الجمعة، 25 أغسطس 2017

ابني والإبن المُتبنّى

كتابة : امل شانوحة


التبني,اولاد,التفرقة,ظلم 
لم اعدّ اريد ذلك الولد

بعد اسبوع من ولادة ابنه الأول , قال لزوجته وهي تحتضن رضيعها بسعادةٍ غامرة :
- ما رأيك يا ريمي ان نُعيد جاستن الى دار الأيتام ؟ فنحن والحمد الله انجبنا طفلنا 
زوجته بدهشة : ماذا قلت ؟! لا طبعاً .. نحن تبنينا جاستن منذ ان كان رضيعاً , وربّيناه و كأنه ابننا
الزوج : نعم , لكن حينها كنّا فقدنا الأمل بالإنجاب , والآن لديّ ولداً من صلبي , فلما اريد تربية ابن رجلٍ ما ! اصلاً هو كبر وصار عمره اربع سنوات ويمكن لعائلةٍ اخرى ليس لديها ابناء ان تتبناه , ونتفرّغ نحن لتربية ابننا الذي هو اولى باهتمامنا

لكن الأم رفضت تماماً هذا الأقتراح , بل وهدّدته بأخذ الولدين وترك البيت في حال فتح هذا الموضوع ثانيةً , لهذا اضّطر الأب الى التغاضي عن هذه الفكرة لأجلها .. 
***

ومع مرور الأيام .. لاحظت الأم تفرقة الأب في معاملة ابنائه .. فهو يدلّل ابنه جيم كثيراً , بينما لا يعير اهتمامه لجاستن كما السابق مما اثّر كثيراً على نفسيته , وزاد من شجاراته مع اخيه 

وفي احد الأيام .. ضرب جاستن اخاه الصغير بسبب كسره للعبته المفضلة , فانتفض الأب غاضباً وقال لجاستن البالغ من العمر(11) سنة
- ايّاك ان تضربه ثانيةً , افهمت ؟!!
جاستن بغضب : لكنه كسر لعبتي عن قصد يا ابي !!

الأب : وان يكن , فهو أحق باللعبة منك
جاستن يبكي بقهر : لماذا يا ابي تعاملني هكذا ؟ انت دائماً تقف معه ضدّي , هذا ليس عدلاً !! 
الأب بغضب : لأن جيم ابني انا !! اما انت فقد أحضرناك من دار الأيتام , ولولا امك لكنت اعدّتك الى هناك منذ صغرك

ووقع الخبر كصدمةٍ عنيفة على رأس جاستن الذي انهار تماماً .. 
وصار ينطوي على نفسه اكثر واكثر مع الأيام .. ورغم غضب الأم كثيراً من الأب الا ان لا شيء فعلته اعاد جاستن كسابق عهده , بل صار يتجنب عائلته قدر الأمكان , ويحبس نفسه في غرفته طوال الوقت , حتى ان علاماته بالمدرسة تدنّت كثيراً , ولم يعد يتشاجر كثيراً مع اخيه .. 

وقد حاولت الأم اخذه الى طبيبٍ نفسي لكن الأب رفض دفع مصاريف العلاج له , مما زادت هوّة الجفاء بين الزوجين , وكالعادة لام الأب جاستن على ذلك
***

وببلوغ جاستن سن السابعة عشر مرضت امه بالسرطان , فلازمها ابنها الكبير طوال فترة علاجها بالمستشفى الى ان توفيت .. وقد اثّر وفاتها كثيراً على جميع افراد عائلتها , وخاصة على جاستن التي كانت اقربهم اليه
***

وبعدها بسنة وببلوغ جاستن سن الثامنة عشر واخوه جيم سن الرابعة عشر ..ذهب والدهم الى المستشفى للقيام ببعض الفحوصات بعد ان شعر بالإعياء .. 

وعندما عاد الى البيت مرهقاً , تفاجأ بما رآه امام عينيه في الصالة ! فجاستن كان يجلس فوق اخيه ويضربه بعنف , وانف جيم ينزف بغزارة  

فجنّ جنون الأب !! وامسك بيد جاستن (بعد ان رمى جاكيت الولد في وجهه) وطالبه بالخروج فوراً من منزله , صارخاً عليه بغضب: 
- الا يكفي اننا ربيناك حتى انهيت مدرستك , والآن بتّ تتطاول على ابني وتضربه بعنف .. بأيّ حق يا ابن الغريب !! 
جاستن بصدمة : ارجوك ابي , اسمعني قبل ان تطردني 

لكنه صرخ عليه بغضب : انا لست ابوك !! كم مرّة عليّ افهامك .. لقد تحمّلت وجودك في عائلتي من أجل زوجتي , وهي ميتة الآن , فأخرج من بيتي ولا تعود الينا ابداً .. قلت اخرج من هنا !!
جاستن وهو يبكي : لكن الجوّ عاصفٌ في الخارج ! 
الأب بلا مبالاة : اذهب الى بيت صديقك او الى الجحيم !! فأمرك لا يهمني بالمرّة

ورمى به الى الخارج بطقسٍ وصل الى 30 تحت الصفر بأحد ضواحي روسيا الباردة .. ثم اغلق باب بيته خلفه .. واسرع نحو ابنه الصغير الذي كان يضع منشفة على انفه لإيقاف النزيف
فقال له معاتباً : لما سمحت لهذا اللعين ان يضربك ؟
جيم بقلق : ابي , الجوّ باردٌ في الخارج !

الأب بغضب : قلت لا يهمني !! لقد اصبح شاباً ويمكنه تدبّر امره .. هيا اذهب الى غرفتك , وانا سأنام في غرفتي فصحّتي ليست بخير , واللعين زاد حالتي سوءاً
***

وبعد ساعة .. دخل جيم غرفة ابيه
- ابي .. يجب ان اتكلّم معك 
- بنيّ , انا مرهق واريد ان ارتاح قليلاً 
- لكني اريد ان اخبرك الحقيقة
- اي حقيقة ؟
- بصراحة انت اخطأت .. كان عليك ان تسأل جاستن عن سبب مشاجرته معي 
- اكيد تشاجرتما على شيءٍ تافه كالعادة
جيم وهو يشعر بالذنب والندم : لا يا ابي .. سأخبرك بما حصل لكن ارجوك لا تغضب مني .. 
- قلّ , انا اسمعك

- قبل ذهابك الى المستشفى كنت قد طلبت منك مالاً لأشتري هدية لصديقتي وانت رفضت , اتذكر ؟
- نعم
- فغضبت منك جداً .. وعندما اتصلت بنا وقلت : انك تنتظر نتيجة الفحوصات الطبية التي قمت بها في المستشفى .. قلت حينها باستياء : اتمنى ان يُصاب ابي بنفس مرض امي
بصدمة : ماذا ؟!
- نعم قلت هذا للأسف , واخي سمعني وجنّ جنونه , وضربني قائلاً : ان كنت لا تحب ابي فأنا احبه جداً , لأنه تبّناني وأحسن تربيتي

فاغرورقت عينا الأب حزناً , وقفز من سريره ..واسرع نحو الباب , وصار يُسرع في لبس جاكيته الشتوي .. فأوقفه ابنه :
جيم : ابي !! الى اين انت ذاهب ؟
الأب : سأبحث عن اخيك واعيده الى بيته

لكن ما ان فتح الباب حتى سقط جاستن على جنبه دون حراك , بعد ان تجلّد بفعل الصقيع .. فهو لم يذهب الى ايّ مكان بل جلس ينتظر والده قرب الباب الى ان يرضى عليه ويدخله ثانيةً

فأسرع الأب وجيم بإدخال جاستن الى الداخل وحاولا بكل الطرق تدفئته , لكن بوصول الأسعاف اخبرهم الطبيب بأنهم لم يلحقوه فقد مات بسبب العاصفة الجليدية .. 

فانهار الأب باكياً فوق جثة ابنه الكبير طالباً هو وجيم المغفرة والسماح , لكن بعد فوات الآوان !

ملاحظة :
هذه قصة حقيقية حصلت بروسيا أواخر التسعينيات ! 

فأحياناً ابن الغريب الذي أحسنت اليه يكون فيه الخير اكثر من ابنائك .. 
وهذا درس من دروس الحياة ! 

هناك تعليق واحد:

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...