السبت، 15 أبريل 2017

خادمات مُريبات

تأليف : امل شانوحة


خدم,مخيف,جن,مشعوذ,جهنم
لا يمكن ان تكون الخادمات بهذه المثالية !

في مكتب استقدام لعاملات المنازل .. قالت احدى السيدات للمدير :
- قدِمتُ اليوم خصيصاً لأشكرك استاذ سمير , فالخادمة التي احضرتها من عندك اراحتني للغاية
- و الله لا ابالغ ان قلت ان جميع من اخذوا خدمهم من عندنا , سعداء بهذا الأختيار
- الحمد الله , و اخيراً صار بإمكاني ترك اولادي في المنزل برفقة خادمة موثوقاً بها , و بتّ اشعر بالحريّة .. شكراً لك

كان هذا الحوار يتكرّر دائماً مع كل امرأة استعانت بخادمة من مكتب سمير الذي قدِمَ حديثاً الى المنطقة , ربما لأنه يسافر كل فترة الى الخارج لإستقدام افضل الخدم , و هذا ما ضايق جاره (سعيد) صاحب المكتب القديم الذي اغلقه حديثاً بعد اعادة معظم سيدات المنطقة لخدمه , اما لسوء اخلاقهنّ او لسوء تدبيرهنّ المنزلي

سعيد يحدّث زوجته بضيق : لا افهم حتى الآن ! كيف اعجب الجميع بخدم سمير , يعني مالفرق بين خدمه و خادماتي ؟! 
زوجته : بصراحة يا سعيد .. لقد زرت اكثر من سيدة من زبائننا القدامى و قالوا لي : بأن خدم سمير جيدات من ناحية النظافة و الترتيب , و ايضاً هنّ قليلات الكلام و الطلبات , حتى ان احداهنّ اخبرتني بأن خادمتها تدرّس ابنتها الرياضيات
سعيد بسخرية : يا سلام , هل هنّ خادمات ام معلمات ؟

- لا ادري .. لكني رأيت بنفسي بيوتهنّ و هي تشعّ نظافة , واطفالهنّ بغاية الترتيب .. كما ان احدى الجارات كانت تكلّمني وطفلها يبكي بين ذراعيها , و ما ان ادخلته الخادمة الغرفة حتى نام على الفور , فعلاً تأثير خادمات سمير على الأطفال لا يصدّق !  كما ان معاشاتهنّ مقبولة للغاية .. حتى انني بدأت افكّر .... (بتردّد) ان احضر احداهنّ ..
- يقاطعها بعصبية : ماذا ؟! استحضرين خادمة من مكتب منافسي يا امرأة ؟!!
***

و قبل نهاية السنة ..كان جميع الرجال خضعوا لإلحاح نسائهم ,  حيث احضر كل منزل من منازل المدينة خادمة من خادمات سمير ,  حتى منزل سعيد الذي رضخ اخيراً لفوز منافسه , لكنه مع هذا اضمر له الشرّ و بدأ التحرّي عن سرّ مثالية خادمات سمير , ابتداءً من مراقبته لخادمته الجديدة 

لكن النتائج كانت مبهرة بشكلٍ يثير الريبة ! فهذه الخادمة الجديدة نشيطة للغاية , فهي تعمل طوال الوقت دون كللٍ او مللّ , من تنظيف و طبخ عدا عن عنايتها بالأولاد بشكلٍ مثالي , كما انها تستيقظ باكراً قبل الجميع رغم نومها المتأخّر ! 
***

و في احدى الأيام .. حاول سعيد ان يستغلّ غياب زوجته (المعلمة) و اولاده بعد بدأ السنة الدارسية .. فصار يُكثر من الطلبات على خادمته , لكن الغريب ان اي طعام طلبه كان جاهزاً بأقل من عشر دقائق ! حتى الحلويات و المشروبات الساخنة قدّمتهم له خادمته بابتسامة ودودة و كأنها لم تتضايق ابداً من كثرة طلباته , فسألها مستفسراً :
- شومي 

- نعم استاذ سعيد
- الا تريدين عطلة او نزهة مع اصدقائك الخدم , او حتى جوّال تتحدثين فيه مع اهلك ؟
- لا سيدي , فأهلي على اطلاع بأحوالي كل يوم 
- و كيف هذا ؟!

لكنها لم تجيبه بل اكتفت بأخذ بقايا الطعام الى المطبخ , فدخل خلفها ليتفاجىء بأن المطبخ نظيفٌ تماماً و لا آثر فيه لأيّةِ اطباقٍ وسخة رغم انها طبخت ثلاث اكلات مختلفة , بالأضافة للحلو والمشروبات
- ما شاء الله ! هل انهيت جلي الصحون ايضاً ؟!
- نعم سيدي , و سأذهب الآن لتنظيف المنزل
فقال في نفسه : ((غير معقول ! و كأنها ماكينة متحرّكة , الا تتعب هذه المرأة ؟!))
***

و في احدى الأيام .. ذهبت الخادمة برفقة زوجته الى السوق , فاستغلّ غيابهما ووضع عدة كاميرات في ارجاء المنزل و كذلك في غرفة خادمته 
***

و في صباح العطلة الإسبوعية .. طلب الزوج من زوجته ان تأخذ الأولاد  و الخادمة في نزهة لأنه يشعر بوعكةٍ صحية .. و بعد خروجهم ذهب ليشاهد مشاهد الفيديو التي صوّرها خلال ايام, و التي اظهرت احداثاً غريبة ! 

فالخادمة لم تنم طوال هذا الأسبوع , بل كانت تدخل غرفتها و تجلس عند طرف سريرها و تبقى على هذه الوضعية حتى يأتي الصباح , ثم تخرج  لتقوم بعملها بكل احترافية !  

كما لاحظ انها عندما كانت تأخذ غذائها الى غرفتها فإنها تضع الصحن جانباً و لا تأكل منه شيئا , ثم تدخل المطبخ عندما يكون خالياً ثم ترميه ! 
كما انها لا تدخل الحمام ابداً .. 

و لاحظ ايضاً انها حين تكون في غرفتها فأنها تدخل الى داخل الخزانة ثم تخرج منه بملابس جديدة , خلال ثواني فقط ! و هنا تذكّر كلام زوجته حين قالت له : بأن الخادمة مهما عملت في المنزل فإن رائحتها دائماً جميلة و كأنها لا تعرق بالمرّة ! 

اما الكاميرا التي كان قد وضعها في المطبخ فأعطته نتيجة اكثر رعباً .. فالخادمة لطالما اصرّت بأن لا يدخل عليها احد عند تحضيرها للعشاء , لأن الغداء بالعادة يكونوا جميعاً خارج المنزل 

و اظهرت الكاميرا انها كانت تُخرج الخضار من الثلاجة , ثم تفرقع بأصبعها فيتحوّل الخضار بثواني الى خضار مقطّعة , ثم تحضر طست كبير و تفرقع اصبعها ثانية فتتحوّل الخضار الى سلطة جاهزة .. ثم وضعت الدجاج في الفرن , و في ثواني اخرجته جاهزاً ! 

اما الكاميرا في غرفة اولاده , فشاهدها و هي تحمل رضيعه والذي كان يبكي بقوة , لكن ما ان وضعته في المهد ووضعت اصبعها على رأسه  و هي تتمّتمّ بشيء حتى نام ابنه على الفور .. 

اما في غرفة ولديه الأكبر سناً فكانت حين تقترب منهما و تراهما لا يعرفان حل المسألة , فإنها تضع يدها على رأسيهما و على الفور تنطلق ايديهم بكتابة الحل بشكلٍ سريع للغاية , ثم يبدآن بتغير دفاتر المواد الواحدة تلوّ الأخرى .. و حين تزيل يدها يكونان قد انتهيا من جميع دروسهم  و بدءا بترتيب شنطتهما ! 

حتى انه شاهدها في اليوم التالي و هي تدخل غرفة ولديه اللذان كانا يتشاجران , فأشارت بإصبعها عليهما فتجمّدا على الفور ثم سارا بهدوء نحو سريرهما , و بعد ان فرقعت اصبعها ظهر صوت شخيرهما , و من ثم اطفأت النور و خرجت من الغرفة ! 

اما في غرفة زوجته , فوجدها ما ان جلست بقرب زوجته حتى اسرعت بإخبارها عن ادقّ تفاصيل علاقتها بزوجها

فقال في نفسه و هو يرتجف مما شاهده : 
((ماذا يحصل ؟! انها تسيطر تماماً على زوجتي و اولادي و كأنهم منوّمين مغناطيسياً ! هل هي ساحرة ؟ ..لا !! هي اكثر من ذلك , فهي لا تأكل و لا تنام و لا تدخل الحمام .. ماهذه المخلوقة ؟!)) 
***

في المساء .. اقترب من زوجته التي كانت بالمطبخ مع الخادمة , و همس لها :
- تعالي معي , اريد ان اريك شيئاً  

و قبل ان يدخلا غرفتهما , شاهد الخادمة تطلّ برأسها من المطبخ و هي تراقبهما من بعيد بابتسامة ساخرة !

و في داخل الغرفة .. صُعق سعيد باحتراق كل مشاهد الفيديو ! ومع هذا اخبر زوجته بما رآه , لكنها لم تصدّق حرفاً مما قاله 
- انت تهذي يا سعيد , فكلامك يعني ان خادمتنا كائنٌ فضائي .. ثم لما زرعت البيت كاميرات و اضعت مالنا ؟ ليتك امضيت هذا الوقت في البحث عن عملٍ جديد , بدل اضاعته في مراقبة الخادمة

و كان نقاشهم سيؤدي الى عراكٍ بينهما , لكنه شعر فجأة بشيءٍ مغناطيسي يحوم حولهما , مما جعل زوجته تنام فوراً .. لكن قبل ان تغفو عيناه لاحظ أرجل الخادمة (اسفل بابه) و هي تبتعد عن غرفتهما ! 

فقال بنفسه بتعب :
- هل كانت تتنصّت علينا ؟ يا الهي ..لما اشعر بهذا التعب فجأة ؟! 
ثم غرق في النوم..
***

في الصباح .. قرّر ان يجتمع مع رجال منطقته لينبّههم من خدم سمير

لكن و بعد مرور اشهر و في ظل غياب التسجيل الذي يثبت كلامه , لم يقتنع بالأمر سوى صديقاه من كل القرية , فمعظم نساء المنطقة اصبحنّ متعلقين جداً بخدمهنّ 

و اتفق الرجال الثلاثة على مراقبة الخادمات , خاصة في يوم عطلتهنّ الشهرية .. فوجدوا ان جميعنّ يجتمعنّ في منزل سمير .. 
و الكاميرا التي دسّها سعيد في حقيبة خادمته (دون علمها) مكّنتهم من الإستماع الى حديثهن السرّي 

و يبدو ان سمير لم يكن سوى مشعوذاً , اما الخدم فلم يظهر من الكاميرا سوى ايديهنّ التي تحوّلت الى زرقاء تماماً !
سعيد بدهشة : ارأيتما ايديهنّ ؟! هل هنّ فضائيات ؟!
صديقه الأول بفزع : بل اظنهم عفاريت !
الصديق الثاني بخوف : تقصد ان في بيوتنا خدمٌ من الجن !

سعيد : و قد سيطرنّ تماماً على نسائنا و اطفالنا و الكثير من رجال المنطقة .. علينا ان ننقذهم !!
الصديق الأول : دعنا اولاً نستمع الى كلام الملعون سمير

فأنصت الأصدقاء الثلاثة الى كلام سمير مع خادماته :
سمير : انا فخور بكنّ يا عزيزاتي , فقد نفّذتنّ المهمة بنجاح .. والآن علينا تنفيذ الخطة النهائية , و ان نقتادهم جميعاً نحو العالم السفلي , فنحن بحاجة الى طاقتهم لإحياء مدينتنا

في الجهة المقابلة ..
يقول صديق سعيد بفزع : اسمعتم هذا ؟! سيخطفون عائلاتنا ! 
سعيد بحزم : لن نسمح لهم بذلك !!
الصديق الآخر بقلق : لقد حدّد مساء الغد للمهمّة , و قد سمّاه : بيوم الإختطاف الكبير
سعيد : اذاً لنتفق على خطة لمواجهته في الغد 
***

و في مساء اليوم التالي .. راقب الرجال الثلاثة سمير بحذر , وصاروا يتتبّعونه الى ان دخل كهفاً موجوداً خارج المدينة .. لكن قبل ان ينقضّوا عليه ليمسكوه , تفاجأوا بعائلاتهم يسيروا كالمخدّرين بثياب نومهم تسوقهنّ الخادمات اللآتي تحوّلت اشكالهنّ الى جنيّات زرق , ثم دخلوا جميعاً الى الكهف , و الرجال الثلاثة يراقبونهم بقلق خلف الصخرة
صديق سعيد بقلق : ماذا نفعل الآن ؟!
سعيد : سندخل معهم و كأننا منوّمون مثلهم

و عندما اندمجوا مع عائلاتهم , فتح سمير بوابة مخفية داخل جدار الكهف بعد ان قال تعويذة سحريّة بلغة غير مفهومة !

و كان داخل هذا الباب يوجد درجٌ طويل نحو الأسفل .. و عندما بدأت الأهالي بكبارها و صغارها ينزلون الأدراج , ركض الرجال الثلاثة و هم يحملون السكاكين باتجاه سمير لإيقافه و الذي صرخ بدهشة لخادماته :
- لقد كشفونا !! اوقفوهم

فطارت بعض الخادمات باتجاه الرجال الثلاثة و هنّ يحملنّ العصي و انهالوا عليهم ضرباً الى ان فقدوا الثلاثة وعيهم 
***

عندما استيقظ سعيد في صباح اليوم التالي .. كان هو و صديقاه محجوزين داخل قفص حديدي كبير يشبه قفص العصافير و المعلّق بغصن شجرة ضخمة تطلّ على سهولٍ من الأراضي الزراعية التي لا تشبه الأرض بشيء ! فحقولها رمادية اللون و نهرها احمر و مزروعاتها فضية و ذهبية , و كانوا يشاهدون عائلاتهم و قد تحوّلوا الى مزراعين يعملون بصمت في الحقول و بكل إذعان ! اما اولادهم الصغار فكانوا يلعبون مع اولاد الجن دون خوف او فزع , و كأنهم في اجازة جميلة !

و هنا ! اقترب سمير منهم..
سعيد بقلق : ماذا ستفعل بنا ايها المشعوذ اللعين ؟!
سمير بابتسامة المنتصر : سنعلّم اولادكم فنون السحر بمدارسنا الخاصة  , و الخرّيجين منهم سنعيدهم الى الدنيا التي فوقنا , لإفساد البشر .. اما باقي عيلكم فسيبقون عبيداً عندنا

صديق سعيد بخوف : و ماذا عنا ؟
سمير : انت و صاحبك و الأخ العزيز سعيد ستكونون خدم في قصري  
سعيد بغضب : و من قال اننا سنخدمك ؟!!
سمير : و الله ان لم تفعلوا , سأقتل اهاليكم .. هل تريدون التأكّد بنفسكم ؟

و نادى على جنية لتحضر زوجة احد الصديقان , و التي اتت معها دون مقاومة و كانت عيناها قد تحوّلتا الى بيضاء مخيفة !
ثم قال المشعوذ سمير للزوجة : 
- اعتقد اسمك عبير , اليس كذلك ؟
فأومأت برأسها ايجاباً..وهنا صرخ زوجها المعلّق بأعلى الشجرة :
- عبير !! حبيبتي , انا هنا !! انظري للأعلى !!

لكنها لم تقم بأي ردّة فعل , فقال سمير للزوج :
- لا احد يراكم هنا سوايّ , فلا تتعبوا انفسكم بالصراخ
ثم قال سمير للزوجة :
- عبير .. امسكي هذا السكين و اقطعي شراينك

و على الفور ! امسكت الزوجة بالسكين .. لكن قبل ان تنفّذ الأمر , صرخ زوجها بفزع :
- حسناً حسناً !! سأكون خادمك يا سمير .. ارجوك لا تؤذي زوجتي

و بعد ان عرف الرجال الثلاثة جدّية تهديد سمير , خضعوا مرغمين لرغبته 
***

و مرّت الشهور ببطأ .. تحوّل فيها افراد المنطقة الى مزارعين وعمّال في عالم الجن السفلي , بينما اصبح الرجال الثلاثة (المتمرّدين) الى مجرّد خدم في قصر سمير , و قد تحمّلوا اهاناته كل يوم خوفاً على آهاليهم
*** 

و في احدى الأيام .. استغلّ سعيد غياب المشعوذ سمير ليهرب من القصر , و يذهب ناحية النهر الأحمر .. و يرمي زجاجة فيها ورقة , علّها تصل الى مصبّ نهرٍ في دنيا البشر 
*** 

و في يومٍ مشمس (بعالم الإنس) .. وجد رجلٌ كان يمشي قرب النهر تلك الزجاجة , و فتحها ليجد ورقة بخط سعيد مكتوبٌ فيها :
- يا ايها البشر !! ان كانت خادماتكنّ مثاليات اكثر من اللزوم , فاعلموا انهنّ خدمٌ من جهنم 

و عندما عاد الى منزله اراها لزوجته التي قالت :
- ماهذا الهراء ؟! بل هناك خادمات مثاليات , كخادمة اختي التي احضرتها من المكتب الذي افتتح حديثاً في منطقتنا , اعتقد اسمه : مكتب سمير .. و افكّر يا عزيزي بأن احضر واحدة لنا .. ما رأيك ؟
- كما تشائين يا عزيزتي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...