الثلاثاء، 25 أبريل 2017

السمكات الثلاثة

(قصة اطفال) من الموروث الشعبي اللبناني
كتابة : امل شانوحة

مشعوذة,سمك,اطفال,قصة,خيالية,صياد,كرنب,كلفوفة

سأحرمهم من بناتهم , كما حرموني من التكريم العلني

حاول الملك لسنوات هو وزوجته ان ينجبا الأطفال , و بعد ان يأسا طلبا وصفةً سحرية من مشعوذة اتت حديثاً الى المنطقة . 
و بعد شهور ..انجبت الملكة ثلاث بنات توائم , فأقام الملك احتفالاً ضخماً حضره كبار المنطقة ماعدا المشعوذة التي لم يصلها دعوته , مما اغضبها جداً لأنها كانت تتأمّل تكريماً خاصاً لها

وفي ليلةٍ مظلمة ..استطاعات بواسطة سحرها تجميد الحرس في اماكنهم مما اوصلها الى مهد الفتيات الثلاثة , و قامت بإختطافهنّ 
***

وفي كوخها الموجود داخل الغابة ..استطاعت بواسطة السحر الأسود تحويلهنّ الى ثلاثة سمكات , ثم رمتهنّ بالبحر و هربت الى القرية المجاورة

ورغم ان الملك وضع جائزة ضخمة لمن يجدهنّ , الا انه فقد الأمل بالعثور على بناته بعد سنوات من اختفائهنّ
***

في القرية المجاورة و بقرب الساحل .. استطاع احد الصيادين من اصطياد سمكةٍ ضخمة , قام بإحضارها الى بيته الصغير (المكوّن من طابقين والموجود قرب البحر) .. لكنه فضّل ان يضعها داخل حوض استحمام مملوء بالماء لتبقى السمكة حيّة , كي يبيعها في اليوم التالي بالسوق 

لكنه استيقظ مرتعباً في منتصف الليل بعد ان شعر بحركة داخل حمامه ,  و لم يصدّق عيناه حين رأى فتاةً جميلة موجودة هناك .. 
و بعد ان اخبرته الأميرة (جواهر) بما فعلته المشعوذة بها و بأخواتها , وعدها بأن يعيدها الى قصرها في الأيام القادمة
***

وفي نفس هذه الليلة و بمنزلٍ آخر .. انبعث نورٌ من بلورة المشعوذة معلنةً خبراً مهماً .. فاستيقظت العجوز منزعجة , وهي تعاتب بلورتها : 
- هآ ماذا عندك من اخبار , كي توقظيني في منتصف الليل ؟
فظهرت داخل البلورة صورة الصياد وهو يتكلّم مع احدى فتيات الملك الثلاثة

المشعوذة تكاد لا تصدّق عينيها :
- اللعنة ! كيف وجدها وقد رميتهنّ في منتصف البحر ؟! عليّ ان اتخلص منها على الفور كي لا تخبر اباها بفعلتي , و يرسل جنوده لقتلي .. مالعمل الآن ؟!
وظلّت تفكّر طوال الليل الى ان وجدت الخطة المناسبة 
***

في صباح اليوم التالي .. كان الصياد قد طلب من الأميرة ان تبقى في منزله الصغير حتى يذهب و يشتري حماراً لأجل رحلة الذهاب الى المدينة المجاورة وايصالها سالمة لوالدها الملك .. 

و بعد ان جمع كل مالديه من مال ..وعند خروجه اوقفته المشعوذة وهي تلبس ثياب مهترئة :
- ابني .. جيد انني وجدت شخصاً هنا , ارجوك ساعدني
- آسف يا خالة لكني مشغول قليلاً 
- كل الذي اريده منك ان تشتري مني هذا الكرنب (الملفوف) لأشتري بثمنه بعض الخبز , فأنا جداً جائعة
- لكني لا احب الكرنب , ولا اعرف كيف اطبخه !

وبعد برهة .. لم يجد طريقة للتخلّص من الحاحها الا بشراء الكرنب منها فوضعه بسرعة في المطبخ الموجود بالطابق العلوي .. ثم اقفل الباب على الأميرة خوفاً عليها , فهي عاشت طوال حياتها في البحر و ستضيع حتماً ان خرجت للقرية
***

في المساء .. عاد الصياد سعيداً لأنه اشترى حماراً بسعرٍ جيد , لكنه وجدها نائمة .. فربط حماره بالأسطبل و نزل لينام في الأسفل.. ولم يكن يعلم بأن المشعوذة تنتظر عند الباب وهي تحمل بلورتها التي اكدت لها بأن كلاهما نائمين في الداخل .. 

وهنا اقتربت من باب الصياد , وقالت بصوتٍ اجش :
- كرنبي فوق !! كرنبي تحت !! كرنبي فتحي البوابة !!!

فتدحرجت الملفوفة المسحورة من فوق الدرج الى ان وصلت للباب , ثم قفزت على مقبض الباب وفتحته لتدخل منه المشعوذة , و تصعد بخفية الى فوق , ثم توقظ الأميرة التي لم تتعرّف عليها :
- من انت ؟!

المشعوذة بخبث : أنا والدة الصياد , اتيت لأطعمك 
- انا لا اشعر بالجوع يا خالة 
- هذا غير ممكن ! فأبني اخبرني بأنك لم تأكلي شيء منذ البارحة .. هيا يا صغيرتي , فقط اربع حبات من الأرز

و بعد ان اكلت ثلاث حبات ,وضعت الأميرة يدها على بطنها وهي تقول :
- يكفي يا خالة , انا اشعر بالتخمة 
فقالت المشعوذة في نفسها : انا اعرفت انك شبعت , لأن معدتك ما تزال معدة سمكة .. لكن عليّ التخلّص منك

وظلّت العجوز تصرّ عليها الى ان اكلت الأرزّ الرابعة .. ومن بعدها بدأت الأميرة تتلوّى من الألم و بدأ صوتها يعلو .. فأسرعت المشعوذة هاربة من منزل الصياد , بعد ان امرت الملفوفة بالعودة سريعاً الى المطبخ
***

في الصباح الباكر .. حزن الصياد اشدّ الحزن حين رأى الأميرة (جواهر) ميتة في السرير , وبعد ان دفنها .. بدأ يفكر :
- لا اعلم كيف ماتت ! ..كلّ ما أعلمه ان لديها اختان عالقتان في البحر .. سأذهب الى نفس المكان الذي اصطدتها منه , عسى ان اجدهما واعيدهما الى والدهما الملك

و بعد ساعات من المحاولات اليائسة , فشل الصياد بإيجاد الأميرتين في نفس المكان الذي اصطاد منه البارحة في البحر .. 
و قبل غروب الشمس خطرت على باله فكرة , حين قام بالصراخ بكل قوته قائلاً :
- لقد ماتت اختكما الأميرة جواهر !! و انوي اعادتكما الى والدكما الملك , و فكّ سحر المشعوذة عنكما

و اذّ بسمكة كبيرة تقترب من قاربه , وما ان وضع يده عليها حتى تحولت الى اميرة تشبه تماماً اختها جواهر , و التي قالت بدهشة وحزن :
- هل ماتت جواهر بالفعل ؟! 

فأخذها الى منزله بعد ان اخبرها بالطريق بأنه وجد اختها ميتة في السرير وعلى فمها آثار طعام , لكنه لا يعرف بالضبط كيف ماتت  
وفي المساء .. طلب منها ان تنام باكراً , استعداداً لرحلة الصباح الطويلة باتجاه قصر والدها
***

لكن الأمر تكرّر من جديد , حين اخبرت البلّورة المشعوذة بتمكّن الصياد من ايجاد الأميرة زمرّدة اخت جواهر

وفي المساء ..اقتربت المشعوذة من باب الصياد وقالت بصوتها المبحوح :
- كرنبي فوق !! كرنبي تحت !! كرنبي فتحي البوابة !!!

وبعد ان فتحت الملفوفة المسحورة الباب لسيدتها المشعوذة , قامت مجدداً بإطعام زمرّدة اربعة حبات ارز , وتركتها وهي تحتضر
***

وفي اليوم التالي .. استطاع الصياد ايجاد الأميرة الثالثة (فيروز) واخراجها من البحر , والتي ظلّت طوال الليل تبكي لموت اختيها (جواهر و زمرّدة)

لكن هذه المرة .. تظاهر الصياد بالنوم في الصالة الموجودة في الطابق السفلي .. و قد صُعق لرؤية رأس الكرنِبْ يتدحرج باتجاه الباب بعد ان تناهى الى سمعه صوت اوامر المشعوذة .. 

لكن قبل ان تقفز الملفوفة الى قبضة الباب لتفتحه , كان الصياد قد استلّ سيف والده المعلّق على الحائط , وقام بتقطيع الملفوفة الى قطع مبعثرة هنا وهناك

ثم اسرع بفتح الباب ليجد العجوز وهي تتنصّت على بابه فقطع رأسها على الفور , ثم لفها بسجادة .. واسرع نحو قاربه ورمى بجثتها في وسط البحر بعد ان ربطها بشيءٍ ثقيل .. 

وقد عاد مع تباشير الصباح ليجد الأميرة قد استيقظت جائعة , فقال لها :
- و ماذا كنت تأكلين عادةً ؟
- انا لا اريد سوى ثلاث حبات من الأرز , لأني أظن بأن معدتي مازالت معدة سمكة صغيرة 

وبعد ان اطعمها .. ذهبا برحلةٍ طويلة , حيث ركبت الأميرة فيروز حماره وهو رافقها مشياً على الأقدام الى ان وصلا القصر في صباح اليوم التالي
***

وقد عمّت الأفراح المدينة بعودة الأميرة الى حضن والديها اللذان حزنا كثيراً لموت اختيها 

و بعد الحفل ..اراد الملك مكافأة الصياد عن شجاعته قائلاً :
- اطلب منّا ما تشاء 
الصياد بارتباك :
- ان طلبت مصاهرتكم , فهل تقبلون بصيادٍ فقيرٍ مثلي ؟ 
فنظر الملك الى زوجته متردّداً بالاجابة , لكن الأميرة فاجأت والداها قائلة:
- انا موافقة .. فلولاه لبقيت سمكة طوال حياتي , و انت لا تعرف يا ابي كم حياة البحر مليئة بالمخاطر 
فقال الملك : حسناً اذاً , قبلنا بك بشرط ان تكون وزيري في قريتك  و المسؤول عن شؤونها

و لاحقاً استقبل اهالي القرية وزير الملك (الصياد سابقاً) وزوجته الأميرة بحفلٍ بهيج عم ارجاء البلاد 

ملاحظة :
قامت اختي مشكورة بمحاولة متواضعة لتحويل هذه القصة الى فيديو باليوتيوب وهذا هو الفيديو :


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المحطّة الأخيرة

كتابة : امل شانوحة    المصيّدة الدمويّة ركبت الصبيّة الحافلة بعد انتهاء عملها الليليّ في إحدى المطاعم ، وهي تشعر بالإنهاك والتعب الشديد.. وم...