تأليف : امل شانوحة
الثقب الأسود
في نزهةٍ عائليّة.. شعرت ريم (الأربعينيّة) برغبة لتسلّق التلّ ، بعيداً عن اهلها والسوّاح..
وهناك راقبتهم بصمت ، قبل وضع نظّارتها الشمسيّة وهي تنظر للسماء ..لتلاحظ دائرةً سوداء قريبة من الشمس !
وقبل مناداة إخوتها ، لرؤية ما شاهدته.. مدّت ذراعها نحو السماء ، باتجاه الكوكب الأسود..
وبدون سابق انذار ، إرتفعت بسرعةٍ هائلة الى فوق ! وهي تصرخ بعلوّ صوتها ، دون ان يسمعها احد.. وكيف يفعلون ؟ وهي ترى الكرة الأرضيّة اسفل منها !
ورغم إنعدام الجاذبيّة في الفضاء ، الا انها أكملت طيرانها باتجاه السواد الكرويّ .. قبل ان تعي انها متوجهة مباشرةً نحو الثقب الأسود !
فأغمضت عيناها ، ظنّاً بنهايتها .. فهو لغزٌ علميٌّ مُحيّر.. حيث شبّهه العلماء بالمكنسة الكهربائيّة التي تشفط النجوم المتفجّرة ، كأنها تنظّف الفضاء من الأوساخ والبقايا الحجريّة !
وفجأة ! تحوّل السواد لبياضٍ ثلجيّ ، فور وصولها للجهة المقابلة من الثقب..
لتحطّ فوق سماءٍ جليديّة مُسطّحة ، بها ستة ثقوب (غير الثقب التي خرجت منه) !
فتساءلت بدهشة :
- هل انا في مكانٍ يُشبه عالمي ؟! .. لحظة ! لما أتكلّم الفصحى ، اين لهجة بلادي ؟! .. (ثم شردت بأفكارها).. هذه السماء فيها جاذبيّة ، كالتي على الأرض ! هل يُعقل ان الفضاء لديه سبعة ثقوبٍ سوداء ، وليست واحدة كما أخبرتنا الناسا ؟! سأكتشف ذلك عند النظر من الثقب الآخر
ومشت بصعوبة ، مُحاولةً عدم الإنزلاق فوق السطح الجليديّ.. وبالكاد تمسّكت بطرف الثقب ، قبل السقوط فيه .. لتفاجأ برؤية كرةٍ ارضيّة أخرى ، تبعد آلاف الكيلومترات عن الفتحة ! وكذلك الحال في الفتحة التي تليها ، والتي بعدها !
الفرق الوحيد : ان الكرات الأرضيّة تختلف ابعادها عن السماء الثلجيّة بشكلٍ متفاوت ، كأنها متواجدة بمداراتٍ مختلفة تفصلها عن ارضنا المعروفة !
ريم بصدمة : لا أصدّق ان هناك سبعة اراضي ؟! هل يُعقل وجود بشر في كل واحدة فيها ، تختلف حياتهم عمّا نعيشه في كوكبنا الأزرق ؟!
وقبل إكمال سؤالها .. تفاجأت بخروج ستة شبيهاتٍ لها ، كلاً من ثقبٍ مختلف ! ..جميعهنّ صعقوا برؤية بعضهن : فهنّ وإن كنّ ذات الشكل ، الا انهن يختلفن بالأسماء والجنسيّات والأعمار : فأصغرهن بعمر السابعة ، وأكبرهن بعمر السبعين ! والأغرب نطقهن للغة العربية الفصحى (بالسماء الجليديّة) رغم ان معظمهن لا يتقنون هذه اللغة !
ثم جلسن سوياً بعد معرفتهن بوجود ستة اراضي اخرى ، شبيهة بالعالم الذي قدمنّ منه ! وبدأت كل واحدة تصف الحياة بشكلٍ عام على كرتها الأرضيّة
حيث أخبرتهم الأولى بأن البشر في ارضها : لديهم ارزاقاً متساوية .. يعني بنهاية كل شهر يحصلون على المبلغ المالي ذاته ! فجميعهم من الحالة المتوسطة ، لا فقراء ولا اغنياء بينهم !
بينما في الأرض الثانية : جميعهم متزوجون ! حيث كل ولدٍ يولد هناك ، تولد في المقابل بنتٌ من أمرأةٍ اخرى .. كما حصل مع ذريّة آدم الأولى ! لهذا لا يعانون من العنوسة او الطلاق وترمّل .. فكل من يصل لسن العشرين ، يتزوج امرأة من جيله .. حيث لا يؤمنون بالمُعتقد : وجود فارق العمر بين الزوجيّن !
اما الأرض الثالثة : فيموتون دائماً بعمر السبعين للنساء ، والثمانين للرجال .. ولا يحصل الموت قبل هذا السن !
اما الأرض الرابعة : لا يعرفون الأمراض والإعاقات !
والأرض الخامسة : ليس فيها اشرار او مجرمين او عاطلين عن العمل .. فهم مُقسّمين بين اصحاب المهن والمزارعين والعمّال .. وجميعهم من النوايا الطيبة
والأرض السادسة : كل شخصٍ فيها ، يولد بموهبةٍ مختلفة : سواءً فنّية او رياضيّة .. فهي ارض المواهب البشريّة المميّزة !
ثم نظرنّ لريم وهم يسألونها :
- ماذا عن الأرض التي قدمتِ منها ؟
ومن شدّة غيظها بأنه قُدّر لها العيش على اسوء ارض ، اجابت بخبث :
- في عالمي يوجد كل ما ذكرتموه
مما صدم شبيهاتها الستة ! فسألتها احداهن :
- أهذا يعني ان لا مشاكل بعالمك ؟!
ريم بلؤم : مطلقاً !! المحبة تعمّ البلاد ، لا حروب ولا ضغائن .. كلاً منا لديه عائلة ومال وموهبة .. يمكنكن التأكّد بأنفسكنّ
- اذاً لماذا نعود الى ديارنا التي نحظى فيها بإحدى النعم ؟! فلنخترّ كوكب ريم المسالم ، للعيش فيه معاً
فقالت اخرى :
- لكن علينا إختيار دولاً مختلفة ، كيّ لا نثير شكوك الناس حول التشابه الكبير بيننا
ريم : لا تقلقن بهذا الشأن .. فهناك قولٌ مأثور في عالمي : ((يخلق من الشبه اربعين)) لهذا إهبطن باتجاه كوكبي بسلام
- وماذا ستفعلين انت ؟
ريم : سأجرّب عوالمكم البسيطة
باستغراب : ولما تتخلّين عن النعيم المتواجد في عالمك المتكامل ؟!
ريم : يعني .. نوع من التغيّر
فسألت إحداهن زميلاتها : هل انتن متأكّدات من قراركن ؟ لأنه بعد نزولنا ، لن نعود الى كواكبنا من جديد ؟!
- ولماذا نعود ؟ طالما كل شيءٍ نريده ، موجود في عالم ريم المثالي !
ثم ودّعنها ، هابطات باتجاه كوكب الأرض الشهير
لتقول ريم بمكر : المسكينات ! قريباً سيواجهن الجحيم بعينه : من حقدٍ وحسدٍ وسحرٍ وأحقاد ، لعدم ضمانيّة الزواج والرزقة ، بالإضافة للمواهب النادرة التي تُدفن قبل دعمها ! بينما سأعيش انا في كواكبهن ، لتجربة تلك الأنعم التي حُرمت منها بكوكبي الأزرق الذي يحكم الظالم فيه الضعيف ! ..(ثم فكّرت قليلاً).. حسناً !! لأبدأ اولاً بكوكب النصيب ، فقد اوشكت على العنوسة دون تجربة حظي .. يا ترى من هو نصيبي بذلك العالم ؟ ومن بعدها أجرّب الحياة الماليّة المضمونة .. ثم حياة الموهوبين .. وغيرها من النعم
وهبطت الى الكوكب الأول ، غير مكترثة بمصير شبيهاتها اللآتي سيعانين الأمرّين في ارضنا الوحشيّة !
هذه قصة خيال علمي .. وهي بالحقيقة منام شاهدته العام الماضي :( بأني طرت باتجاه الفضاء ، مروراً من الثقب الأسود .. لأحطّ فوق سماءٍ جليديّة فيها ستة ثقوب (غير الثقب الذي خرجت منه) ..وعندما نظرت بالثقب الآخر : وجدت كرة ارضيّة اخرى ، اقرب للسماء الجليديّة من الأرض التي قدمت منها .. وهو منام غريب لا تفسير له !
ردحذففقد قال سبحانه وتعالى : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ..)) سورة الطلاق
فهل يعني ذلك سبع كرات ارضيّة ، كما رأيت في المنام !
كما كنت شاركتكم قديماً تجربتي الغريبة : عندما كنت ادرس لامتحان الجامعة .. ((وفجأة ! رأيت يدايّ صغيرتان .. فخرجت من الغرفة ، لأجد نفسي في بيتنا القديم .. وإخوتي صغار ووالدايّ شابان يافعان .. فنزلت الأدراج باتجاه منزل جارتنا ، لعلمي بوفاتها في صغري .. وقبّلتها بشوقٍ كبير))
قبل ان افتح عينايّ ، لأجد نفسي عُدّت الى غرفتي .. والغريب انني لم أكن مُسندة رأسي على الطاولة ، او للكرسي خلفي .. وانا متأكدة تماماً انني كنت نشطة ، ولم أغفو ذلك المساء .. حتى ان كوب النسكافيه مازال ساخناً !
فهل انتقلت روحي للعالم الموازي (بالأرض الثانية) لرؤية حياة شبيهتي بعمرٍ صغيرة ؟!
من لديه تفسير لهذه التجربة ، ومنامي الغريب ؟!
.ريم هذه لطالما كانت مجرمه. منام عجيب .بعتقد انك قد تكونين غير بشريه على الاطلاق هههه اما انتقالك وانت صغيره حكاه بعض الناس ورجح احد العلماء انه نوع من الديجافو المادي يعني انتقلت حقا.
ردحذفبرأيي ان تجربي التأمل وانت مغمضة العينين وتركزين على مكان ما او حدث ما او شيء مادي.
حاولت مرة التحكّم بمنامي ، واستطعت فعل ذلك .. بتغير المكان في الحلم ، ومقابلة اشخاص اردت رؤيتهم ، كما الطيران .. لكني استيقظت بصداعٍ مؤلم للغاية .. فتوقفت عن المحاولة من جديد
حذف