الخميس، 18 يناير 2018

إحتلال الجسد

تأليف : امل شانوحة

اختي إستحقّت الموت !

عمّ الحزن منزل دارسن في واشنطن بعد وفاة ابنتهم (10 سنوات) غرقاً أثناء قيام الخادمة الآسيوية بتحميمها .. 
وقد قامت الشرطة بالقبض على الخادمة التي كانت تبكي وتصرّ على انها لم ترتكب الجريمة .. ثم أتت الإسعاف لأخذ جثّة الصغيرة للمشرحة .. 

وقد ظهر بالتحقيقات : ان الأم في تلك الأثناء كانت تقوم بتنويم طفلتها البالغة من العمر (3 سنوات) .. والأب كان مشغولاً على حاسوبه في غرفة مكتبه .. امّا ابنهم جون (10 سنوات) فكان يقرأ قصة للأطفال في سريره إستعداداً للنوم , أثناء استحمام اخته التوأم  
لهذا لم يكن مشتبهاً في قضية إغراق الطفلة اليزابيث سوى الخادمة التي شاهدها جيران المنطقة وهي تصرخ وتقاوم الدخول الى سيارة الشرطة , رافضةً إعتقالها عن جرمٍ لم ترتكبه !
***

وفي اليوم التالي .. 
امتلأ منزل دارسن بالمعزّين والصحافة التي قدِمت لنقل الخبر ..لكن كلا الوالدين رفضا التكلّم عنما حصل لأبنتهم , وأكتفى الأب بالقول للصحفيّة : 
- رجاءً ..دعوا عائلتي وشأنها , فمصابنا كبير .. ونحتاج لبعض الوقت لكيّ نعيّ ما حصل لنا !

وتفهّمت الصحفية مقدار الألم الذي تعانيه العائلة , خاصة ان الأم حبست نفسها بالغرفة برفقة طفلتها , رافضةً حتى رؤية عائلتها التي أتت لتقديم التعازي .. امّا الأب فقد إنشغل بالمعزّين , وقد لاحظ الجميع وجهه الشاحب وعيناه المغروّرقة بالدموع , وكأنه يحاول كبت حزنه بصعوبة 

لكن شخصاً ما كان بعيداً عن أعين الجميع , وهو أخو القتيلة التوأم .. لهذا استغلّت الصحفية انشغال الناس بتقديم واجب العزاء , وتسلّلت نحو الطابق العلوي لوحدها دون فريق التصوير .. 
ودخلت الى غرفة الصبي لتجده يلعب بسياراته على الأرض .. ففتحت كاميرا جوالها , وأخفتها بيدها كيّ لا يلاحظها الصغير .. واقتربت منه لتسأله وهو منشغلٌ باللعب :
- مرحباً .. كيف حالك ؟ اسمك جون اليس كذلك ؟
فأومأ برأسه إيجاباً .. فعادت وسألته :
- أعرف انك حزين على اختك , وبأنك ..
فقاطعها قائلاً (دون ان ينظر اليها) :
- هي استحقّت الموت 

فصُعقت الصحفية من إجابته الغامضة ! وعرفت انها أمام قصّة مشوّقة .. فعادت وسألته :
- هل أغضبتك اختك البارحة ؟ أقصد قبل ان تأخذها الخادمة الى الإستحمام؟ 
فوقف الصبي غاضباً , وقال لها بنظرةٍ أرعبتها :
- اللعينة التي ماتت ليست اختي اليزابيث !!

وخرج سريعاً من غرفته , تاركاً الصحفية في صدمة ! والتي قامت لاحقاً بنشر هذا الفيديو الذي أشعل وسائل التواصل الإجتماعي والذين طالبوا ببراءة الخادمة , والتحقيق مع الأخ غريب الأطوار , دون مراعاة سنّه الصغيرة وصدمته من فقدان اخته التوأم , ممّا أغضب والديه كثيراً واللذين طالبا المحامي بأخذ الإذن من القضاء لإبعاد الصحافة عنهم لفترة من الزمن , ومنع نشر ايّ شيء يتعلّق بالقضية في وسائل التواصل الإجتماعي , تحت طائلة المسؤولية.. وقد وافق القاضي على طلبهم مراعاةً لمشاعرهم المحطّمة 
*** 

وبعد اسبوع , هدأت الضجّة الإعلامية أخيراً .. كما تقبّل كلاً من الأقارب والأصدقاء رغبة العائلة في الإنعزال عن العالم الخارجي , الى حين موعد انتهاء التحقيقات وسماح الشرطة لهم بدفن ابنتهم , لترقد روحها بسلام ..
*** 

وفي إحدى الليالي .. وبعد ان إطمأنّت الأم على نوم طفلتها وابنها , ذهبت الى غرفتها لتجد زوجها غارقاً في التفكير ..
- بماذا تفكّر ؟
زوجها بقلق : بما قاله جون للصحفيّة !
الأم بضيق : لا اريد التكلّم في هذا الموضوع يا مايكل
- ولا انا .. لكني لا أنكر ان كلامه أخافني , فهل معقول ان يكون هو من قام بإغراق ..
زوجته مقاطعة : توقف حالاً !! بالطبع ابني لم يقتل اخته التوأم , انت تعرف تماماً كم هما متعلّقان ببعضهما منذ الصغر , لكن يبدو ان موتها المفاجىء أصابه بصدمةٍ نفسية , هذا كل شيء 
- اذاً ماذا كان يقصد : بأنها استحقّت الموت ؟! 
لكن الأم تجاهلت كلامه , وأدارت ظهرها للناحية الأخرى من السرير قائلة : تصبح على خير , مايكل

وبعد دقائق .. غرقت الأم في النوم , بينما ظلّ الوالد مستيقظاً وهو يشاهد تكراراً ومراراً من جواله : نظرات ابنه الحادّة والمخيفة للصحفيّة , وذلك من خلال الفيديو الذي نُشر سابقاً بالإنترنت ..
فقال الأب في نفسه , بعد ان اتخذ قراره :
((سأفعل ذلك غداً , ليس امامي حلٌ آخر))
***

وبعد ايام وفي منتصف الليل.. وبعد ان نام الولدان .. طلب مايكل من زوجته ان تأتي الى غرفة مكتبه .. فدخلت وهي تترنّح من النعاس 
- ماذا تريد يا مايكل ؟ دعني أذهب للنوم ..
- اريد ان اريك شيئاً أقلقني للغاية
وهي تقترب من حاسوبه : خير , ماذا تشاهد ؟!
- انظري .. لقد وضعت كاميرا تصوير بغرفة ابننا
الأم بدهشة : ماذا ! هل تراقب جون ؟!
- نعم .. لي ثلاثة ايام أراقبه .. وقبل ان تعاتبني , شاهدي ما صوّرته الكاميرا ليلة البارحة 

فشاهدت باهتمام الكاميرا (التي بها إضاءة ليلية) وهي تصوّر جون بعدما استيقظ في الساعة الثالثة صباحاً .. ثم قام بإخراج لعبة اخته المفضلة (التي صار يحتفظ بها بين العابها بعد وفاتها) .. وجلس على الأرض , ومدّ يده ناحية اليمين , وكأنه يعطي اللعبة لأحد يجلس بجانبه ! 

ثم سمعه الوالدان , وهو يكلّم نفسه بصوتٍ مسموع :
جون : واللعبة اشتاقت اليك ايضاً .. جميعنا حزينون لرحيلك , فلما لا تعودين الينا بعد ان نفّذت طلبك ؟! .. لكن الشرطة ماتزال تحتفظ بها في الثلاجة , هكذا سمعت المحامي يقول لأبي .. يبدو ان رجوعك صعبٌ للغاية .... ماهو ؟ .. وكيف أفعل ذلك , أأدفنها بالتراب ؟ .. حسناً سأفعل .. (ثم وقف قائلاً).. حاولي ان تزوريني دائماً .. مع السلامة حبيبتي 

ثم شاهده الوالدان وهو يلوّح بيده , مودّعاً جدار غرفته ! ويعود للنوم في سريره وكأن شيئاً لم يحصل ! 

وبعد ان أغلق الأب حاسوبه , قال لزوجته :
- ما رأيك بالذي قاله جون ؟!
الأم وهي في حالة ذهول : ربما لديه صديقٌ خيالي , او صديقة تحلّ مكان غياب اخته ..فهو لم..
الأب مقاطعاً : لقد قال انه نفّذ ما طلبته منه ! فهل هو من أغرق اليزابيث تنفيذاً لرغبات هذا الشبح او الخيال الذي يكلّمه ؟!
فوقفت الأم بغضب : توقف يا مايكل !! انت تشكّ بولدٍ عمره 10 سنوات , فقط لكيّ تبعد التهمة عن الخادمة .. فماذا يوجد بينك وبينها لتفضّلها على ابنك ؟ 

فغضب من كلامها وقال صارخاً : يا غبيّة !! ما دخل الخادمة بالموضوع ؟! انا فقط خائف على كاثرين 
زوجته بخوف : ماذا ! أتقصد انه ممكن ان يؤذيها ايضاً ؟!
- ارأيتي !! انت ايضاً لديك شكوك بشأنه , الا تذكرين كيف تشاجر مع اليزابيث قبل يومين من وفاتها , وكلانا سمعه وهو يقول لها بغضب : إخرجي من حياتنا للأبد .. كما انه قال بالفيديو : انه سيقوم بدفنها بالتراب 
الأم وهي ترتجف بخوف : أكان يقصد طفلتنا كاثرين ؟!  

فأمسك زوجها ذراعيها محاولاً تهدأتها : 
- لا ادري .. لكني سأظلّ أراقبه بجميع الكاميرات , لأني أنوي وضع كاميرا في كل غرفة .. وأقترح ان تضعي سرير الطفلة في حجرتنا , وسنقوم بإقفال باب غرفتنا بإحكام أثناء نومنا 

فلم تجد الأم سوى موافقته على رأيه , بعد ان أُثيرت الشكوك في قلبها تجاه ابنها الذي كان يتصرّف بغرابة منذ وفاة اخته !
***

ومرّت الأيام .. والوالدان مازالا يراقبان تصرّفات ابنهما بحذر , وهو ايضاً لاحظ رفضهما اللعب بمفرده مع اخته الصغيرة .. 
وفي أحد الأيام .. عندما كانت الأم تحمّم طفلتها , شاهدت جون يراقبهما من امام باب الحمام بنظراتٍ مُقلقة , وعندما سألته :
- ماذا تريد يا جون ؟
ذهب الى غرفته دون ان ينطق بكلمة ! فأسرعت الأم بإخراج الطفلة من حوض الإستحمام , خوفاً من ان تُتكرّر الفاجعة من جديد  
***  

وفي إحدى الليالي .. استيقظ الأب في الساعة الثالثة صباحاً على صوت حفرٍ في حديقة منزله .. فخرج وهو يحمل العصا وكشّاف النور , ظنّاً منه ان كلباً شريداً يُخرّب مزروعاته  .. لكنه شاهد ابنه جون وهو يطمّ شيئاً بالتراب , فسأله قائلاً :
- جون ! ماذا تفعل خارج المنزل بهذا الوقت المتأخر ؟
فنفض جون يديه من التراب , وهو عائدٌ للمنزل : كان عليّ فعل ذلك قبل ايام , لكني نسيت 
الأب : نسيت ماذا ؟! وماذا كنت تدفن في الحديقة ؟!

جون بنبرةٍ غاضبة : لقد قمت بإرسال لعبتها اللعينة اليها , لترافقها في الجحيم !! 
الأب بقلق : هل تقصد اليزابيث ؟!
لكن جون لم يجيبه , بل ظلّ ينفث انفاسه بغضب .. فقال له ابوه : 
- جون حبيبي ..اختك الآن في الجنة .. وعليك تقبّل رحيلها ..
جون وهو يبعد يدا والده عنه بانفعال : لا !! التي ماتت ستكون حتماً في الجحيم !! اما اختي فهي لم تمت بعد .. لم تمت !!!!!

ثم دخل سريعاً الى المنزل وهو يمسح دموعه , تاركاً والده في صدمة ! والذي أسرع بحفر ذلك المكان , ليجد ان ابنه دفن لعبة اليزابيث المخيفة التي كانت اشترتها قبل ايامٍ قليلة من موتها (رغم رفض امها شراء هذه اللعبة المرعبة المخصّصة لأعياد الهالوين) .. لكن لماذا يتخلّص جون من اغراض اخته ؟!
*** 

وبعد ان تناقش الزوجان افعال ابنهما الغامضة ! قرّرا أخذه الى طبيبة نفسية ليتعالج من صدمة موت اخته  
لكن قبل يومين من ذهابهم لموعد الطبيبة , خطر في بال الوالد ان يشاهد الفيديو (الذي كان صوره لأبنه) من جديد , لكن هذه المرة بتقنية الأشعة تحت الحمراء (وذلك من تطبيق وجده بالإنترنت) 

وكانت المفاجأة ! حين رأى ابنه يكلّم طيفاً شفّافاً لفتاةٍ صغيرة كانت تجلس بجواره على الأرض .. حيث كلّمته لبعض الوقت , ثم اختفت بعد إختراقها لجدار الغرفة ! 

فأسرع مايكل بمناداة زوجته , والتي ما ان شاهدت خيال الطفلة بالفيديو حتى صرخت بصدمة : هذه اليزابيث !
- ماذا ؟!
- نعم مايكل , هذه شبح اليزابيث 
- أتقصدين ان جون يكلّم روحها ؟!
- نعم .. لكني لم افهم ما قالته , وكأنها لغةٌ اخرى ! .. (تفكّر قليلاً) ..أظن ان علينا إستشارة روحاني ما ! 
الزوج مُعترضاً : لا طبعاً !! لم يصل الأمر الى الإستعانة بمشعوذ! 
- لم أقل ذلك , بل قلت روحاني .. يعني رجل دين لديه خبرة بعالم الأرواح 
- اذاً لنؤجل الجلسات النفسية لجون , كيّ نحلّ هذا اللغز اولاً
فأومأت زوجته برأسها موافقةً على قراره
***

وبالفعل أحضرا الروحاني الذي ما ان شاهد فيديو جون حتى شهق قائلاً : 
- يا الهي !
الأم بقلق : ماذا هناك ؟ لقد أخفتنا يا رجل !
- ابنتكما لم تمت بعد !
الأب بصدمة : لكن جثة ابنتي في المشرحة , وقد أخبرنا المحقّق ان باستطاعتنا دفنها في مطلع الأسبوع القادم 
الروحاني مُبتسماً : مبروكٌ اذاً !! فإبنتكما ستعود اليكم بعد ايام
الأم بغضب : كفّ عن هذا !! انت تتلاعب بمشاعرنا
- العفو يا خانم , لم اقصد ذلك ..لكن عليّ اولاً التكلّم مع ابنكما على الإنفراد لأتأكّد من معلوماتي 
الأب : الن تخبرنا بما قالته الشبح ؟
الروحاني : هذه لم تكن شبحاً بل ابنتكم بالفعل , وسأخبركما بكل شيء بعد ان أرى جون  
فرضخا الوالدان لطلبه , وأدخلاه غرفة ابنهما ..
*** 

وبعد نصف ساعة .. خرج الروحاني وهو يقول لهما : تماماً كما توقعت !! لكن دعونا نتكلّم بعيداً عن غرفة الصبي

وذهبوا جميعاً الى غرفة المكتب .. وهناك سألهم الروحاني :
- هل تغيرت طباع ابنتكما قبل وفاتها ؟
الأم : أذكر انه قبل اسبوعين من وفاتها صارت تتصرّف بعدوانية وتتشاجر كثيراً مع اخيها , وبدأت تغار من اختها الصغرى على غير عادتها !
الأب : كما انها حطّمت بعضاً من العابها وأثارت الفوضى في ارجاء المنزل , رغم انها بالعادة فتاةٌ هادئة ورقيقة !
الروحاني : أعرف ان ما سأقوله يبدو غريباً .. لكن هذه المشاكسة لم تكن ابنتكم , بل جنّية إحتلّت جسدها
فوقع كلامه كالصاعقة عليهما : ماذا تقول ؟!

فأكمل الروحاني قائلاً : أظن ان ابنتكما أذت جنية بالغلط أثناء لعبها في وقتٍ متأخر من الليل , مما أغضب تلك الجنية الصغيرة التي قرّرت إستبدال الأماكن .. وقبل ان تسألاني , سأجيبكم .. لقد قامت بإرسال روح ابنتكما الى العالم الآخر , بينما إحتلّت هي جسد اليزابيث , ولهذا كانت تشاغب كثيراً في ايامها الأخيرة كيّ تنتقم منكما ايضاً.. لكن يبدو ان اليزابيث وجدت طريقة لتتواصل فيها مع اخيها التوأم الذي استطاع بشجاعة الإنتقام لأخته 
الأب بدهشة : أتقصد ان جون هو من أغرق اليزابيث ؟! 
الروحاني : هو أغرق جسد اليزابيث وليس روحها التي ماتزال عالقة بالجدار 
الأم بقلق ورعب : ايّ جدار ؟!

الروحاني : جدار بيتكم , ففي داخله بعدٌ زمانيّ آخر 
الأب : اذا كان ما تقوله صحيحاً , فلما لم تعد ابنتي بعد موت الجنّية ؟!
الروحاني : لأن جسدها المُحتلّ من قبل الجنيّة لم يدفن بعد .. ولهذا هنّأتكم سابقاً على عودتها القريبة اليكم 
الأب : لحظة لحظة .. مازلت لا أصدّق بهذه الخرافات !
الروحاني : اذاً دعنا نستمع مرة ثانية الى الفيديو , لكن هذه المرة سأطلب من مرافقي إسماعكم كلامها باللغة الإنجليزية لا بلغة الجنّ 
الأم وهي تتلفّت حولها بخوف : ايّ مرافق.. هل تخاوي جنياً ؟
فردّ عليها الروحاني بابتسامة : لا تقلقي , فأنتما لن تريانه .. (ثم قال للأب) .. هيا لنرى فيدو جون من جديد

لكن هذه المرّة استطاعوا سماع شبح ابنتهما وهي تتكلّم مع جون بلغةٍ مفهومة , قائلةً :
- هذه لعبتي !! كم اشتقت اليها .. هل حزنت امي لغيابي ؟ .. لا استطيع العودة يا جون قبل دفنكم لجسدها .. آه هذا يعني ان عودتي ستتأخّر لبعد انتهاء مراسم الدفن , لكن وقتها عليّ التسلّل بخفيّة لأن الجن تراقبني على الدوام ..نعم أخي صعبٌ جداً , والآن اريد منك شيئاً آخراً .. اريدك ان تتخلّص من لعبتها المخيفة .. نعم إدفنها عميقاً , كيّ لا يتتبّع اهل الجنّية رائحتها من خلال اللعبة ويصلون اليكم .. شكراً لك , عليّ الذهاب الآن .. نعم سأحاول كلما استطعت , سلّم لي على اختي وامي وابي , والى لقاءٍ قريب اخي العزيز

وبعد إطفاء الفيديو من الحاسوب , بكت الأم متأثرة لسماع صوت ابنتها الراحلة , بينما مايزال الأب مذهولاً ممّا سمعه ! والذي قال : لكن هناك مشكلة 
زوجته : ماهي ؟
الأب : ماذا عن الخادمة ؟ فقد أخبرني المحامي هذا الصباح ان سفارتها تُطالب بتسفيرها فوراً لتنال العقوبة في بلدها .. وهناك احتمال كبير ان يحكم عليها بالأعدام لقتلها طفلة مخدومتها ! 
الأم بغضب : لا تنسى انها ايضاً أخطأت عندما تركت اليزابيث وحدها في الحوض لتردّ على جوالها !!
زوجها بعصبية : لكن ابنك هو من أغرقها وليست هي !!
فسكتت الأم مُمتعضة !

الروحاني مُحذّراً : إسمعاني جيداً .. لا يجب ان يعرف احد بقصة استبدال الأرواح والاّ..
الأم مقاطعة : تعرّضنا للسخرية
الروحاني : ليس هذا فحسب .. فكما سمعتما بالفيديو ..أهل الجنّية يراقبون ابنتكم عن كثب , ولن يسمحوا لها بالعودة اليكم بعد معرفتهم بوفاة ابنتهم .. لهذا علينا العمل بسرّية تامة وبحذرٍ شديد , والاّ خسرتم اليزابيث للأبد !
***

وبعد ذهاب الروحاني .. تكلّم الوالدان مع جون وأخبراه بأنهما عرفا بسرِّه وانهما لن يعاقباه على ما فعل , بل شكراه على تنفيذه لخطته الجريئة في استعادة روح اخته المخطوفة .. 
فارتمى جون بحضن امه باكياً :
- وأخيراً عرفتما بالأمر , كان شعوري بالذنب يقتلني  
الأب وهو يربت على كتف ابنه : لا عليك بنيّ .. لكن المهم الآن ان نكتم هذا السرّ , وان نتكاتف سويّاً لحين عودة اليزابيث الينا بالسلامة 
جون وهو يمسح دموعه : ومتى سيدفنون تلك اللعينة ؟
الأب : بعد ثلاثة ايام
جون : جيد .. وحينها تعود الينا اختي الحبيبة .. آه كم اشتقت اليها
***

وفي المساء وبعد نوم الولدين .. قال مايكل لزوجته : 
- في حال صدق كلام الروحاني وعادت اليزابيث الينا , فعلينا إبعادها عن انظار الناس , لأن الجميع يعرف بوفاتها 
الأم : لا تقلق .. لتعدّ ابنتي اولاً , ومن ثم نجد حلاً لبقيّة المشاكل 
***

وفي يوم الدفن .. لاحظ الجميع ارتياح الوالدين , كما تناقلت الصحافة صورة جون وهو يبتسم امام قبر اخته ! 
وبدأ المعلّقون يتداولون بوسائل التواصل الإجتماعي : بأن هذه العائلة المريبة هي من قتلت الصغيرة لسببٍ مجهول , ومن ثم القوا التهمة على الخادمة المسكينة التي تم تسفيرها لتواجه خطر الإعدام في بلدها .. 
بل ان البعض توهّم بأن الصغيرة شاهدت علاقة والدها بالخادمة , ولذلك قام بقتل ابنته ! 
لكن معظم اصابع الإتهام توجّهت لأخيها التوأم غريب الطباع !
لكن كل هذه الإتهامات لم تهمّ عائلة اندرسون التي قرّرت إنهاء مراسم العزاء سريعاً !
***

وبحلول المساء , وبعد خروج المعزّين من بيتهم .. توجّه افراد عائلة اندرسون الى غرفة اليزابيث , وقاموا بافتراش الأرض بالوسادات منتظرين عودتها بفارغ الصبر (بعد دفنهم للجنّية هذا الصباح) 
فسألت الأم ابنها : متى أخبرتك اليزابيث انها ستعود الينا ؟
- قالت لي في منتصف الليل 
الأب وهو ينظر الى ساعته : يعني بقيت دقيقةٌ واحدة
وفجأة ! خرجت ابنتهما من الجدار , لكن بجسدها الحقيقي .. ولم تصدّق الأم ذلك الا بعد إحتضانها لها بقوّة ..

وانهار الجميع باكياً , وهم يحمدون الله على سلامة ابنتهم .. 
وظلّوا لساعاتٍ طويلة يستمعون اليها وهي تصفّ عالم الجن الذي لا يختلف كثيراً عن عالمهم , لكنه في بعد زماني آخر .. حتى ان اشكالهم تشبه البشر لكنهم يطفون بدل السير على اقدامهم , ووجوههم أشبه بالأقنعة البلاستيكية الخالية من المشاعر !
وبعد ان إحتفلوا جميعاً بعودتها , نام الأولاد تلك الليلة في حضن والديهم 
***

لكن في الأيام التي تلتها .. كان على الوالدين إخفاء ابنتهما في القبو كلما قدِم أحد لزيارتهم 
وبدأ الموضوع يضايق الأم خاصة مع بدأ المدارس , وبقاء ابنتهم حبيسة المنزل دون دراسة .. كما تزايدت مضايقات المتنمّرين في مدرسة إبنهم جون , بعد تلقيبه : بقاتل اخته ! 
*** 

وفي إحدى الليالي .. دخل الزوج حزيناً على غرفة نومه..
زوجته : ماذا أخبرك المحامي ؟
- قال لي بأن الخادمة أعدمت هذا الصباح
تتنهّد بضيق : وماذا نفعل , هذا مصيرها
الأب بعصبية : الا تشعرين بالأسى لنيلها عقاب على ذنبٍ لم ترتكبه ؟!
- وماذا عن ابنتك ؟ فهي سجينة البيت ايضاً بسبب هذه المشكلة 
ففكّر الأب قليلاً ثم قال : لا يوجد حلّ سوى بالإبتعاد عن هذا المكان
- هل نسافر للخارج ؟

- بل نختفي تماماً عن الوجود
الأم بقلق : ماذا تقصد ؟!
- أتدركين ماذا سيحصل ان عرف الناس بمقتل انسانة بريئة بسببنا .. بالتأكيد وقتها سيطالبون بمحاكمتنا ونيلنا أشدّ العقوبات !
الأم : بل قلّ انهم سيضعوننا في مستشفى الأمراض العقلية , لأنه من المستحيل ان يصدّق أحد بقصّة إستبدال الأرواح ! 
- معك حق , ولهذا وجدّت الحلّ
- وماهو ؟

وأخبرها بأنه تعرّف على شخص يستطيع تزوير الهويّات , لكنه يريد مبلغاً كبيراً ليوهم الناس بوفاتهم , ومن ثم ينقلهم الى المكسيك بشخصياتٍ جديدة
الأم : لكن هذا مبلغٌ كبير !
زوجها : هو شرطي مرور فاسد , ويمكنه تزوير موتنا بحادث سير , وأخبرني انه سيعرّض مهنته للخطر في حال عرف احد بالموضوع , لهذا علينا كتمان السرّ ..فإيّاك ان تخبري الأولاد بشيء .. امّا بشأن المبلغ , فسأعرض بيتنا للبيع
الأم : مع انني اشعر بالحزن على هذا القرار , لكن اختراق تلك الجنية لبيتنا جعلني اكره العيش فيه .. لذلك بعه سريعاً ودعنا نبتعد من هنا

- ليس فقط من هنا , بل علينا الإبتعاد عن الجميع .. ايّ اننا سنمتنع عن مكالمة اهلنا واصدقائنا طوال حياتنا 
- مدى الحياة ؟!
- طبعاً , لأننا سنوهمهم بموتنا .. أنسيتي ؟ 
زوجته وهي تتنهّد بضيق : كل هذا يهون من أجل ان تعيش اليزابيث حياةً طبيعية
***

وبعد شهرين .. صُدم الجميع بعد معرفتهم بأن الجثث المُتفحّمة في السيارة المصطدمة بعامود الكهرباء تعود لعائلة اندرسون ! 
وفي الوقت الذي كانت تقدّم فيه التعازي بمنزل الأقارب والأصدقاء .. كانت عائلة اندرسون في هذه الأثناء تقطع الحدود المكسيكية بهويّاتهم المزوّرة..
الأب بارتياح : وأخيراً تعدّينا الحدود 
الأم وهي تنظر لأولادها في المقاعد الخلفية : يا اولاد !! امامنا حياةٌ جديدة وسعيدة للغاية  

ففرح جون كثيراً , لكن اليزابيث ظلّت مُخفضةً رأسها.. 
الأم : هل نعست يا ابنتي ؟
الأب : دعيها تنام وترتاح قليلاً .. (ثم تنهّد) .. ليتها فقط تُدرك كم ضحيّنا من أجلها 
الأم بحزن : نعم .. بيتنا وحياتنا وعائلاتنا واصدقائنا , وكذلك أسماؤنا غيّرناها , لتحيا حياةً طبيعة

لكنهما فجأة ! سمعا صوت بكاء الطفلة بعد سحب جون للعبة من بين يديها بعد ان أخرجتها من حقيبتها الصغيرة .. 
الأم : ماذا يحصل في الخلف ؟!
جون وهو يلوّح باللعبة (المخيفة) غاضباً : ابي !! لما أخرجت اللعبة اللعينة من الأرض ؟!
الأب : أووه ! كنت أنوي دفنها من جديد , لكني نسيتها في غرفة مكتبي 
الأم : يبدو ان الطفلة رأتها هناك ووضعتها في حقيبتها
الأب بقلق : جون !! إرمها بسرعة من النافذة قبل ان يشتمّوا الجن رائحتها 

فقالت ابنتهم (ورأسها مايزال منخفضاً) بصوتٍ أجشّ : لقد تأخّرتم كثيراً 
الأم بدهشة : اليزابيث !
فقالت ابنتهم وشعرها مُنسدل على وجهها : اليزابيث لن تعود اليكم ثانيةً 

ثم أظهرت وجهها الحقيقي بعد ان تحوّلت الى امراة مخيفة زرقاء اللون , والتي صرخت فيهم بغضب :
- سأنتقم منكم جميعاً لقتلكم ابنتي !!!

وفجأة !! إنحرفت السيارة لتصطدم بسور الجسر بعنف , مما أدّى الى وفاتهم جميعاً .. لكن لا احد من اقاربهم عرفوا بوفاتهم على الحدود المكسيكية , لأنهم كانوا في هذه الأثناء يدفنون جثثاً أخرى مجهولة الهويّة  

اما اليزابيث فقد حكمت عليها الجن بأن تعيش كخادمة في منزل عائلة الجنية المقتولة , ولأجلٍ غير مسمّى ! 

هناك تعليق واحد:

  1. مع انو النهايه نوعاً ما غير مقنعه لان ماكو سبب يخلي الاب يخرج اللعبه من الارض
    بس مع ذلك هي صادمه والقصه روعه

    ردحذف

المحطّة الأخيرة

كتابة : امل شانوحة    المصيّدة الدمويّة ركبت الصبيّة الحافلة بعد انتهاء عملها الليليّ في إحدى المطاعم ، وهي تشعر بالإنهاك والتعب الشديد.. وم...