الخميس، 8 فبراير 2018

السرداب المهجور

تأليف : امل شانوحة


رسالة مخيفة في قبو منزلي !

بعد ان عانى جون لشهورٍ طويلة من أذيّة شابٍ مُتنمّر في سكن الطلاّب الجامعي , أقنعه صديقه بالإستئجار خارج الجامعة , وأعطاه عنوان سمسارٍ جيد  

وفي مكتبه :
جون : لكن المنزل الذي أخبرتني عنه موجود بأطراف قريةٍ صغيرة , وانا طالبٌ جامعي وعليّ الذهاب يومياً ..
السمسار مقاطعاً : نعم , لكنه منزل رخيص .. كما انك تملك سيارة , وكل ما تحتاجه هو نصف ساعة لكيّ تصل الى الطريق السريع الذي يوصلك مباشرةً الى الجامعة .. وصدّقني لن تجد منزلاً يناسبك أكثر منه .. ثقّ بكلامي 
فوافق جون رغم قِدم المنزل , فهو لا يريد تكلفة عائلته المزيد من المصاريف .. 

وبعد نقل حاجياته الى هناك .. أمضى شهره الأول فيه بسلام , بعيداً عن المضايقات التي كانت تحصل معه في السكن الجامعي ..
***

لكن مع بداية الشهر الثاني .. بدأ جون يشعر بالضيق في منزله الجديد , ويعاني من الأرق والإرهاق بسبب تكرار رؤيته لنفس الكابوس المزعج :  
((وفيه يرى انه مُحاط بأطفالٍ يبكون داخل قفصٍ حديدي , بينما هو يراقب من خلال القضبان مجموعة من الرجال ومعهم امرأة يلبسون الثياب والأقنعة السوداء ويجلسون قرب موقدٍ للنار , ويرتلّون تعاويذاً بنغمٍ مخيف ! ثم يشاهدهم وهم يسجدون باتجاه سردابٍ مظلم .. ومن بعدها يتوجّه أحدهم ناحية القفص ويخرج منه طفلاً رضيعاً .. ثم يقذفونه جميعاً داخل الفرن الموجود بجدار الحائط , وكأنهم يقدّمونه كقربان او أضحية ! ويظلّ جون طوال الحلم يستمع لصراخ الطفل وهو يتلوّى من الألم , الى ان يختفي صوته وسط نيران الفرن التي التهمت جسده الصغير !)) 

ومن بعدها يستيقظ من كابوسه مُتعرّقاً وخائفاً للغاية ! 
***

وبعد ان شاهد هذا الكابوس للمرّة السابعة على التوالي , قرّر ان يقوم بجولة داخل المنزل , فهو لم يتسنّى له بعد استكشاف العلّية والقبو بسبب إنشغاله بالإمتحانات طيلة الشهر الفائت , لكن بما ان لديه الآن عطلة نصف السنة (في الجامعة) فأراد استغلال هاذين الأسبوعين لمعرفة كل شيء عن البيت القديم الذي يسكنه .. 

ووجد العلّية فارغة تماماً , الاّ من بعض الشقوق والغبار المتراكم هنا وهناك ..

لكن ما ان دخل القبو حتى أحسّ بأنه رآه من قبل , فهو يبدو مألوفاً لديه ! ثم بدأ يتجوّل فيه الى ان وصل لمكتبةٍ خشبية , فيها بعض الكتب التي أتلفتها الرطوبة .. وعندما أقترب أكثر منها (مُغلقاً أنفه من رائحة العفن) تعثّر فجأة بسلك مُهمل على الأرض , ليُسرع بالإستناد على المكتبة المهترئة كيّ لا يسقط على وجهه .. وحينها حصل ما لم يكن بالحسبان ! فقد إنكسرت بعض أرففّ المكتبة , ليظهر خلفها سردابٌ طويلٌ ومظلم !

فأضاء جوّاله , بعد ان فتح المكتبة التي كانت عبارة عن بابٍ سرّي يسدّ بوابة هذا الممرّ المجهول .. 
ورغم خوفه الاّ انه غلبت عليه روح المغامرة , فظلّ يمشي داخل السرداب الذي شعر بأنه مرّ به من قبل !

ثم نزل بضعة درجات للأسفل , فوجد شيئاً هناك صعقه للغاية !
نعم لقد رأى نفس المكان الذي كان يشاهده بكوابيسه .. فهناك في الزاوية يوجد القفص الحديدي الصدىء الذي يسعّ طوله لأطفالٍ دون سن السابعة ..كما هناك رسمة لعبّاد الشياطين على أرضية المكان ..وموقد كبير داخل جدار الحائط .. وحينما فتح باب الموقد , شاهد بين رماده عظاماً صغيرة مُتفحّمة ! 

وبهذه اللحظات .. شعر بلفحة هواءٍ ساخنة قادمة من الجهة المقابلة ! فوجّه النور ناحيته , ليرى سرداباً آخر أكثر ظلمةً ورعباً من الذي هو فيه ... لكنه تجمّد في مكانه , بعدما قرأ الرسالة المكتوبة على اول جدار صادفه بالسرداب الثاني , والتي كُتبت بطريقة معكوسة ! وتلك الجملة المرعبة كانت : ((ابليس , نحن في انتظار اوامرك))
فركض عائداً الى القبو , ومنه الى خارج منزله .. 

ولم يجد نفسه الاّ وهو يسرع باتجاه مكتب الشرطي (مارك) المسؤول عن أمن هذه القرية الصغيرة .. وهناك أخبره بكل شيء 

ورغم ان الشرطي العجوز لم يصدّقه في البداية , الاّ انه قبِلَ الذهاب معه ليرى السرداب المهجور بنفسه .. 
***

وبعد ان عاين الشرطي المكان , تأكّد بأن القبو السرّي كان يستخدم سابقاً كمركز قيام عبّاد الشياطين بطقوسهم ..
جون : ومتى برأيك كانوا يجتمعون هنا ؟
الشرطي وهو يتفحّص بقايا العظام الصغيرة داخل رماد المحرقة القديمة : يعني .. منذ حوالي خمسة عشر الى عشرين سنة الماضية , لكن لا أظنهم استخدموه فيما بعد ..
جون : وماذا سنفعل الآن ؟

الشرطي وهو يخرج من السرداب باتجاه القبو : لا شيء
جون (وهو يتبعه) بصدمة : كيف لا شيء ! ألن تخبر السلطات عن هذه الجرائم ؟ فأكيد هؤلاء القرابين الصغار مُخطتفين , وأهاليهم مازالت تبحث عنهم الى يومنا هذا ! 
الشرطي : برأيّ عليك ان تلزم منزلك , ولا تنزل الى هنا مجدّداً ..وأترك الموضوع لي ..

وقد ضايق جون إستهتار هذا الشرطي بإكتشافه المرعب .. لكن لم يكن بيده فعل شيء سوى إقفال باب القبو والعودة لدراسته في الطابق العلوي , مُتجاهلاً شعوره بالخوف من وجود محرقة للأطفالٍ في قبو منزله , عدا انه يسكن فوق المكان التي كانت تجتمع فيه سابقاً الشياطين مع عبّادهم المجانين !  

ولهذا كلّه .. إتصل جون بالسمسار وطلب منه ان يدلّه على منزلٍ بعيد عن هذه القرية , دون ان يخبره بالأسباب 
*** 

وفي صباح يوم الأحد ...وبعد ان استيقظ جون مجدداً على نفس الكابوس اللعين , وجد نفسه يسير باتجاه كنيسة القرية .. 
وبعد انتهاء القدّاس .. إقترب منه القسيس وأيقظه بعد خروج الجميع من الكنيسة ..
جون وهو يتلفّت حوله : آه آسف ! لا ادري كيف غفوت ..
فابتسم القسيس له : يبدو وكأنك لم تنمّ منذ فترةٍ طويلة ؟
جون بتردّد : بصراحة نعم , وأتيت اليك لأخبرك بأمرٍ مهم 

ثم أخبره بموضوع السرداب المهجور وطقوس عبّاد الشياطين التي كانت تقام هناك .. 
وبعد ان استمع اليه القسيس قال له : أقلت بأن الشرطي مارك لم يهتمّ كثيراً للأمر ؟!
جون : نعم , ولهذا فكّرت بأن أصوّر السرداب والعبارة المكتوبة على جداره وكل شيء موجود هناك , ثم أنشره بوسائل التواصل الإجتماعي
فقال القسيس بحزم : ايّاك ان تفعل !!
جون بخوف : لماذا يا أبانا ؟!
- دغّ الموضوع لي , وانا سأحلّه بنفسي .. أهتم انت فقط بدراستك و .. آه لحظة ! ماهذا الوشم الذي على ساعدك ؟!

جون وهو ينظر الى يده : والشرطي مارك ايضاً سألني عنه ! ولا ادري ماذا يعني بالضبط , فهو موجود منذ صغري 
- الم يخبرك والداك عن هذا الوشم ؟
- انا يتيم وتربّيت في دور الشؤون الإجتماعية , ثم تبنّتني عائلتي الحالية وانا بعمر الثماني سنوات 
- وهل كنت برعاية الدولة منذ ان كنت طفلاً ؟
- لا , بل قيل لي : بأن الشرطة وجدتني هائماً لوحدي بالشوارع بعمر الثلاثة او اربعة سنوات .. لا اذكر تحديداً 
فقال القسيس وهو شارد التفكير : هائمٌ في الشوارع ! .. جميل 
جون باستغراب : مالجميل في الموضوع ؟!

بارتباك : آه لا شيء !.. فقط لازم منزلك هذه الأيام , وانا سأتصل بك 
جون : حسناً سأعطيك رقم جوالي , لكني أخبرك منذ الآن انني أنوي الإنتقال من هذا البيت في القريب العاجل
القسيس باهتمام : ومتى سترحل عن قريتنا ؟ 
جون : عندما يجد لي السمسار منزلاً آخر
- أتقصد السمسار اريك داروين ؟
جون بدهشة : وكيف عرفت اسمه ؟!
- ماذا ! آه .. هذا لأنه السمسار الوحيد الذي يعرف عناوين المنازل الفارغة في قريتنا .. 

ثم ودّعه القسيس مستعجلاً , بحجّة ان لديه مراسم دفن بعد ساعة  
وذهب جون الى منزله متضايقاً لعودته الى هذا المكان الكئيب من جديد ..
*** 

بعد يومين , وفي منتصف الليل .. سمع جون أثناء نومه صرير بابه الخارجي وهو يفتح ! وقبل ان يستوعب ما يحصل , أطبقت يدٌ فوق وجهه ليشتمّ رائحة المخدّر من قماشةٍ مبلولة وضعت فوق فمه وانفه ! وآخر ما رآه كان رجلاً مقنّعاً يقف قرب سريره ..
***  

استيقظ بعدها , ليجد نفسه داخل سرداب القبو المهجور .. مُحتجزاً في قفصٍ حديدي صغير ! وعلى مقربةٍ منه , جلس مجموعة من الرجال وامرأة يراقبون موقد النار (الموجود في الجدار) بعدما اشعلوه من جديد 

ولم يكن جون في تلك اللحظات مستوعباً لما يحصل معه ! فهل هو يشاهد الكابوس مجدداً ؟ ام انه بالفعل يشارك طقوسهم ويستمع الى تراتيلهم المخيفة ؟!
وهنا صرخ جون بعلّو صوته !!! وهو يطرق على قضبان القفص الصدئة 
- إخرجوني من هنا !!!

وفجأة توقفت التراتيل ! واقترب الجميع منه , بأقنعتهم وألبستهم السوداء 
جون بخوف : من انتم ؟! وماذا تريدون مني ؟!
وهنا رفع اول شخص منهم القناع عن وجهه , وكان نفس الشاب المتنمّر بالجامعة , والذي بسببه ترك جون السكن الجامعي 
جون بدهشة : أهذا انت يا آدم ؟!
آدم : نعم ..و هذا جايسون

فرفع الشاب الذي بجانبه قناعه , وكان جايسون : صديق جون المقرّب الذي أقنعه بالإستئجار خارج الجامعة 
جون بصدمة : أأنت معهم ايضاً ؟!
فأومأ جايسون برأسه ايجاباً , فعاد وسأل جون صديقه :
- ألست انت من أعطيتني رقم قريبك السمسار ؟

وهنا اقترب رجل من الشابين , ورفع قناعه .. واذا به السمسار (اريك داروين) ..
جون معاتباً : لما يا رجل دلّيتني على هذا المنزل المرعب ؟!
فأشار السمسار الى رجلٍ آخر مُقنّع بقربه وهو يقول : سأدعه هو يجيبك على سؤالك 

فتقدّم الرجل الثاني (الذي بدى من مشيته وكأنه كهلٌ كبير) ورفع القناع عن وجهه , فإذا به قسيس الكنيسة 
جون وهو منصدمٌ تماماً : أأنت ايضاً مشترك معهم في هذه المهزلة ؟!
القسيس : ليس انا وحسب , بل هو ايضاً

وأشار الى رجلٍ ثالث ..الذي حين رفع القناع عن وجهه , كان الشرطي العجوز مارك
فقال جون بيأس : يبدو ان كل القرية من عبّاد الشياطين !

وهنا اقتربت منهم امرأة مُقنّعة : جميعنا تابعون لقيادة والدك
جون بصدمة : ماذا ! هل والدي حيّ ؟
وبعد ان أزالت القناع عن وجهها , كانت امرأة في بداية الخمسينيات من عمرها , والتي قالت لجون : نعم والدك حيّ , وانا اكون امك يا دان
فابتسم جون ساخراً : اسمي جون , وانا لست بإبنك دان .. اظنك مخطئة يا سيدة..
السيدة وهي تنحني قرب القفص (المحتجز به جون) : بل اسمك الحقيقي هو دان .. انظر الى وشمك .. به حرف (دي) 
جون وبعد ان نظر الى ذراعه : لا أصدّق هذا , لأنه لا يمكن لأم في الدنيا ان تحرق ابنها الوحيد ليكون قرباناً لأبليس !

فقال المتنمّر آدم : هذا لأنك لست ابنها الوحيد .. فأنا وجايسون ابنائها ايضاً 
جون بصدمة : ماذا ! أأنتما إخواني ؟!
جايسون : نعم انا وآدم توأمان , لكننا لا نشبه بعضنا بالشكل ..وانت اخونا الكبير .. أكبر منّا بسنةٍ واحدة .. وكان من المفترض ان تموت في عمر الرابعة 
جون : انا لا افهم شيئاً ! ليخبرني أحدكم بالقصة كاملة !!

وهنا اقترب من القفص الرجل الأخير في هذه المجموعة .. وبعد ان ازال القناع عن وجهه قال له : انا سأخبرك بالقصة .. لكن دعني اولاً أعرّفك عن نفسي .. انا جاك ..والدك الحقيقي , ووالد آدم وجايسون , صديقاك بالجامعة 
جون بدهشة وغضب : ابي ! أأنت من أسسّت هذه الطائفة اللعينة ؟!!

الوالد مبتسماً : انت تدرك تماماً انني لست مؤسسّ عبّاد الشياطين , لكني رئيسها في هذه القرية الصغيرة .. دعني أخبرك القصة منذ البداية .. كنت متزوجاً من امك .. وأنجبناك اولاً , ثم اخويك التوأم .. وكان هذا منزلنا .. وفي أحد الأيام , حدث تسرّب للمياه من انبوب موجود بجدار القبو .. وعندما قمت بكسر الحائط لأغيّر الأنبوب , تفاجأت بوجود هذا السرداب السرّي .. وعندما دخلت فيه ..(ثم سكت)
جون باهتمام : هيا أكمل , لما توقفت ؟

ابوه : شاهدت ابليس بالداخل
جون بسخرية : أحقاً ! يعني اكتشفت منزل ابليس 
امه مُعاتبة : لا تسخر من والدك يا دان !!
جون بعصبية : أأنتِ تهذّبين سلوكي وكأنك أمٌ مثالية , وسابقاً كنتِ تنوين حرقي كقربان لشياطينكِ ؟.. وأنت ايها القسيس المحترم !! اليس هذا مخالفاً للتعاليم المسيحية ؟
القسيس العجوز : انا لم اكن راهباً في ذلك الوقت , بل رجلٌ في مثل عمر والدك الآن .. فأنا والشرطي مارك في نفس العمر تقريباً 
الشرطي مارك : وانا لم أكن في تلك الأيام قد التحقت بسلك الشرطة , بل كنت صاحب محل لبيع الأجبان في القرية

ابوه : المهم دعني أكمل لك القصة .. بعد رؤيتي لأبليس , أخبرني بأنه يحتاج لأرواح اربعة اطفال , بشرط ان يكون الولد البكر لأهله.. 
فقاطعه جون ساخراً : ولما يحتاج ابليس لأرواحنا ؟ هل سيحصل بالمقابل على قسيمة شراء مجّانية من متجر الشياطين ؟
السمسار غاضباً : أصمت يا ولد !! ودعّ والدك يُكمل القصة 

فسكت جون , ليُكمل والده قائلاً :
- وقال لي ابليس : انه في حال أعطيته ما يريد , فسيوهبنا ثروة لا مثيل لها 
امه بحماس : نعم .. أكياسٌ من الذهب لكل واحداً منا
جون : لحظة ! لكل واحداً منكم ! هل انتم ايضاً أحرقتم اولادكم البكر ؟

فأومأ الشرطي والقسيس والسمسار رأسهم موافقين , وهم يخفون حزنهم على قيامهم بهذه الجريمة بحق اولادهم .. 
وكان الحزن جليّاً على ملامح القسيس , الذي عرف جون لاحقاً بأن زوجته ماتت من الحزن بعد معرفتها بموت ابنهما الوحيد , ومن بعدها توجّه للرهبنة , وعاش ستة عشر سنة من حياته دون ابناء .. بينما كان للشرطي والسمسار وكذلك والديه ابناءً آخرين ..

جون بغضب : وهل أصبحتم أغنياء بعد حرقكم لأولادكم , ايّها الحمقى ؟!!
الشاب آدم بغضب : كنّا سنصبح كذلك لولا هروبك من هنا قبل سنوات , يا غبيّ ؟  

وهنا تذكّر جون كل شيء عن ماضيه .. فهو بالفعل شاهد بعينيه حرق الأطفال الثلاثة الذين كانوا بين سن الثانية والشهرين .. وعندما وصل الدور اليه , ولأنه أكبر الأولاد فقد استطاع عضّ يد والده بعد ان وشم ساعده الصغير بشعار الشياطين استعداداً لحرقه .. ثم أسرع هارباً من القبو , ومنه الى خارج المنزل , ليقفز الى خلفية شاحنة مُحمّلة بالقشّ صادف تواجدها في المكان .. وعندما خرج الرجال (عبّاد الشياطين) للبحث عنه , كانت الشاحنة قد تحرّكت وفي داخلها الصغير , والذي خرج منها بعد توقفها عند الإشارة في وسط المدينة .. وهناك شاهده شرطي مرور يمشي هائماً بالطرقات , وسلّمه الى دار الأيتام .. 

جون : الآن تذكّرت كل شيء ! لكن كيف وصلتم اليّ بعدما أصبحت شاباً ؟
جايسون مُبتسماً بخبث : هذا لأن القدر جمعنا من جديد .. فحين التقيت بك في الجامعة , لفت نظري الوشم الذي على ذراعك .. وأخبرت والدي بالأمر .. ومنذ ذلك الحين ونحن نخطّط لإعادتك الى هذا السرداب ..
آدم : نعم وقد طلبوا منّي مضايقتك في الجامعة , فهذه كانت مهمّتي 
جايسون : وانا قمت بإرسالك الى صديق والدي السمسار .. وبقيّة القصة تعرفها انت..
جون وهو ينظر لهما بقهر : يالكما من اخوين حنونين ! 
آدم وهو يقترب من القفص الحديدي : يمكننا من أجل المال والثروة ان نفعل أكثر من ذلك يا اخي العزيز

فسأل جون والده : يعني طالما انني هربت منكم , فلما لم تحرق هاذين الغبيين بدلاً مني ؟
وأشار الى أخويه , فأجابته امه : أخبرناك قبل قليل , ان شرط ابليس ان يُحرق الولد البكر فقط 
جون بسخرية : آه صحيح , لقد نسيت .. (ثم بلع ريقه بخوف) ..طيب وماذا الآن ؟
الأب وهو يرمي بالخشب داخل المحرقة ليزيد من لهيبها : والآن يا ولدي  العزيز.. سنُكمل من حيث توقفنا

وهنا شعر جون بخوفٍ شديد بعد ان رآهم يقتربون جميعهم من القفص :
- لحظة واحدة !! ماذا سينفعكم المال الآن بعد ان كبرتم في السن ؟
القسيس بقهر : لقد حُرمت من الأطفال طوال حياتي , ولن اسمح لك ان تحرمني من المال الذي سيكفيني لآخر عمري
آدم : كما انني وجايسون مازلنا شباباً , ونريد ان نصبح اغنياءً بأسرع وقتٍ ممكن  

ومن ثم هجم عليه أخويه وأخرجاه من القفص بالقوة .. ثم قام الجميع بتثبيته بالسلاسل فوق طاولةٍ حديدية مخصّصة للفرن .. ودفعوه الى داخل النار
فصرخ جون بعلوّ صوته بعد ان أمسكت النيران بثيابه : أخرجوني من هنا ارجوكم !! لا اريد الموت !!!! 

وهنا لمح جون شيئاً أشدّ رعباً مما هو فيه ! حيث رأى من خلال فوهة الفرن , الشياطين وهي تخرج من جدران القبو وبيدها اكياس كبيرة ملأى بالعملات الذهبية .. 

ثم سمع صوتاً جهورياً من بعيد (دون ان يراه) وهو يقول لهم : لقد استحقيتم جائزتي بعد ان وفّيتم بشروطي !!
ليطلق بعدها ابليس ضحكته المجلّجلة ! 

وكان آخر ما شاهده جون : هو افراد عائلته والرجال الثلاثة وهم يتهافتون على اكياس الذهب , بينما كانت النيران تلتهم جسده .. 
ثم فاضت روح جون الطاهرة .. وإختفت صرخاته المؤلمة للأبد ! 

ملاحظة :
الصورة التي وضعتها لهذه القصة : هي صورة لملجأ مهجور في الغابة بشمال المانيا , والعبارة المكتوبة على جداره تقول : 
((مرحباً ابليس , انا احبك))

لمعرفة المزيد , شاهد هذا الفيديو عن : رسائل مرعبة وغريبة عُثر عليها في سراديب المنازل
الرابط : 
https://www.youtube.com/watch?v=DaeEdHbwQII
ومن الفيديو استوحيت هذه القصة , اتمنى ان تنال اعجابكم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...