الجمعة، 17 أغسطس 2018

شوقٌ لا يَنطفِئ

تأليف : امل شانوحة


من الذي فرّق بيننا ؟!

- انتهينا !! لا تحادثني مجدداً
- انتظري ! مالذي فعلته ضايقك لهذه الدرجة ؟!
- باختصار انت تريد صديقة وانا اريد زوجاً , واختلاف النوايا يُسبّب لنا المشاكل .. وانا تعبت من هذه العلاقة المؤذية لمشاعري .. إذهب واختر حبيبة تضيّع الوقت معها .. اما انا , فلست من هذا النوع ولن أكون ابداً .. سلام

ثم قامت بحظره من صفحتها على الفيسبوك , لتتركه مذهولاً من سرعة إنهائها لحبٍ دام سنتين ونصف ! لكنه لا يعلم بأنها كانت تعاني طوال هذه المدة من تردّده في اتخاذ القرار ورفضه الإلتقاء بها في منتصف الطريق .. فهو يصرّ على عدم تغير شخصيته المتحرّرة ليتناسب قليلاً مع بيئتها الملتزمة التي جعلتها تعترض منذ البداية على التعرّف عليه لولا ان أوهمها بنيّته للزواج ..

وبعد ان منعته من محادثتها , شعر بأن مخطّطاته المستقبلية تبعثرت جميعها دون سابق انذار , فهي كانت إحدى الخيارات التي وضعها جانباً ضمن لائحة طويلة من أجمل وأروع الفتيات اللآتي تعرّف عليهنّ في حياته .. لكنه لم يدرك إنها كانت أفضل إختياراته الاّ بعد رحيلها !
***

ومرّت الأيام .. عاد فيها هاني الى حياته السابقة العبثية التي أمضاها بالسهرات والنوادي ومحادثات النت , لكن شيئاً ما تغيّر في داخله ! فهو لم يعدّ يستمتع بذلك , فكل امرأة يحادثها كان عقله يقارن أجوبتها مع ريم لترجح كفّة حبيبته السابقة التي برعت بإثارة اهتمامه بأجوبتها الغير عادية ممّا أتعبه نفسياً , خاصة عند سماعه للأغاني التي كانت أرسلتها سابقاً  
***

وذات مساء .. إقترب منه صديقه وهو يشرب العصير وحيداً بالشرفة بعيداً عن صخب الحفلة القائمة في قصره ..
- كنت متأكّد انني سأجدك هنا
فتنهّد هاني بتعب : أردّت الإنفراد لوحدي قليلاً
- أمازلت تفكّر بها ؟
- لا أنساها للحظةٍ واحدة ! أكاد أجنّ 
- إعتبرها تجربة في حياتك وانتهت 
- ريم لم تكن يوماً تجربة يا صاحبي , بل كانت الحب الذي أبحث عنه طوال حياتي ..وللأسف , أدركت ذلك متأخّراً ..متأخّراً جداً
صديقه : اليس لديها صفحة ثانية على الفيسبوك ؟
- لا , لكن رغم حظرها لي مازلت أتابع ما تنشره على صفحتها من بعيد , وغالباً ما تضع أغاني حزينة عن الفراق !
- طالما انها تتألّم مثلك , فلما لا تسمح لك بالكلام معها ؟!

هاني بحزن : هي كانت أعطتني عشرات الفرص لكنني خذلتها كثيراً , فهي بنهاية الأمر تريد الإرتباط وانا شخص يخاف من الزواج , وأظن بعد سماعها لكل أعذاري الواهية باتت لا تصدّقني بالمرّة !  
صديقه : برأيّ عليك ان تبحث عنها في وسائل التواصل الأخرى
- بحثت كثيراً ولم أجد .. فأنا لا أعرف سوى أسمها الأول وصورتها
- وما يدريك انها صورتها الحقيقية ؟
هاني : أعرف هذا لأنني رأيتها عشرات المرات في منامي حتى قبل ان أعرفها .. ولا تسألني كيف , لأنني حقاً لا أعلم !
- ان كان كلامك صحيحاً , فهذا يعني ان القدر جمعكما سويّاً
فسأله هاني باهتمام : أتقصد انها نصيبي ؟
- لم أقل ذلك .. فأحياناً نجتمع مع أشخاص ليعلّمونا دروساً قيّمة بالحياة , ثم يمضون في حال سبيلهم .. المهم دعنا الآن من الماضي , فالحفلة تزداد حماسةً بالداخل والكلّ يسأل عنك ..او بالأصحّ , يسألنّ عن الشاب الوسيم
هاني بقرف : ما عدّت أطيق تلك الأنواع من الفتيات ..فجميعهنّ رخيصات وماديات , ولوّ كنت فقيراً وقبيحاً لما تجمعنّ عليّ كالذباب

وهنا ! دخلت فتاة الى الشرفة بلباس سهرتها المثير , واقتربت من هاني لتقول له : 
- أأنت هنا يا هاني وانا أبحث عنك منذ ساعة 
- ماذا تريدين ؟
قالها دون ان يلتفت اليها ..فقالت الفتاة لصديق هاني :
- دعنا لوحدنا لوّ سمحت
لكن هاني فاجأها بقوله لصديقه :
- لا , لا تذهب يا صديقي ..فليس هناك شيءٌ مهم بيني وبينها
فقالت بثقة : بلى , سيكون بيننا حديثٌ خاص 
هاني بلؤم واشمئزاز : لا أظن ذلك عزيزتي

وعاد الى الداخل , تاركاً إيّاها في ذهول ! لتقول لصديقه بغضب :
- ماذا يظن نفسه ؟!! فجميعنا من الطبقة المخملية , ولا يحقّ له ان يعاملني كإمرأةٍ رخيصة ! 
صديق هاني : أتركيه في همّه , فهو عاشقٌ هيمان
الفتاة : لا تقلّ انه مازال يفكّر بفتاة النت ؟!
- يبدو ان موضوعها انتشر بينكنّ ؟! 
- بل وراهنّا على انه سينساها بعد شهر , لكنّه مرّ شهران ونصف على انتهاء علاقتهما .. والغريب ان رجلٌ ذكي كهاني يحب من عالم الإنترنت المزيف !
الصديق : وما يدريك ..ربما بالفعل وجد توأم روحه
فقالت بثقة : صدّقني عزيزي ..البقاء مع شخصٍ واحد طوال عمرك لشيءٌ مملّ للغاية 
- وهذا الفرق بينك وبين فتاة النت البريئة 
فسألته ليانا بعصبية : ماذا تقصد ؟!

لكنه عاد بدوره الى الحفل , تاركاً الفتاة الغنيّة مغتاظة مما حصل , حيث ظلّت طوال السهرة تفكّر بطريقة للقضاء على هذا الحب الواقف في طريق أحلامها
*** 

بعد الحفلة .. ذهبت ليانا الى صديقتها ساندي (خبيرة الكمبيوتر والملقبة بالهكر) وأخبرتها بقصة ريم مع هاني..
- وماذا تريديني ان أفعل يا ليانا ؟ 
ليانا : لقد استطعت بالخفاء أثناء إنشغال هاني بتوديع المدعوين من أخذ جواله الذي تركه فوق مكتبه , ودخلت الى استديو الصور فوجدت مقطعاً من مكالمتها معه , وعرفت من خلاله اسم صفحتها وصورة غلافها 
ساندي : الم تقولي انها حظرته ؟ 
- نعم .. لكنك كهكر يمكنك اختراق صفحتها , اليس كذلك ؟ 
فقالت ساندي بخبث : بل استطيع فعل أكثر من ذلك .. فهل تريدين ارسال رسائلٌ له من خلال صفحتها ؟
ليانا بابتسامة : الجميل انك تعرفينني جيداً يا صديقتي 
- حسناً , لكني سأحتاج الى بعض الوقت .. 
ليانا : في انتظارك عزيزتي 
*** 

وفي اليوم التالي .. عادت ليانا الى صديقتها الهكر التي قالت :
- وأخيراً إخترقت صفحتها ..وهي غير متواجدة الآن , لذا من الأفضل ان ترسلي لهاني الرسالة قبل ان تراها 
ليانا بحماس وخبث : سأفعل حالاً لأنني أعرف انه يتواجد على النت في هذه الأوقات
ساندي : جيد , اذاً سأذهب لآكل وأتركك على راحتك
***

وكاد هاني يطير من الفرح حين وجد رسالة من حبيبته ريم .. وأسرع بفتحها ليتفاجأ بكمٍ من الشتائم القذرة الموجهة اليه , وبأنها تزوجت من شاب أرجل منه بكثير , وبأنها تكره نفسها لأنها أحبت شخصاً فاسداً مثله ! 
فانفجر غاضباً ليردّ لها الصاع صاعين , لتعود وترسل له المزيد من الشتائم وبأنه كان غلطة حياتها .. 

وبعد ساعة .. إقتربت الهكر من صديقتها (بعد ان أنهت عشائها) وسألتها باهتمام : 
- هل نجحت خطتك ؟
فأجابتها ليانا بابتسامةٍ عريضة : إقرأي بنفسك آخر ما كتبه لها قبل ان يقوم هو بإغلاق صفحته هذه المرة 

وكان كتب لها : ((بأنه نادمٌ جداً على حبه لها لظنّه بأنها مختلفة عن الأخريات , لكنها بالحقيقة اسوأهنّ لوضعها قناع البراءة فوق وجهها الخبيث القذر))

فقالت صديقتها : المسكينة ! ستنصدم حين ترى هذه المحادثة 
ليانا بقلق : لا رجاءً !! عليك ان تحذفيها فوراً والاّ انقلبت الخطة عليّ
ساندي : معك حق ..اذاً إبتعدي قليلاً , فورائي الكثير من العمل
ليانا : حسناً سأتركك تعملين , لكن إحذفي كل المحادثة وبذلك لن تعلم ريم بما حصل اليوم وستظل تعتقد انه مازال يحبها ..وان فكّرت يوماً ان تراسله , ستتفاجىء بكرهه لها .. وأعدك يا ساندي في حال نجحت خطتي التالية وتزوجت به , فلك مكافأة مالية ضخمة
ساندي : برأيّ عليك التريث قليلاً قبل التقرّب منه , لكيّ تخفّ صدمته العاطفية التي واجهته هذه الليلة 
- طبعاً طبعاً لا تقلقي , فكل شيء مخطّطٌ له بدقة 
- لا استغرب ذلك من عروسة هاني المستقبليّة
وضحكتا بخبث
***

وكانت الصدمة بالفعل كبيرة على هاني الذي لطالما شعر بأنه محظوظ لمعرفته فتاةٍ بريئة مثل ريم , امّا الآن فقد اسودت الدنيا في وجهه ! وكانت ردّة فعله انه رجع الى عاداته القديمة التي كان ابتعد عنها منذ معرفته بها .. فعاد للبارات والسكر والإحتفالات المسرفة والعلاقات المتعدّدة التي كانت أغلبها مع ليانا التي حرصت على التواجد في كل الأماكن التي يرتاد اليها ..
***

وفي يوم العيد .. شعرت ريم برغبة لمعايدة هاني رغم انها لم تحادثه منذ شهور .. وأرسلت رسالة قصيرة قالت فيها :
((كل عام وانت بخير .. أردت فقط معايدتك)) 
لتتفاجىء بعد ساعة بكمٍّ هائل من الشتائم ! كما أرسل هاني صورة له وهو يحتفل مع النساء الرخيصات لتصاب ريم بأكبر خيبة أمل في حياتها ! فتقرّر حذف صفحتها والإبتعاد نهائياً عن وسائل التواصل الإجتماعي 
*** 

في منزل ساندي إحتفلت ليانا معها بنجاح خطتهما بعد اختراقها هذه المرة لصفحة هاني ورؤية المحادثة الأخيرة التي حصلت بين الحبيبين المغدور بهما ..
ساندي : المسكينة , لابد انها انصدمت من قساوته الغير مبرّرة
ليانا : لا يهمّني أمرها , المهم انني انتهيت منها وعاد هاني ليّ
- هو لم يعد اليك فقط , بل لعشرات الفتيات الأخريات
- لا بأس طالما انه سيعود بنهاية اليوم الى زوجته
ساندي : هل تقصدين انه خطبك ؟!

فرفعت ليانا أصبعها الذي به خاتم إلماسيّ فخم..
ساندي بدهشة : أحقاً ! متى ؟!
ليانا بابتسامة المنتصر : البارحة 
- هل كان سكراناً ؟
- جداً 
وضحكت ساخرة عليه ..
ساندي : المسكين .. يحاول نسيانها بكل الطرق
ليانا بغضب : هل انت بصفّي ام في صفّه ؟!!
- كنت أقول الحقيقة
- انا لا يهمّني قلبه المكسور , كل ما يهمّني هو حسابه البنكي وقصره الفخم 
- وهل تخططين ان يكتب كل شيء بإسمك ؟
ليانا : هذه هي الخطة الرئيسية , لكني سأحتاج الى الكثير من الوقت والجهد
- لا خوف عليك , فأنت ان وضعت شيئاً برأسك ستحصلين عليه حتماً
- طبعاً فنحن أذكى من الرجال
ساندي : تقصدين أخبث
وضحكتا بسعادة , ثم أكملا السهرة وهما تخطّطان سويّاً للسيطرة على الشاب الثريّ 
***

وقبل يوم من عرسه .. شعر هاني بضيق نفسٍ شديد أثناء أخذ الخيّاط لمقاس طقم عرسه ..
- رجاءً إذهب الآن
الخيّاط : لكن عليّ التأكّد من المقاسات لأجل الغد
هاني : المقاس جيد .. والمدعوّون لن يهمّهم سوى صالة العرس والأكل .. فاذهب رجاءً
***

وبعد قليل .. خرج هاني من قصره وهو يقود سيارته الفارهة دون وجهةٍ محدّدة .. وأثناء بحثه في الراديو , سمع جزءاً من أغنية كانت أرسلتها ريم له قديماً فأسرع بإطفائه وهو يشعر بوخزٍ في قلبه..قائلاً في نفسه :

((آه كم تخيلت يوم عرسنا يا ريم ! ليتك صبرتي عليّ قليلاً لأتخذ قراري بهدوء .. أوف !! كفاك تفكيراً بها يا هاني , فريم مثل غيرها .. (ثم سكت قليلاً).. لكن الغريب في الموضوع انني حين شتمتها بالعيد لم ترد عليّ كما فعلت في رسالتها الأولى , ترى لماذا ؟! ..(وبعد ان فكّر قليلاً) ..لا يهم ..من الأفضل ان أذهب للبحر لأفرّغ طاقتي السلبية , فغداً يومٌ طويل))
***

وما ان جلس على الشاطىء ونظر الى البحر امامه حتى انفجر بالدموع دون ارادةٍ منه ! وظلّ على هذه الحالة البائسة الى ان غربت الشمس وهدأت نفسه قليلاً .. ثم قال في نفسه : 

((حسناً يكفي هذا القدر من الدموع , لأعود الى بيتي الآن ..فغداً لديّ مصيبةٌ أكبر ..زواجي من تلك الساقطة .. والله لا ادري الى الآن كيف خطبتها ! فهي ليست من نوعي المفضّل ..لأني أحب الفتيات البريئات أمثال ريم .. يا الهي ! توقف يا غبي عن ذكر اسمها , لقد تزوجت وانتهى أمرها .. اللعنة عليها !! لقد أذتني أكثر من أيّةِ امرأة عرفتها في حياتي ! ..لكن لا بأس , المهم انني خرجت من ذلك الكابوس .. وفي الغد سيبدأ كابوسٌ جديد !)) 

وقبل ان يقوم من على الشاطىء أتاه اتصال من المهندس التقني في شركته 
هاني : ماذا تريد ؟
الموظف : كانت شكوكك في مكانها سيدي , فقد تمّ اختراق حاسوبك
- أحقاً ! ومن هو ؟
- بل قلّ من هي 
*** 

في فجر يوم العرس .. بدأت العروس ليانا يومها بالردّ على رسائل التهنئة من اصدقائها على الفيسبوك في انتظار قدوم مصفّفة الشعر الى بيت أهلها .. لكنها وجدت رسالة أربكتها للغاية وقلبت مخطّطاتها رأساً على عقب ! 
***

في وقت الظهيرة .. تجمّع الأصدقاء والأقارب في الكنيسة لبدء مراسم الزواج , وحين سألها الكاهن من جديد :
- سأعيد السؤال عليكِ يا ابنتي .. هل تتزوجين من السيد هاني سعيد ؟ 
لكن ليانا التزمت الصمت والإرتباك واضحٌ عليها ! ممّا فاجأ الحاضرون  خاصة صديقتها ساندي التي تعرف كم خطّطت كثيراً لهذه اللحظة !
وإذّ بليانا تُجيب بصوتٍ مُتلعثم : لا .. لا اريد الزواج منه
فعلت شهقات الإستهجان ! لكن العريس إكتفى بنظرات الدهشة

وقبل ان يستوعب الجميع ما حصل , ركضت ليانا بفستانها الأبيض الى خارج الكنيسة ليُسرع أصدقائها باللحاق بها , لكنها قادت سيارة العريس المُزينة مُبتعدةً عنهم !
***

بعد ساعة , وصلت العروس الى بيت خطيبها السابق الذي استقبلها بنظرات الإستغراب !
- ليانا ! مالذي أتى بك الى هنا ؟ ولما تلبسين فستان الفرح ؟!
فقالت وهي تلهث بسعادة : أتيت لنعود سويّاً كما قلت لي برسالتك
بدهشة : أيّة رسالة ! انا لم أكلمك منذ سنوات
ليانا بصدمة : ماذا !
وهنا سمعت صوتاً من بعيد يقول : سمير !! من على الباب ؟ 

ثم اقتربت زوجته منهما وهي تحمل طفلها الثالث الذي وُلد حديثاً..
فقالت ليانا بدهشة : أهذا انتِ ؟! الم تنفصلا بعد ؟!
فأجابتها الزوجة بلؤم : ولماذا ننفصل حبيبتي , فنحن نعشق بعضنا ..اليس كذلك سمير ؟
زوجها : بالطبع عزيزتي .. 
فقامت الزوجة بإدخاله الى البيت , وقبل ان تغلق الباب في وجهها قالت لها بلؤم واشمئزاز :
- أرى ان حيلة فستان العرس لتأثير بها على زوجي رخيصةً جداً حتى على واحدة مثلك
ليانا والدموع في عينيها : لكنه هو من أخبرني انكما..

وقبل ان تُكمل كلامها , أغلقت الزوجة الباب في وجهها .. ثم سمعتها ليانا من خلف الباب وهي تسأل زوجها :
- هل تكلّمت معها حقاً ؟
صوت سمير : لا ابداً .. أظن ان العنوسة أثّرت كثيراً على عقلها !

وما أن سمعت ليانا جوابه القاسي حتى ركبت السيارة وهي على وشك الإنهيار ! واتصلت سريعاً بصديقتها ساندي التي كانت وصلت الى بيتها لتخبرها بكل ما حصل..
ساندي : طالما ان سمير أنكر إرساله لتلك الرسالة , فلابد ان أحدهم اخترق صفحتكما !
ليانا : ومن تعتقدين ؟
- هاني .. فقد رأيته وهو خارج من الكنيسة والفرح يشعّ من عينيه
- لا أصدّق هذا ! .. على كلٍ , سأتصل به لأتاكّد
***

وبالفعل !! ما ان أخبرته ليانا بالموضوع , حتى انفجر ضاحكاً :
هاني : وهل ظننتي بأنني لن أعاقبك على إبعادي عن حبيبتي ريم ؟!! والآن إنقلب السحر على الساحر .. فلست وحدك الذي لديه خبير بالكمبيوتر
فبكت ليانا بندم : أرجوك يا هاني سامحني , فأنا حقاً نادمة  
- يبدو من صوتك ان سمير رفضك من جديد

ثم ضحك ساخراً وأغلق هاتفه في وجهها , لتنهار ليانا بالبكاء المرير وتقطع الإشارة الحمراء دون وعيٍّ منها , وتصدم عجوزاً كان يقطع الشارع .. فباتت ليلتها في المخفر بانتظار محاكمتها بتهمة القتل بالإهمال  
***

بعد شهرين .. سألت ريم زوجها هاني : 
- انت وعدتني بعد عودتنا من شهر العسل ان تخبرني بما حصل 
هاني : كما تشائين عزيزتي .. (ثم تنهّد قليلاً) .. في ذلك المساء حين كنت أجلس على الشاطىء مهموماً كما أخبرتك , أتاني اتصال من موظفي كنت سألته قبل مدة ان كان هناك أحد من منافسيّ التجّار اخترق حاسوبي بعد ان لاحظت ان ماوس الكمبيوتر يتحرّك لوحده .. وهو بدوره استطاع معرفة اسم صديقة ليانا من خلال ايميلها ..كما عرف انها اخترقت صفحتي القديمة على الفيسبوك .. فجلست طوال الليل أقرأ ايميلاتها لليانا وخططهما للإيقاع بي ! فتذكّرت حينها كيف كان اسلوبك بالرسالة التي أغضبتني مختلفاً كثيراً عن طباعك التي عهدتها ..لذلك اتصلت بصديقتك على الفيسبوك وطلبت منها ان تُخبرك بأن تحدثيني من صفحة جديدة لأن صفحاتنا القديمة تم اختراقها .. ومن بعدها تصالحنا وخطبتك 

ريم : نعم أخبرتني بذلك سابقاً ..لكن سؤالي هو مالذي أرسلته لليانا على لسان خطيبها القديم ؟
هاني : خطيبها سمير كان صديقي ايام الجامعة وحين افترق عنها بسبب رفض أهله لها , قمت انا بمواساتها فتعلّقت بي ..لا لأنها أحبّتني بل لإثارة غيرته .. ولذلك أرسلت لها قبل عرسنا بعد إختراقي لصفحته : انه طلّق زوجته وبأنه نادم على تركها , وانه حزينٌ جداً بزواجها مني وبأنه مستعدّ للزواج منها فوراً في حال تركتني .. والغبية صدّقت الرسالة ! وهآقد انتهى أمرها بالسجن ستة أشهر , مع دفع تعويض كبير لعائلة العجوز الذي قتلته 

ريم : بصراحة لا ألومها , فمن يقع بالحب يفعل المستحيل للحصول على حبيبه
هاني بابتسامة : وهل كنت لتفعلي مثلها ؟
- لا , لكني كنت سأحارب من أجلك حتى النهاية
- وانا ايضاً حبيبتي  .. المشكلة انها هي وغيرها لا يفهمون أمراً : ان ما جمعه القدر لا يفرّقه البشر
فحضنته بحنان وهي تقول : ونصيبي كان أجمل الأقدار

وهاهما اليوم يعيشان أجمل سنوات عمرهما بحياةٍ يغمرها الحب والتفاهم بعيداً عن أعين الحسّاد 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مسابقة الجدارة

تأليف : امل شانوحة منصبٌ رفيع إستوفى خمسة شباب شروط الوظيفة في شركةٍ مرموقة .. واجتمعوا في مكتب المدير العام (أغنى تجّار البلد) الذي قال لهم...