تأليف : امل شانوحة
عادت الصديقتان من حفلٍ ليلي في وقتٍ متأخّر من الليل .. واستقلّتا سيارة الأجرة للعودة الى منزلهما المتواجد في نفس الحيّ
وقد أمضيتا الوقت بالضحك داخل السيارة , حيث كانت ديانا سعيدة بحضور هذه الحفلة التي أخرجتها من كآبتها بعد طلاقها من زوجها ..
لكنهما فجأة أحسّتا بالنعاس الشديد !
وبعد مضيّ الوقت .. حاولت كاثرين (إحدى الفتاتين) الإستيقاظ , لأن عقلها كان يُخبرها بأن المسافة الى منزلهما لا يستغرق كل هذه المدّة ! وبصعوبةٍ بالغة فتحت عيناها لترى انهم في طريقهم نحو الجبل مع تباشير الصباح !
فنظرت الى صديقتها (ديانا) لتجدها غارقة في النوم !
فطرقت كاثرين بتعب على الزجاج الفاصل بينهما وبين السائق (الرجل الخمسيني) وهي تقول له بقلق :
- يا عمّ .. لما أخذتنا الى الطريق الجبلي ؟! فبيتنا في أطراف العاصمة
الا انه لم يُجيبها , بل رفع صوت الموسيقى الكلاسيكية ..
فأحسّت كاثرين بالخوف يسري في عروقها !
وعلى الفور !! أخرجت بعض المال من حقيبتها , ورفعته كيّ يراه من خلال مرآته , وهي تترجّاه بقلقٍ شديد :
- خذّ ضعفين الأجرة , وأعدنا الى بيتنا لو سمحت ..
لكنه التزم السكوت .. فعادت وقالت له :
- ان شئت ..خذّ كل ما لدينا من مال وأعدنا الى بيوتنا .. ارجوك !!
وهنا قال لها ببرودٍ مخيف :
- لقد دفعوا لي أكثر من ذلك بكثير
فعرفت كاثرين انهما مُخطتفتان ! وحاولت البحث عن جوّالها في حقيبتها
فقال لها (بعد ان رآى إرتباكها الواضح من مرآته) :
- انا لست غبياً لهذه الدرجة , لقد أخذت جوّالك وجوّال صديقتك
ولوّح بهما من خلف الزجاج الفاصل بابتسامةٍ ماكرة , فأنتاب كاثرين خوفٍ شديد بعد ان أيقنت تماماً انهما وقعا بيد مجرمٍ محترف !
فصارت تهزّ صديقتها بعنف في محاولة لإيقاظها , وقد ترافقت صرخاتها مع ضحكات السائق المخيفة الذي قال لها :
- لا تحاولي يا عزيزتي , فهي لن تستيقظ الآن
فسألته كاثرين وهي ترتجف بخوف : وكيف خدّرتنا ايّها اللعين ؟!!
لكنه كالعادة لم يُجبها على سؤالها ..
فحاولت كاثرين فتح بابها وباب صديقتها بالقوّة , لكنهما كانا مقفلان بإحكام
ثم حاولت كسر الحاجز الذي يفصلها عن السائق (والذي كان أقفل مُسبقاً الفتحة الصغيرة الموجودة في الحاجر البلاستيكي , التي بالعادة يأخذ منها سائقيّ التاكسي المال من الزبائن) الا انه لم ينكسر ايضاً !
وهنا صارت تطرق بهستيريا على الزجاج الخلفي للسيارة , وهي تصرخ بكل قوتها :
- يا ناس !!! السائق يختطفنا , ارجوكم ساعدونا !!!!!
فقال لها السائق بلؤم : كما ترين , الطريق خالية .. فلا أحد يذهب الى الجبل من هذا الطريق الفرعي ..
لكن مع هذا , ظلّت كاثرين تحاول بكل الطرق الإفلات من قبضة هذا المجرم , لكن كل محاولاتها باءت بالفشل ..
حتى ان صديقتها ديانا لم تستيقظ معها بأيّةِ طريقة , رغم كلّ الضرب والصفع القاسي الذي تعرّضت له من قبل صديقتها كاثرين !
وهنا تغيّرت نبرة السائق الذي تضايق كثيراً من صراخ كاثرين العالي , فقال لها مُهدّداً :
- يبدو انك لن تهدأي الاّ بهذه الوسيلة !!
وفجأة ! شعرت كاثرين بقطرات من الماء تُرشّ على جبينها من انبوبٍ صغير جداً , مُعلّقاً في سقف السيارة !
فعرفت انه المخدّر نفسه الذي استخدمه السائق لتنويمهما ..
فحاولت كتم انفاسها قدر المستطاع ..لكن الأمر كان مستحيلاً مع إنغلاق النوافذ الخلفية ..
وكان آخر ما تتذكره .. هو نظرات السائق لها (من خلال مرآته) وهو يقول لها :
- استسلمي يا عزيزتي , واستنشقي المخدّر بهدوء
وفي ثوانيٍ .. غرقت كاثرين في نومٍ عميق !
***
لتستيقظ مع حلول العصر على صوت صرخات صديقتها , قادمة من خارج الغرفة الصغيرة المسجونة (كاثرين) بداخلها .. حيث صرخت المسكينة بكل قوتها :
ديانا برعب : كاثريييييييييييييييييين .. أنقذيني !!!!
واستطاعت كاثرين بصعوبة التسلّق ناحية النافذة الصغيرة الموجودة بأعلى الزنزانة .. لترى صديقتها مُقيدة اليدين والرجلين قرب سيارةٍ ما .. ثم رأت سائق التاكسي وهو يضع قطعة من القماش المبلول فوق وجهها , لتنام ديانا على الفور !
ومن ثم رماها داخل صندوق سيارة تابعة لرجلٍ ما , قام بدفع رزمة كبيرة من المال له , وهو يقول بحسرة :
الزبون : كنت أودّ شراء الفتاة الثانية , فهي أجمل من التي أعطيتني إيّاها
صاحب التاكسي : تلك مازالت بنتاً , وسعرها أغلى
- وكيف عرفت هذا ؟!
السائق بابتسامةٍ ماكرة : انا دائماً أفحص الضحايا بعد تخديرهنّ
وبعد أن سمعته كاثرين , قالت في نفسها بإشمئزاز :
- اللعين !! وانا ظننت ما شعرت به كان مجرّد كابوس !
ثم سمعت الزبون يسأل سائق التاكسي :
- اذاً لمن ستبيعها ؟
- لقد إتصل بي قبل قليل تاجرٌ ثريّ وطلب منّي ان أحجزها له , وهو سيأتي في المساء ليأخذها الى العاصمة , فهناك منزله
- يا خسارة ! المهم ان تحجز لي فتاةٍ مراهقة في المرّة القادمة
- سأفعل .. من الأفضل ان تذهب الآن , قبل ان تستيقظ ضحيتك من المخدّر وتسبّب لك المشاكل
***
وبعد ذهاب الرجل مع صديقتها المُختطفة .. عادت كاثرين الى ذلك السرير القذر , وهي تفكّر بخوف :
((سيرسلني الى رجلٍ مجهول في المساء ! .. (ثم فكّرت قليلاً) ..هناك بصيص أمل طالما ان منزله في العاصمة , حيث منزل اهلي .. لكن لابد اولاً ان اجدّ طريقة للهرب منه , ثم ابلّغ الشرطة لينقذوا صديقتي .. آه !!! كم انا خائفة عليها .. يا ترى ماذا سيفعلون بها ؟ .. هل هو اعتداء فحسب , ام الموضوع أخطر من ذلك ؟! .. بالتأكيد هم لن يطلقوا سراحنا بعد ان نرى وجوههم ! لكن بأيّةِ طريقة سيتخلّصون منّا ؟!))
وهنا ! سمعت صوت دعسات سائق التاكسي قادمة نحو غرفتها ..
((اللعنة !! السائق القذر قادمٌ الى هنا .. عليّ التمثيل إنني مازلت مُخدّرة كيّ لا يؤذيني))
وبعد ان فتح قفل الباب ورآها نائمة , قال لها (وهو يحمل صحن الفاصوليا وقطعة الخبز) :
- أمازلتي نائمة الى الآن ؟! .. هيّا إستيقظي يا فتاة !!
وهزّها بعنف , الاّ انها ظلّت تتدّعي النوم .. فقال باستغراب :
- مع انني لم أرشّ الكثير من مخدّر السيارة عليها .. غريب ! ..أو ربما فعلت ..والله لا اذكر .. على كلٍ , هكذا أفضل .. سأتناول انا طعامها
ثم عاد وأقفل الباب عليها , وذهب الى غرفته المجاورة
***
وقد حاولت كاثرين إستغلال ما تبقّى من نور الشمس الذي أضاء المكان من خلال القضبان الحديدية للنافذة , للبحث عن ايّ شيءٍ حادّ في أرضيّة الغرفة الترابية كيّ تستخدمه لاحقاً للدفاع عن نفسها .. لكنها مع الأسف لم تجدّ شيئاً !
فأزالت الفراش النتن من فوق السرير الحديدي الصدىء , لتجدّ هناك سلكاً حديدي يُمكن إقتطاعه , وبالرغم ان طوله لا يتجاوز اصبعها الا ان طرفه حادّ وجارح ..
لكن الأمر استغرق منها عدّة دقائق حتى استطاعت سحبه من بين نوابض السرير , ثم قامت بتخبئته في جيبها ..
ومن بعدها مرّ الوقت ببطءٍ شديد .. حيث كان السائق يدخل الى زنزانتها كل ساعة , الاّ انه يخرج من جديد بعد تأكّده من نومها ..
وظلّت على هذا الوضع المتوتّر الى ان حلّ المساء .. وحينها سمعت كاثرين صوت عجلات سيارة تتوقف خارج هذا الكوخ المهجور (المتواجد في أعلى الجبل) ..
لكن زنزانتها كانت شبه مظلمة , الاّ من بعض نور القمر الذي تسلّل من خلال النافذة .. فتسلّقت من جديد الى فوق , لترى السائق وهو يخرج من الكوخ حاملاً مصباحه اليدوي , ليستقبل التاجر الثريّ الذي قدِمَ لشرائها كجاريةٍ له ! ..وسمعته يسأله :
- هل أحضرت معك كل المبلغ المطلوب ؟
التاجر مُعاتباً : جاك ! .. طالما انني أثق في إحضارك العذراوات لي , فعليك ان تثق بأنني لن أخدعك بالمال ..
صاحب التاكسي بعد ان استلم حقيبة المال منه : معك حق .. اذاً تعال معي لتساعدني في نقلها الى سيارتك , لأنها مُخدّرة بالكامل
وهنا لم يكن امام كاثرين الاّ ان تُكمل التمثيلية (بأنها مخدّرة) وتستسلم تماماً للخاطف والتاجر اللذان حملاها , وكأنها بضاعةٍ ما!
وعندما وصلا الى صندوق السيارة , سأله سائق التاكسي :
- هل تريدني ان أقيّد يداها ورجلاها , وأكمّم لك فمها ؟
التاجر الغنيّ بثقة : لا داعي , طالما انها نائمة بعمق .. كما انني استطيع السيطرة عليها , فهي نحيلة للغاية
وبعد ان حبسوها داخل صندوق السيارة , سمعت كاثرين الزبون يقول له :
- ليتك يا جاك لم تخدّرها بالكامل
جاك : صدّقني هكذا أفضل .. فالفتاة التي بعتها قبلها , أتعبتني جداً بصراخها ومقاومتها , قبل ان أقوم بتخديرها من جديد
التاجر بخبث : المهم عندي ان تستيقظ بعد ساعة من الآن , فأنا اريد الإستمتاع بصراخها ودموعها وهي تتوسّل اليّ لأطلق سراحها
صاحب التاكسي بنبرةٍ سعيدة : ايّها الساديّ الماكر
ثم تعالت ضحكاتهما المستفزّة , بينما كان لسان كاثرين ينهج بالدعاء والدموع تسيل على خدّيها , وهي تدعي ربها أن تنجح خطتها في الهروب من هذا الجحيم !
***
وبعد ساعة توقفت السيارة أخيراً .. فعرفت كاثرين انها وصلت الى منزل المغتصب .. فأغمضت عيناها لتُكمل التمثيلية .. وما ان أخرجها من الصندوق وحملها باتجاه فلّته , حتى فاجأته بغرز الحديدة في رقبته !! فأسقطها من يده وهو ينزف بغزارة ..
فأسرعت الى سيارته لتجدّ انه نسيّ المفاتيح بداخلها !
وبسرعة البرق !!! إنطلقت مُبتعدة عن الرجل الذي كان يتلوّى من شدّة الألم على الأرض..
وقد لمحت خادمه (من خلال المرآة) وهو يخرج من الفلّة بعد ان سمع صراخ سيده , لهذا كان عليها الإبتعاد من ذلك المكان بأسرع وقتٍ ممكن
لكنها ظلّت تائهة لبعض الوقت في الطرقات الى ان شاهدت البحر من بعيد .. ومن هناك عرفت الطريق نحو منزلها ..
***
وقد وصلت الى منزل اهلها مع تباشير الصباح , فوجدتهم قد أبلغوا الشرطة عن اختفائها هي وصديقتها بعد غيابهما المفاجىء !
وبعد ان قدِمَ المحقّق الى منزلهم , أخبرته كاثرين بكل شيء ..
ومن بعدها أجرت الشرطة العديد من عمليات البحث والتحرّي ..
الى ان استطاعوا بعد يومين الوصول الى عنوان منزل التاجر الثريّ (فكاثرين لم تعرف المكان بالتحديد) الاّ انه كان غادر مع خادمه الفلّة التي استأجرها بإسمٍ وهمي , كما ان اسمه لم يتواجد في ايّ مستشفى !
لكن الشرطة لم تهدأ وبدأت بالبحث الدقيق في المرتفعات المجاورة , الى ان وجدت بعد اسبوعين ذلك الكوخ المهجور في أعلى الجبل (على حسب ما تذكّرته كاثرين أثناء صعودها الى هناك , وما رأته من خلال نافذة زنزانتها) الاّ ان السائق المخادع كان إختفى هو ايضاً !
لكنهم وجدوا في غرفته دفتراً بأسماء اكثر من اربعين فتاة , كنّ إختفين خلال الثلاث سنوات الماضية ولم يعرف مكانهنّ الى اليوم , ومن بينهنّ صديقتها ديانا ..
والأسوء هو ما عرفته الشرطة لاحقاً : بأن هذه العصابة التي يترأسها سائق التاكسي لم تكن متخصّصة فقط ببيع الرقيق الأبيض (او النساء الحسناوات) بل ايضاً ببيع الأعضاء البشرية !
وهذا يعني انه بعد ان ينتهي الزبائن من التلاعب بالفتيات , فأنه يتمّ بيعهنّ لتجّار الأعضاء البشريةّ للتخلّص منهنّ للأبد !
وكم كان هذا الخبر مُدمّراً لعائلة ديانا , وخاصة لصديقتها كاثرين التي انتقلت مع عائلتها الى مدينة اخرى بعد ان ساءت حالتها النفسية ..
وهناك في مدينتها الجديدة خضعت للكثير من جلسات العلاج النفسي , لكنها الى اليوم مازالت تعاني من الكوابيس المرعبة .. كما انها تصرّ على ملازمة المنزل لخوفها من الغرباء , وخاصة من سائقيّ سيارات الأجرة .
امّا الأصعب عليها فكانت عبارة صديقتها الأخيرة التي مازالت تتكّرر دائماً في عقلها :
- كاثريييييين .. أنقذيني !!!
فهل يا ترى مازالت ديانا على قيد الحياة , حيث تعمل مُجبرة في إحدى بيوت الدعارة .. ام انه تمّ التخلص من جثمانها ؟
هذا السؤال سيبقى عالقاً في ذهن صديقتها (كاثرين) للأبد !
*******
ملاحظة :
هذه الحادثة حصلت فعلاً لسائحتين أجانب في شرق آسيا !
ففي البلدان التي تقلّ بها الرقابة القانونية تتزايد في المقابل اعداد العصابات المتخصّصة بخطف السوّاح (تحديداً) .. او بشكلٍ عام : خطف الفتيات اللآتي يتجولنّ وحدهنّ في وقتٍ متأخّر من الليل
ولهذا أردّت التنيبه عن ذلك في قصتي .. حفظنا الله من شِرار البشر
اين إختطفتم صديقتي ؟!!
عادت الصديقتان من حفلٍ ليلي في وقتٍ متأخّر من الليل .. واستقلّتا سيارة الأجرة للعودة الى منزلهما المتواجد في نفس الحيّ
وقد أمضيتا الوقت بالضحك داخل السيارة , حيث كانت ديانا سعيدة بحضور هذه الحفلة التي أخرجتها من كآبتها بعد طلاقها من زوجها ..
لكنهما فجأة أحسّتا بالنعاس الشديد !
وبعد مضيّ الوقت .. حاولت كاثرين (إحدى الفتاتين) الإستيقاظ , لأن عقلها كان يُخبرها بأن المسافة الى منزلهما لا يستغرق كل هذه المدّة ! وبصعوبةٍ بالغة فتحت عيناها لترى انهم في طريقهم نحو الجبل مع تباشير الصباح !
فنظرت الى صديقتها (ديانا) لتجدها غارقة في النوم !
فطرقت كاثرين بتعب على الزجاج الفاصل بينهما وبين السائق (الرجل الخمسيني) وهي تقول له بقلق :
- يا عمّ .. لما أخذتنا الى الطريق الجبلي ؟! فبيتنا في أطراف العاصمة
الا انه لم يُجيبها , بل رفع صوت الموسيقى الكلاسيكية ..
فأحسّت كاثرين بالخوف يسري في عروقها !
وعلى الفور !! أخرجت بعض المال من حقيبتها , ورفعته كيّ يراه من خلال مرآته , وهي تترجّاه بقلقٍ شديد :
- خذّ ضعفين الأجرة , وأعدنا الى بيتنا لو سمحت ..
لكنه التزم السكوت .. فعادت وقالت له :
- ان شئت ..خذّ كل ما لدينا من مال وأعدنا الى بيوتنا .. ارجوك !!
وهنا قال لها ببرودٍ مخيف :
- لقد دفعوا لي أكثر من ذلك بكثير
فعرفت كاثرين انهما مُخطتفتان ! وحاولت البحث عن جوّالها في حقيبتها
فقال لها (بعد ان رآى إرتباكها الواضح من مرآته) :
- انا لست غبياً لهذه الدرجة , لقد أخذت جوّالك وجوّال صديقتك
ولوّح بهما من خلف الزجاج الفاصل بابتسامةٍ ماكرة , فأنتاب كاثرين خوفٍ شديد بعد ان أيقنت تماماً انهما وقعا بيد مجرمٍ محترف !
فصارت تهزّ صديقتها بعنف في محاولة لإيقاظها , وقد ترافقت صرخاتها مع ضحكات السائق المخيفة الذي قال لها :
- لا تحاولي يا عزيزتي , فهي لن تستيقظ الآن
فسألته كاثرين وهي ترتجف بخوف : وكيف خدّرتنا ايّها اللعين ؟!!
لكنه كالعادة لم يُجبها على سؤالها ..
فحاولت كاثرين فتح بابها وباب صديقتها بالقوّة , لكنهما كانا مقفلان بإحكام
ثم حاولت كسر الحاجز الذي يفصلها عن السائق (والذي كان أقفل مُسبقاً الفتحة الصغيرة الموجودة في الحاجر البلاستيكي , التي بالعادة يأخذ منها سائقيّ التاكسي المال من الزبائن) الا انه لم ينكسر ايضاً !
وهنا صارت تطرق بهستيريا على الزجاج الخلفي للسيارة , وهي تصرخ بكل قوتها :
- يا ناس !!! السائق يختطفنا , ارجوكم ساعدونا !!!!!
فقال لها السائق بلؤم : كما ترين , الطريق خالية .. فلا أحد يذهب الى الجبل من هذا الطريق الفرعي ..
لكن مع هذا , ظلّت كاثرين تحاول بكل الطرق الإفلات من قبضة هذا المجرم , لكن كل محاولاتها باءت بالفشل ..
حتى ان صديقتها ديانا لم تستيقظ معها بأيّةِ طريقة , رغم كلّ الضرب والصفع القاسي الذي تعرّضت له من قبل صديقتها كاثرين !
وهنا تغيّرت نبرة السائق الذي تضايق كثيراً من صراخ كاثرين العالي , فقال لها مُهدّداً :
- يبدو انك لن تهدأي الاّ بهذه الوسيلة !!
وفجأة ! شعرت كاثرين بقطرات من الماء تُرشّ على جبينها من انبوبٍ صغير جداً , مُعلّقاً في سقف السيارة !
فعرفت انه المخدّر نفسه الذي استخدمه السائق لتنويمهما ..
فحاولت كتم انفاسها قدر المستطاع ..لكن الأمر كان مستحيلاً مع إنغلاق النوافذ الخلفية ..
وكان آخر ما تتذكره .. هو نظرات السائق لها (من خلال مرآته) وهو يقول لها :
- استسلمي يا عزيزتي , واستنشقي المخدّر بهدوء
وفي ثوانيٍ .. غرقت كاثرين في نومٍ عميق !
***
لتستيقظ مع حلول العصر على صوت صرخات صديقتها , قادمة من خارج الغرفة الصغيرة المسجونة (كاثرين) بداخلها .. حيث صرخت المسكينة بكل قوتها :
ديانا برعب : كاثريييييييييييييييييين .. أنقذيني !!!!
واستطاعت كاثرين بصعوبة التسلّق ناحية النافذة الصغيرة الموجودة بأعلى الزنزانة .. لترى صديقتها مُقيدة اليدين والرجلين قرب سيارةٍ ما .. ثم رأت سائق التاكسي وهو يضع قطعة من القماش المبلول فوق وجهها , لتنام ديانا على الفور !
ومن ثم رماها داخل صندوق سيارة تابعة لرجلٍ ما , قام بدفع رزمة كبيرة من المال له , وهو يقول بحسرة :
الزبون : كنت أودّ شراء الفتاة الثانية , فهي أجمل من التي أعطيتني إيّاها
صاحب التاكسي : تلك مازالت بنتاً , وسعرها أغلى
- وكيف عرفت هذا ؟!
السائق بابتسامةٍ ماكرة : انا دائماً أفحص الضحايا بعد تخديرهنّ
وبعد أن سمعته كاثرين , قالت في نفسها بإشمئزاز :
- اللعين !! وانا ظننت ما شعرت به كان مجرّد كابوس !
ثم سمعت الزبون يسأل سائق التاكسي :
- اذاً لمن ستبيعها ؟
- لقد إتصل بي قبل قليل تاجرٌ ثريّ وطلب منّي ان أحجزها له , وهو سيأتي في المساء ليأخذها الى العاصمة , فهناك منزله
- يا خسارة ! المهم ان تحجز لي فتاةٍ مراهقة في المرّة القادمة
- سأفعل .. من الأفضل ان تذهب الآن , قبل ان تستيقظ ضحيتك من المخدّر وتسبّب لك المشاكل
***
وبعد ذهاب الرجل مع صديقتها المُختطفة .. عادت كاثرين الى ذلك السرير القذر , وهي تفكّر بخوف :
((سيرسلني الى رجلٍ مجهول في المساء ! .. (ثم فكّرت قليلاً) ..هناك بصيص أمل طالما ان منزله في العاصمة , حيث منزل اهلي .. لكن لابد اولاً ان اجدّ طريقة للهرب منه , ثم ابلّغ الشرطة لينقذوا صديقتي .. آه !!! كم انا خائفة عليها .. يا ترى ماذا سيفعلون بها ؟ .. هل هو اعتداء فحسب , ام الموضوع أخطر من ذلك ؟! .. بالتأكيد هم لن يطلقوا سراحنا بعد ان نرى وجوههم ! لكن بأيّةِ طريقة سيتخلّصون منّا ؟!))
وهنا ! سمعت صوت دعسات سائق التاكسي قادمة نحو غرفتها ..
((اللعنة !! السائق القذر قادمٌ الى هنا .. عليّ التمثيل إنني مازلت مُخدّرة كيّ لا يؤذيني))
وبعد ان فتح قفل الباب ورآها نائمة , قال لها (وهو يحمل صحن الفاصوليا وقطعة الخبز) :
- أمازلتي نائمة الى الآن ؟! .. هيّا إستيقظي يا فتاة !!
وهزّها بعنف , الاّ انها ظلّت تتدّعي النوم .. فقال باستغراب :
- مع انني لم أرشّ الكثير من مخدّر السيارة عليها .. غريب ! ..أو ربما فعلت ..والله لا اذكر .. على كلٍ , هكذا أفضل .. سأتناول انا طعامها
ثم عاد وأقفل الباب عليها , وذهب الى غرفته المجاورة
***
وقد حاولت كاثرين إستغلال ما تبقّى من نور الشمس الذي أضاء المكان من خلال القضبان الحديدية للنافذة , للبحث عن ايّ شيءٍ حادّ في أرضيّة الغرفة الترابية كيّ تستخدمه لاحقاً للدفاع عن نفسها .. لكنها مع الأسف لم تجدّ شيئاً !
فأزالت الفراش النتن من فوق السرير الحديدي الصدىء , لتجدّ هناك سلكاً حديدي يُمكن إقتطاعه , وبالرغم ان طوله لا يتجاوز اصبعها الا ان طرفه حادّ وجارح ..
لكن الأمر استغرق منها عدّة دقائق حتى استطاعت سحبه من بين نوابض السرير , ثم قامت بتخبئته في جيبها ..
ومن بعدها مرّ الوقت ببطءٍ شديد .. حيث كان السائق يدخل الى زنزانتها كل ساعة , الاّ انه يخرج من جديد بعد تأكّده من نومها ..
وظلّت على هذا الوضع المتوتّر الى ان حلّ المساء .. وحينها سمعت كاثرين صوت عجلات سيارة تتوقف خارج هذا الكوخ المهجور (المتواجد في أعلى الجبل) ..
لكن زنزانتها كانت شبه مظلمة , الاّ من بعض نور القمر الذي تسلّل من خلال النافذة .. فتسلّقت من جديد الى فوق , لترى السائق وهو يخرج من الكوخ حاملاً مصباحه اليدوي , ليستقبل التاجر الثريّ الذي قدِمَ لشرائها كجاريةٍ له ! ..وسمعته يسأله :
- هل أحضرت معك كل المبلغ المطلوب ؟
التاجر مُعاتباً : جاك ! .. طالما انني أثق في إحضارك العذراوات لي , فعليك ان تثق بأنني لن أخدعك بالمال ..
صاحب التاكسي بعد ان استلم حقيبة المال منه : معك حق .. اذاً تعال معي لتساعدني في نقلها الى سيارتك , لأنها مُخدّرة بالكامل
وهنا لم يكن امام كاثرين الاّ ان تُكمل التمثيلية (بأنها مخدّرة) وتستسلم تماماً للخاطف والتاجر اللذان حملاها , وكأنها بضاعةٍ ما!
وعندما وصلا الى صندوق السيارة , سأله سائق التاكسي :
- هل تريدني ان أقيّد يداها ورجلاها , وأكمّم لك فمها ؟
التاجر الغنيّ بثقة : لا داعي , طالما انها نائمة بعمق .. كما انني استطيع السيطرة عليها , فهي نحيلة للغاية
وبعد ان حبسوها داخل صندوق السيارة , سمعت كاثرين الزبون يقول له :
- ليتك يا جاك لم تخدّرها بالكامل
جاك : صدّقني هكذا أفضل .. فالفتاة التي بعتها قبلها , أتعبتني جداً بصراخها ومقاومتها , قبل ان أقوم بتخديرها من جديد
التاجر بخبث : المهم عندي ان تستيقظ بعد ساعة من الآن , فأنا اريد الإستمتاع بصراخها ودموعها وهي تتوسّل اليّ لأطلق سراحها
صاحب التاكسي بنبرةٍ سعيدة : ايّها الساديّ الماكر
ثم تعالت ضحكاتهما المستفزّة , بينما كان لسان كاثرين ينهج بالدعاء والدموع تسيل على خدّيها , وهي تدعي ربها أن تنجح خطتها في الهروب من هذا الجحيم !
***
وبعد ساعة توقفت السيارة أخيراً .. فعرفت كاثرين انها وصلت الى منزل المغتصب .. فأغمضت عيناها لتُكمل التمثيلية .. وما ان أخرجها من الصندوق وحملها باتجاه فلّته , حتى فاجأته بغرز الحديدة في رقبته !! فأسقطها من يده وهو ينزف بغزارة ..
فأسرعت الى سيارته لتجدّ انه نسيّ المفاتيح بداخلها !
وبسرعة البرق !!! إنطلقت مُبتعدة عن الرجل الذي كان يتلوّى من شدّة الألم على الأرض..
وقد لمحت خادمه (من خلال المرآة) وهو يخرج من الفلّة بعد ان سمع صراخ سيده , لهذا كان عليها الإبتعاد من ذلك المكان بأسرع وقتٍ ممكن
لكنها ظلّت تائهة لبعض الوقت في الطرقات الى ان شاهدت البحر من بعيد .. ومن هناك عرفت الطريق نحو منزلها ..
***
وقد وصلت الى منزل اهلها مع تباشير الصباح , فوجدتهم قد أبلغوا الشرطة عن اختفائها هي وصديقتها بعد غيابهما المفاجىء !
وبعد ان قدِمَ المحقّق الى منزلهم , أخبرته كاثرين بكل شيء ..
ومن بعدها أجرت الشرطة العديد من عمليات البحث والتحرّي ..
الى ان استطاعوا بعد يومين الوصول الى عنوان منزل التاجر الثريّ (فكاثرين لم تعرف المكان بالتحديد) الاّ انه كان غادر مع خادمه الفلّة التي استأجرها بإسمٍ وهمي , كما ان اسمه لم يتواجد في ايّ مستشفى !
لكن الشرطة لم تهدأ وبدأت بالبحث الدقيق في المرتفعات المجاورة , الى ان وجدت بعد اسبوعين ذلك الكوخ المهجور في أعلى الجبل (على حسب ما تذكّرته كاثرين أثناء صعودها الى هناك , وما رأته من خلال نافذة زنزانتها) الاّ ان السائق المخادع كان إختفى هو ايضاً !
لكنهم وجدوا في غرفته دفتراً بأسماء اكثر من اربعين فتاة , كنّ إختفين خلال الثلاث سنوات الماضية ولم يعرف مكانهنّ الى اليوم , ومن بينهنّ صديقتها ديانا ..
والأسوء هو ما عرفته الشرطة لاحقاً : بأن هذه العصابة التي يترأسها سائق التاكسي لم تكن متخصّصة فقط ببيع الرقيق الأبيض (او النساء الحسناوات) بل ايضاً ببيع الأعضاء البشرية !
وهذا يعني انه بعد ان ينتهي الزبائن من التلاعب بالفتيات , فأنه يتمّ بيعهنّ لتجّار الأعضاء البشريةّ للتخلّص منهنّ للأبد !
وكم كان هذا الخبر مُدمّراً لعائلة ديانا , وخاصة لصديقتها كاثرين التي انتقلت مع عائلتها الى مدينة اخرى بعد ان ساءت حالتها النفسية ..
وهناك في مدينتها الجديدة خضعت للكثير من جلسات العلاج النفسي , لكنها الى اليوم مازالت تعاني من الكوابيس المرعبة .. كما انها تصرّ على ملازمة المنزل لخوفها من الغرباء , وخاصة من سائقيّ سيارات الأجرة .
امّا الأصعب عليها فكانت عبارة صديقتها الأخيرة التي مازالت تتكّرر دائماً في عقلها :
- كاثريييييين .. أنقذيني !!!
فهل يا ترى مازالت ديانا على قيد الحياة , حيث تعمل مُجبرة في إحدى بيوت الدعارة .. ام انه تمّ التخلص من جثمانها ؟
هذا السؤال سيبقى عالقاً في ذهن صديقتها (كاثرين) للأبد !
*******
ملاحظة :
هذه الحادثة حصلت فعلاً لسائحتين أجانب في شرق آسيا !
ففي البلدان التي تقلّ بها الرقابة القانونية تتزايد في المقابل اعداد العصابات المتخصّصة بخطف السوّاح (تحديداً) .. او بشكلٍ عام : خطف الفتيات اللآتي يتجولنّ وحدهنّ في وقتٍ متأخّر من الليل
ولهذا أردّت التنيبه عن ذلك في قصتي .. حفظنا الله من شِرار البشر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق