الأربعاء، 5 أكتوبر 2022

اللّحن الإنتقامي

تأليف : امل شانوحة 

مسابقة المواهب


إشتهر آدم (الستينيّ) بموسيقاه الهادئة التي حصدت جوائز عالميّة..

ورغم شهرته ، شارك في مسابقة التلحين للمبتدئين بعد تنكّره بمساعدة صديقه الخبير بالمكياج المسرحي ، لغرض المتعة في منافسته للمواهب الشبابيّة .. مُستخدماً اسمه الحقيقي ، دون إسمه الفنّي الذي اُشتهر به


وكان الإمتحان عبارة عن سماع 40 مشتركاً : لثلاثة مقدّمات لألحانٍ عشوائيّة .. وعليهم إكمال النوتة لجعلها موسيقى كاملة ، مُدّتها اربع دقائق على الأقل .. 

بدايةً عليهم إختيار احدى المقدّمات الثلاثة .. ثم وضعهم سمّاعة موصولة ببيانو صغير امامهم ، لإكمال الّلحن خلال ساعتين فقط 


وسرعان ما انشغل المتسابقون بكتابة النوتة ، والعزف الصامت ..لحين توقفهم بعد سماعهم جرس نهاية الإمتحان 


وكان عليهم الإنتظار اسبوعاً لظهور نتيجة أفضل ملحنٍ بينهم.. ومن يفوز يحصل على جائزةٍ مالية ، بالإضافة للتعاقد مع احد الفنانين المشهورين لتلحين أغنيته القادمة .. دون علمهم بمنافستهم من قِبل خبيرٍ موسيقيّ لأكثر من ثلاثين سنة !

***


بعد اسبوع .. تجمّع المتسابقون في ذات القاعة التابعة للمعهد الموسيقيّ ، لسماع النتيجة .. 


ليخيب املهم بعد فوز الملّحن المُتنكّر .. والذي بعد حصوله على الكأس الذهبي ، والجائزة الماليّة .. وضع الشيك في جيبه .. ثم مسح مكياجه (بعد إزالة قبعته وشاله ونظّاراته السوداء) ليصعقوا برؤية أشهر ملحنٍ بالعالم !


فصفّق الجميع ، إحتراماً لتواضعه .. وتجمّعوا حوله للتصوير معه ، وأخذ النصائح الفنّية منه .. 


وبعد تحدّثه مع مسؤوليّ المعهد ، عاد آدم الى قصره وهو يشعر بنشوة النصر بعد فوزه على اكثر الشباب الموهوبين في بلاده 

***


لم تمضي ايام .. حتى استيقظ آدم في غرفةٍ ضيّقة ، فيها بيانو وجيتار وآلة لتسجيل الصوت (المُستخدمة في الاستديوهات الموسيقيّة) دون تذكّره كيف وصل الى هنا !


وعندما حاول الخروج ، وجد الغرفة مُغلقة من الخارج !

فأخذ يطرق الباب بعنف بعد شعوره بالخوف ، لفقدان جواله الذي لا يفارقه ابداً !

 

وهنا ! أُضيئت الغرفة المقابلة للإستديو مع دخول شابٍ ، وقف خلف الزجاج العازل وهو يسأله :

- هل تذكّرتني ، سيد آدم ؟ 

- لا ! من انت ؟ ولما خطفتني ؟!

الشاب : باختصار .. عليك تلحين موسيقى رائعة هذا المساء ، لأني سأقدّمها غداً لمسابقةٍ فنيّة 

آدم مُستنكراً : ولما أعطيك لحني مجّاناً ؟! 

- سيكون مقابل حفيدتك


وعرض على الشاشة امامه ، صورة حفيدته وهي خارجة من المدرسة

فصرخ آدم غاضباً : ماذا تريد مني يا ملعون ؟!!

- كما أخبرتك ..اريد لحنا مميزاً لتحسين وضعي الماليّ

- أهو رغماً عني !!  

الشاب بهدوءٍ مُستفزّ : نعم ، وإلاّ قتلت حفيدك غداً 

- لن تجرأ على ذلك !!


الشاب : أنت لا تعرفني جيداً .. (ثم نظر لساعته) .. الآن الساعة العاشرة مساءً .. امامك بضعة ساعات قبل الفجر ، لتأليف الّلحن .. وإلاّ ستشاهد مباشرةً على الشاشة ، مقتل حفيدتك قبل دخولها المدرسة .. ابدأ التلحين الآن !! وعلى فكرة ، لا تحاول تضييع الوقت بالصراخ ، فهذا الإستيديو بعيد جداً عن الناس ، ولن يسمعك احد .. اراك في الصباح 

وخرج من الغرفة المواجهة للإستديو ، وأقفل الباب خلفه..


فحاول آدم جاهداً تذكّر الشاب ، فهو يبدو مألوفاً ! ثم تمّتم بضيق :

- كيف ألحّن وعقلي مشغول بسلامة حفيدتي ؟!

 

وضغط بقوة على ازرار البيانو امامه ، لتبدو كمقدمةٍ غاضبة ! 

وسرعان ما تلاعبت يداه الموهبتان لإكمال اللحن ، الذي تضمّن عدّة مقاطع مختلفة : بعضها حزين ، ومقطعاً بموسيقى خائفة ، بينما معظمه لحنٌ ثائرٌ غاضب .. 


ولم يستطع التوقف عن العزف ، بعد أن أجبرته موهبته على الإندماج بالّلحن الذي أضاف اليه صوت الجيتار .. 

ثم قام بتسجيلهما معاً بجهاز الصوت الذي امامه ، بغرض إنقاذ حفيدته من الشاب المجهول ! 


ورغم كبر سن آدم ، الا انه ظلّ يعزف لساعاتٍ متواصلة .. حتى أنهى اللّحن ، بأجمل موسيقى ألّفها بحياته !

فقال بنفسه بحزن : 

((يالحظيّ العاسر ! لما عليّ إعطاء أفضل ألحاني للصٍّ لا اعرفه .. فهذه الموسيقى تستحق الشهرة والعالميّة .. (ثم فكّر قليلاً)... لا !! سأغيّر الموسيقى ، وأحتفظ بالّلحن الأصلي .. وبعد خروجي من هنا ، أُوكّل مُحقّقاً بارعاً للقبض على اللعين ، بينما تنشهر مقطوعتي حول العالم))


وأخفى الشريط المُسجّل (القرص المضغوط سي دي) في جيب معطفه .. وبدأ بعزف ألحانٍ غير مترابطة ..ظنّاً بأن الشاب لا يفقه شيئاً بالموسيقى ، وأنه مُرسل من منافسيه الحقودين..

***


قبيل الفجر ، إنهارت قوى آدم الذي غفى على أرضيّة الإستديو ..

 

ليستيقظ بعد ساعتين ، بجانب جثة حفيدته ! 

فصرخ بعلوّ صوته وهو يحاول إيقاظها ، رغم انها غارقة بدمائها بعد رصاصةٍ أصابت قلبها 


وهنا ! دخل الشاب الى الغرفة الزجاجيّة المواجهة .. 

فقفز آدم نحوه ، وهو يحاول كسر الزجاج بالجيتار الذي حطّمه تماماً .. وهو يصرخ باكياً :

- لما قتلتها يا لعين ؟!! كنت أنهيت مقطوعتك

الشاب : أتقصد هذه ؟

وأسمعه الّلحن السيء ..فقال آدم بارتباك :

- نعم هذه !

الشاب : ام تقصد هذه ؟ 

وأسمعه الّلحن الرائع..

فوضع آدم يده بجيبه ، دون إيجاده الشريط ! 


الشاب : كنت وضعت مُخدّراً في قارورة الماء بغرفتك ، والتي شربت منها بعد انهائك كلا الّلحنين ..فنمت على الفور .. ومن بعدها دخلت الغرفة ، وسرقت الّلحن الجيد من جيبك .. فأنا راقبتك من كاميرا مخفيّة طوال الليل.. وإن كنت تظن انني لا أفرّق بين الّلحنين ، فأنت مُخطئ .. فأنا خبير بالموسيقى اكثر منك


آدم بقلق : من انت ؟!

- انا الذي حصلت على المركز الثاني في مسابقة التلحين الشبابيّة 

آدم بصدمة : إنتقمت مني لأني فزت عليك ؟!

- اساساً ما كان على مسؤوليّ المعهد إعطائك الجائزة ، فأنت تخالف شروط المسابقة بكونك خبير موسيقيّ ، ولست مبتدئاً كبقيّة المشتركين.. 

آدم باكياً : أنا آسف !! ما كان عليّ أخذ الشيك .. فأنا ثريّ ، ولا حاجة لي للمال .. رجاءً أخرجني من هنا ، وسأدفع لك ضعف الجائزة 


الشاب : تأخّرت كثيراً .. فبسبب تفاهتك ، لم أحصل على المال الذي احتجته لإجراء عمليّة مهمّة لزوجتي التي ماتت في اليوم التالي .. وكنت على وشك تناسي سخافتك التي قضتّ على حبّ حياتي .. لكني وجدتك بعد ايام تحتفل بنجاحك مع صديقك في البار الذي اعمل فيه لتسديد اقساط منزلي .. لهذا انتظرت ذهاب صديقك لأضعّ المخدّر بكأسك .. ثم أخبرت زميلي بأني سأوقف سيارة أجرة لك ، وأخذتك بدرّاجتي الناريّة الى هنا .. فهذا الاستيدو لعمي المرحوم ، الذي بناه في قبو منزله المهجور .. والذي سأتركك فيه مع حفيدتك للإهتمام بنشر مقطوعتك الفريدة ، التي ستكون بوّابتي لإكمال حلمي بالتلحين .. ونصيحةٌ لك : لا تحاول تحطيم الباب فهو من الحديد الصلب ، وايضاً الزجاج الفاصل ضدّ الكسر ..وإن كنت لا تريد المعاناة بالموت جوعاً ، ستجد حبلاً في الكيس الأسود بزاوية الاستديو ، علّقه في الحلقة الحديديّة الموجودة في السقف .. ثم استخدم الكرسي الخشبيّ لشنق نفسك بأيّ وقتٍ تشاء .. فأنا حتماً لن اعود لمسرح الجريمة .. ومن صالحي إزالة ملحنٍ عظيمٍ مثلك من الساحة الغنائيّة ، كيّ يلمع نجمي بالعالم الموسيقيّ .. لهذا لا تطلّ عذابك .. فأنت بالتأكيد لن تتحمّل رؤية حفيدتك الجميلة تتحلّل امامك .. الى اللقاء ايها المتسابق الفضوليّ 


وتركه يبكي امام جثة حفيدته داخل الاستديو الصغير دون طعامٍ او وسيلة للهرب من الجحيم ، سوى بالموت المُحتمّ ! 


هناك 7 تعليقات:

  1. إن تأخرت بنشر القصة التالية ، سيكون لإنشغالي بإعمال المنزل المتراكمة ، في حال أصلحنا عطل المياه غداً بإذن الله ..
    أتمنى أن تعجبكم هذه القصة

    ردحذف
  2. بعتقد ان هذا اللحن بحاجه لبعض البصل والفلفل والكاري فنحصل على صينية لحن
    معتبره ههههه
    😃😃😃😃😃😃😃😃😃😃😃😃😃

    ردحذف
  3. حته ابيض حته اسود وهكذا الحياه تعمل رغم مافيها الا ان هناك اlمل من امل نريد قصه كحال المعلمه ندى لما ياتي لك الفضاوه fo

    ردحذف
  4. جميل بس ليش قتل حفيدته للملحن خلص ما فيه داعي طالما حصل عاللحن يلي بدو ياه.. كان أخد اللحن الحلو وترك الملحن العجوز محبوس ليموت.

    ردحذف
    الردود
    1. نوع من ضغط النفسي لإستعجاله بالإنتحار ، كيّ يزيله من الساحة الفنّية ..ويظهر هو بديلاً عنه

      حذف
  5. لافيكيا سنيورا

    حتا المشاحنات بين الفنانين والموسيقيين موجوده..

    لافيكيا سنيورا

    ردحذف
  6. شكراً على التوضيح 🌸🌸🍀

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...