السبت، 29 أكتوبر 2022

الموعد الغرامي الأخير

كتابة : امل شانوحة 

 

رحلة السماء


لطالما عُرفت جاكلين (الأربعينيّة) بصدّها للعرسان لصعوبة طباعها ، وبحثها عن الزوج المثاليّ الذي لا وجود له ! مما أفقد اهلها وأصدقائها الأمل بزواجها ، لانشغالها الدائم بمهنتها الصعبة 


لكن الليلة تغيّر كل شيء ، بعد دخولها مطعمها المفضّل لطلب جميع اصناف الطعام الئي تحبها ، غير آبهة بالحميّة القاسية التي اتبعتها منذ سنواتٍ طويلة


وبعد العشاء .. تناولت حلوياتها المفضّلة وهي تكتم دمعتها ، مُحاولةً التلذذّ بكل لقمة ، كأنها تجربتها الأخيرة !

وقبل خروجها من المطعم ، جلس امامها رجلٌ خمسينيّ وهو يقول :

- آسف على التطفّل .. هذه اول مرة أجد فتاةً حسناء لا تهتم بالسعرات الحراريّة ! فهل تعشقين الطعام مثلي ؟


فنظرت اليه بتمعّن ، حيث بدى كرجلٍ محترم ! فلم تجد مشكلة بإجابته بتحفّظ : 

- انه يومي المفتوح ، أتناول به ما اشاء

الرجل : ومالمناسبة ؟ إن سمحتِ بسؤالي

جاكلين : نهاية الحكاية .. لهذا رغبت بختمها بطعامٍ شهيّ ولذيذ 

- تعجبني الفتاة الغامضة .. هل انت متزوجة ؟

- لا


الرجل : الا يشغل بالك هذا الموضوع ؟

- أشغلني بعمر العشرينات والثلاثينات .. حالياً اقتنعت أنه ليس جميعنا لديه نصيب بهذه الدنيا الفانية

- يبدو من كلامك انك عانيت كثيراً من العلاقات الفاشلة ؟

فابتسمت قائلة : لحظة ، دعني أخمّن .. تماماً كما حصل معك ؟ 

الرجل بحزن : للأسف نعم

جاكلين : اذاً فضّفض لي ، فمازال لديّ ساعة قبل إنهاء سهرتي 


فأخبرها عن زيجتيه الإثنتين الّلتين انتهتا بالفشل وحرمانه من اولاده .. وكيف أحب الأولى بإخلاص ، والتي تركته لإدمانه على العمل .. بينما تخلّت الثانية عنه ، لاهتمامه الزائد بها !

الرجل بيأس : لا أفهم لما النساء مُعقّدات لهذه الدرجة !

جاكلين : يعني مشكلتك أنك أهملت الأولى ، وبالغت الإهتمام بالثانية ؟ 

- صحيح 

- كان عليك العطاء حسب نوعيّة الزوجة .. فربما الثانية من النوع المستقلّ التي يضيق صدرها بحرصك الدائم على سعادتها 


الرجل بحزن : هذا ما حصل .. فقد رافقتها بجميع الأماكن والمناسبات ، حتى وصفتني بظلّها .. وأصبت بالإكتئاب لفشلي بفهم النساء !  

جاكلين : الأمر ليس صعباً لهذه الدرجة ، فقط اسألها عمّا تريده .. وأظن الإعتدال بالمشاعر يُرضي الجميع .. فحتماً الزوجة بحاجة لوقتٍ تقضيه مع نفسها او عائلتها وأصدقائها .. ولا داعي مرافقة الزوج لها بجميع المناسبات !  

- لوّ كنت مكانهما ؟ أقصد فرضاً.. هل كنت ستخبريني بما تريدينه؟ 

- طبعاً !! فالرجال لا يفهموا ما بين السطور ، وعلى الزوجة إطلاعه بطلباتها اولاً بأول


الرجل بابتسامةٍ حنونة : يبدو الحظّ بجانبي هذه الليلة ، فقد وجدّت ما تمنّيته بكِ 

- أحقاً ! مثل ماذا ؟

- هدوئك وكبر عقلك واهتمامك المتواضع بشكلك وطعامك ، كأنك لا تهتمين بكلام الناس !

جاكلين : الحياة أقصر من إشغال أنفسنا بتلك الأمور 

- وهذا رأيّ ايضاً .. فكلا طليقاتي يحبّان التخطيط للمستقبل ، ويضيّعان جمال الحاضر 

- الماضي حصل وانتهى ..وتدبير المستقبل ليس بيدنا .. والأفضل عيش اللحظة كأنه آخر يومٍ في حياتنا  


الرجل بحماس : انا فعلاً سعيد بمقابلتك .. هل يمكننا تبادل ارقام جوّالاتنا ، للإتصال بك غداً ؟

- حسناً .. إتصل عصراً ، بعد انتهاء يومي الوظيفيّ 

- آه صحيح ، لم اسألك .. ماهو عملك ؟

فرفعت جاكلين إصبعها ..

- عملي في السماء !! 

الرجل : لا بأس ، أحب الغموض .. وبعد تعرّفي عليكِ ، ستبوحين بأسرارك طواعيّة لي ، فلديّ خبرة بالنساء 

- حظاً سعيداً 


وأعطته رقمها وخرجت بهدوء من المطعم .. لتقود سيارتها وهي تبتسم :

((أخيراً حصلت على موعدٍ غراميّ ، كما تمنّى والدايّ المرحومان ..ربما لأني لم اهتم هذه المرة بشكل الرجل وطريقة تناوله الطعام وأسلوب كلامه .. او ربما لتخفيف شروطي التعجيزيّة لفارس الأحلام ! .. لكن للأسف ، وجدته بعد فوات الأوان .. فغداً فجراً ، أخرج من هذه الدنيا الكئيبة للأبد))


وذهبت الى الناسا للإنضمام الى بقيّة المتطوّعين بمهمّتهم الإنتحاريّة لبناء اول محطّة بالمريخ ، برحلة اللاّ عودة ! 


هناك 12 تعليقًا:

  1. ياسلاااااااام ...
    هنهزر بقى ...
    يعني بعد ان قتلتي المرحومه ...
    الف رحمه ونور تنزل عليكي يا جاكلينه يابنتي ..
    وبمهمه انتحاريه كمان !
    وفي الفضاء الحالك ..
    يعني حتى لن يكون هنالك جثه ولا نعشا او تابوتا لطيف ظريف ..
    ولا مقبره ..ولا عزاء طبعا ..
    لاااا لن اقبل بهذا ..وسامتنع عن الزاد والدواء والنوم ...
    حتى تعيدي الينا ..الفقيده ..

    يعني لما سالها ..ماذا تعملين واشارت له
    في السماء ..ظننتك
    جعلتيها ملاكا في القصه .
    ثم تلقين بها في الفرن ..

    طيب دعك منها لو جاز لنا ان نضحي بها
    فماذا عن البطل الازلح هذا في الصوره
    ههههه
    ماذا نقول له ؟
    لقد تم خداعك ..
    او كما قال جدي للجيرل فريند خاصته

    فلا يغرنك ما منت وماوعدت ...
    ان الاماني والاحلام تضليل ...

    ولا توفي جاكلينا بما عهدت...
    الا كما تمسك الماء الغرابيل ...

    وبنهاية الجنازه و المحزنه
    نحب نسمع اغنية الشحروره

    امورتي الحلوه بقت جثه بقت جثه

    ولها شكل فظيع
    لها خفة روح لما بتلطم
    وتموت لسنين ...

    تقريبا حاجه زي كده

    او ربما مرثية الراحل كاظم الساهر
    زيديني زفتا زيديني يا احلى خيبات
    سنيني

    فلربما ينزل اكتءابنا الحاد المزمن
    لاكتاءب متوسط مزمن
    ولا عزاء للبروزاك
    ولتستمري اخت امل ... وكلما ظننا اننا وصلنا للقاع .. اتحفتينا بداهية مهببة منيلة

    ومغلفه بالتفاؤل الملغوم
    ولولا اذا بلغت الحلقوم
    💔💔💔💔💔💔💔💔💔💔💔💔💔💔💔💔💔♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥







    ردحذف
    الردود
    1. اذاً إدعي لي بالشفاء العاجل ، فطالما اعاني من اعراض الكورونا التي لا تنتهي سأظل اكتب قصصاً نكدية ..هذا تخصّصي حالياً

      حذف
    2. شفاك الله وعافاك..اتوقع لها أكثر من جزء حيث يلحقها خلسة ويوقفها عن هذه المهمة الانتحارية ويحررها ويتحول الرومنسي إلى الأكشن... ما رأيك بخيالي هههه.

      حذف
    3. اللهم شفاءا عاجلا غير اجل تاما وصبرا كاملا حتي نرضى و حتى يقطر قلمك مراهما تمرهم
      قلوبنا المكدودة المنكودة المفؤودة

      حذف
    4. الله يسلمك اخ عاصم ، وشكراً على دعائك الغريب ! ههه

      حذف
    5. خيالك جيد .. لا ادري لما احب أن انهي قصصي بكارثة !

      حذف
  2. لماذا كل هذة الكابة والسوداوية .دوام العمل كلو كوابيس . البيت كوابيس و القهاوي كوابيس . وحتي قصصك اصبحت كوابيس اين الرومنسية اين الامل اين الحياة . انحنا بشر ومن حقنا ان نحظه بساعت صفاء

    ردحذف
    الردود
    1. احياناً احاول تذكّر الأيام السعيدة التي عشتها ، فأجدها محصورة بشقاوة الطفولة .. لكن منذ استلامي مسؤولية البيت بعد انتقالي للجامعة وحتى الآن ، اصبحت نادراً ما ابتسم .. وحقاً لا ادري اين ذهبت امل المرحة التي كانت تملأ المنزل بضحكاتها ونكاتها .. ربما يوماً ما تعود !
      ثانياً : قصص النكد اسهل كتابتها ، صدّقني ..فهي تحاكي عالمنا العربي الكئيب
      لكن بما أن الأمور بدأت تتسهّل قليلاً في لبنان ، بعد أن وعدونا بتحسين ساعات الكهرباء .. اظن رويداً رويداً ستتحسّن نفسيّة المواطنين ، وانا واحدة منهم ، حينها اكتب لكم قصصاً سعيدة

      حذف
  3. عقبال سلامتك استاذه امل هاذا مايفعله بنا الخريف كان القصه عنك مع اختلاف التفاصيل
    الله يشفيك
    بطلتنا المفضله جاكلين انتهى بها المطاف بالمريخ مرعب

    ردحذف
    الردود
    1. الله يسلمك .. الإنسان يتمنى الشهرة والمال والعزّ ، وحينما يمرض لا يتمنى سوى استرداد عافيته ، سبحان الله !

      حذف
  4. لافيكيا سنيورا

    😁😁😁
    ماذا اقول وكيف اقول ومن وين أبدأ الحكي .

    احسست بهذه القصه انك تكتبي قصتك والله
    هههههههـ

    الاسبوع الماضي ابعدتي آدم عن ساندي الى الابد
    وهذا الاسبوع قضيتي على جاكلين
    😇😇
    ويعلم الله من ستكون ضحيتك الثالثه

    املاااانو ماذا دهاك! لقد نشرتي الذعر بين الفتيات

    آن الآوان ان تتدخل البطله أسمى وتوقف مجازرك بقصه رومنسيه هههههههــ


    لافيكيا سنيوورااااااااااااا


    ردحذف
    الردود
    1. الضحية التالية جاك وعائلته .. سأحاول انهاء القصة قريباً ..لافيكيا سنيورا ، اخي ابن اليمن

      حذف

الحب السرّي

كتابة : امل شانوحة  رئيس الخدم والخانم   شاهدت بالصدفة الخادمة وهي تخرج مُرتبكة من غرفة كبير الخدم بعد تنظيفها..  فسألتها حِراء (زوجة مالك ا...