الأحد، 4 فبراير 2018

القطة الشريرة

تأليف : امل شانوحة


لما أبتليتُ بهذه القطة المخيفة ؟!

في ليلةٍ عاصفة , وقبل ان يخلد اريك للنوم سمع طرقاً على بابه .. 
- من سيأتي بهذا الوقت المتأخر ؟!
وحين اقترب من بابه الخارجي , انتبه على كلبته وهي تحتضن صغارها الثلاثة وتنظر ناحية الباب بخوفٍ واضح ! فقال لها :
- مابكِ اليسي ؟ لا تقلقي , ربما كان صديقي

لكن قبل ان يفتح الباب .. بدأت الكلبة تصدر اصواتٍ شرسة وكأنها تستعدّ للهجوم على طريدة , بعد ان خبّأت جرائها خلفها !
- اهدأي اليسي ... سأفتح الباب .. هيا اجلسي .. قلت اجلسي اليسي !! 
فجلست الكلبة وهي مازالت تراقب الباب برعب .. 

وحين فتحه شاهد قطةً سوداء تجلس عند بابه , وتحاول تدفئة نفسها بدوّاسة الباب .. فأسرع اريك بحملها وإدخالها المنزل , ثم وضعها قرب المدفأة على بعد متر من فراش كلبته التي كانت تنبح عليها بغضب ..
فقال لها مُعاتباً :
- اليسي كفى !! ان لم تهدأي سأرميك خارجاً 

فهدأت الكلبة , لكنها ماتزال خائفة على جِرائها من هذه القطة ! التي قام اريك بإطعامها السردين , بعد ان غطّاها بكنزته القديمة .. 
ثم ذهب للنوم , بعد ان أوصى كلبته :
- ايّاكِ ان تؤذي القطة .. هل فهمتي اليسي ؟!!
فعادت الكلبة تزمجر بصوتٍ منخفض , وكأنها تكتم غضبها بصعوبة !
***

في صباح اليوم التالي .. استيقظ اريك على عراكٍ حادّ بين الكلبة والقطة ..فأسرع للصالة ليشاهد شيئاً غريباً ! حيث وجد كلبته غاضبة ومنصدمة من موت إحدى جرائها , بينما كانت القطة تراقب الوضع من بعيد  
فأسرع اريك بحمل الجروّ , ليجده ميتاً بسبب جرحٍ عميق في رقبته .. فنظر الى القطة مندهشاً :
- هل عضتّي الجروّ الصغير ؟!

لكن القطة أكملت طريقها نحو المطبخ دون اكتراث .. بينما ظلّت الكلبة تلعق جرح ابنها وهي تصدر أنيناً حزيناً .. وكذلك اخويه كانا منصدمين من موته المفاجىء !

وقد قام اريك بدفن الجروّ في فناء منزله , بينما وقفت امه (الكلبة) بقربه وهي تراقب عملية الدفن بحزنٍ شديد ..
***

وتكرّرت الحادثة في اليومين التاليين .. ومات كلا الجروين بعضّة في رقبتهما .. فهل يعقل ان القطة تغافل الأم لتقتل صغارها ؟! ام ان الكلبة  تقتل ابنائها بنفسها ؟! .. الأمر يبدو غير منطقياً ! 

وبعد دفنه للجروّ الثالث تكلّم مع صديقه على الهاتف , وأخبره بأنه يفكّر بإرسال القطة الى ملجأ للحيوانات الضالّة لأن تصرّفاتها الغريبة تغضب كلبته التي عاشت معه لسنواتٍ طويلة.. 
وأثناء هذه المكالمة , كانت القطة تراقبه من بعيد وكأنها تتنصّت عليه !
***

لكن اريك إضّطر لتأجيل موعد تخلّصه من القطة بسبب عاصفة ثلجية مفاجئة ضربت المنطقة , وقد طلبت البلدية من السكّان ملازمة منازلهم الى ان تمرّ العاصفة بسلام 

وفي المساء .. قام اريك بإطعام القطة , كما إجبر كلبته على تناول بعض الطعام لأنها امتنعت عن الأكل بعد موت جرائها ..
ثم ذهب للنوم بعد ان أضاء لهما المدفأة .. 
***

لكنه عاد وسمع نباح كلبته في منتصف الليل , وكان حينها مرهقاً للغاية ..
فقال في نفسه قبل ان يعاود النوم : 
- هآقد تشاجرا من جديد , عليّ التخلّص من هذه القطة المشاغبة قبل ان أُجنّ منها انا وكلبتي اليسي .. 
***  

وفي الصباح .. وجد القطة نائمة قرب المدفأة , لكن لا يوجد أثر لكلبته في أرجاء المنزل ! 
وبعد ان شعر بالقلق , خرج من منزله ليرى كلبته مُجمّدة قرب الباب , وقد صدمه الأمر تماماً ! فكيف خرجت الى العاصفة والباب مغلق بالمفتاح ؟! وهل كانت تنبح البارحة لكيّ ينقذها بعدما علقت في الخارج ؟!
فأحسّ اريك بحزنٍ شديد على وفاة صديقته المخلصة , كما شعر بتأنيب الضمير لأنه فضّل النوم على الإطمئنان عليها .. 

وبعد ان بكى كثيراً عليها , دفنها قرب جرائها الثلاثة .. 
وخلال الدفن شاهد القطة تراقبه من بعيد , قبل ان تعود الى المنزل وكأن شيئاً لم يحصل !
***

وفي عصر هذا اليوم .. اتصل اريك بمسؤول ملجأ الحيوانات , وأخبره عن القطة السوداء الشريدة .. 
اريك : ((نعم فهمت .. سأحضرها غداً صباحاً .. وأتمنى ان تجدوا لها بيتاً جديداً , فأنا طالبٌ جامعي ولا وقت عندي لرعايتها .. نعم فهمت , شكراً لك)) 

وبعد ان أغلق جواله , انتبه للقطة وهي تنظر اليه من طرف باب غرفته وكأنها سمعت كلّ المكالمة .. لكن شيئاً ما أشعره بالخوف من نظراتها الحادّة , وكأنها تتوعّده بالإنتقام لتخلّيه عنها ! 

لكنه عاد وقال في نفسه : ما هذا الهراء يا اريك ؟ انها مجرّد قطة مُشرّدة , وأكيد لن تؤذيني ..
***

وفي منتصف هذه الليلة .. أصيب اريك بالجاثوم في نومه , وأحسّ بشللٍ مؤقت في كلتا يديه ورجليه ! وبينما كان يصارع كابوسه , شعر بفروّ القطة يحطّ فوق انفه وفمه ! فعلم ان القطة قفزت لتجلس فوق وجهه تماماً 

وفي تلك اللحظات لم يكن باستطاعته تحريك يديه او ايّ جزء من جسمه .. وقبل ان يفقد وعيه , رنّ هاتف منزله !! لتقفز القطة مُبتعدةً عنه بعد ان أفزعها الصوت , وذلك قبل ثوانيٍ قليلة من إختناقه حتى الموت .

وبعد ان استيقظ اريك من نومه مساءً , أسرع الى الصالة ليجدها نائمة قرب المدفأة , فحملها وهو غاضبٌ جداً من تصرّفها الذي كاد ان يقتله 
- اللعنة عليك !! كدّت تقتلينني !! الآن تأكّدت انك انتِ من قتلت الجِراء , وقتلتي كلبتي ايضاً .. انت شريرة , لابد انك جنّية خبيثة مُتلبّسة بهيئة قطة .. أخرجي من بيتي يا ملعونة !!
ورمى بها بعنف خارج بيته , ثم أقفل بابه الخارجي بإحكام .. 
***

وقد إحتاج اريك لبعض الوقت ليهدأ من غضبه .. 
وبعد ان استردّ انفاسه .. أطفأ انوار الصالة لكيّ يُكمل نومه ..لكن قبل ان يدخل غرفته , شاهد القطة تقف خلف نافذة الصالة , وكانت عيناها مضيئتان بشكلٍ مرعب , وكأنها غاضبة جداً من طردها من بيته .. 
فأسرع الى غرفته وأقفل عليه الباب بعد ان أرعبه منظرها !
***

في الصباح .. قام اريك بحزم بعض حاجياته في حقيبةٍ صغيرة , مُقرّراً المبيت في بيت اهله لعدّة ايام حتى تهدأ اعصابه قليلاً .. 
وقبل خروجه من المنزل , التفت يميناً ويساراً خوفاً من تلك القطة الشريرة , وحين لم يرَها بالجوار أسرع ناحية سيارته , وانطلق مسرعاً الى بيت اهله ..
*** 

في مساء ذلك اليوم .. وبعد ان تعشّى اريك مع والديه .. ذهب الى غرفته القديمة لينام .. وهناك أتاه اتصال على جوّاله من صديقته :
- اريك 
- اهلاً جاكلين .. نسيت ان أخبرك انني سأبيت عند اهلي طوال هذا الأسبوع 
- ليتك اخبرتني قبل ان أذهب الى بيتك ..
اريك : ماذا ؟!
صديقته : مابك متفاجىء ؟ الم تعطني نسخة من مفاتيح منزلك ؟
- آه صحيح .. لكن لحظة ! ما هذه الأصوات التي حولك ؟!

- كنت سأخبرك الآن .. عندما دخلت الى منزلك لم أجد كلبتك اليسي وجرائها , لكني وجدّت ثلاثة قطط صغيرة , فكيف تتركهم لوحدهم هناك دون طعام , ايّها القاسي ؟!
اريك بخوف : قطط ! وهل لون الهريرات سوداء ؟!
- نعم 
فصرخ اريك برعب : أهربي بسرعة من البيت يا جاكلين !! انها ليست قطط , بل شياطينٌ لعينة !!

وفجأة !! سمع صوت مواء القطط وكأنها تهجم على صديقته ! 
وقد استمع اريك بخوف على صراخ صديقته وهي تقول :
- ابتعدوا عني !! آه عيني !! لا لا تعضّوا رقبتي !! اريك ساعدني !!

ثم اختفى صوت جاكلين ! وحينها سمع اريك صوت مواءٍ مميزّ , فعرف انها نفسها القطة السوداء (الأم) , وكأنها تخبره : بأنها انتقمت منه أخيراً .. ومن ثم .. انقطعت المكالمة ! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...