الأحد، 17 سبتمبر 2017

البريئة والخبيث

تأليف : امل شانوحة

ملاك,شيطان,حب,شرير,خبيث,فتاة,بريئة

الحبّ الذي بيننا مُستحيل !

أعترف بأنني كنتُ ذئباً بشريّاً أتصيّد الفتيات البريئات عبر وسائل التواصل الإجتماعي .. حيث كنت أُسمعهنّ كل ما يتخيّلونه عن شريك حياتهنّ المثالي , وأُغرُقهنّ في إحلامٍ خيالية لأسحب قدمهنّ نحو الهاوية .. ربما تعتبرونني شريراً , لكن ما ذنبي ان كنّ ساذجاتٌ هكذا ؟

فهنّ في نظري كزهورٍ فوّاحة عليّ الإسراع باقتطافها قبل غيري , أو كما يُقال : أختار من كل بستانٍ وردة .. 
ومن خلال تجاربي الطويلة في فنّ الإغراء , قُمت حتى الآن بإلإيقاع بالكثير من النساء .. الكبار منهنّ قبل الصغار , والمرأة العانس والمطلقة قبل العازبة .. فجميعنّ وقعن في شراكي .. الاّ واحدة !
اسمها روح .. والتي بسببها أصبحتُ جسداً بلا روح 

فأنا لم أفهم هذه الفتاة ابداً ! لأنها عبارة عن مزيج بين انماطٍ مُختلطة من النساء .. فهي عفويّة وبريئة كالأطفال .. عصبية وحادّة , كمزاجيّة النسّوة المطلقات حديثاً .. ذكيّة كإمرأةٍ مُسنّة .. وخيالية كالملائكة !

ومنذ اليوم الذي التقيت بها بالصدفة عن طريق الإنترنت لفتتّ انتباهي على الفور بصورتها التي وضعتها في صفحتها على الفيسبوك , وبدتّ لي كفتاةٍ جادّة وبريئة في نفس الوقت !
وبالطبع أردّتُ إغرائها كما فعلت مع الأخريات , وظننّت ان الأمر لن يأخذ معي أكثر من شهر .. لكن علاقتي بها تعدّت السنة وبضعة أشهر ! والسبب انني لم أجدّ فيها نقطة ضعفٍ أستغلّها للسيطرة عليها .. والأسوء من ذلك , ان شخصيتها الغامضة أشغلتني عن بقيّة البنات .. 

وقد حاولت معها كل شيء .. لكن كلمات عشقي كانت تُربك طبيعتها الخجولة ممّا جعلها تفلت من بين يديّ أكثر من مرةّ , كعصفورٍ يأبى دخول القفص 

فجرّبت طريقةً أخرى وهي الحزم والتعامل معها بعنف , فهربت مني للشهورٍ طويلة , قبل ان أجدّ وسيلةً أخرى لإعادتها الى دوّامة سيطرتي 
لكن إحتفالي بنجاح خططي لم يكن يدمّ أكثر من أيام , وأحياناً لساعاتٍ قليلة قبل ان يهرب الطائر مني ثانيةً , مما أفشل جميع خططي الخبيثة للإيقاع بها ! ومع هذا إعتبرتها تحديّاً لابد أن أفوز به .. 

فقمت باختراع عدّة شخصياتٍ لها ..ولاحظت بعد جهدٍ جهيد إنها إنجذبت كثيراً الى الشخصية المؤدبة التي لا تمتّ لي بصلة ! بل أعتبرها شخصية مُملّة جداً بالنسبة لطبيعتي المغامرة
لكن بعد مضيّ كل هذا الوقت سويّاً , وجدت أشياءً مشتركة بيننا لم أكن أنتبه عليها في بداية علاقتنا ! 

كما إنني على غير عادتي , بدأت استمتع بالحديث معها عن الأخلاقيات والحياة المثالية التي تراها في عينيها الزُرق السماوية
وقد لاحظ جميع من حولي تغيري المفاجىء , ممّا أغضبهم كثيراً!  
وقد عرفت ذلك من خلال الرسالة التي وصلتني عبر المنام ..
هو بالحقيقة لم يكن مناماً , بل كابوساً مرعباً .. شاهدت فيه :
((حارسان من الشياطين يسحباني بعنف الى الأسفل , ثم يرمياني أمام عرش ابليس الذي صرخ بي قائلاً بصوته الجهوري المرعب: 
- ماذا تظنّ نفسك فاعلاً يا ولد ؟!!
  فارتجفت قائلاً :
- لقد أحببتها حقاً يا ابي , فهي مختلفة عن .. 

فقاطعني والدي قائلاً :
- لقد أرسلتك للدنيا بهيئة بشر على حسب طلبك , لكي تغوي بنات آدم .. فماذا كانت النتيجة ؟ .. إنك تعلّقت بملاك !
- هي فتاةٌ رائعة يا ابي , ولا يطاوعني قلبي على أذيّتها
فجلدني بسوطه الذي آلم ظهري كثيراً , ثم قال مُعاتباً :
- الم تسمع ما قلته ايها العاصي !! قلت إنك أحببت ملاكاً حقيقياً 
فانصدمت كثيراً حتى كاد يُغمى عليّ , وسألته مُستفسراً :
- انا لم أفهم شيئاً ! إشرح لي رجاءً

فقال ابليس بعصبية :
- عندما وصلني خبر : إنك توقفت لأكثر من سنة عن إغواء البشريّات , أرسلت جنودي لتحقّق من أمرك .. فعرفوا ان الفتاة (روح) التي أبعدتك عن الحرام ماهي الاّ ملاكاً سماوي بهيئة بشريّة , نزلت الى الدنيا لتهدي الشباب المدمن على الإستخدام السيء لوسائل التواصل الإجتماعي .. ايّ عكس مهمّتك يا أحمق !! (ثم تنهّد بغضب) .. وبما إنك فشلت بالإمتحان , سأرسل شخصاً آخر لإغواء روح هذه  

فصرخت بكل قوتي مُعترضاً :
- لا !!! لن أقبل ان يُكلّمها أحدٌ من إخواني .. روح لي وحدي !!!
فضحك ابليس ساخراً :
- هل بُتّ تغار عليها ايضاً .. إسمع يا ولد .. سأمهلك شهراً واحداً فقط لكي تنزع عنها ثوب الطهارة , والاّ سآمرُ حرسي بزجّك في السجن لقرونٍ طويلة حتى تتشيّطن من جديد .. هل فهمت ؟!!
فقلت وانا أحبس دموعي بصعوبة :
- حاضر يا ابي , سأقوم باللازم .. لا تقلق لذلك

وهآ انا أحاول منذ أيام وأسابيع إغراء روح من جديد , وذلك بإرسال أجمل الأغاني الرومنسية الى بريدها .. كما كنت ألحّ عليها بضرورة رؤيتها بعد ان إنفطر قلبي بحبها .. وقد إنصدمتُ كثيراً حينما قبلت طلبي ! 

وبالرغم إن هذا الشيء أفرحني وأراحني الاّ انه أبكاني كثيراً .. نعم بتأكيد انا سعيد لتنفيذ مهمّة والدي بنجاح .. لكني أيضاً حزينٌ جداً , لأن عنادها السابق لي , وخجلها مني وطهارة قلبها هو الذي جعلها مميّزة بالنسبة لي 

والبارحة كان اللقاء المنتظر .. حيث جلست أنتظرها في الحديقة العامة وأنا أفكّر بطريقة لإقناعها للقدوم الى منزلي .. 
لكن فجأة تجمّدت حركة الناس من حولي ! وإذا بها تظهر امامي بهيئتها الملاك وبجناحيها المضيئتين ! 

وحينها قالت لي بحزن :
- يمكنك ايضاً ان تتحوّل الى هيئتك الشيطانية .. ولا تقلق , فأنا لن أخاف منك .. كما إن الزمان متوقفٌ بنا الآن , ولن يرانا أحدٌ من البشر 
فقلت لها بدهشة :
- وهل كنتِ تعرفين سرّي منذ البداية ؟!

فمسحت دموعها قائلة :
- لا ابداً .. لكن الملائكة حذّرتني منك عن طريق منامٍ شاهدته البارحة 
- وهذا ما حصل معي ايضاً 
ثم قمتُ بإظهار نفسي بهيئتي الشيطانية .. واقتربت منها قائلاً :
- يبدو ان القدر جمع بيننا بعد ان تحوّل كلانا الى بشر ! 
- كان هذا إمتحاناً لإخلاصنا للمهمّة التي قدِمنا لتنفيذها على الأرض 
- وهل تظنين اننا فشلنا ؟

فقالت بحزن : نعم , لأنني أحببتك بالفعل .. مع إنّي والله حاولت بكل الطرق والوسائل ان أدلّك على طريق الخير , لكنك كنت تصرّ على ..
فقاطعتُها قائلاً : أن تُصبحين مثلي أسهل بكثير من أن تهدي شيطاناً , يا روح

فأجابتني بابتسامةٍ حزينة : والله لو إنك رأيت الجنة التي قدِمتُ منها لما طلبت مني ذلك 
فقلتُ لها بحزن : أهذا يعني بأنه لا أمل لنا سويّاً ؟
وقبل ان تُجيبني , سمعنا صوت ملاكٍ من السماء يقول لها :
- روح !! لقد انتهى عملك على الأرض .. هيّا عودي فوراً الى الجنة 

فحاولت ان أمسك يدها قبل ان تطير , لكن شيئاً ما شدّني من قدميّ ! فإذا به يدّ أخي الكبير تسحبني الى باطن الأرض , وهو يقول لي بصوته الأجشّ :
- لقد انتهت مهلتك !! هيّا أمامي الى سجن والدنا

وبقيت أتابع بعينيّ روح وهي تطفو نحو السماء بخفّةٍ وروحانية , بينما كان جسمي يغرز أكثر وأكثر في الوحل , حتى سُحبت الى سابع أرض , حيث توجد مملكتنا اللعينة 

وهآ انا أكتب مذكراتي في سجنٍ مهترىءٍ عفن , بعد أن حكم ابليس عليّ بالسجن لثلاثة قرونٍ مُتلاحقة !  

اما آخر كلماتي فستكون لملاكي التي عبثت بمكنونات نفسي , وتركتني أعاني وحدي ! فلا أنا اصبحتُ ملاكاً طاهراً مثلها , ولا عدّتُ قادراً على العودة كشيطانٍ قذر كما كنت في السابق ! 
فهنيئاً نجاحك يا روح , الذي حُبّك غيّر حياتي الى الأبد !  

هناك 3 تعليقات:

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...