تأليف : أمل شانوحة
-من كان يظنّ بأنني سأصبح قائداً لعصابة (محبّي الدماء) بمثل هذه السرعة ؟!
قالها الشاب في أواخر الثلاثينيات وهو يُطبق عيناه بمرارة حيث كانت تجول برأسه الكثير من الذكريات الحزينة , بينما ارتخت يداه على جانبيّ الأريكة الجلدية في أحد أفخم مراكز العلاج النفسي في ولاية كاليفورنيا الأمريكية .. ثم صار يمسح حبّات العرق عن جبينه بينما كان يحاول ان يتذكّر مأساته التي لطالما عذّبت ضميره لسنوات
اما الطبيب المعالج الذي كان في مثل سنه فقد بدى عليه الأهتمام بعد سماعه للمزيد من اعترافات رجل العصابة , حيث قال له :
-هل بإمكانك العودة الى احداث تلك الليلة التي غيّرت حياتك ؟
الشاب بدهشة : لكني اخبرتك عنها البارحة !
الطبيب : من المهم ان يتذكّر المريض اليوم الذي غيّر حياته .. هيا اخبرني بما حصل مجدداً , لكن بالتفصيل هذه المرّة
فيتنهّد الشاب بضيق ثم يقول : كنت مراهقاً اعمل مع صديقي في توصيل البيتزا بعد عودتنا من مدرسة الثانوية .. وفي ليلة من الليالي , توقّف شاب بسيارته الفارهة خلف درّاجتنا النارية اثناء عودتنا الى منازلنا , وانهال علينا بالشتائم لأننا كنّا نعيق طريقه
- تقصد صاحب الليموزين ؟
- نعم مما اغضب صديقي الذي كان يركب خلفي , والذي اقترح ان نلحق به و نعلّمه درساً لن ينساه .. و بالفعل لحقنا بذلك المغرور الى ان توقف عند الإشارة , واستغلّ صديقي نافذة الشاب المفتوحة ليهجم عليه ويهدّده بالسكين , فاضطر المسكين ان يخرج من سيارته وهو يترجّانا ان نأخذ محفظته وندعه بسلام , الا اننا انهلنا عليه بالضرب والركل حتى اغميّ عليه , ومن ثم سرقنا محفظته و سيارته
- ومتى عرفتما انه احد افراد عصابة المافيا ؟
- بعد 3 ساعات كنا قضيناها بالتجوال فرحين بالليموزين , حينها لاحظ صديقي الحقيبة الموجودة في المقاعد الخلفية و في داخلها كيساً مخمليّاً مليئاً بالمجوهرات
- وماذا حصل بعدها ؟
- تفاجأنا بسيارة صدمتنا من الخلف , وسمعنا طلقاً نارياً .. فقفزت الى المقعد الأمامي وصرت اقود بسرعة الى ان استطعت الهرب منه بصعوبة , وحينها فقط انتبهت على اصابة صديقي في صدره
- وهل مات على الفور ؟
بحزن :
- لا, كان مازال يحتضر .. لكني لم استطع اخذه الى المستشفى , فمات بين يديّ
وهنا اعطى الطبيب الشاب منديلاً كي يمسح دموعه , ثم سأله :
- طيب , هل مازلت تذكر ملامح الرجل الذي لحق بكما ؟
بنبرة غاضبة :
- بالطبع , وكيف انساه .. كان رجلاً في أواخر الأربعينيات , وعلى وجهه أثر جرحٍ قديم .. وكم بحثت عنه كي اقتله بيدي وانتقم لصديقي لكني ..
الطبيب مقاطعاً :
- الم تخبرني البارحة انه رئيس عصابة (الموت الأسود) ؟
- نعم , هذا ما عرفته عنه لاحقاً
- طيب اكمل قصتك ؟
- أذكر انه في يوم عزاء صديقي , قدِمَ اليّ صديقاه واخبراني بأنه كان منضمّ الى عصابتهم المسمّاة (بمحبي الدماء) وكانت حينها عصابة صغيرة تسرق المحال التجارية .. وقد اصرّوا عليّ ان اتزعمهم لأنهم عدّوني بطلاً لسرقتي مجوهرات تخصّ عصابة مافيا مشهورة .. وبالطبع اخفيت عنهم بأنها كانت غلطة نادماً عليها
- تقصد انك اوهمتهم بأنك كنت خططت لهذه العملية مُسبقاً ؟
- نعم بالضبط .. ومن وقتها صرت اصدر لهم الأوامر وهم ينفذونها بكل حرفية .. وبخلال بضع سنوات صرنا من اقوى العصابات في شوارع كاليفورنيا .. لكني بالحقيقة لم انضمّ اليهم سوى لغرض قتل ذلك الرجل والإنتقام لصديقي .. ولا ادري ان كنت ستصدّقني ام لا , لكني لم اقتل ايّ شخص في حياتي
الدكتور بدهشة : أحقاً ؟!
الشاب بحزن : نعم , لكن الصحافة شوّهت سمعتي وجعلتني ابدو كسفّاح مخيف في ذمّته عشرات الضحايا التي ارتكبها افراد عصابتي , وكل هذه الجرائم كانت تسبّب لي الأرق خاصة بعد ان تبرّأوا مني اهلي واصبحت وحيداً.. ولهذا اتيت اليك بعد ان نصحني احدهم بك , لذا اتمنى منك ان تعطيني دواءً يخفّف قليلاً من آلام ضميري يا دكتور
- حسناً , سأعطيك الآن حقنة ستريحك تماماً
وانتظر المريض بصبر حتى انهى الطبيب تعبئة الحقنة بدواءٍ احمر اللون , ثم حقنه بها ..
وبعد دقائق .. بدأ مفعول الدواء يسري في جسد المريض
- دكتور .. لما اشعر بالدوار هكذا ؟! حتى الرؤية اصبحت غير واضحة ! ماذا يحصل لي ؟!
- اغمض عيناك , وحينما تستيقظ ...
- تكون في الجحيم !!
وقال الجملة الأخيرة رجلٌ في الستين من عمره خرج من خلف الستار الفاصل الموجود في طرف الغرفة , وهو يطلق ضحكة مجلّلة ساخرة
وقد حاول المريض المذعور ان يفتح عيناه بصعوبة كي يميّز صاحب الصوت الأجش , لكن ما رآه ارعبه تماماً ! فقد لاحظ على الفور الجرح الغائر المحفور في وجه العجوز , فقال بتعبٍ شديد وذعر :
- اهذا انت ؟! .. قاتل صديقي ؟!
العجوز بابتسامة خبيثة : نعم انا ..لقد بحثت عنك لسنوات كي انتقم لأبني
المريض بدهشة : لكني لم اقتل أحداً ؟!
فأجابه بغيظ : انت وصاحبك سرقتما سيارة ابني الذي كان يقوم بعمليته الأولى ضمن العصابة التي انتمي اليها , ورغم انني توسلّت اليهم كثيراً كي يسامحوه وتعهّدت لهم بأن أحضر المجوهرات المسروقة , الا ان الملاعين قتلوه امام عيني .. وحينها جنّ جنوني !!! ولم ارى نفسي الاّ وقد انتزعت رشّاش احدهم وارديتهم جميعاً .. ثم انطلقت كالمجنون ابحث عن ليموزين ابني , وقد وجدتكما بعد ساعات متوقفان بجانب الطريق تجلسان بالمقعد الخلفي , واظن كنتما تتقاسمان المجوهرات حينها
المريض بغضب : وقتلت صديقي يا ملعون !!
العجوز بسخرية : نعم , لكن لا تقلق .. فستلحق به بعد قليل , لأن الطبيب حقنك بدواءٍ قاتل
واذّ بجسد المريض يتشنّج بقوة حتى سقط عن الأريكة ..وبعد ان انتفض جسمه بشكلٍ لا ارادي عدّة انتفاضات , توقف اخيراً عن الحركة
فقال الطبيب للعجوز : وهاقد نفّذت طلبك وقتلت عدوّ ابنك , أين مكافأتي ؟
ومدّ يده باتجاه العجوز , الذي بدوره وجّه المسدس بوجه الطبيب الذي انصدم تماماً !
- ماذا تفعل ؟!
بابتسامة خبيثة وبسخرية : آسف يا عزيزي , لكنك سمعت الكثير
ثم اطلق رصاصة من مسدسه (كاتم الصوت) في رأس الطبيب الشاب , ليخرّ ميتاً بجانب جسد المريض الهامد
وهنا اقترب العجوز من جثة المريض , وقال له ساخراً :
-اتدري .. عليّ ان اشكرك .. فبفضلك اصبحت رئيس المافيا .. لكن الأهم انني بالنهاية انتقمت لأبني , وانت لم تستطع الإنتقام لصديقك
ثم اطلق ضحكة ساخرة وتوجّه بعكّازه ذو المقبض الذهبي نحو باب العيادة , الاّ انه تجمّد فجأة ! حين سمع صوت فتح صمّام الأمان للمسدس الذي كان بيد المريض , و الذي قال بصعوبة :
- اراك في الجحيم !!
واطلق رصاصة اخترقت قلب العجوز , ليخرّ ميتاً على الأرض
وهنا قال المريض كلمته الأخيرة :
- و هآقد انتقمت لك يا صديقي , ووفّيت بوعدي لك
ثم سلّم الروح , وعلى وجهه ابتسامة حزينة
اردّت فقط الإنتقام لصديقي !
قالها الشاب في أواخر الثلاثينيات وهو يُطبق عيناه بمرارة حيث كانت تجول برأسه الكثير من الذكريات الحزينة , بينما ارتخت يداه على جانبيّ الأريكة الجلدية في أحد أفخم مراكز العلاج النفسي في ولاية كاليفورنيا الأمريكية .. ثم صار يمسح حبّات العرق عن جبينه بينما كان يحاول ان يتذكّر مأساته التي لطالما عذّبت ضميره لسنوات
اما الطبيب المعالج الذي كان في مثل سنه فقد بدى عليه الأهتمام بعد سماعه للمزيد من اعترافات رجل العصابة , حيث قال له :
-هل بإمكانك العودة الى احداث تلك الليلة التي غيّرت حياتك ؟
الشاب بدهشة : لكني اخبرتك عنها البارحة !
الطبيب : من المهم ان يتذكّر المريض اليوم الذي غيّر حياته .. هيا اخبرني بما حصل مجدداً , لكن بالتفصيل هذه المرّة
فيتنهّد الشاب بضيق ثم يقول : كنت مراهقاً اعمل مع صديقي في توصيل البيتزا بعد عودتنا من مدرسة الثانوية .. وفي ليلة من الليالي , توقّف شاب بسيارته الفارهة خلف درّاجتنا النارية اثناء عودتنا الى منازلنا , وانهال علينا بالشتائم لأننا كنّا نعيق طريقه
- تقصد صاحب الليموزين ؟
- نعم مما اغضب صديقي الذي كان يركب خلفي , والذي اقترح ان نلحق به و نعلّمه درساً لن ينساه .. و بالفعل لحقنا بذلك المغرور الى ان توقف عند الإشارة , واستغلّ صديقي نافذة الشاب المفتوحة ليهجم عليه ويهدّده بالسكين , فاضطر المسكين ان يخرج من سيارته وهو يترجّانا ان نأخذ محفظته وندعه بسلام , الا اننا انهلنا عليه بالضرب والركل حتى اغميّ عليه , ومن ثم سرقنا محفظته و سيارته
- ومتى عرفتما انه احد افراد عصابة المافيا ؟
- بعد 3 ساعات كنا قضيناها بالتجوال فرحين بالليموزين , حينها لاحظ صديقي الحقيبة الموجودة في المقاعد الخلفية و في داخلها كيساً مخمليّاً مليئاً بالمجوهرات
- وماذا حصل بعدها ؟
- تفاجأنا بسيارة صدمتنا من الخلف , وسمعنا طلقاً نارياً .. فقفزت الى المقعد الأمامي وصرت اقود بسرعة الى ان استطعت الهرب منه بصعوبة , وحينها فقط انتبهت على اصابة صديقي في صدره
- وهل مات على الفور ؟
بحزن :
- لا, كان مازال يحتضر .. لكني لم استطع اخذه الى المستشفى , فمات بين يديّ
وهنا اعطى الطبيب الشاب منديلاً كي يمسح دموعه , ثم سأله :
- طيب , هل مازلت تذكر ملامح الرجل الذي لحق بكما ؟
بنبرة غاضبة :
- بالطبع , وكيف انساه .. كان رجلاً في أواخر الأربعينيات , وعلى وجهه أثر جرحٍ قديم .. وكم بحثت عنه كي اقتله بيدي وانتقم لصديقي لكني ..
الطبيب مقاطعاً :
- الم تخبرني البارحة انه رئيس عصابة (الموت الأسود) ؟
- نعم , هذا ما عرفته عنه لاحقاً
- طيب اكمل قصتك ؟
- أذكر انه في يوم عزاء صديقي , قدِمَ اليّ صديقاه واخبراني بأنه كان منضمّ الى عصابتهم المسمّاة (بمحبي الدماء) وكانت حينها عصابة صغيرة تسرق المحال التجارية .. وقد اصرّوا عليّ ان اتزعمهم لأنهم عدّوني بطلاً لسرقتي مجوهرات تخصّ عصابة مافيا مشهورة .. وبالطبع اخفيت عنهم بأنها كانت غلطة نادماً عليها
- تقصد انك اوهمتهم بأنك كنت خططت لهذه العملية مُسبقاً ؟
- نعم بالضبط .. ومن وقتها صرت اصدر لهم الأوامر وهم ينفذونها بكل حرفية .. وبخلال بضع سنوات صرنا من اقوى العصابات في شوارع كاليفورنيا .. لكني بالحقيقة لم انضمّ اليهم سوى لغرض قتل ذلك الرجل والإنتقام لصديقي .. ولا ادري ان كنت ستصدّقني ام لا , لكني لم اقتل ايّ شخص في حياتي
الدكتور بدهشة : أحقاً ؟!
الشاب بحزن : نعم , لكن الصحافة شوّهت سمعتي وجعلتني ابدو كسفّاح مخيف في ذمّته عشرات الضحايا التي ارتكبها افراد عصابتي , وكل هذه الجرائم كانت تسبّب لي الأرق خاصة بعد ان تبرّأوا مني اهلي واصبحت وحيداً.. ولهذا اتيت اليك بعد ان نصحني احدهم بك , لذا اتمنى منك ان تعطيني دواءً يخفّف قليلاً من آلام ضميري يا دكتور
- حسناً , سأعطيك الآن حقنة ستريحك تماماً
وانتظر المريض بصبر حتى انهى الطبيب تعبئة الحقنة بدواءٍ احمر اللون , ثم حقنه بها ..
وبعد دقائق .. بدأ مفعول الدواء يسري في جسد المريض
- دكتور .. لما اشعر بالدوار هكذا ؟! حتى الرؤية اصبحت غير واضحة ! ماذا يحصل لي ؟!
- اغمض عيناك , وحينما تستيقظ ...
- تكون في الجحيم !!
وقال الجملة الأخيرة رجلٌ في الستين من عمره خرج من خلف الستار الفاصل الموجود في طرف الغرفة , وهو يطلق ضحكة مجلّلة ساخرة
وقد حاول المريض المذعور ان يفتح عيناه بصعوبة كي يميّز صاحب الصوت الأجش , لكن ما رآه ارعبه تماماً ! فقد لاحظ على الفور الجرح الغائر المحفور في وجه العجوز , فقال بتعبٍ شديد وذعر :
- اهذا انت ؟! .. قاتل صديقي ؟!
العجوز بابتسامة خبيثة : نعم انا ..لقد بحثت عنك لسنوات كي انتقم لأبني
المريض بدهشة : لكني لم اقتل أحداً ؟!
فأجابه بغيظ : انت وصاحبك سرقتما سيارة ابني الذي كان يقوم بعمليته الأولى ضمن العصابة التي انتمي اليها , ورغم انني توسلّت اليهم كثيراً كي يسامحوه وتعهّدت لهم بأن أحضر المجوهرات المسروقة , الا ان الملاعين قتلوه امام عيني .. وحينها جنّ جنوني !!! ولم ارى نفسي الاّ وقد انتزعت رشّاش احدهم وارديتهم جميعاً .. ثم انطلقت كالمجنون ابحث عن ليموزين ابني , وقد وجدتكما بعد ساعات متوقفان بجانب الطريق تجلسان بالمقعد الخلفي , واظن كنتما تتقاسمان المجوهرات حينها
المريض بغضب : وقتلت صديقي يا ملعون !!
العجوز بسخرية : نعم , لكن لا تقلق .. فستلحق به بعد قليل , لأن الطبيب حقنك بدواءٍ قاتل
واذّ بجسد المريض يتشنّج بقوة حتى سقط عن الأريكة ..وبعد ان انتفض جسمه بشكلٍ لا ارادي عدّة انتفاضات , توقف اخيراً عن الحركة
فقال الطبيب للعجوز : وهاقد نفّذت طلبك وقتلت عدوّ ابنك , أين مكافأتي ؟
ومدّ يده باتجاه العجوز , الذي بدوره وجّه المسدس بوجه الطبيب الذي انصدم تماماً !
- ماذا تفعل ؟!
بابتسامة خبيثة وبسخرية : آسف يا عزيزي , لكنك سمعت الكثير
ثم اطلق رصاصة من مسدسه (كاتم الصوت) في رأس الطبيب الشاب , ليخرّ ميتاً بجانب جسد المريض الهامد
وهنا اقترب العجوز من جثة المريض , وقال له ساخراً :
-اتدري .. عليّ ان اشكرك .. فبفضلك اصبحت رئيس المافيا .. لكن الأهم انني بالنهاية انتقمت لأبني , وانت لم تستطع الإنتقام لصديقك
ثم اطلق ضحكة ساخرة وتوجّه بعكّازه ذو المقبض الذهبي نحو باب العيادة , الاّ انه تجمّد فجأة ! حين سمع صوت فتح صمّام الأمان للمسدس الذي كان بيد المريض , و الذي قال بصعوبة :
- اراك في الجحيم !!
واطلق رصاصة اخترقت قلب العجوز , ليخرّ ميتاً على الأرض
وهنا قال المريض كلمته الأخيرة :
- و هآقد انتقمت لك يا صديقي , ووفّيت بوعدي لك
ثم سلّم الروح , وعلى وجهه ابتسامة حزينة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق