الأحد، 6 مايو 2018

كيف أهرب من هذا الجحيم ؟! الجزء 2



لابد من حلٍ سريع 

الجزء الأول :
فكرة : محمد بيومي آل غلّاب
كتابة : امل شانوحة
رابط القصة :
https://kabbos.com/index.php?darck=4618

الجزء الثاني : 
تأليف : امل شانوحة

استيقظ جون ليجد نفسه في نفس الزنزانة التي سُجن بها لشهورٍ طويلة , فبدأ يلعن حظه الذي أعاده الى هذا الجحيم من جديد !
- يا الهي ! ليس ثانيةً .. (ثم تنهّد بحزن) .. وهآقد عدنا من حيث بدأنا ! مالعمل الآن ؟ كيف أتخلّص من تلك المهمّة اللعينة !! 

وهنا دخلت عليه ابنة رئيس العصابة , وهي تقول :
- وأخيراً استيقظت , لقد نمت طوال النهار .. كيف حال جرحك ؟
ففاجأها قائلاً : شكراً جزيلاً لك
فسألته بدهشة : وعلى ماذا تشكرني ؟!
جون : على بقائي حيّاً , الست انتِ السبب ؟
فسكتت باستغراب !
فتابع قائلاً : هيا لا تنكري .. فلوّ كان شخصاً آخراً حاول الهرب مثلي , لكنتم عذّبتوه حتى الموت .. اليس كذلك ؟

الصبيّة بعصبية : إسمع يا هذا !! انا دافعت عنك لأني وجدتك أذكى من بقيّة المساجين , ونحن بحاجة الى ذكائك في هذه العملية بالذات
فقال بابتسامةٍ حنونة : الهذا فقط , يا ديانا ؟
الفتاة بغضب : جون !! لا أسمح لأحد ان يتكلّم معي بهذا الأسلوب , او ان يناديني بأسمي ..فلا تظن للحظة بأنك قادرٌ على إمالة قلبي ..أسمعت ؟!!

فنظر اليها مطولاً بنظرةٍ أربكتها , ثم قال : 
- لقد مال قلبك وانتهى الأمر
فتلعّثمت قائلة : انت تحلم !
وحين همّت بالخروج , أوقفها قائلاً : 
- جمالك لا يليق بهذا المكان  

فنظرت اليه بلؤم , ثم نادت الحارس ليفتح لها باب الزنزانة ..
لكنها خرجت من عنده وهي تشعر بشيءٍ لم تحسّ به من قبل ! فجون هو أول شخص يُغازلها في حياتها كلها , لأن جميع الرجال من حولها يخافون الإقتراب منها بسبب مركز والدها .. 
لكنها أنكرت مشاعرها , قائلةً في نفسها بغيظ :
- لوّلم تكن وسيماً لقتلتك بيديّ ايها الماكر !!
***

وبعد اسبوعين .. دخلت اليه مجدداً بعد خروج الطبيب من عنده..  
ديانا : أخبرني الطبيب بأن جرح معدتك بدأ يلتئم أخيراً .. من حسن حظك انه لم يتجرثم
جون : أعرف انك تطمأنين على صحتي دائماً 
ديانا مُستنكرة : لا غير صحيح !
- بلى .. وقد كنت أنتظر زيارتك كل يوم , فلما غبتي عني كل هذا الوقت , يا ديانا ؟

لكن هذه المرة لم تضايق منه حين ناداها بإسمها ! بل قالت مبرّرة:  
- كنت مشغولة ببعض الأعمال ..
جون مقاطعاً : إشتقت اليك
فانتفضت بارتباك بسبب جرأته الغير متوقعة : 
- إيّاك ان تكلّمني بهذه الطريقة مجدّداً .. أسمعت ؟!!
جون : من المستحيل أحياناً السيطرة على مشاعرنا 
فقالت مهدّدة : انت تجاوزت حدودك كثيراً يا جون .. وان كنت تظن بأنك ستخرج من هنا بسيطرتك عليّ !! فأنت مُخطأٌ تماماً , لأن قلبي أقسى من الحجر
جون : لست مُلزمة أن تكوني قاسية لترضي والدك , فأنت بذلك تتخلّين عن أنوثتك البريئة
ديانا بغضب : انا لست فتاةً بريئة !!
- بلى , وربما أكون الوحيد الذي تجرّأ على التغزّل بعينيك الجميلتين

فصفعته بقوة .. لكنه فاجأها بابتسامةٍ حنونة قائلاً :
- يدك ترتجف .. ومتعرّقة ايضاً !
- الجوّ حار
- بالعكس , الجوّ لطيف .. لكن تعرّق اليدين هي إحدى علامات الوقوع بالحب 
ديانا صارخة في وجهه : انت كاذب !!
- إبحثي بالإنترنت , وستجدين كلامي صحيحاً

فأغلقت باب الزنزانة خلفها بعصبية , وقلبها يرتجفّ بقوّة ..
وهي تقول في نفسها بقلق : ((مالذي يحصل لي ؟! هذا اللعين يحاول السيطرة على المشاعري , لكني لن أسمح له بذلك !!))
***  

وفي المساء .. لم تستطع ديانا النوم , فقامت من سريرها لتنظر الى نفسها بالمرآة :
- عينايّ جميلتان فعلاً ! فلما لم يتغزّل بهما أحد من قبل ؟!
ثم فتحت الإنترنت وبحثت عن : التغيرات الكيميائية التي تحصل في أجساد العاشقين .. فوجدت ان تعرّق اليدين هو دليل على الوقوع في الحب 
- مصيبة ان كان هذا صحيحاً ! فآخر شيءٌ أريده هو أن أعشق مهرّب مخدرات .. آه ماذا أقول ؟! وكأني لست إبنة تاجر مخدرات .. فمن تظنين سيتزوجك يا ديانا ؟ سفير ام مهندس ؟ على الأقل جون يعمل في تجارةٍ شريفة , كما انه لم ينقل المخدرات بعد
ثم فكّرت قليلاً : ولن أسمح لأبي أن يغرقه في هذا المستنقع !!
*** 

في اليوم التالي .. دخلت ديانا الى زنزانته , قائلةً بحزم :
- إسمع يا جون !! لن نقبل ان تبقى عالةً علينا , لذلك عليك ان تجدّ عملاً داخل السجن الى ان تشفى تماماً , فهذا ليس فندقاً او مستشفى
فقال لها : أستطيع الطبخ 
ودون ان تجادله , قالت للحارس الذي معها : 
- خذه الى المطبخ , ولنرى ان كان صادقاً
وقبل ان يخرج جون من زنزانته , قال لها بصوتٍ منخفض : 
- شكراً لكِ
ديانا باستغراب : على ماذا ؟!
- لأنك تحاولين إبعادي عن تهريب المخدرات
- لا لم أفعل !
- بلى , انت تحمينني ..وأتمنى ان يأتي يوم وأردّ لك الجميل

ثم ذهب مع الحارس , تاركاً إيّاها في حيرة وهي تقول في نفسها : 
- ما هذا الرجل ؟! كيف يستطيع قراءة أفكاري ؟!
***

وبعد مرور شهرين .. كانت إصابة جون قد شُفيت تماماً , لكن يبدو ان طعامه اللذيذ أنسى رؤساء العصابة موضوع مهمّته ! خاصة ان معظم وصفات الطعام الأمريكية تعتمد على اللحوم التي يعشقها الرجال 
***

وفي أحد الأيام .. وبينما هو يحمل الطعام لرئيس العصابة , سمع ديانا تجادل أباها من خلف الباب :
- لما لا تختار غيره يا ابي ؟! 
صوت والدها : الست انتِ من إقترحت جون لهذه المهمّة منذ البداية ؟!
- لكنه طباخٌ جيد
- انا لا اريد طباخين !! بل مهربين كفوئين .. لذا عليك إخبار الطبيب بأن يعدّه للجراحة , فالموزعون ينتظرون الدفعة الثانية من مخدرات الفلاكا (الزومبي) بعد فشل الأغبياء الأربعة الذين أرسلناهم سابقاً لهذه المهمّة 
ديانا بقلق : وهل قتلوا جميعاً ؟!
والدها : ثلاثة منهم , اما الرابع فقد ألقوا القبض عليه .. لكن لا تقلقي , فهو لن يعترف علينا طالما مصير عائلته في أيدينا .. المهم الآن , ان نُرسل شخصاً ذكياً كجون لتنفيذ هذه المهمّة الصعبة 
- لكن ابي ..
مقاطعاً بعصبية : لا تعانديني يا فتاة !! إذهبي ونفّذي الأوامر 
وهي تخفي حزنها : حاضر 

فأسرع جون مُبتعداً عن المكان , بعد معرفته بأن عليه إيجاد حلاً سريعاً للخروج من هذه الأزمة  
***

وفي منتصف تلك الليلة .. إستغلّ جون نوم حارس المخزن الذي وضع له المنوّم في قهوته (كان أعطاه إيّاه الطبيب كمسكّن للألم , قبل شهر) 
ثم دخل الى المخزن الذي إمتلأ بصناديق المخدرات ..
وبعد معاينتها , قال جون بيأس : 
- اللعنة ! لا إستطيع المخاطرة بفتح أيٍّ من هذه الصناديق , فجميعها مُرقّمة ومختومة جيداً .. مالعمل الآن ؟!

وقبل ان يخرج من هناك , سحق شيئاً بقدمه ! وكانت بقايا لحبة مخدّر .. فنظر أسفل الخزائن الحديدية التي إصطفّت عليها الصناديق , فوجد بعض حبوب المخدرات المتناثرة هنا وهناك بألوانها وانواعها المختلفة التي تناثرت بسبب إهمال العمّال .. 
فأختار فقط الحبوب الزرقاء من بينها , وهو يقول بارتياح :
- هذا هو النوع القويّ الذي يريدونني ان أنقله لأميركا ! 

وبعد ان جمعها , قال في نفسه : 
- أظن ان هذه الكميّة تكفي لخطة هروبي من هنا
ثم خرج بهدوء من المخزن , عائداً الى زنزانته وهو يفكّر بخطة الغدّ 
***

في ظهر اليوم التالي .. دخلت ديانا حزينة الى المطبخ , بينما كان جون مشغولاً بتحضير الشوربة ..واقتربت منه , لتقول بتردّد :
- لا ادري ماذا أقول لك !
فقال لها , دون ان ينظر اليها : إعطني المملحة لوّ سمحتي
بدهشة : ماذا !
- المملحة التي بجانبك
فأعطته المملحة وهي تقول دون وعيّ منها : تفضّل يا جون
فابتسم لها : شكراً لك .. انا أحضّر الشوربة التي يحبها والدك
- إسمعني قليلاً , فأنا اريد إخبارك بشيءٍ مهم

ففاجأها قائلاً : متى موعد المهمّة ؟
ديانا بدهشة : وكيف عرفت ؟!
- لأن الخوف واضحٌ عليكِ
- الن تكفّ عن قراءة عينايّ يا جون ؟!
- هذا مستحيل , فهما كالبحر يخفيان مشاعراً لا حدود لها
- دعك من هذا الآن , ولنتكلّم عن المهمّة
- سنتكلم لاحقاً عزيزتي
ديانا بعصبية : لا تقلّ لي كلاماً لطيفاً , فأنا لا أقبل ..
جون مقاطعاً , وهو يقرّب من فمها ملعقة الحساء : 
- ذوقي الشوربة
فانصدمت من جرأته !

جون : هيا ذوقي يا ديانا .. نعم , تمام .. والآن ما رأيك ؟
ديانا : لذيذة , كان عليك ان تصبح طباخاً بدلاً من تاجر
جون بضيق : والله أقبل بأيّةِ وظيفة , عدا مهرّب مخدراتٍ قذر !!
- أعتذر منك يا جون , لكن هذا المساء سيقوم الطبيب..
مقاطعاً بقلق : الجراحة الليلة ؟!
وهي تُخفي حزنها : نعم ولهذا لا تتعب نفسك كثيراً بالمطبخ , فأنت محتاجٌ الى الراحة
فيتنّهد بحزن , ثم يقول لها : الشوربة انتهت , دعيني أسكبها للجميع ..ومن ثم أذهب لأرتاح في زنزانتي 

فربتتّ على كتفه بحزن , ثم أسرعت بالذهاب من المطبخ قبل ان يرى دموعها التي تحاول إمساكها بصعوبة 
فقال جون في نفسه : ((لا تقلقي عزيزتي , فأنا لن أدعك هنا بين المجرمين .. وسأحاول إنقاذكِ انتِ ايضاً)) 

ثم وضع جون الحبوب الزرقاء الخطيرة في صحون الحرّاس ورؤساء العصابة , بينما لم يضعها في صحن ديانا والطبيب (الذي أراده معه بخطة الهروب) وقد أصرّ على أخذ الطعام اليهما بنفسه .. بينما قام الحارس بتوزيع الطعام للبقيّة , باستثناء المساجين الذين لا يأكلون سوى العصيدة الرديئة التي يطبخها لهم طباخ السجن العجوز
***

وما حصل بعدها كان أرعب بكثير ممّا توقعه جون ! حيث عَلَت صرخات الحرّاس المرعبة في أرجاء السجن المهجور , وكانت حركاتهم غير منطقية وأشبه بالزومبي ! فمنهم من مزّق ثيابه بسبب ارتفاع درجة حرارته , ومنهم من هجم على الآخر ليعضّه وينهش من لحمه وهو حيّ ! بينما قام البعض بطرق رؤوسهم بالجدار بقوّة حتى نزفت أنوفهم وجبهتهم , وصاروا يكرّرون هذه الأفعال الغريبة دون توقف ! 
بينما كانت تشنّجاتهم مؤلمة بحقّ , حيث كان يتلوّون بحركاتٍ ستؤذي حتماً عظامهم وعضلاتهم !  

اما الأسوء فهو ما حصل لوالدها (رئيس العصابة) حيث وضع له جون ثلاث حبات زرقاء في صحنه .. 
وقد شاهد جون وديانا والطبيب , الرئيس وهو يقتلع إحدى عينيه بيديه .. لتسقط ابنته مغشياً عليها من هول الموقف !
ولم يستطع الطبيب فعل شيء لإيقاف هذه المأساة , لأنه لم يكتشف بعد علاجاً لهذه الحبة التي يستمر مفعولها لساعاتٍ طويلة

وفي خُضم الأحداث والصرخات المرعبة , تفاجأ الطبيب بفوهة المسدس موجهاً الى رأسه , بعد ان سحبه جون من إحدى الحرس الذي كان ينتفض على الأرض بألم ..
الطبيب بقلق : هل ستقتلني يا جون ؟!
- لوّ كنت أريد التخلّص منك لوضعت لك المخدّر بطعامك , لكني اريدك ان تذهب حالاً لإطلاق سراح المسجونين , ثم تلحق بنا الى القارب 
- أستأخذ ديانا معك ؟
- نعم , وان كنت لا تريد ان تبقى وحدك بين الزومبيز المرعبين , فافعل ما طلبته منه , ثم الحقنا الى الشاطىء ..فأنا لن أذهب بدونك.. هيا تحرّك !!
***

وبالفعل !! قام الطبيب بإطلاق سراح المساجين الذين استقلّوا قاربين مطاطيّن وبدأوا بالتجذيف بعيداً عن جزيرة السجن .. بينما ركب الطبيب مع جون وديانا (الغائبة عم الوعيّ) في زورقٍ سريع..
***

وفي منتصف البحر .. سأله الطبيب :
- لما لم تضع لي المخدّر ؟!
جون : لأنك طبيبٌ عبقري
- ماذا تقصد ؟!
- الست انت من اخترعت علاجاً فعّالاً للصداع ؟ 
فأجاب الطبيب بحزن : نعم , فقد كنت طالباً مميزاً بالجامعة ..الأول على دفعتي ..وذات يوم هجموا علينا رجال عصابة العقرب , وقتلوا والدايّ وأخوتي ! ثم خطفوني للعمل في مختبراتهم السريّة الموجودة في قبو ذلك السجن , فقبلت مُجبراً تنفيذ اوامرهم

جون : وهل انت من اخترعت مخدّر الزومبي ؟
الطبيب : مخدّر الفلاكا معروف سابقاً بالصين وباكستان وهي حبوب بيضاء كريهة الرائحة .. لكني قمت بصباغته باللون الأزرق لتميزه عن غيره في السوق السوداء .. كما انني ضاعفت قوته , ليزيد النزعة الحيوانية لدى الإنسان  
جون معاتباً : وهل انت فخورٌ بنفسك لتدميرك حياة آلاف الشباب؟  

الطبيب بندم : صدقني , كنت مُجبراً على ذلك ! فأنت لا تعرف بما مرّرت به في سنوات إحتجازي هناك , حيث أجبروني على القيام بالكثير من العمليات الجراحية كإزالة الرصاص من اجسام المصابين منهم , او دسّ المخدرات داخل أجساد المروجين .. رغم ان تخصّصي الجامعي ليس الجراحة بل التراكيب الكيميائية للأدوية , فأنا كنت آمل دائماً ان أكتشف علاجاً للأمراض المستعصية .. وانظر الى حالتي الآن ! لقد قضوا على جميع احلامي 
- لا , ليس بعد 
- ماذا تقصد ؟!

جون : سأقوم بالترويج عن دوائك السحريّ لعلاج الصداع بكافة المختبرات الطبيّة , الى ان تحصل على براءة الإختراع .. ومن ثم نعمل سويّاً على تسويقه في جميع أنحاء العالم , وبذلك نصبح أغنياء 
الطبيب بيأس : تتكلّم وكأن الموضوع سهل
جون : سيكون سهلاً في اميركا
- وهل نحن ذاهبون الى هناك ؟
- نعم .. فحين خدّرت حارس المخزن البارحة , أخذت جواله واتصلت بصديقي الذي يعمل في شرطة المطار , وهو من سيدخلنا الى البلاد بموافقة من المخابرات الأمريكية الذين يأملون بالحدّ من عمليات تهريب المخدرات الى اميركا من قِبل أفراد عصابة العقرب المكسيكية 
الطبيب بارتياح : يعني أخيراً سأعمل عملاً قانونياً ؟!  

وهنا استفاقت ديانا بعد ان سمعتهما , قائلةً : 
- هذا ان لم يقتلنا والدي قبل ان نصل الى الحدود !
جون : سنصل سالمين الى اميركا , لا تقلقي .. كل ما اريده منك ان تبقي في صفّنا 
الطبيب مُحذّراً : انا مكانك لا أضمنها , فهي بالنهاية ابنة والدها
جون بثقة : بل ستفعل ذلك لحماية زوجها
ديانا بدهشة : ماذا قلت ؟!
جون بابتسامة : ولما استغربتِ ؟ انا أعرض عليك الزواج
فضحك الطبيب بعد ان لاحظ ارتباكها : أظنها لم تتخيّل هذه اللحظة ابداً .. مبروك يا عروس
فقالت له بعصبية : وعلى ماذا تبارك ؟! فأنا لم أوافق بعد !!
فاقترب جون منها قائلاً : لوّلم يكن الطبيب معنا , لأجبرتك على الموافقة 
الطبيب مُمازحاً : حسناً سأغمض عينايّ , وأنت قبّلها براحتك
ديانا صارخة بقلق : لا !! إيّاك ان تفعل يا جون ..والله أقتلك !!!
فضحك الشابان .. 

جون مغازلاً : هذه اول مرة أرى خدودك حمراءً هكذا !
ديانا باستنكار : لا , انت تكذب ! 
الطبيب : لا عليك منها فهي ستقبل عرضك بالتأكيد , فقد كانت تدافع عنك بشراسة 
فتنظر الى الطبيب مُعاتبة ..
الطبيب بابتسامة : ماذا .. أتنكرين ؟ 
ديانا مهدّدة : غيّرا الموضوع حالاً لأجل سلامتكما !!
جون : حسناً إهدئي , سنتكلم في هذا الموضوع بعد وصولنا بالسلامة الى اميركا

لكن فجأة ! ظهرت من بعيد سفينة تتحرّك باتجاههم بسرعةٍ فائقة ! 
ديانا : اللعنة ! هذا زورق ابي الخاص 
جون بقلق : ماذا تقصدين ؟!
ديانا بخوف : محرّكها ضعف قوّة قاربنا , وأظنه سيصل الينا قريباً ليقتلنا جميعاً !
جون وهو يُخفي قلقه : حسناً , سأضاعف السرعة للوصول الى البحر الإقليمي لأميركا
***

وكان والدها يراقبهم بمنظاره في قاربه السريع , بعد ان غطّى عينه الأخرى المصابة بالشاشّ .. صارخاً لقبطان سفينته بعصبية:  
- إسرع اكثر !! أريد اللحاق بهم 

لكنه تفاجأ حين رأى سفن خفر السواحل الأمريكية تقترب من قارب ابنته من الجهة المعاكسة , وكانوا على وشك الوصول قبله الى سفينة جون  
***

وبعد قليل .. شاهد والد ديانا بمنظاره وصول الشرطة اليهم , فصرخ لقبطانه قائلاً : 
- توقف حالاً !!
فاقترب منه حارسه : لما توقفنا سيدي , فقد كنّا على وشك اللحاق بهم ؟!
الرئيس بغيظ : يا غبي !! ان اقتربنا أكثر فسيقبضون علينا بتهمة عبور المياه الإقليمية دون إذنٍ من السلطات الأمريكية .. فهيا نعود الى جزيرتنا , ولنفكّر هناك بطريقةٍ أخرى لتحرير ابنتي من أيدي ذلك اللعين !!

وبينما كانت سفينته تعود أدراجها , قال الرئيس في نفسه بغضب :
((ستندم على تحدّيك لي , ايها التافه !!))
***

وما حصل بعدها كان أغرب من الخيال ! حيث استطاعت المخابرات الأمريكية القبض على الكثير من الشحنات المهرّبة , بعد قيام جون بإطلاعهم على هويّة الأشخاص الذين قاموا بمهمّات التهريب قبله , لكن بشرط : ان لا يعاقبونهم , فهم كانوا مُختطفين مثله في ذلك السجن , ومُجبرين على تنفيذ اوامر عصابة العقرب خوفاً على عائلاتهم .. 
لهذا رضيت السلطات الأمريكية بتطبيق قانون حماية الشهود عليهم , في حال تضامنوا معهم للإطاحة بهيبة عصابة العقرب والتقليل من سيطرتها على السوق السوداء ..
***

اما جون فقد توجّه برفقة الطبيب المكسيكي الى أهم المختبرات الطبيّة الأمريكية ليعرض عليهم إكتشافه الطبّي المذهل في علاج الصداع النصفي .. ليقبلوا بعد شهورٍ طويلة , شراء الإختراع منه (بعد ان أجروا العديد من التجارب على الحيوانات اولاً , ومن ثم المرضى) .. 

وبعد النجاح الكبير الذي حقّقه الطبيب المكسيكي في اميركا , التقى بجون كيّ يعطيه نصيبه من الأرباح بعد طرح دوائه في الأسواق 
جون وهو يستلم الشيك من الطبيب , يقول بدهشة : لكن هذا مبلغٌ ضخم !
الطبيب : هذا أقل ما يمكنني فعله لأجلك بعد ان أخرجتني من ذلك الجحيم

جون : وهل ستبقى في اميركا ؟
- أساساً ليس لديّ أحد بالمكسيك بعد قتلهم لأهلي
- لا تحزن يا صديقي 
- لا عليك , تعوّدت على الأسى .. والآن إخبرني , ماذا تنوي فعله بهذا المال ؟ 
- سأتابع به تجارة الخردوات , لكن بعد ان أتزوج من حبيبتي
الطبيب بدهشة : حبيبتك ! أهذا يعني ان قلب ديانا مال إليك أخيراً ؟!
- بصعوبة يا صاحبي ! فهي تظنّ بأنني تقرّبت منها كيّ أستغلّ عطفها في الخروج من ذلك السجن 

الطبيب : الم تكن تلك نيتك بالفعل ؟
جون : في البداية نعم .. أردّت السيطرة على مشاعرها كيّ تحميني من بطش والدها .. لكن حين تخلّت عن قسوتها , بدأت أرى فيها أنوثة أعجبتني , وجعلتني أرغب بإخراجها من ذلك المستنقع الذي لا يليق بها .. المهم إنها بالنهاية أقتنعت بحسن نوايايّ , واعترفت لي بحبها.. ولذلك أريدك ان تكون شاهداً على زواجنا
الطبيب مُحذّراً : من الأفضل ان يكون عرسكما سرّياً , فربما يكون رجال عصابة العقرب منتشرون بالجوار ! 

جون : وهذا رأيّ ديانا ايضاً .. لكن لا تقلق , فهم لن يصلوا الينا بعد تغير أسمائنا 
الطبيب بقلق : الحرص واجب يا جون .. فربما يستطيعون الوصول الى عنوانكم الجديد عن طريق رشوة بعض الفاسدين من رجال الشرطة الأمريكية .. فالأموال تغيّر النفوس يا صاحبي .. كنّ حذراً
***

وحصل العرس بمكانٍ سرّي , وبحضور أعدادٍ قليلة من الأصدقاء المقرّبين .. وعاش جون وديانا بسعادة دون حدوث أيّ شيءٍ يقلق راحتهما من قبل أفراد عصابة والدها , الذين بدأوا بالإنسحاب تدريجياً من عصابته والإنضمام لعصاباتٍ أخرى بعد ان ضعف نفوذ عصابة العقرب كثيراً ! بعد قبض السلطات الأمريكية على الكثير من مروّجيها داخل اميركا..
*** 

جون بعد قراءته للصحيفة , قال لزوجته : 
- يبدو ان مملكة والدك الى زوال !
فنظرت اليه ديانا بحزن , فقال لها باستغراب :
- ولما انت حزينة ؟! هل تريدنه ان يتابع عمله في أذيّة الشباب ؟!
- لا طبعاً , لكني خائفة أن يؤذيك ويؤذي طفلنا 
- لا تقلقي , فهو مشغولاً الآن بحلّ مشاكله المالية .. كما ان الحكومة الأمريكية تضغط على الحكومة المكسيكية للقبض عليه
ديانا بقلق : أخاف ان يقتلوه بالسجن , فهو لديه الكثير من الأعداء هناك
- لا تغضبي مني يا ديانا , لكنه يستحق العقاب
فسكتت ديانا بحزن , وهي تحتضن وليدها 
***

وحصل ما كان متوقعاً , حيث استطاعت شرطة مكافحة المخدرات المكسيكية إقتحام السجن المهجور الذي بقيّ قلعةً شامخة لعشرين سنة .. وتم ضبط البضاعة المتراكمة هناك , ونقلوا المجرمين الى سجنٍ حقيقي هذه المرة .. 
لكن الغريب ان والد ديانا عُومل كملك في سجن الدولة , بعكس ما توقعه الجميع ! ذلك لأنه أحاط نفسه برجاله الأقوياء الذين إنضموا اليه , وفرضوا سيطرتهم على بقيّة المساجين .. وكأنه نقل مركزه الى سجنٍ جديد ! بعد رشوته للحرس الفقراء من الشرطة الذين بدورهم وفّروا له جميع متطلباته , ومن ضمنها جوّاله الخاص 
***

وفي أحد الأيام , وبينما كان رئيس عصابة العقرب يتمشّى في ساحة السجن .. وصلته مكالمة من امريكا ! 
فردّ عليها , ليتفاجأ بصوت ابنته التي لم يسمعه منذ سنة , والتي اتصلت به دون علم زوجها جون..
رئيس العصابة بدهشة : ديانا ! أهذا انت ؟!
- نعم ابي
- واين انت الآن ؟
ديانا : لا يهم اين انا ..أردّت فقط الإطمئنان عليك بعد معرفتي بسجنك

فبدأ الأب يعاتبها على خيانتها , بينما كانت هي تحاول التبرير له  
وأثناء صراخه عليها , سمع بكاء طفلٍ بجوارها !
فسألها بدهشة : ما هذا الصوت ؟! هل أصبح لديك طفل ؟!
- نعم , أصبحت جدّاً لولدٍ جميل
ابوها بغضب : ولدٌ من ذلك السافل !!
- ابي .. هو يعاملني جيداً
بعصبية : وهل يعاملك كأميرة كما كنت أفعل دائماً ؟!!
- ابي رجاءً , لا تضعني بينك وبين زوجي .. فأنا اتصلت بك للإطمئنان عليك .. وقد فعلت .. والآن عليّ إغلاق المكالمة قبل عودة زوجي من العمل..
- لحظة يا ديانا !! قبل ان تذهبي , إرسلي لي صورة حفيدي
ديانا بدهشة : أحقاً ابي ؟!
- نعم , اريد ان أرى ان كان جميلاً كوالدته

فأرسلت له صورته , وبدءا يتحدثان عن الصغير .. 
ثم قال لها :
- اريد ان أبعث هدية لحفيدي , فارسلي لي عنوان منزاك
- لكن ابي ..
ابوها مُقاطعاً وبصوتٍ منكسر : ديانا .. انا مسجونٌ الآن , ومحطّمٌ تماماً يا صغيرتي .. وأُهان كل يوم من بقيّة السجناء 
ديانا بقلق : أحقاً !
- لا تقلقي فالوضع ليس خطيراً لهذه الدرجة , لكني أريدك ان تعرفي بأنني تغيرت كثيراً بالشهور التي قضيتها في السجن .. وأعتذر لك لأنني أفسدت حياتك , وحياة آلاف الشباب .. لهذا اريد تصحيح بعضاً من أخطائي .. فرجاءً حبيبتي , دعيني أرسل لحفيدي شيئاً يتذكّرني به .. فمن يدري ؟ ربما أقتل هنا في أيّةِ لحظة

وظلّ يؤثّر على مشاعرها ويُذكّرها بذكرياتهما سويّاً , حتى أبكاها  وأرسلت له عنوانها في اميركا..
ديانا : لكن ارجوك ابي , لا تؤذي زوجي فهو حبيّ الوحيد
- وما دخلي انا به !! فكلّ من يهمّني هو انت وحفيدي فقط 

وبعد انتهاء المكالمة .. قال بصوتٍ عالي امام جميع السجناء : من المكسيكيين والأفارقة واللاتينين والأيطاليين المتواجدين داخل السجن المكسيكي ..
- مئة مليون دولار !!! لمن يحضر لي رأس صهري العزيز
فصرخت كل فرقة بحماس : نحن نفعلها !!! 
- بل نحن نقوم بالمهمّة , سيدي !! 

وحصل هرج ومرج إستدعى تدخل رجال الشرطة , بينما اكتفى رئيس عصابة العقرب بابتسامةٍ خبيثة , وهو يقول في نفسه :
((سأجعلك تندم كثيراً يا جون على حرماني من عملي ومن ابنتي .. ولن يُشفى غليلي الاّ بأخذ روحك وروح ابنك , ايها التافه اللعين !!))

ثم ضحك بهستريا !! لأنه يعلم بأنه فتح باب جهنم على جون الذي يحتاج الى معجزة إلآهية للخروج من هذا المأزق الخطير ! 

فهل برأيكم يستطيع جون إنقاذ عائلته من وحشيّة والد زوجته ؟

سنعرف الإجابة قريباً في الجزء الأخير للقصة ..
****

ملاحظة :
1- شاهد ما يفعله مخدّر الفلاكا (او ما يُعرف بمخدّر الزومبي) بمتعاطيه :
https://www.youtube.com/watch?v=xc5uY_25-Jw

2- فتاة تقتلع عينيها بنفسها بسبب المخدرات :
https://www.youtube.com/watch?v=FyEm7XcGcbk

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...