الثلاثاء، 30 يونيو 2020

عقليّة المجرمين

تأليف : امل شانوحة

 
ذكريات إنحرافهم 

دخل الدكتور النفسي الى زنزانة المتهم جورج , ليجده يتمايل بمواجهة الحائط وهو يدنّدن أغنية بشكلٍ متكرّر !

فسحباه الشرطيان ليقيدا يديه في كرسي بمنتصف الغرفة , لإطلاع الطبيب على تفاصيل جريمته الذي سيدوّنه في تقريره الطبّي قبل إصدار المحكمة لحكمها النهائي في القضية ..

وبعد بقائهما لوحدهما .. وضع الطبيب جهازاً صغيراً على رأس السجين الذي انتفض برعب : 
- هل ستصعقني بالكهرباء ؟!
الدكتور : هذا جهاز لقياس إشارات المخّ , ومن خلاله سأعرف ان كنت تقول الحقيقة ام لا 
فردّ بنبرةٍ غاضبة : وهل جهازك التافه سيُجبرني على الإعتراف؟!! 
- سنعرف حالاً  

وفور ضغط الطبيب على زرّ الجهاز , إسترخى جسد السجين كأنه منوّماً مغناطيسياً ! 
الطبيب : جيد , الآن سأسألك وانت تجيب
فأومأ جورج برأسه إيجاباً دون مقاومة !

الطبيب : لما قتلت زوجتك واطفالك الثلاثة ؟
- هم ليسوا اطفالي 
- هل تأكّدت من خيانتها ؟
- نعم 
الطبيب : هل خانتك بعد إنفصالك عنها في الآونة الأخيرة ؟ 
- ربما
- إن كان كذلك , فهم اطفالك بالفعل 
- لست متاكداً
الدكتور : هل تظن جارك هو عشيقها ؟ 
- نعم 
- هل رأيته يخرج من بيتك مساءً , ليلة إرتكابك الجريمة ؟ 

المجرم : كان يتحدثان في حديقة المنزل  
- وماذا حصل بالضبط ؟
- هجرت زوجتي قبل 7 شهور .. وفي تلك الليلة عدّت للمدينة دون إخبارها .. واختبأت خلف الشجرة بعد رؤيتي لجاري يعطيها رسالةً غرامية , إحتفظ بها منذ دراستهما الثانوية ! وأخبرها انه سكن بجوارنا لأنه لم يستطع نسيانها.. وطلب منها التفكير جدّياً بالإنتقال لمنزله مع اولادها , بعد إنفصالها عني
الدكتور : ربما ظنك لن تعود , فأراد إستعادة حبيبته السابقة .. وهذا لا يدلّ انها خانتك بالفعل
- انا اسمر اللون .. وجميع اولادي بشرتهم بيضاء وأعينهم ملونة مثل جاري , لكني لم اشكّ بالأمر مُسبقاً ! 
- كان عليك إجراء فحص الأبوة قبل قتلهم 

المجرم : فقدت اعصابي حين سمعته يغازلها , دون ان توقفه ! ..فوجدت نفسي أطلق الرصاص عليهما , قبل دخولي المنزل لقتل الأولاد الثلاثة 
- وبعدها اتصل الجيران بالشرطة وقبضوا عليك ؟
- صحيح
الدكتور : اذاً انت تتذكّر كل شيء , فلما تدّعي الجنون امام المحكمة ؟
- لأني لا اريد قضاء بقيّة عمري في السجن
- الحياة في مستشفى المجانين أصعب بكثير , وربما تصبح مجنوناً بالفعل بسبب ادويتهم القوية 
فأجاب بحزن : إن كانت ستمحي ذاكرتي , فلا مشكلة لديّ 
الدكتور : أتريد نسيان انك ابن حرام ؟ 

فثار جنون المجرم , وحاول فكّ قيوده بهستيريا ! واقتحم الشرطيان الزنزانة , لتقيده بصعوبة في السرير .. 
وخرج الطبيب من هناك , وهو مازال يسمع صراخ جورج وشتائمه 
***

عاد الطبيب الى بيته مساءً .. وبعد شربه القهوة لتهدأة اعصابه , إستلقى على كرسيه المريح , واضعاً الجهاز ذاته على رأسه : الذي بواسطته تمكّن من نسخ ذاكرة المجرم جورج منذ ولادته حتى يوم إرتكابه الجريمة  
(وكان اخترعه منذ سنوات لكن أخفاه عن الجميع , للإستفادة منه بتطوير مهاراته التي ساهمت في جعل تقاريره الطبية مُعتمدة في اهم المحاكم القضائية)

ثم أغمض عيناه وهو يتنهّد بقلق :
- حسناً .. لأشاهد ماضيك يا جورج , وأرى ان كنت تستحق الحصول على حكمٍ مخفّف ام لا ؟

وفور ضغطه زرّ الجهاز , عاد لزمن الماضي .. 
وحين فتح عيناه .. رأى الطبيب يداه صغيرتان , كأنه ولد في العاشرة من عمره ! 
فعلم انه انتقل لمرحلة طفولة جورج : حيث وجد نفسه في غرفةٍ قذرة , جدرانها رطبة تفوح منها رائحة العفونة ..وثيابه وكتبه مبعثرة في ارجاء الغرفة .. 

وهنا سمع صراخاً من الخارج .. ففتح الباب , ليرى ابوه (والد جورج) يتشاجر بعنف مع امه التي تحاول إيقافه عن هجرهما .. الا انه رماها بعيداً , لأخذ حقيبته .. ثم خرج من المنزل , وهو مازال يشتمها وينعتها بالخائنة! 
فالتفتتّ الأم نحوه باكية :
- ليتني لم أنجبك !! فبسبب والدك المغتصب , أصبحنا دون معيل ..هل انت سعيدٌ الآن ؟!!

فأحسّ الطبيب بوخزٍ في قلبه يُشابه الم جورج حين علم بأن والده البيولوجي هو سافلٌ إعتدى على امه .. وأن والده الذي عاش معه لسنوات هجرهما للأبد بعد معرفته الحقيقة !  

ثم نقله الجهاز لمرحلةٍ اخرى من حياة جورج , بعد بلوغه سن 13 .. وشعر الطبيب بغضبه كلما عادت امه من البار (الذي تعمل فيه) برفقة صديقٍ جديد .. واسوأهم رجل مفتول العضلات , إستغلّ طفولته لأربع سنوات دون تدخل امه لحمايته !

ولم يردّ الطبيب الشعور بالخزيّ الذي أحسّه الصغير , فقام بتسريع الأحداث للوصول لعمر 20 , حين ترك دراسته للعمل كسائق شاحنة لعلاج أمه بعد إصابتها بالإيدز .. 
وصغر سنه جعله عُرضة لتنمّر السائقين القدامى .. 

وشهد الطبيب اليوم الذي قاموا فيه بضربه وسرقة بضائعه , مما تسبّب بسجنه بدعوى رفعها مديره بتهمة الإهمال ..
حيث تعرّض هناك للإعتداء من الحارس في حمام السجن !

وبعد الإفراج عنه .. عاش مشرداً قرابة سنة , لرفض شركات النقل توظيفه .. لدرجة ان الطبيب وجد نفسه (بجسد جورج) يبحث في النفايات عن طعام .. وحينها راقب قطة ترضع اولادها الأربعة .. فقام بركل أحدهم بقوة ! وضحك بعد محاولتها إنقاذ صغيرها دون جدوى
فقال الطبيب بنفسه وهو يشعر بالغثيان ((هنا بدأ إنحرافه السلوكيّ))

لكن يبدو الأمور تحسّنت بعد لقائه زوجته وإنجابه لأطفاله الثلاثة.. 
الى ان حصلت المشاجرة التي تسبّبت بهجران زوجته .. 
وسمع الطبيب حوارهما العنيف وإلحاحها بإيجاده عملاً جديداً , بدل نقله البضائع بين الولايات التي تبعده عنهم لشهور طويلة .. لكنه رفض الإستقالة بسبب راتبه الجيد .. فخيّرته بين عائلته وعمله .. ويبدو انه اختار وظيفته ! .. وحزم امتعته , تاركاً منزله دون الإكتراث لتوسّلات ابنائه وبكائهم , وكأنه يُعيد ذكريات طفولته ! 

ثم مرّت حياة جورج بشكلٍ روتينيّ بين العمل ومبيته في فندقٍ رخيص .. الى ان تمكّن أخيراً من جمع المال الكافي لفتح محل في بلدته 

وجاءت اللحظة الحاسمة في ليلة الجريمة .. 
حينها شعر الطبيب كأن يده (يد جورج) ترتجف وهو يوجّه سلاحه على جاره , بنيّة التهديد فقط .. 
لكن منظر زوجته وهي تدافع عن حبيبها السابق , إستفزّه كثيراً .. فلم يجد نفسه الا وهو يطلق الرصاص عليهما .. وحين سمع صراخ الأولاد من داخل المنزل , إقتحم المكان لقتلهم جميعاً ! 
ثم رأى الطبيب نفسه داخل غرفة التحقيق , فبدأ يقوم بحركاتٍ غبية لإيهام المحقق أنه مجنون ! 

وهنا انتهت الذكريات .. فاستفاق الطبيب وهو يشعر بإرهاقٍ نفسيّ شديد .. وازال الجهاز عن رأسه وهو يقول :
- كم حياتك بائسة يا جورج ! 

وشرع على الفور بكتابة تقريره الذي سيقدّمه للمحكمة في اليوم التالي .. والذي أنهاه بقوله : 
((بعد سرد الذكريات المؤلمة لجورج في التقرير , نرى انه عانى من حياةٍ صعبة تُصيب أيّ شخص بالجنون .. ومع ذلك أجد انه كان سليماً ذهنياً عند ارتكابه الجرم , وأدرك ما فعله ! وليس هناك مانع صحّي من عقابه .. وإن كان برأيّ يستحق حكماً مُخففاً لكثرة الصدمات النفسية التي تعرّض لها في حياته .. وبأن يُحاكم بالعقوبة المخفّفة , مع إمكانية اطلاق سراحه بعد 7 سنوات من تنفيذ الحكم))
***

في اليوم التالي .. سلّم الطبيب تقريره للمحكمة التي أصدرت لاحقاً حكماً بالعقوبة الأدنى على جورج : وهي السجن 15 سنة , لقتله 5 اشخاص إِثر انهيارٍ عصبي حادّ ..

ورغم السنوات التي سيقضيها في السجن , الا ان جورج شكر الطبيب على تقريره الذي أنقذه من حكم المؤبد او الإعدام !  
***

في الشهر التالي .. أُرسل الطبيب الى سجن النساء لكتابة تقرير عن صبيةٍ قاتلة , تدّعي الجنون .. 
وفي زنزانتها .. أجابت على اسئلته بطرقٍ مختلفة وبنبراتٍ متعددة كأنها شخصيات تتغير مع كل سؤال ! فمرّة تضحك ومرة تبكي , واحياناً تغضب وأخرى تخاف وترتعب .. وكل مرة تُسمّي نفسها بإسمٍ جديد

فابتسم الطبيب قائلاً : يبدو انك شاهدت الكثير من الأفلام عن إنفصام الشخصية ؟
- عن ماذا تتحدث ؟ .. هو يتحدّث يا غبية عن براءتك السخيفة.. لا هو يقصد ردودك العنيفة يا منحرفة .. إسكتي انت !!
- ماريا توقفي !! فأداءك التمثيلي لم يقنعني .. دعيني أضع الجهاز على رأسك لاكتشاف هويّتك الحقيقة 

وبصعوبة استطاع تثبيت الجهاز على رأسها الذي ظلّت تحرّكه باستمرار (بعد تقييد يديها بالكرسي) .. 
وما ان اضاءه , حتى استرخى جسمها تماماً !

وبعد قيامه بنسخ ذاكرتها , أزال الجهاز .. وخرج من زنزانتها , وهي لا تعيّ ما حصل !  
***

في منزله .. وضع الجهاز على رأسه لمشاهدة شريط حياتها .. 
فرأى نفسه مسجوناً داخل قفصٍ حديدي قذرٍ وصدىء .. يبدو من جسمها الصغير انها في السابعة من العمر .. 

وفهم الطبيب لاحقاً ان بعد وفاة والدها , حبستها زوجته في قفصٍ بقبوٍ معتمّ لسنواتٍ عدّة , حتى ضاق القفص عليها وانحنى ظهرها بعد بلوغها سن 12 ! عدا عن الطعام الرديء والمحروق التي جبرتها على تناوله 

لكن يبدو ان زوجة ابيها نست في تلك الليلة الماطرة قفل القفص وباب القبو بعد عودتها مخمورة من الخارج .. 
فاستغلّت ماريا ذلك للهرب الى الشارع .. 

وشعر الطبيب بإحاسيسها المختلطة بين الفرح بالحرية والخوف من الشارع المظلم .. ورغبتها بالركض بأسرع ما يمكنها , للإبتعاد عن ذلك المنزل دون النظر ورائها ..

الا ان مأساتها لم تنتهي ! حيث خطفها سائق شاحنة , قام بالإعتداء عليها لخمس سنوات متتالية , الى ان أسقطت جنينها الأول .. 
وفي تلك الليلة .. وقبل تثبيت يديها بسريره النتن , غرزت مفكّاً في رقبته بعنف .. وهربت للشارع بعد قتله
وهي جريمتها الأولى ! التي كانت بالحقيقة دفاعاً عن النفس 

وفي هذه المرة أقلّتها عائلة من الشارع , أوصلتها لدارٍ مختصّة برعاية المراهقين المشرّدين .. بقيت فيه لسنتين , تعرّضت للكثير من العقوبات بسبب تصرّفاتها العدوانية .. وهربت منه بسن 19 

ثم رأى الطبيب نفسه يعمل كنادل في مطعم للوجبات السريعة .. ثم شاهد نفسه في منزل شابٍ وسيم , يبدو انه حبيبها الأول .. 
ومعه بدأت حياتها تتحسّن قليلاً .. الى ان جاءت الليلة التي عادت فيها باكراً من عملها , لتراه نائماً مع عشيقته ! 

فشعر الطبيب بغضبها الجامح , ورأى نفسه يقفز على السرير لطعن الفتاة بالسكين حتى الموت .. بينما فرّ حبيبها فزعاً من المنزل , واتصل بالشرطة التي اعتقلتها بملابسها المصبوغة بدماء القتيلة ! 

وهنا انتهى شريط حياتها ! واستفاق الطبيب وهو يشعر بانقباضٍ في قلبه , فتنهّد بضيق :
- عيشي الظروف الصعبة التي مرّ بها مرضايّ , تؤلم قلبي حقاً ! .. الأفضل كتابة التقرير وانا مازلت أشعر بأوجاع المسكينة 

وكتب فيه :  
((بعد معرفتي لحياتها البائسة ! تأكّدت أنها مريضة نفسية تعاني من انفصامٍ حادّ بالشخصية , وتحتاج لعلاجٍ نفسيّ مكثّف .. وأنصح بعدم عقابها قضائياً , لانعدام إدراكها لحظة إرتكاب الجريمة .. وإرسالها لمشفى الأمراض العقلية , مع حراسةٍ مشدّدة))

وبالفعل أيّدت المحكمة تقريره .. فهو يعدّ أقوى اطباء النفسيين بالبلد ,  دون علمهم باختراعه الذي منحه الرأيّ السديد  
***

وتتابعت القضايا على الطبيب المشهور الذي استطاع كشف الاعيب المجرمين النفسية , او تأيّد جنونهم .. 

كنجاحه بإقناع المحكمة بسجن الرجل السياسيّ الذي قتل المشرّدين وبنات الهوى لتنظيف المجتمع من قذارتهم .. 
كما إدانته للثريّ الذي خطف واعتدى على اطفال الشوارع .. وايضاً عقابه للفنان الشهير الذي يهوى حرق منازل الأجانب والمهجّرين ..وغيرهم من المجرمين الذين ادّعوا الجنون للإفلات من العقاب !
***

وتوالت نجاحاته , الى ان استلم قضية مجرمٍ متسلّسل أفزع مدينته لسنواتٍ عدة !  
ومن خلال مشاهدته لشريط حياته (من خلال الجهاز) .. إكتشف انه مدلّل والديه ..ولم يعاني من مشاكل في طفولته او مراحل دراسته .. وانه قتل كل اولئك الضحايا للوصول لرقمٍ قياسيّ ودخول موسوعة غينيس , كأعنف قاتل متسلّسل في البلاد ! 

فأستفاق الطبيب بعد رؤيته لجميع جرائم القاتل التي أودت بحياة 51 ضحية , مما أشعره بإشمئزازٍ وغضبٍ شديد .. 
فأسرع لكتابة تقريرٍ يُدين فيه إنعدام ضميره , واستحقاقه لأشدّ العقوبات 

وبهذه اللحظة , ضربت صاعقة قوية منزله .. 
فأصيب الطبيب بصعقةٍ كهربائية من الجهاز الذي نسيّه على رأسه والموصول بحاسوبه , مما أفقده الوعيّ بعد ألمٍ شديد !
***

في الصباح .. إستفاق الطبيب وهو يشعر بصداعٍ قوي .. فتناول حبة دواء , بعد وضع مرهماً للحروق على جبهته المِحمرّة .. ثم نظر لساعته :
- آه تأخرت ! عليّ تسليم التقرير للمحكمة..(وتنهّد بضيق بعد تذكّره وحشيّة القاتل مع ضحاياه) ..أتمنى حصول اللعين على حكم الإعدام!!  
***

في محطة البنزين .. لفتتّ نظره فتاة جميلة , لكنه عاتب نفسه : 
((ليس وقتاً مناسباً , عليّ توصيل التقرير للمحكمة قبل بدء المرافعة))

وإذّ به يسمع صوتاً آخراً في ذهنه يقول :
((الفتاة جميلة جداً .. عليك ملاحقتها للتعرّف عليها , فربما لن تراها ثانية .. هيا ماذا تنتظر ؟!.. إلحق بسيارتها فوراً !!!!)) 
***

في المساء .. إستيقظ الطبيب في منزلٍ غريب ! 
وحين نهض من سريره , كاد يسقط من هول الصدمة حين رأى الصبية مقتولة على الأرض دون ملابس ! 

وعلى الفور !! إستعادت ذاكرته بعض الأحداث السريعة .. وتذكّر 
مقاومتها اثناء اعتدائه عليها .. وخنقها بيديه حتى الموت ! 
فصرخ بفزع : 
- لا مستحيل ان أفعل ذلك !
واراد الهروب من هناك ..

وقبل خروجه من المنزل , لاحظ عبارة مكتوبة على حائط الصالة باللون الأحمر : 
((الضحية رقم 52)) مع إيموجي لوجهٍ سعيد !
وهي طريقة القاتل المتسلّسل التي اتبعها في جميع جرائمه (51) السابقة , فهل قتلها لتوريطه بالحادثة ؟ .. لكن كيف وهو مُعتقل ؟ هل هرب من السجن ؟

وأسرع بالإتصال بصديقه الشرطي الذي فاجأه بخبر إنتحار المجرم قبل ساعات في زنزانته !  
وبعد إغلاق المكالمة , إستجمع الطبيب قواه للعودة للغرفة ومعاينة القتيلة من جديد ..

فوجد ربطة حمراء بعامود السرير (وهي طريقة القاتل المتسلّسل) .. ويبدو انها تحرّرت من قيودها .. قبل هجومه عليها , وقتلها على أرضيّة الغرفة! 
فقال الطبيب بفزع :
- هل تبادلنا الأرواح بعد تلك الصاعقة ؟ .. مستحيل ! 
وبعد خروجه من منزلها , إبتعد مسرعاً بسيارته .. 
***

واثناء قيادته في شارعٍ فرعي , رأى قطة بجانب الرصيف مع اطفالها.. 
فوجد نفسه يدهس ابنائها بلا رحمة ! 
وضحك بعلوّ صوته , عند رؤيتها تحاول تحريكهم دون جدوى !

وبعد قليل , أوقف سيارته بعد استيعابه لما فعل ! 
قائلاً بخوف : يا الهي ! ماذا يحصل لي ؟!

وقبل وصوله لمنزله .. شاهد الشاب ذاته (حبيب المجرمة متعدّدة الشخصيات) يُقبّل عشيقته الجديدة في سيارته !

فشعر الطبيب بحنقٍ غير مبرّر , جعله يزيد سرعته للإصطدام به .. مما أدّى لقتل الشاب على الفور , وإصابة صديقته بجروحٍ خطيرة .. قبل هروبه للشاطىء 
***

وهناك .. أوقف الطبيب سيارته مذهولاً ! بجانب السور المطلّ على البحر الهائج في ليلةٍ باردة .. وتساءل في نفسه بفزع :
- هل ارواحهم اللعينة تجمّعت بداخلي ؟! 

وهنا لمح مشرّداً عجوزاً يشحذّ قرب السور , وفتاةٌ رخيصة تقترب من سيارته ..وبآخر الرصيف : ولدان من اولاد الشوارع يتشاجران على بقايا طعام وجداه في حاوية الزبالة !

ففتح درج سيارته , وأخرج قبعته الصوفية الخاصة بالتزلج (تشبه أقنعة المجرمين) غطّى فيها كامل وجهه (ماعدا عينيه) , قائلاً بسعادةٍ غامرة :
- سأنظّف المجتمع من الحثالة .. وأدخل موسوعة غينيس كأفضل قاتل متسلّسل في البلاد .. وأصبح كابوسهم الجديد !!

وخرج من سيارته بعد إخفاء مسدسه في جيبه , مُتوجهاً لضحيته الثالثة التي حتماً لن تكون الأخيرة !  

هناك 5 تعليقات:

  1. ربما اتوقف عن الكتابة الفترة القادمة بسبب انقطاع التام للكهرباء في لبنان , وموتيرات المباني لا تتحمّل كثيراً .. سأعود باذن الله بعد انتهاء الأزمة على خير .. دعواتكم يا اصدقاء , فلبنان يحتضر حرفياً , والحياة توقفت تماماً مع إنعدام الدولار في البلد .. والأسعار أصبحت خيالية ! لا ادري كم سنتحمّل بعد , صرنا نتمنى الحرب ليفرّ اللصوص من بلادنا .. كان الله في عوننا جميعاً !

    ردحذف
  2. كان الله في عونك انتظرك بمقال جديد بإذن الله تعالى ربنا يحفظك ويحفظ لبنان ومصر

    ردحذف
    الردود
    1. الكتابة صعبة في هذا الوقت العصيب .. الكهرباء تأتي ساعتين فقط في اليوم .. ساعة فجراً وساعة عصراً , وباقي الوقت على الشمعة .. والرطوبة وحرارة الطقس لا تطاق .. المظاهرات تصبح اعنف كل يوم .. وسعر الدولار بين الصعود والنزول .. واللصوص ينوون افلاس البلد .. والجميع يشعر باقتراب الحرب .. ولا يوجد راحة بال للكتابة .. سأتوقف بضعة ايام على امل ان تنتهي ازمة الكهرباء على خير .. والله يستر من الأيام القادمة

      حذف
  3. الله يصلح احوال بلاد المسلمين يارب

    ردحذف
  4. رح نشتقلك يا أستاذة أمل.. الله يفرحا علينا وعليك وعكل العالم.

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...