الثلاثاء، 7 مارس 2017

لم أمتّ بعد !!

تأليف : امل شانوحة


انتحار,موت,تأمين,بوليصة,تأمين,خدعة
من تلك الجثة التي تشبهني ؟!


احسّ بنعاسٍ مُفاجىء , فوضع رأسه على الطاولة (امام كمبيوتره) و نام على الفور .. 
استيقظ بعد ساعة , و خرج من غرفته ينادي زوجته :
- كارولين !! كارولين اين انتِ ؟!
و هنا سمع صوت بكائها الصادر من الطابق الأول لفلّته , فأسرع راكضاً اليها بفزع ..

و هناك شاهد شيئاً غريباً , فقد شاهد نفسه و هو غارقاً بدمائه على ارضية غرفة نومه و في يده المسدس ! و زوجته بجانب جثته تبكيه بألم و تقول :
- لما فعلت هذا يا جاك ؟!! لما انتحرت يا حبيبي ؟!!

فتقدّم جاك بخطواتٍ متعثّرة اكثر و اكثر نحو الجثة التي كانت تلبس نفس ملابسه , لينصدم بأن الميت يشبهه ايضاً في هيئته ! 
فوقف قرب زوجته الباكية (التي تضع رأسها فوق صدر القتيل) و قال لها بارتباك : 
- جاكلين ! ان كانت هذه خدعة , فلن اسامحك ابداً


لكن زوجته ظلّت تنوح بألم و هي تنظر للقتيل , و تقول بحسرة :
- خسارة مالك بالبورصة لا يستحق ان تنتحر لأجلها .. ليتك تكلّمت معي قبل ان تُقدم على هذه الحماقة 
- لا ! فنتائج البورصة لم تظهر بعد .. مستحيل ان اخسر مالي بهكذا صفقة مضمونة ..
فأكملت الزوجة كلامها دون ان تنظر اليه :
- ليتك لم تضع كل اموالك في صفقةٍ خاسرة كهذه

و هنا بدأ جاك (الواقف قربها و قرب الجثة الشبيهة به) يغضب من هذا الوضع الغير مريح ابداً 
فصرخ بغضب : كفى يا جاكلين !! انا هنا .. هيا انظري فوقك !!!
و قبل ان تمسّ يده كتفها , دخل ثلاثة من رجال شرطة الغرفة , و قال احدهم لها :
- ارجوكِ يا سيدة , ابتعدي عن الجثة و دعينا نقوم بعملنا ..

و هنا ! خرج له رجلٌ من خزانة الملابس , فارتعب جاك صارخاً :
- و من انت ايضاً ؟!!
فقال الرجل الشاحب بعيونه الغائرة :
- هم لا يرونا الآن 
و يشير للزوجة و الشرطة .. ثم اردف قائلاً :
- انا انتحرت قبلك في نفس هذا المكان قبل خمس سنوات , لكن روحي علقت في هذه الدنيا , فلا تكن جباناً انت ايضاً و تعلق معي هنا 
جاك بدهشة :
- انا لا اصدّق هذه المسرحية , هل تتمرّنون على حفلة الهالوين القادمة ؟

فرفع الرجل الشاحب قميصه ليظهر جسمه المتعفّن الأزرق الذي ارعب جاك تماماً , ثم قال له :
- جاك تعال معي الى القبو , فلا فائدة من بقائك هنا لأنك ميت بالنسبة لهم ... تعال لنذهب الى الجهة الأخرى سويّاً  
جاك المرتعب : و لما لم تذهب الى النور حتى الآن , فأنت ميتٌ قبلي ؟

الرجل بحزن : لأني جبان , و لأن العبور الى الحياة الآخرة ليست سهلة كما تظن , فهي تحتاج الى عملٍ اضافيٌّ صعب , و ربما سأتشجّع اذا كنت معي , و بذلك ننتقل سويّاً من هذه الحياة الكئيبة .. هيا يا جاك تعال و لا تتعبني اكثر    

و لم يكن امام جاك الا ان ينزل مع هذا الشبح الى القبو و الذي كان فيه كرسيان موضوعان في الوسط و مشنقتان معلّقتا بالسقف , فقال الرجل :
- جميل ! يبدو ان الملائكة حضّرت لنا كل شيء يلزمنا للإنتقال نحو النور
- يا سلام ! اتريدني ان اشنق نفسي يا مغفل 
- نحن بالأساس موتى و لن نتألّم , لكن هذا اختبارٌ أخير ليتأكّد ملاك الموت من شجاعتنا لتحمّل ما سنخوضه في المرحلة القادمة 
- لا يا حبيبي , لن افعل هذا

- اذاً على الأقل شاهدني و انا انتقل الى النور , و ربما حينها تشجّع  و تلحقني .. فأنا عشت خمس سنوات لا حيُّ فيهم و لا ميت , و قد شاهدت بحسرة كيف ان زوجتي تزوجت غيري و كيف ابنائي صاروا ينادونه بأبي .. و صدّقني الشنق الآن اهون بكثير من هكذا وضع
- حسناً .. انتحر انت و ان رأيت النور الذي تقول عنه , الحقك

- اتفقنا ... لكني انصحك بنصيحةٍ اخرى .. اترى هناك عند زاوية القبو .. يوجد كاميرا .. تكلّم فيها مع زوجتك و ودّعها , و قلّ انك قرّرت الموت , و انك ..
فيضحك جاك : ماهذا الهراء ؟! الم تقل انني اصبحت شبحاً , فكيف سأظهر بالفيديو ؟

- الملائكة تعطي لمن يموت فجأة , فرصة وداع احبائه .. انا فعلت هذا , و تفاجأت انه بعد مرور اسبوع وجد ابني الفيديو , و كم اسعدني عندما رأيت عائلتي مجتمعة لرؤيتي في لحظاتي الأخيرة و كانوا حزينون جداً لرحيلي .. وقتها فقط احسسّت بغبائي عندما اقدمت على الإنتحار , لكن في نفس الوقت سعدت لأني حظيت بفرصة اخيرة لتوديعهم ..فهيا سجّل خطاب الوداع بينما استجمع شجاعتي للإنتحار قبلك 

بنبرة شكّ : يعني متأكّد ان الفيديو يلتقط رسائل الأشباح ؟!
- جرّب , ما الذي ستخسره  

و بالفعل .. سجّل جاك رسالةً قصيرة لزوجته يودّعها و يعتذر عن عدم سماع نصيحتها بشأن البورصة .. و انهى الفيديو بكلمات حبٍ رقيقة بعيونه المغروّرقة بالدموع

و بعد ان انهى التسجيل , نظر الى الخلف ليرى الرجل الشاحب يقول و هو يقف فوق الكرسي الخشبي واضعاً حبل المشنقة في رقبته ,   و بصوتٍ مرتجف : 
- سأسبقك الى الجهة المقابلة يا جاك , لا تتأخّر عليّ  

و حاول جاك ان يثنيه عن الأمر , الا ان الرجل استعجل برمي الكرسي جانباً , لينتفض جسده قليلاً ثم يهدأ للأبد .. لكن الغريب هو ما حصل بعدها , فقد ظهر نورٌ قويّ من احد زوايا القبو ارغمت جاك على اغلاق عينيه , و عندما فتحهم كان الرجل الشاحب قد اختفى تماماً من القبو !

و بعد دقائق من التفكير و التردّد , اقترب جاك من الكرسي الآخر و وقف عليه و وضع الحبل فوق رأسه و هو يقول :
- سألحق بك ايها الغريب , و لن ابقى مسجوناً في هذه الدنيا الظالمة

ثم قفز من كرسيه , لتتمايل جثته يمنةً و يسارا

و بعد قليل ..
نزلت زوجته الى القبو و معها شبيه جاك و رجال الشرطة الثلاثة ,  بينما خرج الرجل الشاحب من الخزانة الموجودة بركن القبو , كما خرج رجلٌ آخر حاملاً نور الكشّاف الكبير من خلف احد الأركان , و بدأ الجميع بالتصفيق بعد تأكّدهم من موت جاك منتحراً ..

و هنا ازال الشبيه القناع المطاطي عن وجهه و هو يقول للزوجة :
- هآ ما رأيك بالقناع الذي صنعته خصيصاً لك ؟ هذا عدا عن تحويلي لهيئة صديقي الى زومبي .. (و يشير على الرجل الشاحب)
الزوجة و ابتسامة الرضا تعلو وجهها :
- انت حقاً محترف .. حتى انا ظننتك زوجي بهذا المكياج !
فقال الرجل الشاحب و هو يزيل الصباغ الأبيض عن وجهه بمنديل :
- و ماذا عني ؟ لقد تعبت و انا اقنع زوجك بالإنتحار
- انت رائعٌ ايضاً .. و انت ايضاً ..(و تشير للرجل الثالث) ..فترتيبك للقبو و ادوات الإنتحار و فيديو التسجيل و الإضاءة القوية كانت ممتازة .. اتمنى فقط ان يكون الأحمق (و تشير على زوجها المعلّق بسقف القبو) قد سجّل الفيديو الذي سنحتاجه في الأيام القادمة  

الرجل الشاحب :
- و هل ستتصلين بالشرطة الآن ؟
الزوجة : ليس قبل ان تساعدوني بتنظيف بركة الدماء في الأعلى ,  و ازالة حبل المشنقة الثاني المزيّف الذي استخدمته انت (و تشير على الرجل الشاحب)

فقال رجل الإضاءة  :
- و ماذا عنا اتفاقنا ؟
الزوجة : لا تقلقوا جميعاً , فبعد ان احصل على مال التأمين سأقسمه علينا بالتساوي .. و الآن ساعدوني لننهي المهمة .. و انتم !! ..(و تشير الى الرجال الشرطة الثلاثة) .. اخفوا بسرعة ملابسكم التنكرية , فبعد قليل سأتصلّ بالشرطة الحقيقين ..
  
ثم اقتربت من جثة زوجها و هي تقول بخبث :
- ما كان عليك ان تخبرني ببوليصة التأمين الغالية على حياتك  يا عزيزي , فأنت تعرف مدى ضعفي الشديد امام المال

ثم تضحك بلؤم مع زملائها من معهد التمثيل
    
النهاية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...