السبت، 20 أكتوبر 2018

روحٌ فاسدة

تأليف : امل شانوحة


لا تسجنوني في القبو المخيف وحدي !!

في تلك الليلة .. قام جيم بالتعليق على منشور على الإنستغرام (يتكلّم عن فضل الآباء).. قائلاً :
((ليذهب جميع الآباء الى الجحيم !!))
لتنهال عليه الردود السلبية التي تشتمه وتصفه بالولد العاقّ ..
فتمّتمّ بنفسه بحزن :
((لا يهمّني نقدهم , فهم لم يعيشوا تجربتي مع والدي اللعين))

وهنا قالت زوجته بإرهاق :
- إطفئ الجوّال يا جيم ودعنا ننام , لقد تأخّر الوقت 
- معك حق , اساساً عليّ الإستيقاظ باكراً لإحضار أختي من المصحّ
فتنهّدت زوجته بضيق : أمازلت مصرّاً على عيشها معنا ؟! ..حبيبي , ابنتنا مازالت صغيرة وأخاف ان تؤذيها عمّتها
فردّ زوجها بحزم : لقد تناقشنا في الأمر عشرات المرّات .. جاكلين أختي , وقد عانت من قسوة ابي أكثر مني ..وقد وعدّتها أن أخرجها من المصحّ فور تحسّن أوضاعي .. وهآ انا خرجت من السجن وأعمل في نقل البضائع لسوبرماركات , واستطيع إعالتها معنا .. خاصة بعد إنتقالنا لمنزل أهلي وانتهائنا من مشكلة الإيجارات 
فردّت بغضب : كما تشاء !! لكن ان أذت ابنتي , فلا تلمّ الا نفسك!!
ثم أدارت ظهرها محاولةً النوم , رغم قلقها الكبير من أخت زوجها المجنونة ! 
*** 

قبيل الفجر .. حلم جيم بكابوسٍ جديد عن والده وهو يضرب امه بقسوة :  
- سأقتلك يا خائنة !!  
ثم توجّه ناحيته بملابسه الملوّثة بالدماء , وهو يصرخ قائلاً :
- أمازلت حيّاً , ايها الولد العاقّ ؟!!
وقبل ان يهجم عليه .. استيقظ جيم مرتعباً وهو يتصبّب عرقاً !

فقام وغسل وجهه , وهو مازال متضايقاً من الكوابيس التي تتكرّر عليه منذ قتله لوالده بعمر 12 سنة !
***

في المصحّ .. كانت أخته تلمّلمّ أغراضها بعد ان أمضت جلّ عمرها في علاجٍ نفسيّ مُكثّف , بعد تعرّضها لكافة انواع التعذيب الجسدي والنفسي من والدها وهي بعمر 8 سنوات ! ولولا بطولة أخيها في إنقاذها , لبقيت الى اليوم تعاني من وحشيته .. 

وبعد ان أنهى اوراق خروجها , حضنته بشوقٍ كبير ..
فقال لها مبتسماً : أختي حبيبتي , وأخيراً اجتمعنا من جديد .. هآ أنتِ أصبحتي امرأةً جميلة وناضجة ! وانا فخوراً بكِ لتجاوزك تلك المحنة بشجاعةٍ وصبر 
فاكتفت بالإبتسامة , بعيونها الدامعة .. فأردف قائلاً : 
- ما رأيك الآن ان نعود الى منزلنا ؟ فزوجتي وابنتي في انتظارك
اخته بدهشة : ابنتك ؟!
- نعم وعمرها 6 سنوات .. ستحبينها حتماً , فهي تشبهك كثيراً 
*** 

وأمضت جاكلين طوال الرحلة تنظر الى الطرقات بشرودٍ وهدوء أقلق جيم على سلامة صحّتها العقلية !
وما ان اقتربا من الشارع الذي به منزل والديهما القديم , حتى انتفض جسدها برعب !! .. فحاول الأخ تهدأتها : 
- أعرف انك تكرهين هذا البيت , وانا ايضاً .. وقد حاولت بيعه مراراً , لكن الجميع يعلم ما حصل بداخله ويرفضون شراءه .. يقولون ان روح والدي الشريرة مازالت بداخله .. فماذا عسايّ ان أفعل وراتبي لا يكفي لاستئجار منزلٍ جديد ؟
فسألته بخوف : والقبو ؟
- لا تقلقي , القبو أقفلته منذ سنوات .. فأنت ستنامين في غرفة امي بالطابق العلوي , بجوار غرفة ابنتي
***

ووصلا الى هناك ظهراً , لتستقبلها زوجته ببرود :
- غرفتك في الأعلى , دعيني أوصلك اليها
وحملت جاكلين حقيبتها الصغيرة , وتبعتها الى فوق .. 
وهناك همست لها زوجة اخيها بلؤم :
- أعرف ان ما مررّت به صعباً على أيّ شخص تحمّله , لكن إيّاك ان تخبري ابنتي عن تلك الأمور المخيفة .. هل فهمتي كلامي؟

فأومأت جاكلين برأسها إيجاباً .. ثم دخلت غرفتها وأغلقت الباب على نفسها
***

وحين رأى جيم زوجته تنزل وحدها , سألها باستغراب :
- اين جاكلين ؟!
- تريد ان تنام لأنها متعبة قليلاً 
- الا تريد ان تأكل معنا ؟!
زوجته بلا مبالاة : لا تقلق , سأضع حصّتها جانباً .. والآن دعنا نأكل بهدوء 
***

وفي الوقت الذي كانت فيه عائلة جيم تتناول غدائها , كانت جاكلين تبكي بمرارة في الغرفةِ ذاتها التي رأت فيها والدها يخنق امها بالوسادة وهو ينعتها بالخائنة بعد ان رأى صورها مع حبيبها القديم , حتى انه شكّك بنسب اولاده له ! لذلك عاقبهما على ذنب امهما عن طريق تعذيبهما في القبو لخمسة شهورٍ متتالية , قبل ان يقوم أخوها بعملٍ بطولي بفكّ قيوده وقتل والده بقضيبٍ حديدي .. لتقوم الشرطة لاحقاً بزجّه بالإصلاحية , وإيداعها في مصحٍ نفسيّ .. لكنهما الآن عادا من جديد الى نفس المنزل المليء بالذكريات الموحشة !
***

وعصراً .. دخل الأخ الى غرفتها وبيده الطعام , ليجلس بجانبها على السرير ويمسح دموعها قائلاً :
- لا تبكي حبيبتي .. لقد مرّت أسوء سنوات حياتنا , وانتهينا من ذلك الكابوس
- جيم 
- نعم عزيزتي
جاكلين : هل كان كلام والدي صحيحاً ؟! ..هل نحن اولاد عشيق امي ؟
- لا طبعاً .. 
- لكن والدنا آرانا صورتهما .. 
جيم مقاطعاً : أتدرين !! أتمنى حقاً ان نكون ابناء صديقها , على ان نكون ابناء ذلك الوحش ! على الاقل , أطمئن بأن اولادي لن يحملوا جيناته القذرة 

أخته : معك حق .. فهو كان شرطياً قاسياً , لذلك عاملنا .. 
جيم مقاطعاً : لم يكن شرطياً يا جاكلين .. فقد علمت أثناء وجودي في السجن , ان عمله الحقيقي كان تعذيب المساجين السياسين كيّ يعترفوا بذنبٍ لم يرتكبوه ليتمّ تصفيتهم من قبل الدولة !
- آه ! الآن فهمت كيف استطاع تعذيبنا رغم صغر سنّنا !
جيم وهو يمسك يدها بحنان : حاولي ان لا تتذكّري تلك الأيام , عزيزتي 
فقالت بحزن : وكيف سأنسى إطعامه القسّري لنا , وحرماننا من دخول الحمام , وتعليقنا بالحبال رأساً على عقب , وإجبارنا على مشاهدة فيديوهاته وهو يعذّب المساجين ويكهّربهم .. عدا عن إعتدائه عليّ ..
أخوها مقاطعاً : كفى أرجوك , لا اريد تذكّر تلك الأمور .. كما لا اريد لإبنتي ان تعرف شيئاً عن جدّها القذر

أخته : وماذا أخبرتها عنه ؟
جيم بقهر : بأنه مات منذ ان كنت صغيراً , ولا أذكر شيئاً عنه
- هو مات فعلاً بالنسبة لنا , حتى قبل قتلك له
فتنهّد بضيق , ثم قال : ارتاحي اليوم , وغداً يوم عطلتي ..وسآخذكم جميعاً في نزهةٍ جميلة
فقالت بحماس : وهل ستطعمني الآيس كريم ؟!!
فأجابها بابتسامةٍ حنونة : نعم وسنأكلها على البحر , بعد ان نصنع قصراً من رمال الشاطىء .. كما كنّا نفعل مع المرحومة امي

فحضنته بحنان , بينما كانت زوجته تراقبهما من شقّ الباب وهي مازالت قلقةً منها !
***

ومرّت الأيام على خير .. تحسّنت بها حالة جاكلين النفسيّة , وبدأت تساعد زوجة أخيها بإعداد الطعام وبملاعبة الصغيرة .. 
لكنها ظلّت ترتعش لا ارادياً كلما اقتربت من باب القبو المقفل .. لذلك قام أخوها بإخفائه بالخزانة كيّ لا تتذكّر ما حصل لها في الأسفل 
***

الى ان أتى ذلك اليوم .. حين تسللّت الطفلة الى غرفة عمتها لتنام فوق صدرها , في الوقت ذاته الذي كانت تحلم فيه جاكلين بوالدها يمزّق ملابسها وهي تسمع صراخ أخيها من بعيد ..

وللحظة ظنّت بأن الذي فوقها هو والدها , فرمته على الأرض بقوّة .. ليستيقظ أهل البيت على صراخ الطفلة بعد ان ارتطم رأسها بحافةّ السرير , ممّا تسبّب بنزيفٍ في جبهتها .. 
فأسرعوا بها الى المستشفى لتقطيب الجرح ..
*** 

وبطريق العودة .. كانت الزوجه مازالت غاضبة من إخته التي تركوها وحدها في المنزل.. 
جيم : إهدأي قليلاً , ستوقظين الطفلة .. كما ان جاكلين أخبرتني بأنها رأت كابوساً أفزعها , ولم تعلم بإن ابنتي نائمة بقربها 
فقالت زوجته بعصبية : لكن هذا لا يبرّر رميها لإبنتي على الأرض بهذا العنف .. فقد شوّهت جبهتها , وكادت أن تفقأ إحدى عينيها .. لهذا لا اريد لتلك المجنونة ان تبقى في بيتي يا جيم !!

فأجابها بحزم : هذا بيت أهلي ولأختي نصيبٌ فيه .. لكنني سأطلب منها ان تقفل بابها حينما تنام .. لذا أوقفي نقاشك العقيم !!
وعادا غاضبين الى المنزل ..
***

في اليوم التالي .. حاولت العمّة مراضاة الصغيرة , لكن امها أبعدتها عنها خوفاً عليها , ممّا ضايق جاكلين كثيراً
***

وبمرور الأيام .. أحسّت جاكلين بأنها متطفّلة على عائلة أخيها التي لا ترغب بوجودها بينهم , فبدأت تعتزلهم .. وتطيل السهر مساءً والنوم طوال النهار .. 
***

وفي أحد الأيام .. سمع جيم (أثناء مروره من امام غرفة أخته) لحناً قديماً كانت تدنّدنه .. فدخل اليها مُعاتباً : 
- جاكلين ! لا تغني هذا اللحن اللعين مجدّداً !!
- أتقصد لحن ابي حين كان يستمتع بتعذيبنا ؟
- طالما انك تذكرين , فلماذا تضايقينني ؟!
فقالت مُبتسمة بشكلٍ يثير القلق : لكنه لحنٌ جميل , يعلق في الرأس 

وعادت تدنّدنه من جديد بلا مبالاة , وكأنها تتعمّد إغاظه أخيها الذي ساند زوجته بإبعاد الطفلة عنها في الفترة الماضية .. 
فصرخ بغضب : جاكلين !! توقفي في الحال .. أنتِ في بيتي وعليك احترام شعوري
فأجابته بلؤم : لكنه بيتي ايضاً , فلا تنسى ذلك
فخرج من غرفتها غاضباً..
***

وفي إحدى الليالي .. سمع الوالدان بكاء الطفلة , وحين صعدا الى فوق .. شاهدا لعبتها القطنية المُفضّلة ممزّقة الى قطعٍ صغيرة ..
فسألتها امها : من فعل ذلك ؟!
فأجابت الطفلة باكية : عمتي .. لقد مزّقته بالمقصّ !

فدخل الأخ الى غرفتها .. ليجدها وقد جرحت ذراعها بالمقصّ .. فسحبه منها بعنف ..ثم قام بتطهير جروحها السطحية , وهو يعاتبها:
- لما تفعلين ذلك يا جاكلين ؟ انت تخيفين عائلتي ! 
لكنها نظرت اليه مُبتسمة : ما رأيك ان ننزل معاً الى القبو ؟ 
الأخ بدهشة : ماذا ! لا طبعاً .. القبو أقفلته نهائياً 
- دعنا نستذكر ايامنا الجميلة التي قضيناها هناك .. هيا أخي
فأبعد يدها عن ذراعه بعنف : جاكلين !! ان لم تعقلي قريباً , فسأعيدك الى المصحّ !!
ففاجأته بأن سحبت المقصّ من يده وغرزتها بقوّة في ذراعه , وهي تصرخ قائلة :
- انا لن أعود ثانيةً الى هناك !!!!! 

وقد رأت زوجته ما حصل ! وأسرعت بإخراج المقصّ من ذراعه , وهي تصرخ بغضب :
- جيم , إخرج هذه المجنونة من بيتي !!
فقالت لها جاكلين وهي تصرّ على اسنانها بحنق : بل انت المجنونة!!
وقفزت عليها , وبدأت تشدّ شعرها بعنف ..والزوجة تصرخ بألم !!!! 

فلم يجد جيم حلاً الا بحمل أخته بالقوّة الى القبو الذي ظلّ مغلقاً لسنواتٍ طويلة , وقيّدها بالسرير الحديدي نفسه الذي أغتصبت عليه عشرات المرّات , لتصاب بعدها بنوبةٍ هستيرية مرعبة !  
وأسرع بإقفال القبو عليها , ليحمي عائلته من نوبتها العصبية المخيفة !
***

وفي الطابق الأرضيّ .. وبعد ان ضمّدت الزوجة جرح ذراعه .. قالت له , وهي تغلق أذنيّ ابنتها كيّ لا تسمع صراخ عمتها :
- ارجوك يا جيم , أخرجها من بيتنا .. فهي تُخيفنا وتؤذينا ايضاً !  
فقال لإبنته محاولاً تهدأتها : حبيبتي لا تبكي , عمّتك متعبة قليلاً .. 
ثم قال لزوجته : دعينا نتعشّى في الخارج , وحين نعود تكون هدأت نوبتها العصبية .. هيا بنا

وخرجوا من المنزل .. تاركين جاكلين تصرخ بهستيريا وهي تشعر بخوفٍ شديد داخل القبو المعتم !
***

بعد ساعتين , عادت العائلة الى المنزل ..فقال لزوجته :
- عزيزتي .. إحملي الطفلة وضعيها في سريرها , وأنا سأنزل الى الأسفل لإطعام اختي
- ارجوك انتبه يا جيم
- لا تقلقي , فأنا لا أسمع صوتها .. وأظنها نائمة الآن
***

ونزل الأدراج وهو يحمل الطعام الذي أحضره من المطعم , ليتفاجأ بسماعه للحن الذي يكرهه ! 
- الن تنسين تلك الموسيقى اللعينة ؟!!

وحين اقترب منها .. عرف بأن والده هو من يدنّدن اللحن من خلال إحدى فيديوهاته لتعذيب المساجين التي كانت تشاهده !
جيم بدهشة : كيف هذا ؟! من اضاء لك التلفاز ؟!
- ابي 
فقال جيم بعصبية : والدنا ميت .. قتلته بيديّ امام عينيك !! هل نسيتي ؟! اين الريموت لأطفئه ؟
- دعه يا جيم , فأنا مستمتعة بمشاهدته

فحاول الأخ اطفاء التلفاز القديم من الأزرار , لكنه اضاء لوحده من جديد !
فقالت جاكلين مبتسمة : ارأيت ..روح والدي تريدني ان أصبح مثله
صارخاً : لا !! لن يحدث هذا ابداً , ولا اريدك ان تفكّري بهذه الأمور مطلقاً.. هل فهمتي ؟!!

ثم أزال الشريط الكهربائي للتلفاز .. لكنه عاد وأضاء لوحده , على صوت صرخات السجين الذي كان والده يقتلع أظافره بعنف !
- كيف هذا !
أخته : أخبرتك ..والدي زارني قبل قليل , ويريدني ان أنتقم له .. حتى انه فكّ قيوي .. ارأيت !!

ورفعت يداها , ليرى بأن الأصفاد الحديدية التي كانت معلّقة بالسرير قد أُزيلت عنها ! ..فتراجع للخلف وهو يرتجف بخوف : 
- من فكّ قيودك ؟! 
- هل انت غبي يا جيم ؟ الم أخبرك قبل قليل بأن إبي يريدني ان آخذ مكانه 

وهنا حاول جيم التراجع الى الخلف ببطء , محاولاً الوصول الى الأدراج للهرب منها .. لكنها انتبهت عليه , فهجمت عليه بسرعة لتعضّه بعنف من ذراعه المجروحة سابقاً ! 

وقد وصلت صرخاته الى زوجته بالأعلى التي أسرعت الى القبو لتنقذه , بعد ان أخذت سكيناً من المطبخ.. 

وذهبت الى هناك وهي ترتجف برعبٍ شديد .. 
وما ان نزلت أولى درجات القبو , حتى همست لزوجها بقلق : 
- جيم اين انت ؟ .. قلّ شيئاً
لكن لم يظهر له صوت ! 

وحين اقتربت من السرير , وجدته مقيّداً مكان أخته وفمه مكمّماً بقميصه !
فسألته بصوتٍ منخفض : 
- اين أختك اللعينة ؟
واذا بها تفاجئها من الخلف ..
- انا هنا !!
وقفزت عليها , لتجرح وجهها بأظافرها الطويلة .. 
***

في الطابق الأرضي ..
إستمعت الطفلة برعب الى صرخات امها القادمة من الأسفل , قبل ان يختفي صوتها بعد ان قيّدتها جاكلين قرب جيم ..وكمّمت فمها بقطعة قماش قذرة وجدتها مرمية في زاوية القبو .. وكانا مازالا مندهشين من طاقتها الجسدية التي فاقت قوّتهما (رغم جسمها الهزيل) وكأن روح رجلٍ عنيف احتلّ جسد المجنونة جاكلين !

وبعد تقيّدهما , قالت وهي تلوّح بالسكين امام وجههما .. 
جاكلين : انا ذاهبة الآن للعب مع ابنتكما
فبدأ ينتفضا محاولان فكّ قيودهما بعد ان ارتعبا على مصير ابنتهما الوحيدة , لكن العمة لم تبالي بقلقهما .. بل أطفأت نور القبو بعد ان أقفلته بإحكام , لتتركهما منهاران بالبكاء
***

لكنهما لم يسمعا أيّة اصوات قادمة من فوق , فخافا ان تكون كمّمت فم الطفلة كما فعلت معهما ! 

لتعود العمة اليهما بعد ساعة , وتأخذ جهاز الفيديو وهي تقول :
- ابنتكما لا تريد النوم , فاقترحت عليها ان نشاهد فيلماً سويّاً .. لذا سأريها بطولات جدّها العظيم
فصار الوالدان يبكيان , وينطقا بكلام غير مفهوم بسبب الكمّامة الموجودة على فمها .. فقالت له :
- ماذا تقول اخي ؟ انا لا أسمعك .. آه لحظة

وأزالت الكمّامة عن فمه , فأخذ يترجّاها باكياً :
- ارجوك اختي ..لا تُريها تلك المناظر المرعبة , ستتعقّد طوال حياتها
- تتعقّد ! بل قلّ انها ستجن كعمتها .. على فكرة نسيت ان أخبرك .. بعد ان فكّ ابي قيودي .. أقصد روح والدي .. أشار الى فيديو معين بالخزانة , وقد شاهدت جزءاً منه .. يبدو ان اللعين كان يصوّرني أثناء إعتداءه عليّ .. (ثم سكتت قليلاً) ..كانت ملامحي صغيرة وبريئة , تماماً كإبنتكما ! ..على كلٍ , قرّرت ان أريها ذلك الفيديو ايضاً , كيّ تكره الرجال حينما تكبر .. هذا ان كبرت اصلاً 

ثم أعادت الكمّامة الى فمّ أخيها قبل ان يكمل كلامه..
وعادت الى فوق , بعد ان أقفلت باب القبو بإحكام
***

ومرّت الساعة تلوّ الأخرى ببطءٍ شديد , حتى طلع الفجر .. 
ثم نزلت اليهما وهي تحمل خبزاً وحليب ..
- لابد انكما جائعان
وأنزلت الكمّامة اولاً عن فم إخيها المتعب الذي سألها :
- ماذا فعلتي بإبنتي ؟
- أووه المسكينة .. لقد بكت كثيراً بعد مشاهدتها لتلك الأفلام المرعبة ..ونامت بعد ان تبوّلت على نفسها .. وقد سألت عنكما كثيراً .. لكن لا تقلقا , سأعتني بها جيداً .. والآن عليّ إطعامكما بنفس الطريقة التي كان يطعمنا بها والدي .. أتذكر يا جيم ؟

وبدأت تغمّس الخبز بالحليب وتدخله عنّوة في فمهما .. 
وحين رفضت الأم تناول شيء , صفعتها جاكلين بقوة وشدّت شعرها..وهي تصرخ في وجهها بغضب :
- حين آمرك بتناول الطعام , تأكلينه في الحال.. هل كلامي مفهوم ؟!!
فقالت الزوجة باكية : اريد دخول الحمام
- لوّثي ملابسك كما فعل زوجك
الزوجة : انا حقاً اريد دخول الحمام .. ارجوك  
- لكنك ستحاولين الهرب 
- لا !! أعدكِ ان لا أفعل .. هيا رجاءً جاكلين , أكاد أنفجر
- حسناً , سأجلب المقصّ لأقطع الحبال لأنني ربطتها بقوّة

وما ان فكّت قيودها , حتى هجمت الأم عليها كالمجنونة وبدأت تخنقها بكلتا يديها وهي تصرخ :
- ماذا فعلتي بإبنتي يا مجنونة ؟!!

واستغلّ الأخ انشغالهما , وأمسك بالمقصّ الذي تركته جاكلين امامه ليقطع الحبال عنه , لكن إحدى قدميه كانت مقيدة بالأصفاد الحديدية بالسرير , فقفز قدر إمكانه ليمسك بقدم أخته التي كانت تتعارك مع زوجته على الأرض بجانبه 

بينما أسرعت زوجته الى الطابق العلويّ لرؤية ابنتها التي تفاجأت بها مشوّهة الوجه بعد ان قيّدتها عمتها بالسرير ..
فاقتربت الأم منها وهي تكاد لا تصدّق ما تراه ! وأزالت اللعبة القطنية الصغيرة من فم ابنتها التي انهارت بالبكاء : 
- امي ساعديني .. عمتي تريد قتلي !

وقبل ان تفكّ الأم آخر رباط عن قدم ابنتها , تفاجآت بالمجنونة تقف عند الباب :
- لن تستطيعي إنقاذ ابنتك 
فسألتها الزوجة بقلق :
- ماذا فعلتي بجيم ؟
- أخي .. لقد طعنت قلبه بهذه (ورفعت المقصّ عالياً) .. وأظنه يحتضر في الأسفل .. والآن , جاء دوركما ..

وإذّ بالعمة تقفز بالمقصّ ناحيتهما ! فلم تجدّ الأم نفسها الا وهي تقاوم بشراسة لتحمي ابنتها الواقعة على الأرض وقدمها مازالت مربوطة بالحبال بطرف السرير ..

وبسبب خوف الأم على ابنتها (التي كانت تصرخ بهستيريا امامهما) استطاعت ببسالة سحب المقصّ من يد العمة لتطعنها بقوة في قلبها .. لكن قبل سقطوها جثةً هامدة , نفخت شيئاً في وجه الطفلة ..ثم ماتت !

فحضنت الأم ابنتها التي كانت ترتجف بقوة :
- لقد ماتت .. عمتك ماتت .. نحن بخير الآن .. دعيني أفكّ رباط قدمك , ثم أنزل لأرى والدك ان كان مازال حيّاً
وحين كانت الأم تقصّ الحبال عن رجل ابنتها , إذّ بالصغيرة تدنّدن لحن جدّها التي سمعته من فيديوهات تعذيبه للمساجين !

وحين التفتت الأم اليها بقلق , رأتها مبتسمة وهي تقول بصوتٍ رجوليّ خشن : 
- أحسنتِ , يبدو ان جسدك هو الأنسب لروحي العظيمة

وإذّ بشيءٍ اسود يخرج من فمّ الطفلة ويدخل في جسد امها , لتتجمّد في مكانها للحظة ! قبل ان تنهض وتسحب الوسادة من السرير , ثم تضعه فوق رأس ابنتها وتضغطه بقوّة .. وبينما كانت الطفلة تنتفض بشدّة محاولةً إلتقاط أنفاسها , كانت الأم تصرخ عليها بصوتٍ رجولي :
- موتي يا خائنة لأنك جعلتني أربّي اولاد عشيقك كل هذه السنوات !!!

ولم تعيّ الأم ما فعلته الا بعد توقف حركة ابنتها تماماً , لتدرك بعد رفعها للوسادة بأنها قتلتها بنفسها !  
فحضنت جثتها بقوةّ وصارت تبكي وتعتذر لها بحرقةٍ شديدة .. 
وظلّت على هذه الحال , الى ان حلّ المساء !
*** 

في تلك الليلة , وخارج المنزل الكئيب .. توقفت سيارة بها خطيبان جدّد , كانا يتغزلان ببعضهما ..
فقال الشاب لعروسته : هذا المكان هادىء وامامه غابة جميلة , فما رأيك ان نشتري هذا البيت العتيق ونرمّمه ليصبح بيتنا ؟
- وهل هو للبيع أصلاً ؟
- لا أدري حبيبتي , لنسأل أصحابه
وإذّ بهما يتفاجآن بالأم واقفةً أمام نافذة الشاب بثيابها الملوّثة بدماء العمّة وهي تدنّدن ذلك اللحن المريب .. 

فأسرع الشاب بإدارة المحرّك , لكنه تفاجأ بالسيدة تثقب عجلة سيارته بالمقصّ الذي تحمله  .. 
ثم رمت حجراً كبيراً على نافذته لتكسرها , وتسحب الشاب الى الخارج بسهولة وكأنه دمية من القطن !

فهربت خطيبته من السيارة وهي تصرخ برعب , بينما كانت الأم تقتل الشاب بطعناتٍ متتالية وهي تدنّدن نفس اللحن .. قبل ان تختفي عن أعين الناس الذين تجمّعوا حول مسرح الجريمة , بعد ان توغّلت في الغابة ! 
***

ولاحقاً أخبرهم أحد رجال الشرطة الذين جالوا بالغابة للبحث عن القاتلة بأنه سمع لحناً مخيفاً بصوت إمرأة تقهق بشكلٍ هستيريّ , ممّا جعله يهرب من هناك..

والى يومنا هذا .. لم يجرأ أحد على دخول الغابة , خوفاً من تلك السيدة المُتلبّسة بروح الجدّ الفاسدة التي يبدو انها علقت بداخلها للأبد !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...