الثلاثاء، 26 سبتمبر 2017

الفيلا المُريبة

تأليف : امل شانوحة


ما هذا الدرج المُخيف ؟!

كانت توجد في أطراف المدينة , فيلا قديمة تم تجديدها حديثاً .. ومن ثم قام المالك بتأجيرها , بعد ان قسّم كُلّ طابقٍ منها الى شقةٍ منفردة .. بحيث كانت للشقة العلوية بابٌ خارجي خاصٌ بها (من القبو الى خلفية الفيلا) , وهي بعيدة عن الباب الخارجي الآخر الأمامي , الموجود في الفناء الصغير الذي يخصّ الطابق الأول فقط .. 

ولأن سعر الشقة العلوية أرخص , قام باستئجارها شابٌ أعزب .. بينما استأجرت العائلة (المكوّنة من الوالدين وابنتهما المراهقة , وطفليهما التوأمين في السادسة من عمرهما) الطابق السفلي , مُتضمّناً حديقة الفيلا 

وبعد ان قبض المالك أجار الشقتين عن السنة القادمة , سافر لمتابعة اعماله في الخارج ..
***

ولم تشعر العائلة طوال الثلاثة أشهر (التي مرّت عليهم منذ انتقالهم للفيلا) بالشاب الذي كان يسكن فوقها بسبب هدوء طباعه , ولأنه كان ينام صباحاً ويخرج في المساء ويعود عند الفجر !
***

وفي ليلة من الليالي .. تفاجأ الوالد بجاره الشاب يطرق عليه الباب (الفاصل بين الطابقين) لأوّل مرة .. وبعد ان فتح له :
اعطاه الشاب مفتاح شقته العلوية بيده التي ترتجف بشدّة , بينما كانت عيناه زائغتان وجسمه مُتعرّقٌ بشدة .. ثم قال وهو يتلعثم بالكلام , ويتلفّت حوله بخوف : 
- لو سمحت يا أخ .. أعدّ مفتاح شقتي لصاحبها بعد عودته من السفر , لأنني تركت المنزل ..

وبعد ان استلم منه المفتاح , قال له : 
والد العائلة : حسناً سأفعل .. وان كنت تريد المساعدة بنقل حاجيّاتك , فيمكنني ان ..
فقاطعه قائلاً وهو يلهث برعب : لا !! لا اريد شيئاً .. كل ما اطلبه منك ان لا يصعد أحدٌ منكم الى فوق مهما كانت الأسباب 

وخرج سريعاً من الفيلا (من بابها الثاني) تاركاً الأب في حيرة , بسبب رحيل جاره على عجل دون أخذ أيٍّ من حاجياته , وكأنه يهرب من شيءٍ ما !  
***

وبعد مرور اسبوعين .. وبحلول المساء .. لاحظت العائلة فروغ خزانها من الماء , ممّا ضايق الأب الذي كان ينوي الإستحمام استعداداً لمقابلة مهمّة في عمله بصباح اليوم التالي .. لهذا إضّطر للنوم باكرأ هو وابنائه الصغار .. 

وبعد ساعتين .. وبينما كانت الأم وابنتها ترتّبان غرفة المعيشة قبل استعدادهما للنوم .. تفاجئتا بالأب يفتح الباب الفاصل بين الطابقين وهو يحمل منشفته وملابسه .. 
فسألته زوجته بدهشة : هل ستستحمّ في بيت جارنا ؟!
لكنه لم يجيبها , فقالت لأبنتها : 
- مفتاح بيت جارنا بالدرج العلوي قرب سريري .. إحضريه سريعاً , لتفتحي الباب لوالدك 

وعلى الفور !! أحضرت الفتاة المفتاح .. ومن ثم سابقت والدها الى فوق بحماس لفتح بيت الجار , فهي لطالما ألحّت على والديها ان ترى الطابق العلوي قبل إعادة المفتاح لصاحب الفيلا , لكنهما كانا يرفضان طلبها في كل مرة ..

وبعد ان ركضت على الدرج .. ووصلت الى الشقة قبل والدها , تكلّمت معه من فوق :
- ابي !! لقد وصلت .. هل افتح لك الباب ؟
فأجابها من الدرجات السفلية : نعم , افتحيه 

وبعد ان فتحت باب الجار .. إنتابتها قشعريرة من الظلام المخيف داخل شقته .. فتراجعت الى الخلف ! 
ثم أطلّت برأسها من فوق الدرج , تنادي والدها :
- هيا ابي , تعال !! .. اين وصلت ؟! 
لكن والدها لم يجيبها , وكأنه لا يوجد أحدٌ يصعد السلالم !

وعندما نظرت الى الشقة ثانيةً , رأت والدها في الداخل وهو يدخل احد الغرف  
الصبية برعب : ابي ! كيف سبقتني الى فوق ؟!

وفجأة !! إنطفأ نور الدرج .. 
وكردّةِ فعلٍ منها : أسرعت ناحية الغرفة المضيئة التي بها والدها (داخل شقة الجار) وهي تصرخ برعب :
- ابي !! اين انت ؟!!!

وهنا أُقفل عليها باب الشقةّ !
***

وفي الطابق السفلي .. دخلت الأم غرفة نومها , لتتفاجأ بزوجها غارقٌ في النوم ..
فسألت نفسها بفزع :
- اذاً من الذي رأيناه يصعد الى فوق ؟!

وعلى الفور !! توجهت ناحية الباب الذي يفصل بين الطابقين .. وما ان فتحته , حتى سمعت صرخات ابنتها من بين الظلام , وهي تقول :
- امي !! إقفلي الباب سريعاً , واهربوا من هنا !!!

لكن خوف الأم على ابنتها جعلتها تصعد أولى الدرجات (بعد ان اشعلت النور) لكنه انتابها خوفٌ مُفاجىء حينما رأت دخاناً اسوداً ينزل باتجاهها (من فوق) .. ولم ترى نفسها الى وقد عادت الى شقتها , بعد ان أقفلت الباب الفاصل بين الشقتين , والذي اهتزّ بعنف وكأن شيئاً من خلفه يحاول فتحه بالقوة ! 

ثم ركضت الأم باتجاه غرفة طفليها لتهرّبُهما من هذا المنزل المسكون , الا ان غرفتهما كانت فارغة ! 
فعادت الى غرفة زوجها لتستغيث به , الا انه ايضاً لم يكن في سريره .. 

وهنا سمعت بوق السيارة المتتابع , قادماً من خارج الفيلا ..  
ففتحت باب الفيلا لترى الباب الخارجي مفتوح , وولداها الأثنان يجلسان في سيارة والدهما (الذي كان ينظر باتجاه الشارع ببرود) , وهما يصرخان لأمهما بفزع :
- امي !! بسرعة إركبي السيارة .. علينا الهرب قبل ان يأكلنا الوحش

فركضت الأم باتجاه الباب الخارجي , وهي تنادي زوجها :
- اين تذهب ؟! إدخل لتنقذ ابنتك اولاً
لكن باب الفناء اُغلق فجأة في وجهها ! فحاولت فتحه الا انه كان مُغلقاً من الخارج بإحكام .. 

ثم سمعت (من خلف الباب) صوت السيارة وهي تنطلق بإبنائها بعيداً عن الفيلا 
فصارت تصرخ الأم لزوجها بهستيريا :
- اين تهرب يا حقير !! تعال وانقذني انا وابنتك

وبهذه اللحظات , سمعت صرخات ابنتها من الداخل .. فأسرعت ناحية باب الفيلا , لكنه أغلق ايضاً في وجهها , لتعلق الأم في حديقة الفيلا ! 

وصارت تحاول بيأس طوال الليل دخول الفيلا او الخروج الى الشارع لتستنجد بالناس , لكن كلا البابين مُغلقان بإحكام .. 
وبالنهاية انهارت قواها , لتسقط مغشياً عليها في فناء الدار
***

في صباح اليوم التالي .. استيقظت الأم في المستشفى وهي تعاني من خربشات وجروح في انحاء متفرقة من جسدها , وهي حتى لا تدري كيف أُصيبت بها ! لكنها مازالت تتذكر جميع الأحداث المرعبة التي حصلت مساء الأمس في بيتها 
***

ورغم انها أخبرت الشرطة بما حصل هناك , الا انهم لم يجدوا ابنتها في الطابق العلوي للفيلا بعد اقتحامها , كما لم يجدوا أثراً للأب واطفالها الأثنين .. فأصيبت الأم بإنهيارٍ عصبي , وصارت تشتم زوجها الذي خذلها وخطف ولديها دون أيّ مبررٍ ! 
وظلّت تبكي وتنوح على ابنائها المفقودين , مما اضّطر الطبيب ان يخدّرها كي ترتاح قليلاً 
***

وبعد ان ذهب الجميع من غرفتها (من المحققين والممرّضات) وقبل ان تستسلم الأم للنوم , لاحظت دخول شخصٍ بالخفيّة الى غرفتها ! ورغم عدم وضوح صورته بعينيها الناعستين , الاّ انها عرفته بعد ان أقترب منها , وكان جارهم القديم الذي همس لها :
الشاب : لقد اخبروني بما حصل لعائلتك , واعتذر لك عن كل ما ..
وهنا أمسكت بيده , وقالت له بصوتٍ تعب :
- ماذا حصل لعائلتي ؟ واين هم الآن ؟! 

فقال لها بصوتٍ منخفض : إهدئي قليلاً وسأخبرك بكل شيء .. (ثم تنهّد بضيق) .. انا أدرس الشعوذة .. لكني أخطأت حين قرّرت ان أقيم لوحدي جلسةٍ روحانية .. ولم ادرك انني أخرجت جنّياً لعيناً من حبسه .. ولكونه كان مُعاقباً لقرون داخل سجن الجن لسوء اعماله , فهو خرج من هناك جائعاً
الأم بقلق : ماذا تعني بجائع ؟!

- يعني يريد زوجة بأيّ شكل , وأظنّه إختار ابنتك عروساً له 
وقبل ان تستوعب الأم كلامه , أكمل قائلاً :
- كما أظنّه تلبّس في جسد زوجك , وأجبره على خطف ابنائك الصغار 
الأم بخوف : وماذا سيفعل بهما ؟!
الجار : أعتقد انه سيتقرّب بهما الى ابليس , بجعلهما قرباناً له 
الأم بذهول : هل سيحرُقهما والدهما ؟!

لكن الجار أبعد يدها التي كانت تضغط على يده بقوة :
- أعتذر منك يا خانم .. لكنك فقدت عائلتك , وعليك ان تُكملي حياتك من دونهم .. سامحيني رجاءً

ثم هرب سريعاً من الغرفة , تاركاً الأم تصرخ بهستيريا !!! وقد أزعج صراخها كل من في المستشفى , ممّا أجبر الطبيب على إرسالها الى مستشفى الأمراض العقلية لتُكمل علاجها هناك ! 

هناك تعليقان (2):

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...