الجمعة، 11 يوليو 2025

مسابقة الثقة

كتابة : امل شانوحة

الأقنعة المزيّفة


دخل دكتورٌ جديد الى قاعة علم النفس ، وهو يقول للطلّاب :

- سأدرّسكم مادةً إختياريّة ، ستزيد من علاماتكم النهائيّة .. بدايةً عليكم إخراج اوراقاً بيضاء ، يمكنكم تركها فارغة إن لم تشعروا برغبة للمشاركة بتجربةٍ أكاديميّة ، عبارة عن مسابقةٍ ميدانيّة .. كل ما عليكم فعله ، هو كتابة إسميّن من زملائكم : احدهما صديقكم المقرّب ، والآخر تعتبرونه عدوّاً !


فلم يشارك بالمسابقة سوى 12 طالباً .. والذي أخبرهم بنهاية المحاضرة : أن يأتوا للجامعة ليلاً ، في يوم العطلة !

***


في ليلةٍ باردة ، بملعب كرة السلّة بأنواره الخافتة .. وصل الدكتور ومعه حقيبة جلديّة ، وهو يقول ل 12 طالباً :

- أحسنتم !! أتيتم على الموعد 

فسأله احدهم : لا يوجد بالجامعة سوى حارسها ، الذي أدخلنا بناءً على طلبك .. فما موضوع المسابقة ؟!

ففتح الدكتور حقيبته .. ليشهقوا برعب ، بعد رؤيتهم ل 8 مسدسات !


ولم يكتفي الدكتور بذلك ، بل وزّعها عليهم .. بينما أوقف الطلبة الأربعة (الذين لم يحصلوا على السلاح) بالطرف الآخر من الصالة!


الدكتور : سأراقبكم من الغرفة العلويّة للملعب ، بينما تحدّدون مصير زملائكم الأربعة (طالبتان وطالبان) 


إحدى الطالبتيّن بقلق : لم افهم شيئاً ! لما جعلتنا في مواجهة لأسلحتهم ؟! وهل هي مسدسات حقيقيّة ؟!

فأجابها الدكتور بحزم : 

- كل مسدس يحوي رصاصةً واحدة حقيقيّة .. وأنا سأتكفّل بدفن جثثكم الأربعة ، في حال قرّر زملائكم الثمانية القضاء عليكم .. ليس هذا فحسب ، بل سيحصلون على درجةٍ جيدة بمادتي ، بالإضافة لجائزة عشرة آلاف دولار .. كل ما عليهم فعله هو الإختيار بين القتل او الإنقاذ  


ثم نظر للطلّاب الثمانية الذين أمسكوا المسدسات بأيدٍ مُرتجفة :

- كل واحدٍ منكم يُعتبر الصديق المُقرّب لإحدى الضحايا ، اما الآخر فهو العدوّ الذي يكرهونه .. وعلى الضحايا الأربعة إستمالة قلوبكم ، لإقناعكم بعدم قتلهم خلال نصف ساعةٍ فقط .. والتي تبدأ الآن !!


وظهر العدّ العكسي على شاشة الملعب ! بينما أكمل الدكتور كلامه :

- المسابقة عبارة عن إمتحان الثقة .. يعني هل سيقتلك صديقك ام عدوك ؟ سنعرف الإجابة قريباً 


ثم نظر للضحايا الأربعة :

- ابدأوا بإقناعهم بعدم قتلكم ، فالوقت يمضي سريعاً .. بالتوفيق للجميع !!

وخرج من الصالة ، تاركاً الطلّاب في ارتباكٍ كبير !

^^^


اول الضحايا كان اريك الذي توجّه لصديقه بالكلام :

- انت صديقي منذ مرحلة المتوسطة .. وتعرف جيداً انني دخلت علم النفس لأكون بجانبك ، رغم ان علاماتي كانت تؤهّلني لدراسة الهندسة .. فقط لأنني أُقدّر صداقتنا لست سنوات .. كبرنا معاً ، وتشاركنا همومنا وأحزاننا .. لعبنا ودرسنا سوياً .. والبارحة فقط ، كنا نخطّط المشاركة بالبحث القادم .. هل سأهون عليك يا صديقي ؟

ثم وجّه كلامه لعدوه :

- انا آسف على كل شيء .. رفضّت صداقتك منذ البداية.. ولم أعطك فرصة للتعرّف عليك .. وهذا ذنبي .. رجاءً إقبل اعتذاري

فقال العدوّ وهو مازال يوجّه سلاحه نحو اريك ، بابتسامةٍ لئيمة :

- غريب كيف تعطيك الحياة فرصة للإنتقام !

^^^


وجاء دوّر الضحيّة الثانية ، وهي ديانا التي قالت لصديقتها باستغراب :

- أمازال السلاح بيدك ؟! الم تكوني تخافين الدماء والجرائم ؟! 

لكن صديقتها التزمت الصمت ، وهي مازالت تُمسك السلاح بيدٍ مرتجفة ! لتُجيبها العدوّة :

- لطالما رفضتِ صداقتي يا ديانا ، لكن هذه التجربة ستغيّر رأيك بي 

^^^


ثم تكلّم الضحية الثالثة : جاك .. قائلاً لصديقه :

- لا ادري ما سأقوله لك ، فأنت تعرفني جيداً.. ولوّ كنت مكانك ، لما تردّدت ابداً برميّ سلاحي.. لكن القدر جعل مصيري بين يديك ، يا صديقي!

ليجيب عدوه :

- جاك !! هل يمكنك الوثوق بي ، حتى لوّ كنا خصميّن منذ يومنا الأول بالجامعة ؟!

^^^  


ثم جاء دوّر الضحيّة الرابعة : جاكلين التي قالت لصديقتها بذهول :

- لا أصدّق انك توجّهين المسدس نحوي ، وكأننا غريبتان !

فقالت عدوّتها بحنق :

- مازلت لليوم أتذكّر تنمّرك عليّ في مرحلة الإبتدائية .. وشاءت الأقدار ان نجتمع بذات الإختصاص ، ليكون مصيرك اليوم بين يدايّ! 

*** 


ومرّت الدقائق بسرعة ، والأصدقاء والأعداء مازالوا مُتردّدين بأخذ القرار .. بينما الضحايا الأربعة يرتجفون خوفاً ..

لينتفض الجميع بعد سماع صوت الدكتور من الميكرفون يقول :

- مازال امامكم دقيقتان فقط لإنهاء المسابقة .. على الضحايا الأربعة إسترحام زملائهم للمرة الأخيرة !!


وهنا تبدّد الإرتباك .. لا مجال للإنهيار النفسي .. يجب ضبط النفس !! فالجميع بموقفٍ مُحرج ، حيث يتصارع العقل والقلب مع ضيق الوقت ! 

^^^


فبدأ اريك بالكلام مع صديقه بعيونٍ دامعة :

- فقط تذكّر يا صديقي كل لحظاتنا الجميلة معاً .. ومصيري بالنهاية ، يعود لك

ثم قال لعدوّه :

- ظلمتك برفض صداقتك دون مبرّر .. لا اطلب السماح ، فقط فرصة للنجاة

فردّ عدوّه بقسوة :

- تأخّرت كثيراً بالإعتذار

^^^


وجاء دوّر ديانا التي قالت لصديقتها :

- انت أخبرتني مراراً انني في مقام اختك .. وقد فعلت كل شيء لتقويّة صداقتنا ..الآن جاء دوّرك لإثبات صدق نيّتك اتجاهي

ثم قالت لعدوّتها :

- أعدك ان تغاضيتِ عن أذيّتي ، ان أُعيد التفكير بصداقتنا

^^^ 


ثم تكلّم جاك مع صديقه :

- هذا امتحانٌ قاسي لصداقتنا ، فاثبت أنك جديرٌ بالثقة 

ثم قال لعدوّه :

- صحيح انك لا تعرفني جيداً .. لكن هل حقاً ستلوّث يديّك بالدم لأجل مسابقةٍ نفسيّة ؟!

^^^


اما جاكلين فقالت لصديقتها :

- إن كنتِ ترين انني لا استحق الموت ، فاخفضي سلاحك رجاءً!! 

ثم قالت لعدوّتها :

- أعتذر عن كل شيء .. وأعدك ان نكون صديقتيّن مُقرّبتين إن لم تقتليني الآن

فضحكت عدوّتها بسخرية :

- كم انا سعيدة بخضوعك الذليل امامي ، ايتها المغرورة المُتغطرسة 

***


ثم أغمض الضحايا الأربعة اعينهم ، وقلوبهم تلهج بالدعاء .. اثناء قيام الدكتور بالعدّ التنازلي :

- 5 ..4..3..2..


وقبل نطقه الرقم الأخير ، إنطلقت اربع رصاصاتٍ فقط ! قبل انطفاء الصالة ، ليظهر صوت انفاس المشاركين الثقيلة ..


وعندما اضيئت الصالة من جديد .. رأوا الدكتور في الملعب وهو يضع قطراتٍ من دوائه ، اسفل انوف القتلى الثلاثة (اريك وديانا وجاكلين) .. بينما جاك يقف مرتجفاً ، بعد نجاته من المسابقة الدمويّة! 


وبعد دقائق .. إستيقظ الضحايا الثلاثة ، وسط دهشة زملائهم ! 

ليقول الدكتور :

- الرصاصات لم تكن حقيقيّة ، لكنها كشفت نواياكم المُبطنة !! هل تظنونني مُجرماً لإرتكاب جريمةٍ في ملعب الجامعة ؟! هي رصاصات تُشبه إبر المخدّر المؤقتة

 

ثم حاول الضحايا الثلاثة الوقوف مُترنّحين عقب استيقاظهم من المخدّر ، بعد ان تركت الرصاصات المطاطيّة إحمراراً على جباههم وقمصانهم (جهة القلب) !


ثم بدأ الدكتور بتحليل ما حصل ، قائلاً لجاك :

- انت الوحيد الذي نجوّت من الرصاص ، بعد ان اختار صديقك وعدوّك كسر قواعد مسابقتي !.. فهنيئاً لك !!

ثم قال لإريك :

- يبدو اختياراتك بالحياة صحيحة ! فصديقك لم يطلق النار عليك ، بعكس عدوّك 

وقال ديانا :

- اما انت !! فحصل الأمر بشكلٍ عكسيّ ! صديقتك أطلقت النار عليك ، بينما فضّلت عدوّتك ترك السلاح !

ثم قال لجاكلين :

- للأسف ، انت اسوأهنّ حظاً .. فكلا صديقتك وعدوّتك قرّرتا قتلك ! عليك إعادة التفكير بشروط الصداقة لديك 


ثم قال للجميع :

- الجائزة لم تكن ماليّة ، بل الوعيّ الجديد لمفهوم الحياة .. فبعد هذه التجربة ، ستعيدون تعريف المبادئ في نفوسكم .. (ثم نظر للثمانية الذين يملكون السلاح) .. ضعوا اسلحتكم هنا ، وعودوا الى بيوتكم !! 

ثم قال للضحايا الأربعة :

- اما انتم !! فعليكم الكتابة بدفتري عن ملخّص تجربتكم القاسية لهذه الليلة ، والتي سأضمّها الى كتابي الجديد 


وخرج الثمانية وهم يشعرون بالإحراج من زملائهم الأربعة الذين انشغلوا بكتابة التالي بدفتر استاذهم ..  

اريك :

((انا سعيد بصديقي الذي لم يخذلني ابداً .. اما عدوّي ، فسأكون اكثر حرصاً منه))


بينما كتبت ديانا :

((لا أصدّق إن عدوّتي رفضت ايذائي ، بعكس صديقتي التي حتماً سأفسخ علاقتي بها بعد هذه التجربة .. بينما سأتقرّب اكثر من عدوّتي التي أثبتتّ حسن نواياها اتجاهي ، وبسببها سأعيد تعريفي لمعنى الصداقة))


بينما كتب جاك :

((رغم قساوة التجربة الا انني سعيد بأن كلا صديقي وعدوّي إختارا العدالة على الظلم .. انا فخورٌ بكلاهما))


اما جاكلين فكتبت بعيونٍ دامعة :

((فقدّتُ ثقتي بكل الناس بعد هذه التجربة المريرة ، فكلا صديقتي وعدوّتي قرّرتا قتلي ! سأكون اكثر حرصاً باختياراتي المستقبليّة))

***


لاحقاً .. نُشر كتاب الدكتور الجديد التي سرد فيه احداث مسابقته النفسيّة .. والتي ختمها بالقول :

((الطبّ النفسي لا يعالج فقط العقد الماضية ، بل يكشف النوايا الحقيقيّة خلف الأقنعة المزيّفة ..مسابقتي كانت حرباً بين العقل والقلب .. الضمير والخيانة .. الصداقة والعداوة .. ورغم أهميّة تجربتي الا انها لن تُدرّس بالمناهج ! لكنها ستُخلّد في وعيّ من عاشها ، ولآخر يومٍ في حياتهم !))  


هناك 10 تعليقات:

  1. قرأت قبل يومين تعليقاً على التيك توك : ((ماذا لوّ كان صديقك هو عدوّك خلف قناعٍ مزيّف؟))
    فخطرت ببالي هذه القصة .. ولأن صاحب الفكرة مجهول ، كتبت في بداية القصة :
    كتابة امل شانوحة ، وليس تأليفي .. للأمانة الأدبيّة ..
    اتمنى ان تعجبكم

    ردحذف
  2. .لم تزل المنحوسه جاكلين باءسه معدومة الحظ في كل الميادين ولو كان الرصاص حقيقيا لكان خيرا لها واريح
    احسنت مول نحرت ما تبقى من اواصر في عنق الحزينه ♥

    ردحذف
    الردود
    1. صحيح .. دائماً اختار جاك كشخصية قوية بقصصي .. اما جاكلين ، فهي الضعيفة المنحوسة .. جيد انك لاحظت ذلك

      حذف
  3. أعجبتني شكرا لك

    ردحذف
  4. اخيرا عاد عاد جاك و جاكلين من شهر العسل و يا له من شهر عسل اطول شهر في تاريخ البشرية ڨصة ذو مغزى الشريرة امل شانوحو

    ردحذف
    الردود
    1. هما لا يظهرا دائماً ، لأني احاول إختيار قصصاً جيدة تليق بجاك وجاكلين ، بطلا مدوّنتي المتواضعة .. تحياتي لك

      حذف
  5. النجوميه الصعبه
    مسابقة حافلة الموت
    ثورة العشاق
    الوسيط الخفي(راقي مودرن)
    الحب البريئ
    مسابقة الثقة

    مرحبا استاذه أملانو"
    ماذا لو كنت انا من ضمن الثمانية  الذين يحملون المسدسات وانتي كنتي من ضمن الأربعة !! وانا صديقك المخلص للمدونه "

    أتدرين ماذا كنت سأعمل!!

    كنت سأترك المسدس من يدي ولن تطاوعني نفسي على حتا مجرد تصويبه نحوك""

    نعم لأن انا من اصدقائك المخلصين للمدونه سأتخلا عن مسدسي وأطلب من الدكتور ان يعطيني منشار كهربائي واقوم بقطع أطرافك الاربعه وانتي بكامل وعيك دون تخدير لكي احرمك من كتابة القصص ولن اكتفي بهذا القدر !!  هه دعابة يا آينشتاينة الأدب بأنواعه فأنتي أصبحتي أكثر خطر على الامن العام قادرة على غسل ادمغتنا بمجرد جرّة قلم من يدك!

    أرى في هذه الفترة أن مزاجك او نفسيتك تحت السيطره قصه حب وبعدها قصة نجوميه وقصة موت وقصة فضاء وقصة راقي مودرن ههه وقصة طبيب نفس """ نعم هذا جيد في تنويع القصص

    لاحظت أن مزاجك صار معتدل تحت السيطره أكثر من اي وقت مضا ..وهذا بعد ان نصحتك بربط ملاكك الحارس بالحبل هه "" إذا فأنتِ مدينتاً لي

    أعتقد بأني أنا وانتِ اتفقنا سابقا دون ان نتفق بأن تجعلي جاكلين تنام في قبرها للأبد هههه

    هيا لنبدأ  تحقيق هدفنا نحو كتابة ألفان قصة ولتكن هذه القصة رقم واحد بقا 1999 قصه

    عموما أستاذة أملانو ماذا أقول وكيف أقول!!  ومهما قلت فيك فلن أوفيك حقك

    عذرا عذرا على ثرثرتي الزائدة

    ختاما
    هيا لنهتف معا

    أمل سنيورا
    إبن اليمن سنيور

    لافيكيا سنيورا
    لافيكيا سنيورا

    ردحذف
    الردود
    1. دائماً تعليقاتك تضحكني .. رجاءً لا تغب كثيراً عن مدونتي ، فأنا يهمّني رأيك بقصصي المتنوّعة .. لافيكا سنيورا ، ابن اليمن

      حذف