كتابة : امل شانوحة
- لن أنتحر اذا تبسّم لي شخصٌ واحد قبل وصولي لآخر الجسر
ردّدها شاب في نفسه وهو ينظر الى أعين الناس المُجتمعة فوق الجسر لمشاهدة الألعاب الناريّة التي سيتمّ إطلاقها مع بداية العام الجديد
وحين وصل الى منتصف الجسر (كاليفورنيا) دون ان يلتفت اليه احد , قال بيأس :
- لا فائدة من إكمال الطريق فأنا مجرّد نكرة , كما يقول ابي دائماً
واقترب من درابزين الجسر مُخترقاً الحشود , في انتظار إنشغالهم ببدء الإحتفالات للقفز سريعاً دون ان يوقفه احد ..
ثم نظر الى ساعته..
- بقيّ نصف ساعة على إطلاق المفرقعات .. لما الوقت بطيءٌ هكذا ؟!
وفي هذه اللحظات ..شدّت فتاةٌ صغيرة طرف قميصه , بعد ابتعادها عن عائلتها القريبة منه ..
فسألها بضيق :
- ماذا تريدين ؟
فقالت والدموع في عينيها : رجاءً لا تقفز
فسألها بدهشة : ماذا قلتي ؟!
- الملاك يطلب منك العودة عن قرارك
- وهل ترينه ؟!
- نعم , هو فوقك تماماً
فقال الشاب بحزن : هذا ليس ملاكاً , بل عزرائيل ينتظر أخذ روحي
- لا !! انه ملاكك الحارس .. وهو يقوم الآن باحتضانك بجناحيه , الا تشعر بهما ؟!
فأغمض الشاب عينيه ليشعر بدفءٍ أُحيط به , رغم برودة الطقس!
الفتاة : هل صدّقت كلامي ؟
فسألها باهتمام : وماذا يفعل ملاكي الآن ؟
- يقول لك بأن لا تستسلم , لأن تجاربك ستنجح قريباً ..
فقال بحماس : أحقاً ! فأنا احاول منذ سنتين إختراع رقاقة إلكترونية صغيرة يمكنها توصيل الإشارات الكهربائية من الدماغ من خلال طرفيّ النخاع الشوكي المقطوع كيّ ... آه آسف , لا اعتقدكِ تفهمين كلامي
الفتاة بابتسامة : بلى !! انت تريد مساعدة المشلولين , كحبيبتك التي تعرّضت لحادث .. اليس كذلك ؟
فأسرع باحتضانها وهو يبكي , بعد تأكّده من وجود ملاكٍ يحميه ..
فهمست في إذنه :
- ويقول لك بأن لا تخبر أحداً بأحلامك , خاصة للمحبطين من حولك الذين سيغارون غداً من نجاحك المُبهر
الشاب وهو يمسح دموعه : حسناً سأفعل , وسأتابع تجاربي الى ان أنجح في مساعدة حبيبتي , وملايين المرضى حول العالم .. شكراً لك يا صغيرتي
وفي الوقت الذي بدأت فيه الناس فوق الجسر بعدّ الثواني العشرة الأخيرة لبدء العام الجديد , كان الشاب ينطلق عائداً الى بيته وهو في قمّة التفاؤل والأمل بعد ان تخلّى عن فكرة الإنتحار للأبد
***
وفي جهةٍ أخرى من العالم , وفي صحراء إفريقيا .. عاد الأب غاضباً الى خيمته بعد ان رمى ابنته الصغيرة في البئر , بسبب إضاعتها لثلاث عنزات اثناء رعايتها لهم ..
وفي البئر العميق المهجور .. جلست الفتاة (12سنة) ترتجف وتبكي من الخوف وهي تشعر بحركة الثعابين والعقارب من حولها , داخل بئرٍ موحش لا ينيره سوى ضوءٍ خافت قادماً من سطح البئر الذي يبعد عنها 38 متراً !
وازداد خوفها مع حلول المساء بعد انخفاض الحرارة , فتكوّرت لتدفئة نفسها , مُحاولةً حماية وجهها من الحشرات والكائنات المخيفة التي تزحف من حولها بعد ان أصبح صوت الفحيح واضحاً مع سكون الليل !
فصارت تدعو الله والدموع على وجنتيها :
- يارب !! حنّن قلب ابي عليّ , ودعه يُعيدني الى الخيمة .. او خذّ روحي وريّحني من هذا العذاب .. فأنا خائفةٌ جداً
وفجأة ! ظهر لها رجلٌ بثيابٍ بيضاءٍ ناصعة وهو يحمل قدحاً من اللبن , ويقول بابتسامةٍ مريحة :
- إشربيه , ولن تظمأي بعده ابداً
فشربته على عجل من شدة عطشها وجوعها ..
وما ان أنهته حتى أحسّت بالشبع والإرتواء , وبالنعاس ايضاً !
وقبل ان تسأله : من هو ؟ وكيف وصل اليها ؟ .. غفت على فور
وآخر ما سمعته منه :
- إصبري , فقريباً ستتغير حياتك للأفضل يا ابنتي
في صباح اليوم التالي .. سمعت اطفالاً يلعبون قرب البئر المهجور , فنادت بعلوّ صوتها :
- أنقذوني !!! انا في البئر
فهرب الأطفال فزعين لخوفهم من ان تكون الجنية التي أخبروهم اهاليهم عنها , كيّ لا يقتربوا من البئر !
وقام أحدهم بإبلاغ والده عمّا حصل , فذهب معه ناحية البئر ونادى بعلوّ صوته :
- هل هناك أحد بالأسفل ؟!!
فأجابته الفتاة : نعم انا !!
فسألها الرجل بعد ان شعر بالخوف : وهل انت إنسيّة ام جنيّة ؟!
- بل انا ابنة الراعي الفلاني !!
- آه عرفته ! لحظة سأنادي والدك
الفتاة بخوف : لا تفعل !! فهو من رماني هنا
الرجل بدهشة : أحقاً ! اذاً سأحضر حبلاً وأرميه لك .. إنتظريني
وبعد إنقاذها , ضجّت القرية بالخبر ! ولام الجميع والدها القاسي على عقابه الغير إنسانيّ , ورفضوا عودتها للعيش معه من جديد
لهذا قرّر ابن عمها الزواج بها , واضّطر والدها للقبول بعد ان ضغط عليه شيخ القبيلة ..
وبعد يومين.. زُفّت الصبية بعرسٍ كبير حضره الجميع , فيما عادا والدها الذي وكّل رئيس القبيلة بتزويجها , وأخذ خيمته وأغنامه ورحل بعيداً بعد ان أصبح مكروهاً لدى الجميع ..
***
وفي بلدةٍ عربية ... سقطت صبية على الأرض وهي تنزف بغزارة , بعد ان ضربها زوجها العجوز بقسوة دون الإكتراث بحملها .. فوالدها باعها له للستر عليها بعد اعتدائه على ابنته , عقب تطليقه امها !
واثناء وقوعها على أرضيّة الصالة (بعد خروج زوجها من البيت وإقفال الباب عليها , رغم توسّلاتها بتوصيلها للمستشفى) أخذت الزوجة الثانية تتشاهد في بركة من الدماء , بعد ان استشعرت بقرب أجلها
في البيت المجاور .. صرخ طفل لأمه بخوف :
- أمي !! جارتنا تموت
- ماذا تقول ؟!
- رأيتها بالمنظار , حتى أنظري بنفسك
وكان والده ضابطاً بالجيش , واستخدم ابنه منظاره العسكريّ للنظر الى بيوت الحارة .. ليرى بالصدفة الصبية من شقّ نافذتها : وهي واقعة على الأرض , وقد تحوّل فستانها الأبيض للون الدماء..
وما ان رأتها ام الطفل من المنظار , حتى أسرعت هي وزوجها الى بيتها .. وكسرا الباب , وآخذاها الى المستشفى .. ليتمّ إنقاذها بصعوبة , دون جنينها الذي أسقطته ..
واستيقظت الصبية في المستشفى , لترى الطبيب المعالج يمسك يدها ويدعي ربه وهو يبكي ..
فسحبت يدها منه بقلق :
- من انت ؟!
الطبيب وهو يمسح دموعه : ألم تعرفينني ؟ انا ابن خالك الذي كنّا نلعب سويّاً في صغرنا , قبل طلاق والديك
- يا الهي ! أهذا انت ؟ لم ارك منذ سنوات
الطبيب بقهرٍ وغضب : والله اني أوشكت على قتل زوجك اللعين بعد ان رأيت آثار الجلد والرضوض على كافة جسمك
فأجابته بحزن : ماذا أفعل , هذا قدري
- قدرك سيتغير قريباً , أعدك بذلك
- ماذا تقصد ؟
الطبيب : ستصبحين زوجتي غصباً عن زوجك العجوز , ووالدك الحقير الذي أذاكِ في صغرك
- كيف عرفت ؟
- زوجك أخبرني بكل شيء بعد ان هدّدته بإبلاغ الشرطة عن عنفه معك الذي كاد ان يقتلك .. وقال انه مستعد لطلاقك لإنهاء الموضوع .. وسأتابع الأمر بنفسي , الى ان تحصلي على الطلاق .. وبعد انتهاء العدة , أتزوجك وأعيدك الى بلدتنا لترين امك
الصبية بدموع الفرح : أحقاً !! فأنا لم ارها منذ طفولتي
- اهدأي رجاءً .. فأيامك الصعبة انتهت الآن , ومنذ اليوم لن تبكين الا دموع الفرح .. أعدك بذلك عزيزتي
***
في إحدى القرى الزراعية .. إتجه شاب غاضباً الى بيت عمه الذي استولى على مزرعة والده المتوفي , بسبب توكيلٍ قديم بينهما ..
وقبل وصوله الى بيته , إعترضه عجوز وهو يقول له بحزم :
- لا تفعلها بنيّ !!
فسأله الشاب بغضب : وماذا تريد انت ايضاً ؟!!
العجوز : لا تقتل عمك
فتجمّد الشاب في مكانه ! حيث كان أخفى المسدس داخل بنطاله , فكيف عرف العجوز بسوء نيّته ؟! والذي أردف قائلاً :
- عمك سيموت قريباً بعد وقوعه تحت عجلات الجرّافة بخطأٍ منه .. وبذلك تعود الأرض لكم , بسبب عقمه ..
الشاب باستغراب : وكيف عرفت إنه سيموت بحادثة ؟!
- انا رجلٌ ذو بصيرة .. وأرى انك في حال قتلته , ستُسجن لسنواتٍ طويلة , تاركاً اخوتك الصغار دون مُعيل .. أتريد ان تنظّف امك البيوت لتصرف عليهم ؟
الشاب : ان كنت تعلم بالغيبات كما تدّعي , فكم من الوقت عليّ الإنتظار لعودة الأرض الينا ؟
- لا يعلم الغيب الا الله , لكن اموركم ستتحسّن قريباً .. فدعّ ربك ينتقم من الظالم بطريقته
فعاد الشاب الى بيته , لتستقبله امه بالأحضان والدموع بعد تراجعه عن قراره المتهوّر .. وبدوره أخبرها بقراره : بالعمل أجيراً في اراضي القرية لإعالة أخوته , لحين تحققّ نبوءة العجوز وعودة أرضهم من جديد
***
وفي بلدةٍ خليجية ... وقف الناس لمشاهدة تنفيذ القصاص بقاتل , بينما استمرّ اهله بالتوسّل لأبناء القتيل للإعفاء عنه..
الا ان اولاد القتيل الأربعة رفضوا ذلك , بعد ان سألهم الشيخ عن قرارهم الأخير ..
ثم توجّه نحو الإبن الأصغر الذي انتظره القضاء سنتين لحين بلوغه ..
الشيخ : بنيّ .. أصبحت كبيراً الآن , ولك رأيك الخاص .. لهذا لا تقرّر بناءً على ضغوطات أخوتك .. فأنا اسألك انت .. هل تسامح قاتل والدك ؟
فنظر المراهق الى أخوته الكبار الذين أشاروا برؤوسهم بالنفيّ ..
فأجاب الشيخ بارتباك : لا , أرفض مسامحته
ليعمّ الحزن الجميع , فيما عدا اهل القتيل المتحمّسون لرؤية القصاص ..
واقترب السيّاف من القاتل الجالس على الأرض , بعد ان تبلّلت عصابة عينيه بالدموع , ولسانه يكرّر الشهادة بأنفاسٍ ثقيلة مُتعبة ..
وحين رُفع السيف لتنفيذ حكم الإعدام .. همس شخص في إذن المراهق :
- سامحه ولك جنة عرضها السموات والأرض
فصرخ المراهق بعلوّ صوته امام الجميع :
- عفوت عنه !!!!
ليتراجع السيّاف الى الوراء , ويكبّر الحاضرون مهلّلون بفرح ..
وركض أفراد عائلة القاتل لتحضنه بعد حصوله على العفو ..
بينما انهال اخوة المراهق عليه بالشتمائم واللعن , وهم ينعتونه بالولد العاقّ الذي خذل والده القتيل !
وتركوه وذهبوا الى بيوتهم .. بينما عاد المراهق مع صديقه , وهو يتمّتم براحة ضمير :
- أعرف يا ابي انك ستسامحني حين نلتقي في الجنة بإذن الله تعالى
***
في السماء السابعة .. إجتمعت الملائكة مع قائدهم لمناقشة المهمّات التي نفّذوها في الدنيا..
فقال أحدهم : قائدي !! لقد قمت بمهمّتي حين لقّنت فتاةً صغيرة ببعض الكلمات لإنقاذ شاب عبقريّ من الإنتحار , والذي باختراعه سينقذ ملايين المعاقين حول العالم , كما ذُكر في كتاب قدره
ملاك آخر : اما انا .. فقد ساعدت فتاةً مسكينة رماها والدها في البئر , وأشربتها من لبن الجنة ..وهي تعيش الآن سعيدة من ابن عمها الحنون
- وانا أنقذت صبية من قسوة والدها وزوجها , بعد ان فتحت نافذتها المغلقة وأوحيت لإبن جيرانها بالنظر ناحيتها بالمنظار , وبذلك أنقذت حياتها وجمعتها بحبيب طفولتها الذي ستُنجب منه ثلاثة أطفال
- وانا تجسّدت بهيئة عجوز لإنقاذ شابٍ متهوّر من القتل , والذي سيحّول ارض ابيه الى جنة ومزار للسوّاح بعد إكتسابه للخبرة الزراعيّة من خلال عمله لسنوات كأجير في اراضي القرية
- اما انا , فأنقذت شخصاً من الإعدام بعد ان همست في أذن أصغر ابناء القتيل بثوابه الكبير في حال عفوه عنه .. وهو ما سيحصل عليه فعلاً لاستقامته وحسن تربيته , بعكس إخوته الحاقدين
فقال قائدهم : أحسنتم جميعاً !! فكل واحدٍ منكم أنقذ روحاً بشريّة بعد ان صدر بحقه اللطف الإلهيّ ..
ملاك : ليت البشر تعرف بعملنا المُستترّ لحمايتهم من الحوادث ومن سوء قرارتهم المصيريّة
قائد الملائكة : سيعلمون يوماً ما , لكن ليس بحياة الدنيا .. والآن سأذهب الى مجموعةٍ أخرى من الملائكة لإعطائهم مهمّاتهم الجديدة في حماية البشر .. وانتم خذوا إجازةٍ قصيرة , الى ان يحين دوركم من جديد
وطار مبتعداً الى كتيبةٍ أخرى من جنود الله في الخفاء
*******
ملاحظة :
قصة الفتاة التي رميت بالبئر صحيحة وحصلت بالسودان , وتمّ إنقاذها بعد 40 يوماً في البئر , والبعض يقول 33 يوم ..
اما قصة الصبية التي تزوجت قريبها الطبيب , فهي لفتاةٍ يمينية من طالبات مدرستي المتوسطة في السعودية ..
وقصة القصاص حصلت في السعودية , وعُرضت كحلقة من مسلسل طاش ما طاش ..
اما القصة الأولى فهي ما كتبه شاب في رسالة الإنتحار قبل قفزه من فوق الجسر , وهذا ما أحزنني وجعلني أكتب هذه القصة .. أتمنى ان تعجبكم
وكمثال على وجود الملاك الحارس , أضع هاذين الفيديوهين الغريبين :
1- شخص مجهول ينقذ تركي من شاحنة كادت تقتله
2- ملاك ينقذ صيني من الدهس تحت عجلات شاحنة
اما هذا الفيديو : فبرأيّ ليست لأناس محظوظين , بل لأشخاص حصلوا على اللطف الإلهيّ , وفرصة ثانية بالحياة ..
فسبحان الله الذي سخّر لنا جنوداً في الخفاء لحمايتنا !
حُرّاس الخفاء !
- لن أنتحر اذا تبسّم لي شخصٌ واحد قبل وصولي لآخر الجسر
ردّدها شاب في نفسه وهو ينظر الى أعين الناس المُجتمعة فوق الجسر لمشاهدة الألعاب الناريّة التي سيتمّ إطلاقها مع بداية العام الجديد
وحين وصل الى منتصف الجسر (كاليفورنيا) دون ان يلتفت اليه احد , قال بيأس :
- لا فائدة من إكمال الطريق فأنا مجرّد نكرة , كما يقول ابي دائماً
واقترب من درابزين الجسر مُخترقاً الحشود , في انتظار إنشغالهم ببدء الإحتفالات للقفز سريعاً دون ان يوقفه احد ..
ثم نظر الى ساعته..
- بقيّ نصف ساعة على إطلاق المفرقعات .. لما الوقت بطيءٌ هكذا ؟!
وفي هذه اللحظات ..شدّت فتاةٌ صغيرة طرف قميصه , بعد ابتعادها عن عائلتها القريبة منه ..
فسألها بضيق :
- ماذا تريدين ؟
فقالت والدموع في عينيها : رجاءً لا تقفز
فسألها بدهشة : ماذا قلتي ؟!
- الملاك يطلب منك العودة عن قرارك
- وهل ترينه ؟!
- نعم , هو فوقك تماماً
فقال الشاب بحزن : هذا ليس ملاكاً , بل عزرائيل ينتظر أخذ روحي
- لا !! انه ملاكك الحارس .. وهو يقوم الآن باحتضانك بجناحيه , الا تشعر بهما ؟!
فأغمض الشاب عينيه ليشعر بدفءٍ أُحيط به , رغم برودة الطقس!
الفتاة : هل صدّقت كلامي ؟
فسألها باهتمام : وماذا يفعل ملاكي الآن ؟
- يقول لك بأن لا تستسلم , لأن تجاربك ستنجح قريباً ..
فقال بحماس : أحقاً ! فأنا احاول منذ سنتين إختراع رقاقة إلكترونية صغيرة يمكنها توصيل الإشارات الكهربائية من الدماغ من خلال طرفيّ النخاع الشوكي المقطوع كيّ ... آه آسف , لا اعتقدكِ تفهمين كلامي
الفتاة بابتسامة : بلى !! انت تريد مساعدة المشلولين , كحبيبتك التي تعرّضت لحادث .. اليس كذلك ؟
فأسرع باحتضانها وهو يبكي , بعد تأكّده من وجود ملاكٍ يحميه ..
فهمست في إذنه :
- ويقول لك بأن لا تخبر أحداً بأحلامك , خاصة للمحبطين من حولك الذين سيغارون غداً من نجاحك المُبهر
الشاب وهو يمسح دموعه : حسناً سأفعل , وسأتابع تجاربي الى ان أنجح في مساعدة حبيبتي , وملايين المرضى حول العالم .. شكراً لك يا صغيرتي
وفي الوقت الذي بدأت فيه الناس فوق الجسر بعدّ الثواني العشرة الأخيرة لبدء العام الجديد , كان الشاب ينطلق عائداً الى بيته وهو في قمّة التفاؤل والأمل بعد ان تخلّى عن فكرة الإنتحار للأبد
***
وفي جهةٍ أخرى من العالم , وفي صحراء إفريقيا .. عاد الأب غاضباً الى خيمته بعد ان رمى ابنته الصغيرة في البئر , بسبب إضاعتها لثلاث عنزات اثناء رعايتها لهم ..
وفي البئر العميق المهجور .. جلست الفتاة (12سنة) ترتجف وتبكي من الخوف وهي تشعر بحركة الثعابين والعقارب من حولها , داخل بئرٍ موحش لا ينيره سوى ضوءٍ خافت قادماً من سطح البئر الذي يبعد عنها 38 متراً !
وازداد خوفها مع حلول المساء بعد انخفاض الحرارة , فتكوّرت لتدفئة نفسها , مُحاولةً حماية وجهها من الحشرات والكائنات المخيفة التي تزحف من حولها بعد ان أصبح صوت الفحيح واضحاً مع سكون الليل !
فصارت تدعو الله والدموع على وجنتيها :
- يارب !! حنّن قلب ابي عليّ , ودعه يُعيدني الى الخيمة .. او خذّ روحي وريّحني من هذا العذاب .. فأنا خائفةٌ جداً
وفجأة ! ظهر لها رجلٌ بثيابٍ بيضاءٍ ناصعة وهو يحمل قدحاً من اللبن , ويقول بابتسامةٍ مريحة :
- إشربيه , ولن تظمأي بعده ابداً
فشربته على عجل من شدة عطشها وجوعها ..
وما ان أنهته حتى أحسّت بالشبع والإرتواء , وبالنعاس ايضاً !
وقبل ان تسأله : من هو ؟ وكيف وصل اليها ؟ .. غفت على فور
وآخر ما سمعته منه :
- إصبري , فقريباً ستتغير حياتك للأفضل يا ابنتي
في صباح اليوم التالي .. سمعت اطفالاً يلعبون قرب البئر المهجور , فنادت بعلوّ صوتها :
- أنقذوني !!! انا في البئر
فهرب الأطفال فزعين لخوفهم من ان تكون الجنية التي أخبروهم اهاليهم عنها , كيّ لا يقتربوا من البئر !
وقام أحدهم بإبلاغ والده عمّا حصل , فذهب معه ناحية البئر ونادى بعلوّ صوته :
- هل هناك أحد بالأسفل ؟!!
فأجابته الفتاة : نعم انا !!
فسألها الرجل بعد ان شعر بالخوف : وهل انت إنسيّة ام جنيّة ؟!
- بل انا ابنة الراعي الفلاني !!
- آه عرفته ! لحظة سأنادي والدك
الفتاة بخوف : لا تفعل !! فهو من رماني هنا
الرجل بدهشة : أحقاً ! اذاً سأحضر حبلاً وأرميه لك .. إنتظريني
وبعد إنقاذها , ضجّت القرية بالخبر ! ولام الجميع والدها القاسي على عقابه الغير إنسانيّ , ورفضوا عودتها للعيش معه من جديد
لهذا قرّر ابن عمها الزواج بها , واضّطر والدها للقبول بعد ان ضغط عليه شيخ القبيلة ..
وبعد يومين.. زُفّت الصبية بعرسٍ كبير حضره الجميع , فيما عادا والدها الذي وكّل رئيس القبيلة بتزويجها , وأخذ خيمته وأغنامه ورحل بعيداً بعد ان أصبح مكروهاً لدى الجميع ..
***
وفي بلدةٍ عربية ... سقطت صبية على الأرض وهي تنزف بغزارة , بعد ان ضربها زوجها العجوز بقسوة دون الإكتراث بحملها .. فوالدها باعها له للستر عليها بعد اعتدائه على ابنته , عقب تطليقه امها !
واثناء وقوعها على أرضيّة الصالة (بعد خروج زوجها من البيت وإقفال الباب عليها , رغم توسّلاتها بتوصيلها للمستشفى) أخذت الزوجة الثانية تتشاهد في بركة من الدماء , بعد ان استشعرت بقرب أجلها
في البيت المجاور .. صرخ طفل لأمه بخوف :
- أمي !! جارتنا تموت
- ماذا تقول ؟!
- رأيتها بالمنظار , حتى أنظري بنفسك
وكان والده ضابطاً بالجيش , واستخدم ابنه منظاره العسكريّ للنظر الى بيوت الحارة .. ليرى بالصدفة الصبية من شقّ نافذتها : وهي واقعة على الأرض , وقد تحوّل فستانها الأبيض للون الدماء..
وما ان رأتها ام الطفل من المنظار , حتى أسرعت هي وزوجها الى بيتها .. وكسرا الباب , وآخذاها الى المستشفى .. ليتمّ إنقاذها بصعوبة , دون جنينها الذي أسقطته ..
واستيقظت الصبية في المستشفى , لترى الطبيب المعالج يمسك يدها ويدعي ربه وهو يبكي ..
فسحبت يدها منه بقلق :
- من انت ؟!
الطبيب وهو يمسح دموعه : ألم تعرفينني ؟ انا ابن خالك الذي كنّا نلعب سويّاً في صغرنا , قبل طلاق والديك
- يا الهي ! أهذا انت ؟ لم ارك منذ سنوات
الطبيب بقهرٍ وغضب : والله اني أوشكت على قتل زوجك اللعين بعد ان رأيت آثار الجلد والرضوض على كافة جسمك
فأجابته بحزن : ماذا أفعل , هذا قدري
- قدرك سيتغير قريباً , أعدك بذلك
- ماذا تقصد ؟
الطبيب : ستصبحين زوجتي غصباً عن زوجك العجوز , ووالدك الحقير الذي أذاكِ في صغرك
- كيف عرفت ؟
- زوجك أخبرني بكل شيء بعد ان هدّدته بإبلاغ الشرطة عن عنفه معك الذي كاد ان يقتلك .. وقال انه مستعد لطلاقك لإنهاء الموضوع .. وسأتابع الأمر بنفسي , الى ان تحصلي على الطلاق .. وبعد انتهاء العدة , أتزوجك وأعيدك الى بلدتنا لترين امك
الصبية بدموع الفرح : أحقاً !! فأنا لم ارها منذ طفولتي
- اهدأي رجاءً .. فأيامك الصعبة انتهت الآن , ومنذ اليوم لن تبكين الا دموع الفرح .. أعدك بذلك عزيزتي
***
في إحدى القرى الزراعية .. إتجه شاب غاضباً الى بيت عمه الذي استولى على مزرعة والده المتوفي , بسبب توكيلٍ قديم بينهما ..
وقبل وصوله الى بيته , إعترضه عجوز وهو يقول له بحزم :
- لا تفعلها بنيّ !!
فسأله الشاب بغضب : وماذا تريد انت ايضاً ؟!!
العجوز : لا تقتل عمك
فتجمّد الشاب في مكانه ! حيث كان أخفى المسدس داخل بنطاله , فكيف عرف العجوز بسوء نيّته ؟! والذي أردف قائلاً :
- عمك سيموت قريباً بعد وقوعه تحت عجلات الجرّافة بخطأٍ منه .. وبذلك تعود الأرض لكم , بسبب عقمه ..
الشاب باستغراب : وكيف عرفت إنه سيموت بحادثة ؟!
- انا رجلٌ ذو بصيرة .. وأرى انك في حال قتلته , ستُسجن لسنواتٍ طويلة , تاركاً اخوتك الصغار دون مُعيل .. أتريد ان تنظّف امك البيوت لتصرف عليهم ؟
الشاب : ان كنت تعلم بالغيبات كما تدّعي , فكم من الوقت عليّ الإنتظار لعودة الأرض الينا ؟
- لا يعلم الغيب الا الله , لكن اموركم ستتحسّن قريباً .. فدعّ ربك ينتقم من الظالم بطريقته
فعاد الشاب الى بيته , لتستقبله امه بالأحضان والدموع بعد تراجعه عن قراره المتهوّر .. وبدوره أخبرها بقراره : بالعمل أجيراً في اراضي القرية لإعالة أخوته , لحين تحققّ نبوءة العجوز وعودة أرضهم من جديد
***
وفي بلدةٍ خليجية ... وقف الناس لمشاهدة تنفيذ القصاص بقاتل , بينما استمرّ اهله بالتوسّل لأبناء القتيل للإعفاء عنه..
الا ان اولاد القتيل الأربعة رفضوا ذلك , بعد ان سألهم الشيخ عن قرارهم الأخير ..
ثم توجّه نحو الإبن الأصغر الذي انتظره القضاء سنتين لحين بلوغه ..
الشيخ : بنيّ .. أصبحت كبيراً الآن , ولك رأيك الخاص .. لهذا لا تقرّر بناءً على ضغوطات أخوتك .. فأنا اسألك انت .. هل تسامح قاتل والدك ؟
فنظر المراهق الى أخوته الكبار الذين أشاروا برؤوسهم بالنفيّ ..
فأجاب الشيخ بارتباك : لا , أرفض مسامحته
ليعمّ الحزن الجميع , فيما عدا اهل القتيل المتحمّسون لرؤية القصاص ..
واقترب السيّاف من القاتل الجالس على الأرض , بعد ان تبلّلت عصابة عينيه بالدموع , ولسانه يكرّر الشهادة بأنفاسٍ ثقيلة مُتعبة ..
وحين رُفع السيف لتنفيذ حكم الإعدام .. همس شخص في إذن المراهق :
- سامحه ولك جنة عرضها السموات والأرض
فصرخ المراهق بعلوّ صوته امام الجميع :
- عفوت عنه !!!!
ليتراجع السيّاف الى الوراء , ويكبّر الحاضرون مهلّلون بفرح ..
وركض أفراد عائلة القاتل لتحضنه بعد حصوله على العفو ..
بينما انهال اخوة المراهق عليه بالشتمائم واللعن , وهم ينعتونه بالولد العاقّ الذي خذل والده القتيل !
وتركوه وذهبوا الى بيوتهم .. بينما عاد المراهق مع صديقه , وهو يتمّتم براحة ضمير :
- أعرف يا ابي انك ستسامحني حين نلتقي في الجنة بإذن الله تعالى
***
في السماء السابعة .. إجتمعت الملائكة مع قائدهم لمناقشة المهمّات التي نفّذوها في الدنيا..
فقال أحدهم : قائدي !! لقد قمت بمهمّتي حين لقّنت فتاةً صغيرة ببعض الكلمات لإنقاذ شاب عبقريّ من الإنتحار , والذي باختراعه سينقذ ملايين المعاقين حول العالم , كما ذُكر في كتاب قدره
ملاك آخر : اما انا .. فقد ساعدت فتاةً مسكينة رماها والدها في البئر , وأشربتها من لبن الجنة ..وهي تعيش الآن سعيدة من ابن عمها الحنون
- وانا أنقذت صبية من قسوة والدها وزوجها , بعد ان فتحت نافذتها المغلقة وأوحيت لإبن جيرانها بالنظر ناحيتها بالمنظار , وبذلك أنقذت حياتها وجمعتها بحبيب طفولتها الذي ستُنجب منه ثلاثة أطفال
- وانا تجسّدت بهيئة عجوز لإنقاذ شابٍ متهوّر من القتل , والذي سيحّول ارض ابيه الى جنة ومزار للسوّاح بعد إكتسابه للخبرة الزراعيّة من خلال عمله لسنوات كأجير في اراضي القرية
- اما انا , فأنقذت شخصاً من الإعدام بعد ان همست في أذن أصغر ابناء القتيل بثوابه الكبير في حال عفوه عنه .. وهو ما سيحصل عليه فعلاً لاستقامته وحسن تربيته , بعكس إخوته الحاقدين
فقال قائدهم : أحسنتم جميعاً !! فكل واحدٍ منكم أنقذ روحاً بشريّة بعد ان صدر بحقه اللطف الإلهيّ ..
ملاك : ليت البشر تعرف بعملنا المُستترّ لحمايتهم من الحوادث ومن سوء قرارتهم المصيريّة
قائد الملائكة : سيعلمون يوماً ما , لكن ليس بحياة الدنيا .. والآن سأذهب الى مجموعةٍ أخرى من الملائكة لإعطائهم مهمّاتهم الجديدة في حماية البشر .. وانتم خذوا إجازةٍ قصيرة , الى ان يحين دوركم من جديد
وطار مبتعداً الى كتيبةٍ أخرى من جنود الله في الخفاء
*******
ملاحظة :
قصة الفتاة التي رميت بالبئر صحيحة وحصلت بالسودان , وتمّ إنقاذها بعد 40 يوماً في البئر , والبعض يقول 33 يوم ..
اما قصة الصبية التي تزوجت قريبها الطبيب , فهي لفتاةٍ يمينية من طالبات مدرستي المتوسطة في السعودية ..
وقصة القصاص حصلت في السعودية , وعُرضت كحلقة من مسلسل طاش ما طاش ..
اما القصة الأولى فهي ما كتبه شاب في رسالة الإنتحار قبل قفزه من فوق الجسر , وهذا ما أحزنني وجعلني أكتب هذه القصة .. أتمنى ان تعجبكم
وكمثال على وجود الملاك الحارس , أضع هاذين الفيديوهين الغريبين :
1- شخص مجهول ينقذ تركي من شاحنة كادت تقتله
اما هذا الفيديو : فبرأيّ ليست لأناس محظوظين , بل لأشخاص حصلوا على اللطف الإلهيّ , وفرصة ثانية بالحياة ..
فسبحان الله الذي سخّر لنا جنوداً في الخفاء لحمايتنا !
سبحان من له القوه
ردحذفنحن ضعاف بكل شيء وفاقدين الامل
قصص بها العبر نتمى لو انها طالت القصص
ابدعتي العاده استاذه امل
قصه حصلت لي بعد وفاة والدي رحمه الله
قال لي ابي باحرف الواحد وزع عن روحي ربطتين خبز فقط
الموت قريب دوما منا
نتظر جديدك
نريد عوة جاكلين الاسم له وقع
كقصة فتاه يتيمه تعيش بامريكا
كقصة صاحبة الظل الطويل
المقطع فيه بعض النساء شبه العاريات لو تحذفيننها المقطع فيه مشاهد كافية
ردحذف.ولن اعلق على اسلبوك واختيارك لانك كاتبة معروفة وشكرا