلتي , لكني لم أهتم !
- هي طلبت مساعدتي حين كنت تردّد دائماً بأنك تنوي الإنتحار , لذلك قدمت الى شركتك ذلك اليوم لأستمع اليك
جون معاتباً : وكذبت عليّ وقتها وأخبرتني بأنني انا من اتصلت بك حين كنت سكراناً .. اليس كذلك ؟
- كان عليّ فعل ذلك لأنقذك , انا آسف
الشاب : على ماذا تأسف ؟ لقد أنقذتني بالفعل , والآن أشعر براحة لم أشعر بها منذ سنواتٍ طويلة ! على كلٍ , حين أعود الى اميركا سأشكر ابنتك بنفسي
لكن الطبيب فاجأه برفع جواله قائلاً :
- تعالي الينا !!
الشاب : بمن تتصل ؟!
وإذا بإبنة الطبيب تدخل غرفتهما ..
مديرها بدهشة : هل أتيت معنا الى افريقيا ؟!
فأجابته بابتسامة : لقد ألحّيت على والدي كثيراً ليقبل
فقال الطبيب وهو يستلقي على فراشه : برأيّ إكملا حديثكما بمطعم الفندق , فأنا متعبٌ للغاية واريد ان انام قليلاً .. لكن لا تتأخرا بالسهرة
- حاضر ابي
***
ونزل الشاب معها للأسفل .. وظلاّ يتكلّمان عن العمل وعن حياته الطفولية الصعبة , وهي تستمتع اليه بابتسامةٍ حنونة أراحت مشاعره وجعلته يشعر بشعورٍ لم يشعر به من قبل حين كان يقابلها بالشركة !
فسألها بفضول : لما فعلتي كل هذا ؟
- لأنني خفت عليك حقاً
- لم يخفّ عليّ أحدٌ من قبل !
- كنت أشعر بأنك تتعذّب من الداخل , فأنا بالنهاية ابنة طبيبٌ نفسي وكنت أحياناً أذهب معه الى عيادته واختبئ تحت طاولته دون علمه واستمع الى مشاكل الناس وانا اراهم من فتحة درجه , حتى صار لديّ خبرة بتعابير وجههم المُتعبة
- مشكلة ان كانت زوجتي تقرأ تعابير الوجه , فبذلك تفضحني في حال خنتها !
- لا تقلق , ان خنتني فسأحقّق أمنيتك
جون : وماهي ؟!
الصبيّة : ان أرميك من فوق سطح شركتك
وضحك جون ملء شدقيه ..ثم تتابعت الضحكات بينهما لآخر السهرة ..
***
بعد عودتهم جميعاً الى اميركا .. تفاجأت موظفات شركته بزواجه من سكرتيرته التي فازت بقلبه , بعيداً عن مطامعهنّ الماديّة
وهو بدوره زاد حبه لها حين قرّرت تمضية شهر عسلها في المناطق الفقيرة لتوزيع النظارات المجانية مع زوجها للفقراء فاقديّ البصر حول العالم , ليستمتعا معاً بفرحة العطاء , كما لسماع آلاف الدعوات من أفواه المساكين
وقد ساهمت أعماله الخيريّة من زيادة شهرة شركته التي غيّر إسمها للأسم الذي حلِمَ به صديقه جيمي , آملاً أن تُريح تلك العطايا روحه الطاهرة كما أراحت ضميره .
لا أستحقّ هذه الحياة المرفّهة !
- اريد ان اموت
- وبأيّ طريقة تريد ان تُنهي حياتك ؟ الشنق ام المسدس او انك تفضّل قطع شرايين ..
الشاب الثريّ مقاطعاً بحزن : القفز من فوق سطح شركتي المزيّفة
الطبيب النفسي : ولما مزيّفة ! وهي أشهر شركة طبّية تقنية بالعالم , فأنت اخترعت نظّارة للعميان ساعدت الآلاف منهم على الرؤية من جديد
- لا اريد التحدّث بالموضوع .. اريد فقط إنهاء حياتي
- هل السبب صدمة عاطفية ؟
- لا ابداً , لكنني ملكتُ كل شيء .. كنت متخرّجاً جامعيّ بسيط , وفي يوم وليلة أصبحت مليونيراً ! ..سعدّت كثيراً في البداية .. سافرت ولبست أغلى الماركات العالمية .. ونزلتُ في أفخم الفنادق .. وأكلت ما لذّ وطاب من أصناف الطعام بكل بلدٍ سافرت اليه حول العالم .. هذا عدا عن تجربتي لمفاسد الدنيا .. والآن وصلت لمرحلة التمنّي
الطبيب مُستفسراً : لم أفهم !
- أتمنى لوّ أتمنى شيئاً .. فلا هدف عندي بالحياة .. ومللّت جداً من كل شيء
- اذا كان الأمر كذلك .. فهيا بنا !!
- الى اين ؟!
الطبيب : الى سطح شركتك كيّ تقفز منها
الشاب بدهشة : أحقاً ما تقول ؟!
- نعم وسأكون معك .. وان أردّت .. أصوّرك وانت تسقط , ثم أنشر الفيديو ليراه العالم .. ما رأيك ؟
فتنهّد الشاب بضيق : نعم .. أريدهم ان يشاهدوا موت الإستغلالي الحقير الذي بداخلي
ومع ان الطبيب لم يفهم سبب إصرار الشاب على إهانة نفسه ! الا انه توقف عن طرح الأسئلة .. ليصعدا معاً الى سطح الشركة , دون ان يلاحظ أيّا من الموظفين والحرس ذلك
***
وعلى سطح المبنى .. اقترب الشاب ببطء من الحافّة , وسرعة هبوب الهواء جعلت جسده المُرتجف يميل يمنّةً ويسرا .. بينما وقف الطبيب النفسي خلفه , رافعاً كاميرا جوّاله لتصوير لحظاته الأخيرة ..
لكن بعد ان لاحظ تردّده عن السقوط , ناداه قائلاً :
الطبيب : لحظة تذكّرت !! لا يمكنك الإنتحار دون ان تُخبر الناس بسبب إقدامك على هذه الخطوة اليائسة .. فتعال لأصوّرك وان تعترف للعالم بذنوبك
فاقترب الشاب منه وهو يتصبّب عرقاً : لا , لا اريد
- لما يا رجل ؟ فأنت ميتٌ بجميع الأحوال .. كما لا اريد التورّط بعد نشر الفيديو بقضيّة تحريضك على الإنتحار , وبذلك أخسر وظيفتي ..وربما أسجّن ايضاً
الشاب : بالحقيقة انت شجّعتني فعلاً ! فكل الأطباء الذين ذهبت اليهم حاولوا جاهدين إثنائي عن قتل نفسي , ما عداك ! فقد أتيت اليّ دون موعد لتشاهد موتي ! فلما فعلت ذلك ؟...او بالأصحّ .. (وجذب ذراع الرجل بقوة) .. من دفع لك لتقتلني ؟
فضحك الطبيب ساخراً : يبدو انك فعلاً فقدّت عقلك ! الم تكن فكرة الإنتحار فكرتك منذ البداية ؟ ..ولمّا رأيت أصرارك , لم أجد مانعاً بمرافقتك في رحلتك الأخيرة .. والآن لا تغيّر الموضوع .. سأفتح البثّ المباشر بعد قليل , وأريدك ان تُخبر العالم بسبب قرارك هذا .. هل انت مستعد ؟ حسناً .. 1, 2 , 3 .. تكلّم الآن !!
وبعد ان أخذ الشاب نفساً طويلاً , قال للمتابعين :
- مرحباً ... انا جون داريك .. صاحب أشهر شركة طبّية تقنية عالمية .. أردّت ان أودّعكم جميعاً قبل ان أُنهي حياتي .. فبعد قليل .. سأقفز من تلك الحافة , على علوّ 30 طابقاً من مبنى شركتي .. وأطلب من الإسعاف لمّلمة اشلائي ووضعها داخل تابوت تجدونه في مرآب قصري .. كما سيُخبركم محاميّ عن عنوان القبر الذي اشتريته منذ سنتين .. فأنا لي مدة أعاني بصمت من تأنيب الضمير .. وبما أني سأموت بعد قليل فأريد من محامي شركتي ان يُزيل اسمي عن الإختراع الطبّي لنظّارة العميان , من اسم داريك الى (أيّ سايت) فهذا ما اراده صاحبي جيمي باركل ..(ثم سكت قليلاً وهو يستذكر الماضي بحزن) .. فأنا وهو كبرنا في دار الأيتام الإنجليزية , وكنّا أذكى الأولاد ..وبعد تخرّجنا من ثانوية الميتم رمونا في الشارع .. فتعاهدنا سويّاً ان نكمل تعليمنا .. وصرنا نذهب للجامعة صباحاً ونعمل في المساء .. وكان حلمنا اختراع نظارة للعميان كمشروع تخرّجنا الجامعي .. لكني بالحقيقة كنت أضيّع جلّ وقتي بالترفيه عن نفسي , بينما يظلّ جيمي ساهراً عليه لساعاتٍ طويلة ..الى أنهى المشروع الجامعي لوحده , لكنه مع هذا وضع اسمي معه , وحصلنا على شهادة التخرّج ..
وبما ان حالتي المادية كانت أفضل منه , فقد سرقت بحوث الإختراع من غرفتنا المشتركة في السكن الطلاّبي , وسافرت بها الى اميركا لأحصل على براءة الإختراع .. وكنت محظوظاً حين بعت اول نظّارة الى ابن المليونير الأعمى , فكافأني والده بأن فتح لي هذه الشركة التقنية , ومنها انطلقت وبعت آلاف النظّارات جعلتني خلال خمس سنوات من رجال الإعمال الناجحين
وهنا أوقف الطبيب التصوير لينتظره كي يمسح دموعه , ثم سأله :
- أخبرهم بما حصل لصديقك ؟ .. سأفتح البثّ من جديد .. هل انت بخير ؟
فأومأ الشاب رأسه ايجاباً بإكتئاب وحزنٍ شديد , ثم تابع قائلاً :
- علمت لاحقاً ان صديقي انتحر حين لم يجد أيّ اثبات يدلّ على إنه ساهم باختراع النظّارة , خاصة بعد ان دفعت لجامعتي رشوة لحذف اسمه من مشروعنا الجامعيّ .. في البداية لم أشعر بأيّ ذنب ! لكن بعد ان شبعت من متع الحياة الفانية , أحسسّت بتأنيب الضمير ينغّص عليّ حياتي .. فالمال الذي كسبته من الإختراع كثير وكان بإمكاني تقاسمه معه , فلما طمعت وانهيت صداقة دامت لسنواتٍ طويلة ؟!..(ثم ابتسم بحزن).. وأصبحت كل ليلة قبل ان انام أتذكّر ايام الميتم وكيف كان يقاسمني طعامه , ويهتم بي حين أمرض .. وكيف كانت لنا أهدافاً مشتركة .. وكم ذاكرنا سويّاً , وضحكنا وبكينا معاً .. كان بالفعل نعم الصديق .. صديقٌ يصعب تعويضه
وحين لاحظ الطبيب انه على وشك الإنهيار , أسرع بسؤاله :
- إهدأ يا جون , واخبرنا .. ماذا كان حلم صديقك ؟
- ان يُهدي النظارة التقنية للعميان الفقراء .. فهو كان يملك قلباً كبيراً ومحبّاً للخير .. ليته هو من سرق مجهودي , كنت على الأقل سأنام دون ان أشعر بثقل هذا الذنب اللعين .. ولا ادري ماذا أفعل كيّ ترتاح روحه ويسامحني !
فقام الطبيب بحضنه لينهار الشاب باكياً بقهر , الى ان فجأة ! سقط مغشيّاً عليه
***
استيقظ جون في اليوم التالي , ليجد نفسه في فندقٍ رخيص !
وحين استفاق من شدّة الحرّ الذي لم تخفّفه المروحة القديمة بصوتها المزعج , رأى الطبيب النفسي مستلقي على سريرٍ مجاور .. فسأله وهو مازال يشعر بالتعب :
- اين نحن ؟!
- في افريقيا
الشاب بدهشة : ماذا !
- أتذكر حين كنت تبكي في أحضاني ؟
- نعم , ماذا حصل بعدها ؟
- حقنتك في كتفك بمخدرٍ قويّ , يُستخدم عادةً في ساحة المعارك
- ماذا ! هل خطفتني ؟!!
- دعني أكمل لك ما حصل .. بعد فقدانك للوعيّ , اتصلت من جوالك على قائد طائرتك الخاصة وطلبت منه نقلنا الى هنا .. ويبدو انه تعوّد على رؤيتك سكراناً , لذلك ساعدني بوضعك في كرسي الطائرة , بحجّة مؤتمرٍ مهم ستحضره في افريقيا
الشاب باستنكار : انا لا أصدّق انني سافرت كل هذه المسافة دون ان أشعر بشيء !
- إذاً قمّ وافتح النافذة لتتأكّد بنفسك
وبالفعل شاهد سوقاً شعبياً بسيطاً للأفارقة , لا يبعد كثيراً عن هذا الفندق الرخيص ذو الطابقين ..
فغضب جون منه : لماذا أحضرتني الى هنا دون أخذ إذني ؟!!
- لتنفّذ وعدك لصديقك
- لم أفهم !
- انظر تحت سريرك وستفهم كل شيء
فوجد الشاب صناديق شركته , بها عشرات النظّارات التقنية ..
فسأله جون بدهشة : أتريدني ان أوزّعها على الفقراء فاقدي البصر ؟!
- الم تكن هذه رغبة المخترع الأصلي ؟
فسكت جون وهو مشوّش الفكر , ثم عاد وسأله :
- وماذا عن الذين وعدّتهم البارحة بمشاهدة انتحاري ؟
الطبيب : لا تقلق , فأنا صوّرتك دون نشر الفيديو .. لأني كنت اريدك ان تعترف بما يؤنّب ضميرك ويجعلك تفكّر بالإنتحار على الدوام .. وأظن ان بوحك بذلك السرّ وبكائك بمرارة ساهم كثيراً في علاج مشكلتك .. لكن ضميرك لن يهدأ قبل ان تُحقّق أمنية صديقك
فقال الشاب متردّداً : لكن..
الطبيب مقاطعاً : يبدو انك لم تلاحظ بعد الإسم المطبوع على النظّارات المئة ؟
فعاين الشاب الصناديق من جديد , ليرى ان اسمها تغيّر الى (أيّ سايت) كما كان ينوي صديقه تسميتها !
- كيف فعلتم كل هذا بساعاتٍ قليلة ؟!
الطبيب : ومن قال انها ساعات .. انت نائم منذ يومين
الشاب بدهشة : يومين ! هل أعطيتني مخدّر فيل ؟!
فضحك الطبيب : لا , هو مخدّر بسيط .. لكن بالعادة حين نبوح بسرٍ قديم يُزعجنا , ترتخي العضلات ونستسلم لنومٍ عميق .. لذلك لم أتفاجىء حين نمت كل هذه المدة , فأنت تحمل هذا الذنب منذ وقتٍ طويل
- صحيح , إحدى عشر سنة وثلاثة اشهر منذ يوم سفري الى اميركا بالأبحاث اللعينة !! لكن هل غيّرتم جميع اسماء نظّارات شركتي بهذا الوقت القصير ؟
الطبيب : لا فقط المئة هذه , وساعدتني بذلك سكرتيرتك .. لكن حين عودتنا الى اميركا تقوم انت بتغير البقيّة إن أردّت .. وبرأيّ لا تخبر الصحافة عن السبب , فهذا سيضرّ بسمعتك وتجارتك
الشاب وهو مازال يشعر بالذنب : وانا استحق هذا العقاب
الطبيب : لا , لأنه لو انهارت شركتك لن تتمكّن من تحقيق حلم صديقك
جون : وكيف سأفعل ذلك ؟
الطبيب بابتسامة : ستعرف بعد قليل
***
وبعد ساعة .. دخل عليهما رجل ومعه ورقة من العمدة : فيها اسماء الأولاد والشباب العميان في القرية مع عناوينهم ..
وقال لهم الرجل الأفريقي : انا السائق الذي سيأخذكما اليهم , فأين هي النظّارات لأضعها في السيارة ؟
الطبيب : ستجد الصناديق أسفل سريره .. (وأشار على جون) ..
***
ثم توجهوا الى القرية التي ضجّت ببكاء الأهالي بعد ان رأوهم اولادهم العميان لأول مرة في حياتهم ! وانهالت الأمهات بالقبلات على وجنتيّ الشاب بعد ان عرفوا بأنها عطايا منه .. وأصرّوا عليهما البقاء للغداء .. ثم أقاموا وليمةً ضخمة اجتمعت فيها كل أفراد القرية للطبخ والغناء , وشاركهم الشاب الرقص وهو يشعر بفرحة تفوق فرحتهم بشفاء اولادهم !
***
في المساء .. عاد الشاب والطبيب الى الفندق ..
فاستلقى جون فوق السرير بارتياح , وهو يقول :
- يا الهي ! لا تصدّق كم انا سعيدٌ الآن , كنت أبكي من الفرح حين أرى ردّة فعل الصغار بعد ان يروا أمهاتهم لأول مرة
الطبيب بابتسامة : وهذه تسمّى فرحة العطاء , وهي أقوى من فرحة النجاح بحدّ ذاتها
- لا أعرف كيف أشكرك .. الآن بات لديّ هدفٌ بالحياة
- هل ستساعد شركتك الفقراء دائماً ؟
الشاب بحماس : بالتأكيد !! بل سأسافر كل فترة الى دولة فقيرة حول العالم لأشاركهم فرحتهم بنفسي
- لكن بشرط .. ان تقسم ارباح شركتك الى ثلاثة أقسام : قسم للفقراء .. وقسم لتطوير النظّارة تقنيّاً بحيث تُصبح مُتاحة للجميع وبسعرٍ مقبول ..
الشاب باهتمام : والقسم الثالث ؟
- لعائلتك
- لكني يتيم
- أعرف هذا , أقصد عائلتك بعد ان تتزوج
- لكن لا اريد الزواج !
- هذا القرار ليس بيدك ..فإن كنت تريد الشفاء التام من اكتئابك , فلابد ان تشعر بحنان العائلة الذي تفتقده .. فلا فرحة أقوى من فرحة الأبوّة.. صدّقني
الشاب : لا أظن انني من النوع الذي ينجح بتكوين عائلة
- الم يكن كلامي صحيحا حتى الآن ؟
- بلى
- اذاً عليك ان تقبل نصيحتي هذه ايضاً
- ومن ستقبل برجلٍ مُعقّد مثلي أفسدته متع الحياة ؟
الطبيب بابتسامة : ابنتي
الشاب بدهشة : ماذا !
- ابنتي هي سكرتيرتك في الشركة
- أأنت والدها ؟! لم أكن أعرف ! .. آه !! الآن تذكرت .. في يوم أعطتني بطاقتك وأخبرتني بأنك طبيبٌ جيد سيساعدني في حلّ مشكلتي , لكني لم أهتم !
- هي طلبت مساعدتي حين كنت تردّد دائماً بأنك تنوي الإنتحار , لذلك قدمت الى شركتك ذلك اليوم لأستمع اليك
جون معاتباً : وكذبت عليّ وقتها وأخبرتني بأنني انا من اتصلت بك حين كنت سكراناً .. اليس كذلك ؟
- كان عليّ فعل ذلك لأنقذك , انا آسف
الشاب : على ماذا تأسف ؟ لقد أنقذتني بالفعل , والآن أشعر براحة لم أشعر بها منذ سنواتٍ طويلة ! على كلٍ , حين أعود الى اميركا سأشكر ابنتك بنفسي
لكن الطبيب فاجأه برفع جواله قائلاً :
- تعالي الينا !!
الشاب : بمن تتصل ؟!
وإذا بإبنة الطبيب تدخل غرفتهما ..
مديرها بدهشة : هل أتيت معنا الى افريقيا ؟!
فأجابته بابتسامة : لقد ألحّيت على والدي كثيراً ليقبل
فقال الطبيب وهو يستلقي على فراشه : برأيّ إكملا حديثكما بمطعم الفندق , فأنا متعبٌ للغاية واريد ان انام قليلاً .. لكن لا تتأخرا بالسهرة
- حاضر ابي
***
ونزل الشاب معها للأسفل .. وظلاّ يتكلّمان عن العمل وعن حياته الطفولية الصعبة , وهي تستمتع اليه بابتسامةٍ حنونة أراحت مشاعره وجعلته يشعر بشعورٍ لم يشعر به من قبل حين كان يقابلها بالشركة !
فسألها بفضول : لما فعلتي كل هذا ؟
- لأنني خفت عليك حقاً
- لم يخفّ عليّ أحدٌ من قبل !
- كنت أشعر بأنك تتعذّب من الداخل , فأنا بالنهاية ابنة طبيبٌ نفسي وكنت أحياناً أذهب معه الى عيادته واختبئ تحت طاولته دون علمه واستمع الى مشاكل الناس وانا اراهم من فتحة درجه , حتى صار لديّ خبرة بتعابير وجههم المُتعبة
- مشكلة ان كانت زوجتي تقرأ تعابير الوجه , فبذلك تفضحني في حال خنتها !
- لا تقلق , ان خنتني فسأحقّق أمنيتك
جون : وماهي ؟!
الصبيّة : ان أرميك من فوق سطح شركتك
وضحك جون ملء شدقيه ..ثم تتابعت الضحكات بينهما لآخر السهرة ..
***
بعد عودتهم جميعاً الى اميركا .. تفاجأت موظفات شركته بزواجه من سكرتيرته التي فازت بقلبه , بعيداً عن مطامعهنّ الماديّة
وهو بدوره زاد حبه لها حين قرّرت تمضية شهر عسلها في المناطق الفقيرة لتوزيع النظارات المجانية مع زوجها للفقراء فاقديّ البصر حول العالم , ليستمتعا معاً بفرحة العطاء , كما لسماع آلاف الدعوات من أفواه المساكين
وقد ساهمت أعماله الخيريّة من زيادة شهرة شركته التي غيّر إسمها للأسم الذي حلِمَ به صديقه جيمي , آملاً أن تُريح تلك العطايا روحه الطاهرة كما أراحت ضميره .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق