فكرة ابن اختي : محمد مصعب ابو الفضل
كتابة : امل شانوحة
بعد ان حلّ المساء .. إقترب مسؤول المكتبة (العجوز الفرنسي) يرافقهُ شاباً اوروبي من الشاب الأمريكي المنهمك بقراءة كتاب التاريخ قائلاً له :
- وانت ايضاً ايها الشاب , تعال معي
فنظر الأمريكي الى ساعته , وقال باللغة الفرنسية التي يُتقنها :
- آه آسف .. لم ادرك انه حان الوقت لإغلاق المكتبة !
العجوز : لقد انتظرت ذهاب الجميع كيّ أريكما كتابين سيعجبكما حتماً .. الحقا بي
ومشى كلا الشابين خلف العجوز دون ان يعرفا ما يريده منهما !
وفي مكتب العجوز .. تفاجأ الشابان بفتحه مكاناً سريّاً في مكتبه ! لتظهر من خلفه غرفةٌ صغيرة بها بعض الكتب القديمة التي رُصّت فوق الأرففّ
فاستفسر منه الشاب الأمريكي : أهنا تخبأون الكتب المهمّة ؟!
العجوز بابتسامةٍ غامضة : بل الكتب السحرية
وكان يوجد في منتصف الغرفة السرّية طاولة للقراءة .. فطلب من الشابين الجلوس ليحضر لهما كتابين مميزين , قائلاً لهما وهو يبحث بين الكتب :
- لقد لاحظت على مدار اسابيع انكما لا تقرآن سوى الكتب التي تتحدّث عن الحرب العالمية الثانية !
فأجابه الأمريكي : نعم فجدّي كان طياراً في تلك المعارك , وانا دخلت كلّية الطيران إقتداءً به , فهو مثلي الأعلى
فقال الأوربي بدهشة , وباللغة الفرنسية : غريب ! فأنا الماني , وجدّي ايضاً كان أحد الضبّاط المهمّين في جيش هتلر
العجوز : وماذا تفعلان في فرنسا ؟
الأمريكي : أردّت استغلال عطلتي للقيام بالسياحة هنا , لكني مدمن على القراءة ولهذا وجدت نفسي أتردّد كثيراً على هذه المكتبة
الشاب الإلماني : وانا الشيء ذاته ! فقد قدمت الى هنا مع اصحابي , لكني عرفت من المرشد السياحي ان هذه المكتبة تحوي أقدم الكتب التاريخية التي أعشقها بجنون
العجوز مُبتسماً : ولذلك إخترتكما بالذات لهذه المهمّة الصعبة
فنظر الشابان لبعضهما باستغراب , ثم سألاه : عن ايّ مهمّة تتكلّم؟
فوضع بجانبهما كتابين قديمين , قائلاً لهما : كل ما اريده منكما ان تقرآ هاذين الكتابين .. وانا سأنتظركما في الخارج ..
الأمريكي : وبعد ان ننتهي من القراءة , نناديك ام ماذا ؟
لكن العجوز لم يجيبه , بل قال لهما بغموض : بعد ان تُنهيا القراءة سيتغيّر وجه العالم
ثم خرج واغلق عليهما الباب السرّي دون ان يوضح لهما ما كان يقصده !
فقال الشاب الإلماني للأمريكي بدهشة : نُغير وجه العالم !
الأمريكي : لابد انه عجوزٌ خرِف .. والآن دعنا نقرأ , فيبدو اننا حصلنا على كتب تتحدّث عن أحداثٍ سرّية حصلت في الحرب العالمية الثانية
الإلماني وهو يفتح كتابه : وهو مليء بالصور النادرة ! انا متشوّق للبدء بقراءته .. على فكرة اسمي أوليفر
الأمريكي بابتسامة : وانا جون .. تشرّفت بمعرفتك
وبعد دقائق إنشغل كلا الشابين بالقراءة عن تلك الحقبة الزمنية المهمّة ..
***
وبعد ساعة .. شعر الأمريكي بدوارٍ مُفاجىء , وصار يفرك عيناه بتعب .. وما ان فتحهما حتى وجد نفسه يقود طائرة حربية قديمة !
فارتبك وهو يمسك المقود فترنّحت الطائرة يميناً ويساراً , ولم يعيّ اين هو الى ان صرخ فيه الطيار الثاني الذي كان يجلس خلفه :
- جون , ما بك ؟!! تحكّم بالطائرة جيداً , الا تدري اننا نحمل القنبلة النوويّة يا رجل ؟!
وهنا نظر جون مجدّداً من نافذته على المنطقة التي يطير فوقها .. وسأل الطيار الثاني وهو مازال في صدمة :
- اين نحن الآن ؟!
- إقتربنا من هيروشيما اليابانية .. وما ان تظهر المنطقة المراد تفجيرها على شاشاتنا حتى نرمي بالقنبلة فوق رأس الملاعين !!
- ماذا قلت ! .. في ايّ يومٍ نحن ؟!
- هل أصبت رأسك ..
مقاطعاً وبغضب : إخبرني يا هذا ؟!!
- اليوم هو 6 اغسطس !
- من ايّ عام ؟
- ماذا هناك يا جون , انت تخيفني !
فعاد وسأله بعصبية : فقط إخبرني !!!
- نحن في سنة 1945 .. جون .. ان كنت تشعر بالدوار , فسأقود بدلاً عنك !
وهنا تذكّر جون ما قاله له العجوز الفرنسي بالمكتبة , فتمّتم بصوتٍ مسموع :
- نُغير العالم ! يا الهي .. لقد أعادنا اللعين الى الماضي !
الطيّار الثاني بعد ان سمعه من الميكرفون : من الذي أعادكم للماضي ؟! ..عن ماذا تتكلّم يا جون ؟!
وفجأة ! إنحرفت الطائرة عن مسارها , حيث قادها جون بأسرع ما تتحمّله محرّكاتها نحو البحر
الطيار الثاني بخوف : جون مابك ؟! هيا توقف !! فنحن نبتعد كثيراً عن نقطة الإنفجار !
فقال جون : بالضبط !! فأنا لن أقوم بهذه العملية القذرة
- ماذا ! هكذا سنطرد كلانا من الجيش , وربما نسجن .. هذا اذا لم يعدمونا لمخالفة الأوامر
- لا يهم طالما انني أمنع اسوء حادثة حصلت في التاريخ
- عن ماذا تتكلم ؟! نحن سنفجّر تلك المنطقة وحسب
- بل سيُقتل الآلاف ويتشوّه الكثيرين , وتنهار دول بسبب هذه القنبلة اللعينة .. وانا لن أفعل ذلك !!
ثم رمى القنبلة وسط البحر , والتي أحدثت موجة عالية تضرّرت منها بعض السواحل اليابانية .. لكن خطرها كان أقل بكثير من الدمار الذي حصل عندما قُصفت هيروشيما بالفعل !
وما ان فعل ذلك حتى أرتبكت الحكومة الأمريكية بعد انكشاف مخطّطاتها السرّية , مما نبّه رئيس الوزراء الياباني سوزوكي الذي أسرع بشنّ هجومٍ شرس بمساعدة القوات الإلمانية ضدّ قوّات الحلفاء التي من ضمنها الولايات المتحدة !
ولهذا أصدرت اميركا الحكم بإعدام كلا الطيارين اللذين خالفا الأوامر .. لكن جون تحمّل كامل المسؤولية , مما أنقذ الطيار الثاني من الموت ..
وعندما تمّ تقيد جون بالكرسي الكهربائي .. قال له الضابط :
- أتدري انه ربما تنهار امريكا ودولٌ أخرى بسبب مخالفتك للأوامر , ايها الغبي ؟!!
فقال جون مُبتسماً : يكفي انني أنقذت الملايين من أسوء تجربة بشرية , وأنقذت أمّنا الأرض من تلوثٍ عظيم
فصرخ الضابط بغضب : أعدموه !!!
***
امّا ما حصل للشاب الإلماني (أوليفر) بعد قراءته لكتابه السحري : انه استيقظ من شدّة البرد وهو داخل خيمة عسكرية !
وعرف لاحقاً انه الظابط المسؤول عن قيادة الجيش الإلماني باتجاه الحدود الروسية !
اوليفر بدهشة : هل انا المسؤول عن هذه الحملة الغبية ؟!
الضابط المساعد : ولما تقول غبية يا سيدي ؟!
- ومن يحارب روسيا في عقر دارها في فصل الشتاء ؟!
- لكنها اوامر هتلر
- وإن كانت !! نحن لن نقتحم روسيا , لأننا سنتجمّد حتماً مع هذا الطقس الذي سيزداد برودةً مع الأيام , وسيُفنى الجيش بأكمله تماماً كما حصل مع جيش نابليون , الا نتعلّم ابداً من أخطاء التاريخ !
الضابط الثاني بقلق : لكن هتلر سيعدمك في حال عرف انك لم تنفّذ أوامره
- بل سيشكرني لاحقاً , لأنني سأنقذ المانيا من خسارةٍ فاضحة
- ومالعمل الآن ؟!
اوليفر : سنتقهقر للوراء , ونتمركز في منطقة أكثر دفئاً .. وعليك ان تخبر الجميع بأنه من يحاول إيصال هذه المعلومات الى هتلر , فسأعدمه على الفور
- يعني نتراجع بسرّية ؟!
- نعم , وعندما تختفي أخبارنا , سيظنّ الجميع بأننا دُفنا تحت الثلج .. هيا إجمع الجنود كيّ نعود الى..
الضابط مقاطعاً بقلق : لكن سيدي..
فرفع اوليفر مسدسه في وجهه , قائلاً بنبرة تهديد :
- نفّذ حالاً , والاّ قتلتك !!
***
وبعد قليل .. استيقظ الشابان وهما يجلسان داخل المكتبة الفرنسية , لكن ليس بغرفتها السحرية , وكان الوقت صباحاً !
فنظر كلاّ منهما للآخر , وعلى وجهه آثار الصدمة !
جون بتردّد : هل حصل لك مثل ما حصل معي ؟!
اوليفر : أظنّ ذلك ! فقد أعادني الكتاب السحري الى الماضي
- وانا كذلك !
وصارا يتحدثان عما حصل لهما في الحرب العالمية الثانية..
اوليفر : يعني استيقظت قبل اعدامك ؟
جون : نعم وانت ؟
اوليفر : كل ما اذكره انني رفضت إقتحام روسيا , مُنتظراً اللحظة المناسبة لأعود بجنودي الى المانيا !
جون : أظننا فعلنا الصواب وأنقذنا البشرية من أسوء أخطاءٍ حصلت في تلك الحقبة
اوليفر : صحيح .. لكن اين صاحب المكتبة العجوز ؟ وكيف خرجنا من تلك الغرفة وجلسنا في القاعة ؟!
جون هو يتلّفت حوله : والله لا ادري !.. انظر الى النافذة !! لقد حلّ الصباح.. دعنا نخرج من هنا
***
وأول ما لاحظاه بعد خروجهما من المكتبة : هو ان الفرنسيين في الشارع يتكلّمون جميعهم اللغة الألمانية !
فسأل جون اوليفر : بأيّ لغة يتكلّمون ؟!
- الإلمانية !
- ولماذا ؟!
- لا ادري !
وهنا اقترب منهما جندي يلبس الزيّ النازي , وسألهما عن هويتهما النازية
جون : اوليفر .. ترجم لي ما يقول
اوليفر بدهشة : يريد هويتنا النازية !
فهمس له جون : وهل مازلنا في الماضي ؟ فالنازية إنتهى عصرها!
لكنهما اعطيا الجندي جوازات سفرهما .. وحينها حصل مالم يكن بالحسبان !
فقد تم تسفير الشاب الألماني (أوليفر) الى المانيا , ومن ثم نقِل الى قصرٍ فخمٍ , وهناك عاملوه كأنه من الشخصيات المهمّة في البلد !
اما الشاب الأمريكي (جون) فقد اقتادوه الجنود الألمان الى معسكرات التعذيب النازية !
***
وقد عرف الشابان لاحقاً : بأن تغيرهما للأحداث الماضي أدّت لنتائجٍ سلبية في المستقبل !
فبسبب عدم خوض جيش الإلماني لروسيا , فقد عاد سالماً الى المانيا قبل ايامٍ قليلة من سقوط برلين , مما حرّر هتلر من ملاذه الأخير قبل ساعاتٍ قليلة من انتحاره , وهذا ما أعاد المانيا قويّة من جديد
ولاحقاً قام هتلر بتكريم الضابط (الذي خالف اوامره باقتحام روسيا) الذي كان جدّ اوليفر , بحيث رقّاه الى رتبة قائد قوات الجيش الإلماني بأكمله !
وبذلك أصبحت عائلته تعامل الى اليوم كأمراء المانيا , ومنهم حفيده أوليفر
***
امّا جون الأمريكي فبسبب رفضه القاء القنبلة النوويّة فقد زاد جبروت اليابان مما جعلها تحتلّ نصف الصين بأساليبها الوحشية , وأصبحت دكتاتورية (تماماً ككوريا الشمالية في وقتنا الحالي) ممّا زاد من تخلّف شعبها , وقد أثّر ذلك على حضارة المستقبل بعد ان قلّت الإختراعات اليابانية ..
كما ان اليابان انتقمت أشدّ الإنتقام من امريكا بعض فضح عمليتها النووية السرّية ومنعها للقنبلة الثانية المراد القائها على ناجازاكي في آخر لحظة , مما ادّى الى انهيار قوة اميركا التي أصبحت في المستقبل كدول أميركا الجنوبية حيث تفشّى فيها المخدرات وعصابات الأسلحة وسوء الأحوال الإقتصادية ..
ومنذ يوم عصيان جون للأوامر تم تعذيب كل جندي اميركي يتواجد في الدول التي تسيطر عليها المانيا داخل المعسكرات النازية , الذي عانى جون فيها أشدّ انواع التعذيب , بينما صديقه اوليفر كان يُعامل معاملة الأمراء بعدما إحتلّت المانيا معظم دول اوروبا !
***
وفي داخل القصر .. قال اوليفر الإلماني وهو محاط بالنساء الجميلات : ((ليتني اعرف اين انت ايها العجوز الفرنسي كيّ أشكرك على حياة النعيم هذه))
امّا في طرفٍ آخر من المانيا , فكان جون يتلقّى حقنةً كيماوية في ذراعه , صارخاً بألم :
- ليتني لم أعبث بالماضي !! ليتني لم أغيّر أحداث الماضي !! لا ارجوكم !! لا تعطوني الحقنة السامّة ..أتوسّل اليكم .. لا اريد ان أمووووووووووت !!!!!
وهذا كان آخر ما قاله جون قبل ان يلفظ انفاسه الأخيرة !
كتابة : امل شانوحة
ليتنا نُغير ما حصل في الحرب العالمية 2 !
بعد ان حلّ المساء .. إقترب مسؤول المكتبة (العجوز الفرنسي) يرافقهُ شاباً اوروبي من الشاب الأمريكي المنهمك بقراءة كتاب التاريخ قائلاً له :
- وانت ايضاً ايها الشاب , تعال معي
فنظر الأمريكي الى ساعته , وقال باللغة الفرنسية التي يُتقنها :
- آه آسف .. لم ادرك انه حان الوقت لإغلاق المكتبة !
العجوز : لقد انتظرت ذهاب الجميع كيّ أريكما كتابين سيعجبكما حتماً .. الحقا بي
ومشى كلا الشابين خلف العجوز دون ان يعرفا ما يريده منهما !
وفي مكتب العجوز .. تفاجأ الشابان بفتحه مكاناً سريّاً في مكتبه ! لتظهر من خلفه غرفةٌ صغيرة بها بعض الكتب القديمة التي رُصّت فوق الأرففّ
فاستفسر منه الشاب الأمريكي : أهنا تخبأون الكتب المهمّة ؟!
العجوز بابتسامةٍ غامضة : بل الكتب السحرية
وكان يوجد في منتصف الغرفة السرّية طاولة للقراءة .. فطلب من الشابين الجلوس ليحضر لهما كتابين مميزين , قائلاً لهما وهو يبحث بين الكتب :
- لقد لاحظت على مدار اسابيع انكما لا تقرآن سوى الكتب التي تتحدّث عن الحرب العالمية الثانية !
فأجابه الأمريكي : نعم فجدّي كان طياراً في تلك المعارك , وانا دخلت كلّية الطيران إقتداءً به , فهو مثلي الأعلى
فقال الأوربي بدهشة , وباللغة الفرنسية : غريب ! فأنا الماني , وجدّي ايضاً كان أحد الضبّاط المهمّين في جيش هتلر
العجوز : وماذا تفعلان في فرنسا ؟
الأمريكي : أردّت استغلال عطلتي للقيام بالسياحة هنا , لكني مدمن على القراءة ولهذا وجدت نفسي أتردّد كثيراً على هذه المكتبة
الشاب الإلماني : وانا الشيء ذاته ! فقد قدمت الى هنا مع اصحابي , لكني عرفت من المرشد السياحي ان هذه المكتبة تحوي أقدم الكتب التاريخية التي أعشقها بجنون
العجوز مُبتسماً : ولذلك إخترتكما بالذات لهذه المهمّة الصعبة
فنظر الشابان لبعضهما باستغراب , ثم سألاه : عن ايّ مهمّة تتكلّم؟
فوضع بجانبهما كتابين قديمين , قائلاً لهما : كل ما اريده منكما ان تقرآ هاذين الكتابين .. وانا سأنتظركما في الخارج ..
الأمريكي : وبعد ان ننتهي من القراءة , نناديك ام ماذا ؟
لكن العجوز لم يجيبه , بل قال لهما بغموض : بعد ان تُنهيا القراءة سيتغيّر وجه العالم
ثم خرج واغلق عليهما الباب السرّي دون ان يوضح لهما ما كان يقصده !
فقال الشاب الإلماني للأمريكي بدهشة : نُغير وجه العالم !
الأمريكي : لابد انه عجوزٌ خرِف .. والآن دعنا نقرأ , فيبدو اننا حصلنا على كتب تتحدّث عن أحداثٍ سرّية حصلت في الحرب العالمية الثانية
الإلماني وهو يفتح كتابه : وهو مليء بالصور النادرة ! انا متشوّق للبدء بقراءته .. على فكرة اسمي أوليفر
الأمريكي بابتسامة : وانا جون .. تشرّفت بمعرفتك
وبعد دقائق إنشغل كلا الشابين بالقراءة عن تلك الحقبة الزمنية المهمّة ..
***
وبعد ساعة .. شعر الأمريكي بدوارٍ مُفاجىء , وصار يفرك عيناه بتعب .. وما ان فتحهما حتى وجد نفسه يقود طائرة حربية قديمة !
فارتبك وهو يمسك المقود فترنّحت الطائرة يميناً ويساراً , ولم يعيّ اين هو الى ان صرخ فيه الطيار الثاني الذي كان يجلس خلفه :
- جون , ما بك ؟!! تحكّم بالطائرة جيداً , الا تدري اننا نحمل القنبلة النوويّة يا رجل ؟!
وهنا نظر جون مجدّداً من نافذته على المنطقة التي يطير فوقها .. وسأل الطيار الثاني وهو مازال في صدمة :
- اين نحن الآن ؟!
- إقتربنا من هيروشيما اليابانية .. وما ان تظهر المنطقة المراد تفجيرها على شاشاتنا حتى نرمي بالقنبلة فوق رأس الملاعين !!
- ماذا قلت ! .. في ايّ يومٍ نحن ؟!
- هل أصبت رأسك ..
مقاطعاً وبغضب : إخبرني يا هذا ؟!!
- اليوم هو 6 اغسطس !
- من ايّ عام ؟
- ماذا هناك يا جون , انت تخيفني !
فعاد وسأله بعصبية : فقط إخبرني !!!
- نحن في سنة 1945 .. جون .. ان كنت تشعر بالدوار , فسأقود بدلاً عنك !
وهنا تذكّر جون ما قاله له العجوز الفرنسي بالمكتبة , فتمّتم بصوتٍ مسموع :
- نُغير العالم ! يا الهي .. لقد أعادنا اللعين الى الماضي !
الطيّار الثاني بعد ان سمعه من الميكرفون : من الذي أعادكم للماضي ؟! ..عن ماذا تتكلّم يا جون ؟!
وفجأة ! إنحرفت الطائرة عن مسارها , حيث قادها جون بأسرع ما تتحمّله محرّكاتها نحو البحر
الطيار الثاني بخوف : جون مابك ؟! هيا توقف !! فنحن نبتعد كثيراً عن نقطة الإنفجار !
فقال جون : بالضبط !! فأنا لن أقوم بهذه العملية القذرة
- ماذا ! هكذا سنطرد كلانا من الجيش , وربما نسجن .. هذا اذا لم يعدمونا لمخالفة الأوامر
- لا يهم طالما انني أمنع اسوء حادثة حصلت في التاريخ
- عن ماذا تتكلم ؟! نحن سنفجّر تلك المنطقة وحسب
- بل سيُقتل الآلاف ويتشوّه الكثيرين , وتنهار دول بسبب هذه القنبلة اللعينة .. وانا لن أفعل ذلك !!
ثم رمى القنبلة وسط البحر , والتي أحدثت موجة عالية تضرّرت منها بعض السواحل اليابانية .. لكن خطرها كان أقل بكثير من الدمار الذي حصل عندما قُصفت هيروشيما بالفعل !
وما ان فعل ذلك حتى أرتبكت الحكومة الأمريكية بعد انكشاف مخطّطاتها السرّية , مما نبّه رئيس الوزراء الياباني سوزوكي الذي أسرع بشنّ هجومٍ شرس بمساعدة القوات الإلمانية ضدّ قوّات الحلفاء التي من ضمنها الولايات المتحدة !
ولهذا أصدرت اميركا الحكم بإعدام كلا الطيارين اللذين خالفا الأوامر .. لكن جون تحمّل كامل المسؤولية , مما أنقذ الطيار الثاني من الموت ..
وعندما تمّ تقيد جون بالكرسي الكهربائي .. قال له الضابط :
- أتدري انه ربما تنهار امريكا ودولٌ أخرى بسبب مخالفتك للأوامر , ايها الغبي ؟!!
فقال جون مُبتسماً : يكفي انني أنقذت الملايين من أسوء تجربة بشرية , وأنقذت أمّنا الأرض من تلوثٍ عظيم
فصرخ الضابط بغضب : أعدموه !!!
***
امّا ما حصل للشاب الإلماني (أوليفر) بعد قراءته لكتابه السحري : انه استيقظ من شدّة البرد وهو داخل خيمة عسكرية !
وعرف لاحقاً انه الظابط المسؤول عن قيادة الجيش الإلماني باتجاه الحدود الروسية !
اوليفر بدهشة : هل انا المسؤول عن هذه الحملة الغبية ؟!
الضابط المساعد : ولما تقول غبية يا سيدي ؟!
- ومن يحارب روسيا في عقر دارها في فصل الشتاء ؟!
- لكنها اوامر هتلر
- وإن كانت !! نحن لن نقتحم روسيا , لأننا سنتجمّد حتماً مع هذا الطقس الذي سيزداد برودةً مع الأيام , وسيُفنى الجيش بأكمله تماماً كما حصل مع جيش نابليون , الا نتعلّم ابداً من أخطاء التاريخ !
الضابط الثاني بقلق : لكن هتلر سيعدمك في حال عرف انك لم تنفّذ أوامره
- بل سيشكرني لاحقاً , لأنني سأنقذ المانيا من خسارةٍ فاضحة
- ومالعمل الآن ؟!
اوليفر : سنتقهقر للوراء , ونتمركز في منطقة أكثر دفئاً .. وعليك ان تخبر الجميع بأنه من يحاول إيصال هذه المعلومات الى هتلر , فسأعدمه على الفور
- يعني نتراجع بسرّية ؟!
- نعم , وعندما تختفي أخبارنا , سيظنّ الجميع بأننا دُفنا تحت الثلج .. هيا إجمع الجنود كيّ نعود الى..
الضابط مقاطعاً بقلق : لكن سيدي..
فرفع اوليفر مسدسه في وجهه , قائلاً بنبرة تهديد :
- نفّذ حالاً , والاّ قتلتك !!
***
وبعد قليل .. استيقظ الشابان وهما يجلسان داخل المكتبة الفرنسية , لكن ليس بغرفتها السحرية , وكان الوقت صباحاً !
فنظر كلاّ منهما للآخر , وعلى وجهه آثار الصدمة !
جون بتردّد : هل حصل لك مثل ما حصل معي ؟!
اوليفر : أظنّ ذلك ! فقد أعادني الكتاب السحري الى الماضي
- وانا كذلك !
وصارا يتحدثان عما حصل لهما في الحرب العالمية الثانية..
اوليفر : يعني استيقظت قبل اعدامك ؟
جون : نعم وانت ؟
اوليفر : كل ما اذكره انني رفضت إقتحام روسيا , مُنتظراً اللحظة المناسبة لأعود بجنودي الى المانيا !
جون : أظننا فعلنا الصواب وأنقذنا البشرية من أسوء أخطاءٍ حصلت في تلك الحقبة
اوليفر : صحيح .. لكن اين صاحب المكتبة العجوز ؟ وكيف خرجنا من تلك الغرفة وجلسنا في القاعة ؟!
جون هو يتلّفت حوله : والله لا ادري !.. انظر الى النافذة !! لقد حلّ الصباح.. دعنا نخرج من هنا
***
وأول ما لاحظاه بعد خروجهما من المكتبة : هو ان الفرنسيين في الشارع يتكلّمون جميعهم اللغة الألمانية !
فسأل جون اوليفر : بأيّ لغة يتكلّمون ؟!
- الإلمانية !
- ولماذا ؟!
- لا ادري !
وهنا اقترب منهما جندي يلبس الزيّ النازي , وسألهما عن هويتهما النازية
جون : اوليفر .. ترجم لي ما يقول
اوليفر بدهشة : يريد هويتنا النازية !
فهمس له جون : وهل مازلنا في الماضي ؟ فالنازية إنتهى عصرها!
لكنهما اعطيا الجندي جوازات سفرهما .. وحينها حصل مالم يكن بالحسبان !
فقد تم تسفير الشاب الألماني (أوليفر) الى المانيا , ومن ثم نقِل الى قصرٍ فخمٍ , وهناك عاملوه كأنه من الشخصيات المهمّة في البلد !
اما الشاب الأمريكي (جون) فقد اقتادوه الجنود الألمان الى معسكرات التعذيب النازية !
***
وقد عرف الشابان لاحقاً : بأن تغيرهما للأحداث الماضي أدّت لنتائجٍ سلبية في المستقبل !
فبسبب عدم خوض جيش الإلماني لروسيا , فقد عاد سالماً الى المانيا قبل ايامٍ قليلة من سقوط برلين , مما حرّر هتلر من ملاذه الأخير قبل ساعاتٍ قليلة من انتحاره , وهذا ما أعاد المانيا قويّة من جديد
ولاحقاً قام هتلر بتكريم الضابط (الذي خالف اوامره باقتحام روسيا) الذي كان جدّ اوليفر , بحيث رقّاه الى رتبة قائد قوات الجيش الإلماني بأكمله !
وبذلك أصبحت عائلته تعامل الى اليوم كأمراء المانيا , ومنهم حفيده أوليفر
***
امّا جون الأمريكي فبسبب رفضه القاء القنبلة النوويّة فقد زاد جبروت اليابان مما جعلها تحتلّ نصف الصين بأساليبها الوحشية , وأصبحت دكتاتورية (تماماً ككوريا الشمالية في وقتنا الحالي) ممّا زاد من تخلّف شعبها , وقد أثّر ذلك على حضارة المستقبل بعد ان قلّت الإختراعات اليابانية ..
كما ان اليابان انتقمت أشدّ الإنتقام من امريكا بعض فضح عمليتها النووية السرّية ومنعها للقنبلة الثانية المراد القائها على ناجازاكي في آخر لحظة , مما ادّى الى انهيار قوة اميركا التي أصبحت في المستقبل كدول أميركا الجنوبية حيث تفشّى فيها المخدرات وعصابات الأسلحة وسوء الأحوال الإقتصادية ..
ومنذ يوم عصيان جون للأوامر تم تعذيب كل جندي اميركي يتواجد في الدول التي تسيطر عليها المانيا داخل المعسكرات النازية , الذي عانى جون فيها أشدّ انواع التعذيب , بينما صديقه اوليفر كان يُعامل معاملة الأمراء بعدما إحتلّت المانيا معظم دول اوروبا !
***
وفي داخل القصر .. قال اوليفر الإلماني وهو محاط بالنساء الجميلات : ((ليتني اعرف اين انت ايها العجوز الفرنسي كيّ أشكرك على حياة النعيم هذه))
امّا في طرفٍ آخر من المانيا , فكان جون يتلقّى حقنةً كيماوية في ذراعه , صارخاً بألم :
- ليتني لم أعبث بالماضي !! ليتني لم أغيّر أحداث الماضي !! لا ارجوكم !! لا تعطوني الحقنة السامّة ..أتوسّل اليكم .. لا اريد ان أمووووووووووت !!!!!
وهذا كان آخر ما قاله جون قبل ان يلفظ انفاسه الأخيرة !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق