الأربعاء، 24 يناير 2018

للقدر رأيٌ آخر

فكرة والدتي : آمنة الخالدي
كتابة : امل شانوحة

من سيرث الآخر ؟!

وبعد ان القوا نظرة في أرجاء الشقة الفارغة .. قالت الصبية لوالدها :
- المنزل جميل يا ابي , لكننا لا نملك كامل سعره
فسمعها الشاب (صاحب الشقة) واقترب منهما قائلاً :
- رغم ان المبلغ الذي عرضّتماه عليّ يساوي نصف الثمن , لكني سأقبل بيعكم شقتي لأنني سأهاجر قريباً الى استراليا , فعمي هناك على فراش المرض , وانا الوريث .. أقصد .. قريبه الوحيد .. لهذا دعونا نتممّ الصفقة في أقرب وقتٍ ممكن 
***

الاّ ان الأمور أخذت منحى جديد حين أعجب الشاب بالصبية مع الأيام التي تلت نقل ملكية الشقة لعائلتها , فطلب يدها من والدها الذي إعترض في البداية على استعجاله بالزواج , لكن الشاب أقنعه بأنه يريدها ان ترافقه الى الخارج .. وبعد موافقة البنت تمّ عقد الزواج سريعاً ليسافرا معاً الى استراليا ..
***

وما ان وصلا الى هناك .. حتى فاجئها عريسها برغبته في الذهاب مباشرةً الى قصر عمه  
العروس : الم تقلّ ان عمك استأجر بيتاً لنا ؟!
زوجها : نعم , لكن طبيبه اتصل بي ونحن بالمطار وأخبرني بأن حالته أزدادت سوءاً هذا الصباح , فهو كما اخبرتك يعاني من السرطان , واريد ان اطمئن عليه قبل وفاته 
فقبلت العروس مُرغمة , وذهبا الى قصر عمه الفخم ..
***

والتقيا به مستلقياً على سريره الطبي في غرفة داخل قصره , كان قد جهّزها بكافة الأدوات الصحيّة لأنه يرفض العلاج في المستشفى  
وبعد السلام والأحضان بينهم .. عاتبه العم قائلاً :
- لما استبدلت طبيبي بطبيبٍ آخر , يا وليد ؟! 
- هذا الطبيب ماهرٌ أكثر من طبيبك العجوز يا عمي , كما ان معظم مرضاه تعالجوا من السرطان , فأنا قمت بالكثير من الأبحاث عنه قبل ان أطلب من محامي العائلة إحضاره لك ..
العجوز وهو ينظر الى العروس التي بدى عليها الإرهاق من السفر الطويل 
- عزيزتي .. اذا كنت متعبة , فيمكنك الإستراحة بغرفة الضيوف 

فنظرت الى زوجها الذي قال :
- يمكننا ان نبيت الليلة هنا حبيبتي , وغداً نذهب الى بيتنا  
فشكرت ندى عمّ زوجها , وذهبت مع خادمة القصر الى الغرفة الموجودة بالطابق العلوي لأخذ قسطاً من الراحة , تاركةً زوجها يتحدّث مع عمه في المسائل الطبية والمالية ايضاً
***

ومرّت الأيام والعرسان مازالا في قصر العم .. وفي نهاية الأمر عرفت العروس ان زوجها ليس لديه منزل في استراليا , وبأنه أخبر اهلها بذلك فقط ليوافقوا على هجرتها معه 
زوجته بضيق : أهذا يعني اننا سنعيش كل حياتنا هنا ؟
- وماذا أفعل ان كان عمي يريدنا ان نبقى معه في آخر ايام حياته ؟
- لكن وليد..
- اسمعي ندى .. الطبيب أخبرني ان عمي يحتضر بالفعل , وربما بعد ايام او شهوراً قليلة يصبح القصر لنا , فلما نضيّع مالنا باستئجار بيتٍ جديد؟
- لما أشعر وكأنك تتمنّى موته بدلاً من شفائه ؟!

زوجها بارتباك وعصبية : ماهذا الهراء !! بالطبع أتمنى ان يبقى معنا دائماً , فهو في مقام المرحوم والدي , لكن لا تنسي ان العلاج من السرطان بمن في مثل عمره أشبه بالمستحيل .. ومع هذا أحرص دائماً على إحضار له أفضل الأدوية وأمهر الأطباء ..
- حسناً حسناً , إهدا قليلاً .. فأنا لا أتهمك بالإهمال , فقط كنت 
زوجها مقاطعاً : ارجوك دعينا من هذا الكلام .. فأنا كل ما اريده منك هو ان تهتمي به هذه الفترة

- وانا ايضاً كنت أرغب بالتحدّث معك عن هذا الموضوع , فقد رأيتك البارحة وانت تطرد الممرّضة
- نعم لأنها مهملة في عملها , لكني حتماً سأجد أفضل منها
- لا داعي لذلك , فأنا سأهتم بعمّك .. على الأقل لنشكره على قبوله العيش معه
- ندى ..هو لا يحتاج للإهتمام فقط , بل يحتاج لأخذ أدويته بانتظام , عدا عن الحقن التي.. 
مقاطعة : الم أخبرك بفترة خطوبتنا القصيرة انني أخذت دورات صيفية بالتمريض ؟
- أحقاً ! يبدو انني نسيت .. حسناً ان كنت تريدين مساعدته فلا بأس بذلك .. هكذا سأطمئن عليه اكثر أثناء سفري
- ايّ سفر ؟!
- آه آسف , نسيت ان اخبرك .. لكن شركة عمي لديها فروع في كافة مناطق استراليا , وعليّ القيام بجولة تفقّدية من وقتٍ لآخر لأشرف على سير العمل هناك .. وهذا يتطلّب مني السفر عدة ايام كل شهر 

فطأطأت رأسها بحزن , فحضنها بحنان قائلاً :
- اعرف اننا لم نحظى بعد بشهر عسلٍ لائق .. لكني اعدك بأنك ستعيشين حياة لم تحلمي بمثلها من قبل .. بقيّ القليل.. إصبري عزيزتي ..فأنا اقوم بكل هذا لأجلك ولأجل اولادنا في المستقبل .. والآن أعذريني .. فعليّ ترتيب حقيبتي ..
- دعني أرتبها لك 

وبعدها بساعة .. توجّه الى المطار وهو منشغل بالأمور المالية لشركة عمّه الضخمة ..
***

في المساء .. دخلت ندى على العمّ , وهي تحمل كيس الأدوية 
العمّ : آه ! هل أحضر الطبيب ادويتي الجديدة ؟
بابتسامة : ليس الطبيب , بل شخص أوصلهم الينا , وقال ان زوجي طلبهم من شركتهم الطبّية 
- غريب ! بالعادة ادوية السرطان تحتاج الى وصفةٍ طبية , وزوجك لم يطلب مني اسماء ادويتي او تقاريري السابقة ! 
- لا ادري .. المهم دعني أعطيك الحقنة , فأنا من سأقوم برعايتك هذه الفترة ..ولا تقلق , فأنا درست التمريض وكنت متفوقة بها
- هذا جيد 
وهي تعبأ الحقنة : لا تقلق فيدي خفيفةٌ جداً , ولن تشعر بالألم
***

ومع مرور الأيام .. بدأت حالة العجوز تزداد سوءاً ! 
فأخبرت ندى زوجها بقلقها , لكنها استشعرت ارتياحه من تدهور صحة عمه , مما أثار الشك في قلبها ! 
فتنصتت عليه وهو يكلّم محاميه , فسمعته يقول :
((نعم نعم .. العجوز على وشك الموت .. وقريبا جداً سأملك هذا القصر وشركته الضخمة بكل فروعها .. نعم بالتأكيد لك نصيب , انت والطبيب المحتال ..))
ثم ضحك بملء شدقيه ..

فعرفت زوجته ان بالأمر شيئاً مريباً .. وانتظرت ليوم سفر زوجها الذي إعتاد الذهاب الى فروع الشركة مرتين بالشهر .. 
وبعد سفره توجهت الى مختبرٍ طبّي , وأعطتهم الأدوية التي كان يحضرها ذلك الشخص الموكّل من قِبل زوجها .. 
***

وبعد يومين ظهرت النتيجة , وكانت المفاجأة ! 
فهذه الأدوية التي دوام العمّ على تناولها على مدى شهرين , كانت بالحقيقة تعمل بشكلٍ مضاد لأدوية السرطان , بل تساهم بتطوّر المرض بدلاً من القضاء عليه !
فبكت ندى بقهر بعد معرفتها بأنها تزوجت من شخصٍ ماكر يريد القضاء على عمه الطيب ليستولي على الميراث .. بالرغم من انه الوريث الوحيد لكن طمعه جعله يستعجل القدر للقضاء على عمه سريعاً ..
وبعد تفكيرٍ مطوّل قرّرت إخبار العجوز بالحقيقة  
*** 

وكانت صدمة قوية للعم بإبن اخيه الذي كان يحبه كأبنه , فهو حُرِمَ من الأولاد بسبب انشغاله الدائم بالعمل 
ندى بشفقة : رجاءً يا عمّ لا تبكي 
العجوز وهو يمسح دموعه : زوجك يريد قتلي يا ندى !  
- لا ادري ماذا اقول لك ! لكن علينا الإنتباه جيداً هذه الفترة كيّ لا يعرف وليد اننا كشفنا خطته الخبيثة
- بالطبع .. فشخصٌ يفكّر بقتل آخر فرد من عائلته هو رجلٌ حقير , وبإمكانه التخلّص منّا نحن الأثنين من أجل المال
ندى بقلق : وماذا نفعل الآن ؟ فأنا خائفةٌ منه
- علينا التخطيط بسرّية تامة .. (ثم فكّر قليلاً) ..اولاً لن اسمح لطبيبه المجرم بحقني ثانيةً , بل سأوكل المهمّة لك  

- حسناً , وانا سأرمي بجميع الأدوية التي يجبرك وليد على أخذها 
العجوز : نعم , لكن عليّ اولاً استشارة طبيبي الذي أقاله زوجك المحترم ليكتب لي وصفاتٌ جديدة , بعد ان ساءت حالتي بسبب السموم التي تناولتها
- لكن لا تدعّ طبيبك يحضر الى هنا الاّ بعد سفر زوجي 
- معك حق .. لكن ماذا عن الخادمة ؟
ندى : آه صحيح , ربما يكون وليد دفع لها لتتجسسّ علينا ..(تفكّر قليلاً).. اذاً بعد سفر زوجي أعطيها إجازة لبقيّة اليوم , كيّ لا ترى طبيبك قادمٌ الينا.. وبجميع الأحوال لن أسمح لها بتنظيف غرفتك , بل أفعل ذلك بنفسي

- لا ادري حقاً كيف اشكرك .. فالله ارسلك اليّ لتنقذيني من الموت .. ومع هذا أشعر بالحزن عليك لزواجك من هذا الشرير 
تتنهّد بحزن : ماذا أفعل , هذا قدري ونصيبي ! 
***

وبدأ العم وندى ينفّذان الخطة ويوهمان وليد بتدهور حالته المرضية مع الأيام .. بينما يستغلّان انشغاله بالعمل ليشرف طبيبه الخاص على علاجه بمساعدة ندى التي تداوم على إعطائه الأدوية المناسبة لحالته 

ومرّت الشهور .. وبدأت صحة العم تتحسّن بالفعل , حتى بدأ شعره بالنمو مجدداً .. لكن ندى كانت تحلقه له بناءً على طلبه كيّ لا تنكشف خطتهما , وأحياناً يُخفي تلك الشعيرات القليلة بقبعته الصوفية .. 
***

وفي يومٍ كان فيه وليد خارج البلد والخادمة بإجازة , سألها العجوز: 
- وماذا عنك يا ندى ؟ هل ستبقين طوال حياتك مع هذا الطمّاع؟ 
بنبرةٍ يائسة : انا اريد الطلاق , لكني خائفة من ردةّ فعله ! 
- وما رأيك لوّ أخلّصك منه ؟
- ياريت , لكن كيف ؟
- لديّ خطة مناسبة , لا تقلقي
***

وبعد عودة وليد من السفر , دخل الى غرفة عمه الذي تظاهر بالتعب الشديد.. 
- خير يا عمي ! مابك ؟
العم بنبرةٍ مرهقة : يبدو انني أقترب كل يوم من الموت
وليد وهو يخفي فرحه : معاذ الله يا عمي .. أكيد حالتك ستتحسّن مع الأيام
- دعنا من الأحلام , ولنتكلّم عن امور الميراث
فقال وليد في نفسه بارتياح  )):وأخيراً سيخبرني بمجموع ما يملكه من اموال وعقارات)) 

فقال العجوز : كما ترى يا بنيّ .. فشركتي لديها فروع في كافة استراليا , وعليك ان تقضي معظم وقتك بالسفر هنا وهناك لتسيّر امورها ..
مقاطعاً وبحماس : وأنا لست متعباً من ذلك عمي
- نعم لكنك ستتعب في حال أصبح لديك اولاد 
- مازالنا عرسان جددّ , ولا افكّر بالإنجاب الآن 
وهنا تغيّرت نبرة العم , قائلاً بجدّية : سأخبرك من الآخر يا وليد.. انا اريدك ان تكون متفرّغاً تماماً لشركاتي , وهذا يعني ان تبقى عازباً لخمس سنوات على الأقل حتى تتقن امور الإدارة لكافة الفروع

- هل ضايقتك ندى بشيء ؟!
- ندى فتاةٌ جيدة , لكنها لا تناسب رجل اعمال مثلك ..فهي لا يمكنها ان تكون سوى ربّة منزل , فقد طلبت منها مراراً ان ترافقك , لكنها تكره السفر وتحب الإستقرار , وهذا سيؤدي حتماً الى مشاكل بينكما في المستقبل .. ولهذا انا أخيّرك بين أمرين : ففي حال قبلت ان تطلقها , فسأطلب من المحامي ان ينقل كل شركاتي بإسمك ..او ان تبقى معها , وأوزّع كل تركتي للجمعيات الخيرية ..القرار قرارك 

فأجاب وليد على الفور دون التفكير بالأمر , قائلاً : 
- أطلّقها طبعاً !! أساساً انا تزوجتها بخلال اسبوعين فقط , وكأن اهلها لم يصدّقوا متى يتخلّصون من ابنتهم العانس .. ومعك حق ..فأنا رجل اعمال ناجح واحتاج الى سيدة راقية ترافقني بكل أسفاري 
- قرارٌ جيد .. اذاً سأطلب من المحامي غداً ان يحضر معه ورقتين رسميتين , إحداها ورقة طلاقك , والثانية ورقة نقل الميراث لك

فقال الشاب بسعادة : حسناً عمي .. (ثم تنهّد بضيق).. والآن عليّ الذهاب لإخبار ندى بالأمر 
- ان أردّت أخبرها انا
- سيكون هذا أفضل , لكن دعني اولاً اذهب الى الفندق , لأني لا اريد ان يتصدّع رأسي ببكائها وتوسّلاتها بالبقاء معاً ..وغداً آتي الى هنا باكراً لننهي جميع المواضيع
- كما تشاء

وبعد خروج وليد من الغرفة .. خرجت ندى من خلف الستار (لغرفة العم) والدموع على خديها , بعدما سمعت بنفسها ما قاله زوجها 
- لم اكن اعرف انني رخيصة بالنسبة له لهذه الدرجة !
- لا تبكي ارجوك .. انا فعلت ذلك لأخلّصك من هذا التافه 
فأومأت برأسها بحزن وهي تشعر بخيبة امل كبيرة  
***

في اليوم التالي .. دخل المحامي مع وليد الى غرفة العم ليجدا ندى تجلس هناك بوجهها الخالي من التعابير وكأنها تحوّلت الى صنم ! فعرف وليد ان عمه أخبرها بموضوع الطلاق .. 
لكنه لم يتوقع هدوئها وهي توقع دون اعتراض على ورقة طلاقها ! ومن ثم وقفت قائلة :
- سأذهب الآن لأرتّب أغراضي 

فقال العم لها : سائقي سيوصلك الى المطار بعد ساعة ..ولا تنسي ان تسلّمي لنا على اهلك يا ندى
فأومأت برأسها , دون ان تنظر الى طليقها .. ثم خرجت من الغرفة بهدوءٍ مريب ! ليتابع المحامي اجراءات نقل الميراث ..
***

ورغم ان ندى أرادت هذا الطلاق , الا انها ظلّت تبكي طوال طريقها الى الفندق (وليس المطار كما أخبر العم زوجها) 

وفي هذه الأثناء .. كان وليد متحمّساً للغاية وهو يوقّع على الأوراق الرسمية (دون ان يقرأها) شاكراً عمه على نقله ملكية القصر والشركة بجميع فروعها له ..
***

وبعد ذهاب وليد والمحامي من القصر .. إتصل العم بندى في الفندق.. 
- لا ارجوك توقفي عن البكاء يا ندى .. وجهزي نفسك لأننا سنسافر قريباً الى الجزيرة , لا تنسي ذلك .. فخطة عقاب وليد بدأت منذ الآن .. نعم لقد وقّع الغبي على جميع الأوراق بما فيها سحب وكالتي منه , وحرمانه من الميراث .. اما باقي الأوراق التي وقّعها فهي مزورة ولا لزوم لها 
***

وبعد ايام .. عرف وليد بأن صلاحيّاته بإدارة شركة عمه إنتهت رسمياً ..حتى ان بطاقة دخوله الى الشركة ألغيت ..فجنّ جنونه صارخاً في وجه الموظفين بأنه المالك الجديد ..لكنه تفاجأ بحرس الشركة يرمون به الى الخارج , بعد ان أخبروه : بأنها اوامر عمه 

فأسرع غاضباً الى القصر ليتفاجىء بأنه معروض للبيع , وبأن عمه سافر الى خارج استراليا , لجهةٍ رفض محاميه إخباره بها 
***

ومرّت الشهور الثلاثة وهو يبحث عن عمه في كل مكان لكنه لم يجده .. الاّ انه قبل ايام التقى صدفةً بطبيب عمه الخاص الذي أخبره بشفائه تماماً من السرطان !
***

ومرّت الأيام صعبة على وليد بعد صرفه لمعظم ما يملكه من اموالٍ سائلة , ولم يعد يملك سوى منزلين ومزرعة في موطنه , لكنه يرفض ترك استراليا قبل الإجتماع مجدّداً مع عمه لحلّ هذه المعضلة
*** 

وفي صباح أحد الأيام .. وبينما كان وليد يشرب قهوته في مطعمه المعتاد , انتبه على واجهة الصحيفة التي كان يحملها رجلٌ في الطاولة المقابلة له , والتي نُشرت فيها صورة لعمه وطليقته ندى .. وبدون استئذان سحب الجريدة من يد الرجل , وأسرع بقراءة الخبر الذي صدمه للغاية .. فعمه سيتزوج من ندى هذه الليلة في حفلٍ كبير سيقام بجزيرةٍ آسيوية !  
وعلى الفور !! اسرع وليد نحو سيارته .. 
***

وبعد خروج وليد من المطعم , إتصل الرجل (صاحب الصحيفة) بالعم :
- نعم فعلت كما أمرتني يا بيك وجلست بجانبه , وأظنه الآن في طريقه الى المطار , فالخبر الذي طلبت مني كتابته ولصقه على واجهة الصحيفة أفقدته عقله .. وأظنه سيصل اليكم قبل بدء الحفل .. لكن خذوا حذركم فهو غاضبٌ للغاية !  
***

ووصل وليد الى المطار ليتفاجأ بعدم وجود رحلات الى تلك الوجهة , وبعد اصراره على السفر بأيةِ طريقة , إقترحت عليه عاملة الحجوزات ان يذهب بطائرةٍ شراعية .. 

فأسرع الى هناك , ليجد طائرة واحدة يقوم طيارها بتعبأتها بالبنزين .. فرفع في وجهه آخر رزمة من المال لديه , مُطالباً منه الإسراع بنقله الى وجهته ..
- لكن يا سيد انا لم أكمل فحص الطائرة بعد ..
مقاطعاً وهو يدسّ رزمة المال في جيب الطيار : لا وقت لديّ , فعليّ اللحاق بالعرس .. 
ثم فتح باب الطائرة وركب بداخلها .. فأسرع الطيار بإغلاق غطاء البنزين , ناسياً إقفال بابها بالمفتاح..
***

وقد أدّى الضغط العالي لوقوع غطاء البنزين الذي لم يحكم الطيار إغلاقه , لينسكب منه البنزين وهما يحلّقان فوق البحر .. 
وعلى الفور !! انطلقت صفّارات الإنذار معلنةً حالة الهبوط الإضطراري 
وليد بخوف : ماذا يحصل ؟! 
الطيار بغضب : لما استعجلتني يا غبي ؟! اللعنة عليك وعلى عرسك اللعين 
وظلّ يصرخان بخوف الى ان إصطدمت الطائرة بعنف بسطح الماء لتتحطّم على الفور , ويفارقا الحياة
***

في هذه اللحظات .. كان العم يتكلّم مع محاميه : نعم ..مازلنا ننتظره فقد رتّبت هذا الحفل لكي أغيظه , فربما بذلك يتربّى بأن لا يطمع مجدداً .. وعندما يعتذر مني , سأحاول إعادته الى زوجته التي مازالت تحبه .. وان قبل بذلك , تكون هذه الحفلة لهما .. لأنه برأيّ : إسراعه الى هنا يدلّ على واحدة من الأثنين : امّا ان ندى مازالت تهمّه , او انه يريد قتلنا معاً .. لا اطمئن يا صديقي , فالحرس سيقومون بتفتيشه قبل إدخاله الحفل .. فقط أتمنى ان ينتهي هذا الأمر بالأفراح
***

وقبيل موعد الحفل .. وصل خبر مقتله لندى التي بكت بقهر , فبالرغم انه تخلّى عنها بسهولة الاّ انه يبقى حبها الأول .. كما حزن عمه كثيراً لفقدانه آخر فرد من عائلته 
***

وبعد شهر .. ورث العم جميع العقارات التي كان يملكها وليد في موطنه .. فاتصل بندى التي عادت الى اهلها .. وأخبرها بالهاتف :
- عزيزتي
- اهلاً يا عم , كيف صحتك ؟
- انا بخير .. إتصلت لأخبرك انه سيأتيك اتصال غداً من المحامي لتسليمك اموال وليد
- لكن هذه ليست من حقي , بل من حقك انت
- انا عندي ما يكفيني , كما ان الجميع عندك يعرفون بأنك ارملته بعد ان أخفيت عنهم موضوع الطلاق كما نصحتك , ولهذا امواله من حقك انتِ .. وايّاك ان تجادليني يا ابنتي
- حاضر عمي كما تشاء

وبعد ان أغلق الهاتف , قال له المحامي الذي كان يجلس بجانبه .. 
- أمازلت مصرّاً ان ترث ندى كل اموالك بعض رحيلك , الا يكفي ما ورثته من وليد ؟
العم : هي تستحق كل الخير , فهي بالنهاية أنقذت حياتي , لكنني بالنهاية رجلٌ عجوز وسأموت قريباً .. وأرى بأنها أكثر شخص ظُلم في هذه التجربة .. لكن رجاءً لا تخبرها بشيء الى يوم وفاتي 

وبعد ان سكت العمّ قليلاً , إبتسم بحزن .. 
المحامي : مالذي تفكّر فيه ؟!  
العجوز بابتسامةٍ حزينة : كان ابن اخي يريد ان يرِثني وانا حيّ فورثته انا ! اليست غريبةٌ هذه الدنيا ؟! 
المحامي : هذا ما يسمّى بالقدر
العم بحزن : بل الأصح ان تقول : سخرية القدر ! 

هناك تعليقان (2):

مسابقة الجدارة

تأليف : امل شانوحة منصبٌ رفيع إستوفى خمسة شباب شروط الوظيفة في شركةٍ مرموقة .. واجتمعوا في مكتب المدير العام (أغنى تجّار البلد) الذي قال لهم...