الاثنين، 20 سبتمبر 2021

صائد المجرمون

تأليف : امل شانوحة 

 

الجوّال السحريّ


تلقّى المحقق المتقاعد جون إتصالاً مفزعاً من المدينة المجاورة عن مقتل ابنته وزوجها واولادها الثلاثة ، على يد سارقٍ إقتحم منزلهم مساءً !

فسافر فوراً الى هناك ، لمتابعة تحقيقات الشرطة التي لم تجد أثراً لذلك المجرم 

***


بعد ايام من بقاء الجثث في المشرحة ، سمحوا لجون بدفن ابنته وعائلتها..ليعود الى قريته حزيناً ومقهوراً لإفلات المجرم من العقاب .. 

***


في الليلة التالية .. إستيقظ الساعة 9 على رنين رسالةٍ خطّية وصلت لجواله ، كان فيها :

((ابي العزيز ، لا اريدك أن تفزع .. فروحي لن تهدأ قبل قبضك على المجرم الذي قتل عائلتي امام عيني ، واعتدى عليّ وذبحني دون رحمة))


فنهض جون فزعاً من سريره ، بعد اكتشافه أن الرسالة مُرسلة من جوّال ابنته الضائع .. 

فكتب بيديه المرتجفتين : 

- من انت !! وكيف حصلت على جوّال ابنتي ؟ هل انت السارق اللعين الذي قتل عائلتها ؟


وانتظر دقيقتين ، قبل أن تصله الإجابة :

- انا روح ابنتك جاكلين ، سأساعدك للوصول الى القاتل .. فهو لسخرية القدر متوجهاً الى قريتك ، هرباً من ملاحقة الشرطة .. وسيصل الى المحطة ، بعد ساعة من الآن .. سينزل من الحافلة رقم 5 .. إتّبعه الى فندق المسافرين ..

فكتب جون بعصبية : لا ادري من انت ، ولا يهمّني امرك .. وإن كان لديك معلومات عن قاتل إبنتي ، الأفضل أن ترسلها للشرطة

- ابي ! انت عملت طوال حياتك كمحققٍ جنائيّ .. ومن واجبك القبض على قاتل اطفالي .. إسرع الى المحطة ، فهو على وشك الوصول الى قريتنا

وانتهت المكالمة دون مزيد من التفاصيل !


وفي بادىء الأمر حاول جون تناسي المكالمة الغريبة المستفزّة ، ظناً إن أحدهم يسخر من مصيبته .. لكنه لم يستطع العودة للنوم ..

فغيّر ملابسه ، وقاد سيارته متوجهاً لمحطة الحافلات 

***


وبالفعل وصلت الحافلة رقم 5 ، على الساعة 10 .. وفيها مجموعة من العائلات .. فأخذ جون يراقب الركّاب اثناء نزولهم من الباص ، ليجد ثلاثة شباب قدموا وحدهم من المدينة .. فلم يعلم أيّهم القاتل ! 


وظلّ يتابعهم ، إلى أن توجّه إثنين منهم الى الشارع العام لإيقاف سيارة اجرة ..فخاف جون أن يفقد أثرهما .. وقبل عودته للسيارة لملاحقة أيّاً منهما ، سمع الشاب الثالث يسأل عامل المحطّة عن فندقٍ قريب.. فعلم انه الشخص المنشود .. 

***


وظلّ جون يلاحق سيارة الأجرة التي فيها الشاب ، إلى أن وصلا لفندق المسافرين ..


ووقف خلفه في مكتب الإستعلام وهو يُشغل نفسه بالجوّال (كيّ لا يلفت انتباه المجرم) وهو يستمع لموظف الفندق الذي حجز له في غرفة 20 


وبعد ذهابه .. أصرّ جون على الحجز في الغرفة رقم 21 ، بحجّة أنه رقمه المفضّل (كيّ لا يثير شكوك الموظّف)

***


وما أن دخل جون غرفته ، حتى وضع اذنه على الجدار في محاولة لسماع القاتل في الغرفة المجاورة ..


لكنه لم يسمع شيئاً خلال ساعتين .. فاستلقى على الفراش متعباً .. ولأنه رجلٌ كبير في السن ، نام على الفور

***


إستيقظ جون قبيل الفجر على صراخ الشاب الشبه واضح !

فاستمع الى الجدار ، ليسمعه يتحدّث بجواله بعصبية :

((عليك بيع أغراضهم في أقرب وقتٍ ممكن ، فأنا بحاجة للمال .. لأن عصابتي اللعينة تخلّت عني ، بعد تجاوزي حدود الخطة .. المهم !! إخبرني بثمن الحاسوبين والجوّالين الذي ارسلتهم اليك .. آه مبلغٌ جيد .. ولا تنسى ، بعد إذابتك ذهب المرأة وبيعهم في السوق السوداء ، ترسل لي حصّتي .. لا ليس لعنواني القديم ، فقد هربت لقرية المزارع الخضراء ، ولن أعود قبل إغلاق الشرطة تحقيقاتها في الجريمة .. ماذا ! عن أيّ كوخٍ تتكلّم ؟ .. حسناً إخبرني بالتفاصيل غداً ، فأنا متعبٌ الآن .. نتكلّم لاحقاً)) 


وبهذا تأكّدت شكوك جون بأن الشاب في الغرفة المجاورة هو قاتل عائلة ابنته .. وشعر برغبةٍ عارمة لاقتحام غرفته وإفراغ المسدس في رأسه .. لكنه حريص على الإنتقام بعيداً عن كاميرات الفندق 


واستلقى على السرير والدموع في عينيه .. فقاتل ابنته على بعد خطوتين منه ، ولا يستطيع تحطيم عنقه 


وقبل أن يغفو ، وصلته رسالةً خطّية على جواله :

((إهدأ يا ابي ولا تتهوّر .. سنعاقبه لاحقاً))


فشعر جون بالإرتباك ، وكتب قائلاً :

- من انت ؟!! هل تراقبني ؟

- أخبرتك سابقاً ، انا روح ابنتك

جون : كفّ عن الترّهات ، واتصل بي حالاً !! 

- لا استطيع سوى الكتابة لك ، فالأموات يُمنع عليهم الكلام .. حاول النوم قليلاً ، فعملنا يبدأ غداً 

جون : وماذا سيحدث ؟!

- أخبرك لاحقاً .. تصبح على خير يا ابي

وانتهت المكالمة

***


في اليوم التالي ، إستفاق جون باكراً .. وخرج من غرفة الفندق ، ليجد الخادمة تنظّف الغرفة المجاورة .. فسألها بقلق :

- اين نزيل هذه الغرفة ؟

- غادر فجراً 

جون بصدمة : ماذا !


ونزل مسرعاً الى سيارته ، بعد دفعه اجرة الفندق..

وقاد حول الفندق في مختلف إتجاهات ، لعلّه يعثر على الشاب قبل ابتعاده ، لكن لا أثر له ! 


وقبل أن يتملّكه اليأس ، وصلته رسالة على جواله :

((ابي .. القاتل يختبئ في كوخٍ وسط الغابة ، قرب البئر المهجورة .. إنتظر لحين خروجه ، فهو سيحتاج الى الحطب لإشعال موقده بهذا الجوّ البارد))

***


والغريب إن جون وجد الكوخ في المكان المحدّد بالرسالة ! 

وانتظر في سيارته قرابة ساعتين ، وهو يراقب الوضع عن بعد .. الى أن خرج الشاب ظهراً ..


فانتظره لحين وضعه الفاس جانباً ، وجمعه الأخشاب المقطّعة الثقيلة 

ليُفاجأ بالعجوز يدفعه الى داخل الكوخ بعنف ! جعله يُسقط الأخشاب من يده ، وتتبعثر في صالة الكوخ

الشاب صارخاً : من انت ايها المجنون ؟!!


فأغلق جون الباب خلفه ، بعد توجيه المسدس اليه وهو يقول بحنق: 

- انا والد الفتاة التي قتلتها مع عائلتها ، ايها الحقير !! 

الشاب وهو يرفع يديه بخوف : لحظة يا عم ! انا لا أعيش في المدينة

جون : غبي !! فضحت نفسك .. لوّ لم تكن متورّطاً ، لسألتني عن أيّ فتاةٍ أتكلّم ؟ فأنا لم أخبرك انها ماتت في المدينة .. والآن حان وقت الإنتقام ، سأجعلك تتمنّى الموت ألف مرة !!

- ارجوك اسمعني ! كانت مهمّتي قتل صهرك فقط ، لكن احفادك الثلاثة خرجوا من غرفهم اثناء خنقي والدهم بالسلك .. فاضّررت لاستخدام المسدس وقتلهم جميعاً.. 


جون بغضب : ولما خطفت ابنتي واعتديت عليها ، قبل ذبحها ورميها من سيارتك المسرعة بالطريق العام ، ايها اللعين ؟!!

- ضعفت امام جمالها ، سامحني .. لكن لوّ نظرت للأمور بشكلٍ مغاير ، ستجد إنني لست عدوك .. فهناك من دفع لي لقتل صهرك ، وهم من يستحقوا انتقامك


وكلامه هذا استفزّ جون كثيراً ، وجعله يُطلق النار على قدم الشاب الذي صرخ بألم شديدٍ .. 

جون : هذه لأجل صهري !!

ثم اطلق ثلاث رصاصات على ذراعيّ الشاب وقدمه الثانية ..

جون بغضب : وهذه لأحفادي الثلاثة .. أمّا هذه ، فلإبنتي !! 

وأفرغ بقيّة الرصاصات في جسد الشاب التي أودت بحياته ..

***


ثم خرج جون من الغابة ، تاركاً القاتل غارقاً في بركة دمائه .. وعاد الى سيارته التي قادها مسرعاً الى منزله ، ليستحمّ وهو يشعر بالغثيان .. 


من بعدها استلقى على سريره وهو يشعر بأحاسيسٍ مختلطة : بين سعادته بالإنتقام لعائلة ابنته ، وغضبه الشديد من القاتل ، وحزنه على توريط نفسه بجريمةٍ تشوّه سمعته المهنية النظيفة .. كما أفكاره المشوّشة عن سبب إرسالهم قاتلٍ مأجور الى صهره (الموظّف البسيط) 


واثناء غرقه بأفكاره وذكرياته وتأنيب الضمير ، وصله إتصال من جوال ابنته .. وهذه المرة تحدّث اليه رجلٌ مجهول : 

- كنت أعرف إن بإمكانك تنفيذ المهمّة ، يا جون

جون بعصبية : من انت ؟! وكيف حصلت على جوّال ابنتي ؟ دعني أكلّمها في الحال !! 

- هل انت احمق ؟ الم تدفن ابنتك قبل ايام ؟ 

- من معي ؟! 

- أكبر تاجر مخدرات في البلد ، وعملت سابقاً مع صهرك الطمّاع 

جون بصدمة : مستحيل ! صهري موظّف جمارك


الرجل : نعم ، وهو من اكتشف شحنتنا بالميناء .. ولأنه موظفٌ فاسد ، اتفق معنا على نسبة من الأرباح ، لإفراغ بضاعة السفينة .. وظنّ نفسه ذكياً باتفاقه مع العصابة المنافسة على نسبةٍ أكبر ! وبسببه حصلت معركة عنيفة بين العصابتين ، راح ضحيّتها الكثير من الأعضاء المهمّين لكلا الطرفين .. بينما هرب هو بالمال مع عائلته الى المدينة .. فأرسلنا ذلك الشاب لقتله ، والذي لم يكن حريصاً بتحرّكاته ! فقد كشفت كاميرا طريقٍ فرعيّ رقم سيارته 


جون : غير صحيح ، فمدير شرطة المدينة أكّد بعدم وجود أدلّة ضدّ قاتل ابنتي !

- لأنه ايضاً متورّط معنا .. ودفعت له مبلغاً كبيراً لحذف الفيديو ، لكنه اعتذر عن تسرّب أوصاف الشاب الى الصحافة دون علمه.. لهذا قرّرت التخلّص من القاتل الذي سلّم أحد رجالنا في السوق السوداء الأغراض التي سرقها من منزل إبنتك ، وبهذا حصلت على جوالها.. وخطّطت لإيهامك أنّي روحها كيّ أدفعك للقيام بالمهمّة ، فلا احد سيلومك لإنتقامك من قاتل ابنتك ، فأنت معروف بصائد المجرمين.. وبذلك تُغلق القضية ، بعد إبعاد الشكوك عن عصابتي..


جون : لن اسمح لك بتوريطي بقذارتك ، وسأعرض مكالماتك السابقة على المحكمة

- آه تقصد مكالمتك مع روح ابنتك ، أيها الخرف .. فأنا بجميع الأحوال سأتلف الجوال بعد هذه المكالمة ، ولن يتمكّن أحد من ملاحقتي.. المهم !! ستجد ظرفاً قرب بابك ، فيه مكافأة مجزّية على تنفيذك المهمّة .. وأعتذر منك ثانيةً عن غباء قاتلي المأجور .. فمهمّته كانت قتل صهرك فقط ، لكن ابنتك فتنته بجمالها ! ولأني رجلٌ عادل ، أعطيتك حق الإنتقام مع مال التقاعد لإكمال حياتك بسلام .. ولا تقلق ، فلن تسمع صوتي ثانيةً .. الوداع ايها المحقّق العجوز


بعد انتهاء المكالمة ، سمع جون صوت سيارة تبتعد عن منزله !

ففتح بحذر وهو يحمل مسدسه .. ليجد ظرفاً عند الباب ، فيه مبلغاً كبيراً من المال !

فنزلت دمعته ، وهو يقول بحزن :

- تمنّيت لوّ كنت أُكلّم روحها بالفعل !

ونظر الى السماء وهو يقول في نفسه : 

((أتمنى أن يكون انتقامي من قاتل اطفالك ، أراح قلبك الحزين يا صغيرتي))  

***


في الإسبوع التالي ، باع جون منزله وهاجر للخارج .. وانقطعت أخباره عن الجميع !  


هناك 3 تعليقات:

  1. شكرا على قصتك الشيقة مبدعة كعادتك تحياتي استاذة امل 🌷🌷

    ردحذف
  2. جميله الفكره ولكن ربما لو تفرعت لسلسلة جرائم تحل بنفس الطريقه كانت أفضل ..وأحيانا أيضا يكون للموتى رسائل حقيقيه خاصة الأب والأم ...تحياتي.

    ردحذف
  3. ابن اليمن .. أرسلت سؤالك للأستاذ اياد .. وفي حال أجابني ، أخبرك هنا بجوابه

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...