السبت، 25 فبراير 2017

احتلال المنزل !

تأليف : امل شانوحة

قتل,متشرّد,منزل,عائلة,احتلال,سرقة
اعجبني بيتك 

في ليلةٍ عاصفة , جلس الوالد مع ولديه يشاهدون التلفاز في انتظار العشاء 

ثم نادت الأم من المطبخ :
- لقد انتهى العشاء !! تعال يا جون و ساعدني لإحضاره الى غرفة المعيشة 

فقام الوالد متجهاً الى زوجته , لكنه سمع طرقاً خفيفاً على باب فلته
- لحظة عزيزتي .. سأفتح الباب اولاً

و عندما فتح الباب وجد رجلاً يلبس معطفاً قديماً و قبعةً رياضية , و هيئته تشبه المشرّدين 
جون : نعم يا اخ , ماذا تريد ؟
الرجل الغامض و هو يسترق النظر الى داخل المنزل :
- بيتك جميلٌ جداً
- شكراً لك , لكن من انت ؟

و هنا لمعت عينا الرجل بوميض نظرةٍ شريرة و قال :
- بيتك منذ الآن ..اصبح بيتي انا
و اخرج مسدساً (كاتماً للصوت) و اطلق منه رصاصةً استقرّت في رأس الأب , ليخرّ ميتاً على الفور

و بهذه اللحظات ..خرجت الأم الشابة من المطبخ و اقتربت من الردهة  و هي تقول :
- جون !! .. من اتى الينا ؟ 
لتتفاجىء بمنظر زوجها الغارق في دمائه !

و قبل ان تصرخ , اسرع القاتل و اغلق فمها بقوة .. و بيده الثانية اغلق الباب الخارجي , ليصبح داخل المنزل .. ثم همس مهدّداً في اذنها :
- اذا اخرجت صوتاً فسأقتل ابنائك .. فأنا لي مدة اترقّبكم , و اعرف ان لديك ابنة في التاسعة و ولداً في الرابعة تقريباً , و اعتقد انهما يشاهدان التلفاز الآن

فأومأت برأسها موافقة بينما تساقطت دموعها على يده الخشنة , بعد ان ايقنت موت زوجها و بأن مصيرها و مصير اولادها اصبح بيد هذا القاتل

ثم طلب منها ان تأخذه الى غرفة نومها بهدوء دون ان يشعر الولدان بوجوده , فقبلت مرغمة 
و أدخلها الغرفة و قفل الباب خلفه , و هو يقول متحمّساً :
- كوني فتاة جيدة و لا تتعبيني , و الا سأختار ابنتك مكانك
و قبل ان تنزع ملابسها و هي تبكي , طرقت ابنتها الصغيرة باب الغرفة
- امي انا جائعة

فصرخت الأم بعلّو صوتها :
- جوزفين !! خذي اخاك و اهربا عند جارنا بسرعة !!!

فلكم القاتل الأم بكل قوته لتسكت , فارتطمت بحافة السرير و انفدخ رأسها و تلطّخ السرير الأبيض بدمائها 

و فزعت الإبنة (من خلف الباب) بعد سماعها لصرخة امها الأخيرة ,  حيث ظهر جلياً خطواتها السريعة و هي تنزل السلالم باتجاه اخيها 
القاتل بغضب : لا اللعنة !!!

و فتح قفل الغرفة بسرعة و نزل الى الطابق السفلي و لحق بالولدان اللذان تجمّدا في مكانهما بعد ان رأيا والدهما مقتولاً عند الباب

و قبل ان يصرخا بعد رؤية القاتل خلفهم , استقرّت رصاصتين في جسدهما الصغير ليسقطا موتى قرب جثة الوالد
فتنفس القاتل الصعداء , قائلاً بنبرةٍ ساخرة :
- (Game Over)

ثم توجّه للمطبخ ليرى العشاء جاهزاً على الطاولة.. 
- يا سلام ! دجاجٌ مشوي .. طعامي المفضّل

و بعد ان اكل كل ما وجده على الطاولة و بعض الحلوى من الثلاجة , قال لنفسه :
- ما كان عليّ ان آكل كثيراً , فعملي لم ينتهي بعد

ثم دخل لمرآب الفيلا من الباب الداخلي الموجود في القبو , و قال و هو يتفحّص المكان , خاصة ذلك الركن الذي فيه ادوات الحفر المخصّصة للإعتناء بحديقة الفيلا الداخلية :
- ممتاز !! يوجد هنا كل ما يلزمني لدفن الملاعين .. كما تعتبر هذه السيارة الفارهة جائزةً اضافية , لكن بالتأكيد لن استطيع قيادتها امام جيران المنطقة ..عليّ ان ابيعها كقطع خردة .. سأتصل بصديقي مايكل ليقوم بالمهمة .. اما الآن فعليّ دفن العائلة و تنظيف الدماء

و اخذ يجرّ الوالد نحو الحديقة الداخلية قرب المسبح , بعد ان كان حمل الطفلان الى هناك 
- عليّ ان ادفنهم سريعاً قبل بزوغ الفجر , لكن اولاً سأكشط التربة بشكلٍ يجعلني اعيدها كما كانت بعد ان اطمّهم , و بذلك لن يشعر احد بوجودهم تحتها 
و بعد ان دفنهم , حاول قدر المستطاع ان يرتّب العشب فوقهم كما كان .. 

ثم ذهب الى الحمام و اخرج المنظفات و ادوات اللازمة للتنظيف و امضى ساعة اخرى في تنظيف بركة الدماء للضحايا الثلاثة الموجودة قرب مدخل الباب  

و بعد ان انتهى , صار يطقطق ظهره من التعب .. ثم نظر الى ساعته :
- ساعة اخرى و يظهر الفجر .. كيف مرّ الوقت سريعاً !

و هنا تذكّر جثة الأم التي في الطابق العلوي :
- آخ يا ظهري !! مازال امامي الكثير من العمل و انا متعبٌ حقاً .. 

ثم انتبه على الرصاصة المستقرّة في الحائط (قرب الباب الخارجي) بعد ان مرّت من خلال قلب الولد الصغير .. فأزالها بإصبعه و صار يتأمّلها  و هو يقول :
- يا الهي ..كم القتل سهلاً امام مشقّة ازالة آثاره !
ثم فكّر قليلاً و قال في نفسه :
- ضروري ان اتصل بمايكل , ليأتي و يساعدني قليلاً  

و اتصل به و اخبره انه سرق سيارةً فارهة و يريده ان يبيعها كقطع متفرقة , و اعطاه العنوان .. و بعد ان اغلق الهاتف :
- جيد انني لم اخبره بالعائلة التي قتلتها , فهو جبان و سيهرب بالتأكيد .. لكني اعرف جيداً كيف اورطه معي و اجعله يقوم بكل الأعمال المتبقية , فهو النهاية اصغر مني سناً و يقوى على ذلك .. سأذهب لأرتاح قليلاً , قبل ان يأتي هذا المشاغب

و عندما صعد للطابق العلوي .. رأى خطاً طويلاً من الدماء على طول الممرّ ! .. ليتبعه مفزوعاً .. و يتفاجىء بالأم ميتة بالغرفة الثانية و بيدها هاتف المنزل 

فرفع الهاتف بفزع ووجد بأن الخط مازال مفتوحاً .. و بصوتٍ متهدّجٍ خافت قال :
- الو !
فردّت عاملة الهاتف بارتياح :
- الو !! سيدتي ..هل انت بخير ؟! لا تقلقلي , الشرطة في طريقها اليك.. اريدك فقط ان ..

فأغلق الهاتف مرتعباً و انطلق على السلالم ينوي الهرب من المنزل ..  و قبل ان يصل الى الباب سمع صفّارة الشرطة تقترب اكثر و اكثر , فقال بنفسه مرعوباً :
- لا ! لن الحق ان اهرب , عليّ ان اهدأ و اجد حلاً سريعاً

و عاد الى الأعلى , الى غرفة الزوجين .. و نزع ثيابه الملطّخة بالدماء  و لبس روب الزوج فوق ملابسه الداخلية , ثم نزل الى المطبخ و اخذ كوب كبير للقهوة (ووضع فيه بعض الماء) .. و خرج من باب المنزل بهدوء ..و صار يمثّل بأنه يرتشف قهوته , و عيناه في الأرض و كأنه يبحث عن صحيفة الصباح , متجاهلاً الشرطي الذي كان يتقدّم نحوه  و الذي قال :
- صباح الخير يا سيد

فرّد القاتل بهدوء و بلا مبالاة :
- صباح نور .. خير ان شاء الله
- وصلنا اتصال يطلب المساعدة من داخل المنزل
فتظاهر بالدهشة :
- من بيتي انا ! امتأكد يا سيد .. فأنا اشتريت هذا المنزل منذ يومين , و اسكن فيه لوحدي
- و هل تسمح لي بأن افتش المنزل ؟
و هو يحاول ان يخفي ارتباكه :
- طبعاً .. تفضل

و دخل الشرطي الى الصالة مباشرةً دون ان يلاحظ شيئاً بالردهة التي شهدت قبل ساعات وقوع ثلاثة ضحايا , فالقاتل احسن تنظيف المكان ..

و في الصالة لم يجد الشرطي شيئاً .. ثم دخل المطبخ ليجد الأكل مبعثراً على الطاولة , فأسرع القاتل بالقول :
- اعذرني على الفوضى فأنا اعزب و ..
فقاطعه الشرطي بحزم :
- طالما اعزب , فهذا يعني انه يمكنني ان افتّش غرف النوم بالأعلى

و اصفر وجه القاتل و عرف بأن جريمته ستكشف فور رؤية الشرطي للدماء على طول الممرّ بسبب زحف المرأة هناك قبل موتها

لكن الحظ اسعفه قبل لحظات من صعود الشرطي الى هناك , حيث دخل صديقه مايكل (اللص) من الباب المفتوح ليتجمّد في مكانه بعد رؤية الشرطي , فأسرع القاتل بالقول :
- مايكل !! جيد انك حضرت .. هيا اخبر الشرطي بأني اعيش في هذا المنزل لوحدي

و لاحظ مايكل نظرات صديقه جايسون (القاتل) الخائفة , فوافقه على كلامه , قائلاً للشرطي :
مايكل بتردّد : نعم سيدي , فصديقي يعيش هنا لوحده

و هنا ظهر صوت اللاسلكي , فردّ الشرطي على المكالمة :
- نعم سيدي
- هناك جريمة قتل على بعد شارعين من وجودك , و انت الأقرب من رجالنا للموقع , فهل انت مشغول ؟
- لا ابداً سيدي , سأذهب الى هناك حالاً

و اغلق اللاسلكي و قال لجايسون (القاتل) قبل ذهابه :
- يبدو ان الأتصال الذي وردنا من منزلك كان من مراهقة مشاكسة , و اظن ان عاملة الإستقبال لم تحدّد المكان جيداً.. المهم .. اعتذر عن مضايقتك في مثل هذا الوقت المبكر

جايسون و هو يخفي ارتياحه العميق :
- لا بأس , هذا عملك و انا اتفهّم الأمر .. مع السلامة

و بعد ذهاب الشرطي , اخذ صديقه مايكل الى المرآب ليريه السيارة ..  و بعد ان تفحّصها :
مايكل : نعم هي سيارةٌ فارهة , لكن اولاً اشرح لي كل شيء .. لمن هذا البيت ؟ و ما قصة الشرطي ؟!

جايسون مقاطعاً :
- اسمع .. سأهديك هذه السيارة و من دون مقابل , بشرط ان تساعدني
مايكل باهتمام و قلق : اساعدك بماذا بالضبط ؟!

و اخذه جايسون للطابق العلوي حيث رأى جثة المرأة , و اخبره بكل ما حدث في الليلة الماضية
مايكل برعب : و لما احضرتني الى مسرح الجريمة يا رجل ؟!! 
جايسون بنبرة ساخرة : انت من اهداني هذا المسدس مع كاتم الصوت و اردّت تجربتهم 

مايكل يصرخ بغضب : انت قلت لي انك تعرّضت للضرب المبرح في الشارع , و انا اعطيتك سلاحاً لتدافع به عن نفسك , لا ان ترتكب جريمة و تورّطني بالموضوع .. ثم لما قتلتهم من الأساس ؟!!

جايسون : لأن منزلهم هو منزل احلامي الذي تمنيته طوال حياتي , منذ ان كنت صغيراً في الميتم و في سجن الأحداث و حتى عندما بقيت سنوات مشرداً بالشوارع , كنت دائماً اتخيل نفسي اعيش في مثل هذه الفلة الفخمة .. و عندما مررّت بالصدفة بهذا الحيّ الراقي , صعقت لرأيته و كأنه خرج من مخيلتي ليصبح حقيقة امام عيني ! و من يومها صرت اراقب العائلة ليل نهار .. الى ان جاء يوم البارحة و قرّرت ان اطلب من صاحب البيت ان يسمح لي بأخذ جولة بداخله .. لكن بعد ان فتح صاحب المنزل بابه و لمحته من الداخل , عرفت ان هذا البيت مقدّراً لي و شعرت بأن عليّ اخذه ولوّ بالقوة .. و انت تعرف ان سلاحك لا يفارقني ابداً , لذا لم اتردّد باستخدامه

صديقه بنبرة غاضبة : برأيّ ..احفظ هذه القصة جيداً لأنها كفيلة بأن توصلك لحبل المشنقة يا غبي
و همّ بالخروج من غرفة القتيلة الا انه تفاجأ بسلاح جايسون موجهاً صوبه

جايسون بلؤم : و هل تظن بأنني سأتركك تمضي بعد ان عرفت سرّي ؟
برعب : جايسون اهدأ ارجوك و دعني ارحل ..احلف بأنه لن يعرف احد بالموضوع
- تأخّرت و اصبحت بصماتك في كل مكان .. و احلف لك يا مايكل بأنه لو تم القبض عليّ فسأخبر الشرطة بأنك كنت شريكي في هذه المؤامرة منذ البداية .. اسمعت !!
بعصبية و غيظ : و ماذا تريد مني يا رجل ؟

فيشير جايسون لجثة المرأة و هو يقول : اولاً عليك دفنها بشكلٍ لا يلفت الأنظار تماماً كما فعلت بعائلتها .. ثم تنظف كل هذه الفوضى داخل الغرفتين و الممرّ , كما عليك غسل بطانية السرير .. و في المساء ستخلصني من ثياب العائلة و صورهم و كتبهم و كل شيءٍ شخصي بأسرع وقت .. اما سيارة العائلة فأنا عند وعدي , خذّ مالها كمكافأة لك عن مساعدتك لي .. لكن في المقابل سنتقاسم المال بعد بيعك الممتلكات الأخرى للعائلة امثال الذهب و الكمبيوترات و الجوالات مع ذاك التاجر الذي تعرفه في السوق السوداء .. و بالتأكيد سنتقاسم المال الموجود في البطاقات البنكية , قبل ان ينتبه احد على اختفائهم , فنحن لا نريد للبنك ان يغلق حسابهم .. افهمت !!

فأومأ مايكل برأسه متضايقاً , فأكمل جايسون كلامه :  
- و الآن ابدأ العمل , و انا سأنام قليلاً في الصالة لأني اشتغلت طوال الليل  

و قبل ان يخرج من الغرفة يقول لصديقه بلؤم : 
- سأنزل الآن و اقفل جميع الأبواب و انام .. ايّاك ان تفكّر بالهرب , فالسلاح مازال في جيبي.. مفهوم يا صديقي العزيز !!
ثم نزل للأسفل تاركاً صديقه يقف حائراً و خائفاً امام جثة المرأة
***

و مرّت الأيام ..و انتهى الخلاف بين الصديقين اللذان اصبحا يتشاركان الفيلا مع العشيقات اللآتي كنّ يتزايدن اعدادهن كل ليلة .. لكن الإحتفالات كل يوم بأصوات الموسيقى العالية ازعجت الجيران , لهذا انتظروا عودة الجار المقرّب للعائلة من سفره ليشكوا لك افعال العائلة (المغدورة)

و في اجتماع للجيران , وقف العجوز جيمس متفاجأً :
- ماذا تقولون ؟! صديقي جون و عائلته من المستحيل ان يقوموا بكل هذا الإزعاج , فأنا اعرفهم منذ ان سكنوا بقرب فلتي 
احد الجيران بغضب : اذاً عليك ان تتكلّم معه غداً , و الا سنبلغ الشرطة 
***

و بالفعل و باليوم التالي .. استيقظ جايسون متضايقاً على رنين جرس الباب , ففتحه بغضب : 
- نعم !! ماذا تريد يا هذا , لتوقظني في الثامنة صباحاً ؟!
فقال العجوز جيمس بدهشة : من انت ؟! و اين جاري جون و عائلته ؟! 

جايسون بنبرة حادة : افّ !! جون جون .. لقد اشتريت منزله منذ اسابيع  و انتهى الأمر
جيمس و هو يسترق النظر الى الداخل : لكن يبدو ان اثاث منزله مازال موجوداً !
جايسون بلؤم : اشتريت منزله مفروشاً , هل عندك مانع ؟!
العجوز : غريب ! لم يخبرني بذلك .. هل تعرف الى اين ذهب ؟
بعصبية : الى جهنم !! و ما يدريني يا اخي .. اشتريت الفيلا و هو ذهب في طريقه .. و الآن دعني اكمل نومي فأنا سهران منذ البارحة

و قبل ان يغلق الباب , اوقفه العجوز قائلاً بحزم :
- و هذا ما اتيت لأناقشك فيه , فهل يمكنني الدخول..
مقاطعاً : لا !! قل ما تريده هنا
و رغم تضايق العجوز من قلّة ذوقه الا انه اكمل كلامه : حسناً .. الجيران جميعهم منزعجون من اصوات الإحتفالات ..
مقاطعاً : حسناً فهمت .. سنخفض الصوت قليلاً .. سلام

و يغلق الباب في وجه العجوز الذي عاد الى بيته متضايقاً , و في نفس الوقت حائراً من رحيل جون المفاجىء دون توديع احد من الجيران !  
***

و في احد الأيام .. زارت العجوز جيمس ابنته المعلمة فسألها ابوها :
- ابنتي .. الست تعلمين اطفال جون في مدرستك ؟
- نعم , لكنهما غائبان منذ شهر .. و قد حاولنا الإتصال بالعائلة اكثر من مرة , لكن دون اجابة !
- و هل سحب الوالدان الملفّات المدرسية لإبنيهما ؟
- لا ابداً , و هذا ما يشغل بال المدير !
فيفكّر العجوز بقلق ثم يقول :
- انا اشكّ بالمسمّى جايسون 
- تقصد الجار الجديد ؟!
- نعم , اظنه وراء اختفاء العائلة .. عليّ ان احدّث صديقي المحقّق الجنائي بالأمر 

***

و بعد عدة ايام و في ليلةٍ مظلمةٍ باردة .. زار المحقّق منزل جايسون فجأة مما اربكه  
و في الداخل ..لاحظ المحقق وجود العاب للأطفال في زاوية الصالة 
- هل لديك اطفال , سيد جايسون ؟
بدهشة : ماذا ؟ لا ابداً .. 
ثم انتبه على نظرات المحقق نحو الألعاب , فسارع بالقول :
- آه .. هذه العاب اولاد صديقي مايكل 

ثم اقترب المحقق من صورة صغيرة لأولاد جون كانت ماتزال موضوعة فوق المدفأة 
المحقق : و لما صورة ابناء جون مازالت هنا ؟
جايسون بقلق : يبدو انهم نسوها هنا .. فهم لم يأخذوا سوى اغراضهم الشخصية
- يعني هذه العابهم ايضاً 
و يشير على الألعاب ..
بارتباكٍ واضح : لا !! هذه العاب مايكل .. اقصد ابناء صديقي

و بعد ساعة .. خرج المحقق من الفيلا و هو يستشعر بأن جايسون يخفي امراً .. و قبل ان ينطلق بسيارته رأى مايكل و هو يترجّل من سيارته .. فتوجه اليه و سأله :
- هل انت مايكل ؟
- نعم .. من انت ؟
- لا عليك .. اردّت فقط ان اسألك عن ابنك , هل هو بخير ؟
مايكل باستغراب : ايّ ابن ! انا ليس لديّ ابناء اصلاً
فيبتسم المحقق و هو ينظر الى جايسون الذي كان يشاهدهم بقلق من نافذة الفيلا ..
المحقق : لا عليك , سنتكلم لاحقاً

و بعد ذهاب المحقق للمركز لأخذ اذن التفتيش بعد ان تأكّدت شكوكه , سأل جايسون (بقلق) صديقه فور دخوله للمنزل :
- هآ .. ماذا سألك المحقق ؟
برعب : هل كان شرطياً ؟!

و بعد ان اخبره , عرف جايسون بأن امره انكشف .. فطلب من مايكل ان يسرع بحمل كل شيءٍ نفيس و خفيف من الفضّيات و اللوحات الموجودة بالفيلا و الهرب بأسرع وقت قبل قدوم الشرطة لتفتيش المنزل.. 

و قد استغلاّ ظلمة الليل للهرب بالمسروقات , و عندما قدِمت الشرطة في الصباح كانا ابتعدا عن كل المنطقة .. و قد ادّى التفتيش بواسطة الكلاب الى معرفة مكان الجثث بالحديقة الداخلية للفيلا .. و قد انتشر الخبر في ارجاء الحيّ الراقي الذي اصيب بالذعر مما حصل .. كما اذيع الخبر في جميع المحطّات الإذاعية و الإخبارية .. لكن خوفهم الأكبر كان بسبب ان القاتل مازال طليقاً رغم توسّع نطاق البحث عن جايسون و مايكل بعد ان تمّ رسم شكلهم بمساعدة المحقق و الجار العجوز الذي كان اشد الجيران حزناً على جاره جون و عائلته المغدورة
***

و بعد شهران و في ولاية اخرى امريكية .. كان مايكل و جايسون يجلسان في السيارة في جنح الظلام بعد ان تنكرا في شكلٍ آخر و قد حلقا رؤوسهم و اطالا شواربهم و ذقنهم ..
مايكل متضايق و هو يطفأ مذياع السيارة : اسمعت !! لقد نشروا صورنا بكل مكان .. هل انت سعيداً الآن و نحن نجلس هنا في مكانٍ نائيٍ ؟! 
جايسون بعصبية : لكنك لم تكن متضايقاً عندما كنت تقضي السهرات في فلتي..

مقاطعاً و بغضب : فلتهم هم !! لم يكن منزلك من الأساس !! انت ورطتني بهذا الموضوع و اصبحت شريداً مثلما كنت انت دائماً .. و الآن عليك ان تجد مكاناً نسكنه , لأنه من غير المعقول ان نبقى نعيش في سيارتي

يفكّر قليلاً ثم يقول :
- حسناً .. سأجد منزلاً آخر لكن بعيد عن عيون الناس 
مايكل بدهشة : و هل ستحتلّ بيتاً آخر ؟! الم تتبّ بعد يا رجل !
جايسون بسخرية : لا طبعاً .. سأنهي دراستي الجامعية اولاً , ثم اعمل موظفاً براتبٍ مجّزي , و من ثم اقسّط لبيتٍ محترم لأسكن فيه معك ايها النتن !! .. (ثم يصرخ آمراً) .. هيا قدّ السيارة بدون ان تتفوّه بكلمةٍ واحدة و الا و الله سأقتلك هذه المرّة.. 
و يضع مسدسه في رأس مايكل الذي قاد سيارته مرغماً ليتوغّل اكثر  و اكثر في الحقول الموجودة بأطراف قريةٍ مجهولة  

و عندما وصلا لمزرعة بداخلها بيت كان بعيداً عن كل المزارع المجاورة , قال جايسون و هو يبتسم بخبث :
- ممتاز هذه المزرعة تناسبني , بالحقيقة هي كانت حلمي الثاني بعد الفيلا 
و لم يعقّب مايكل على كلامه تفادياً لجنون صاحبه الذي نزل باتجاه المنزل الخشبي المتواضع 

و فتح عجوزٌ في الثمانين من عمره الباب بعد ان سمع طرقاً عليه :
جايسون بنظراتٍ مخيفة : كيف حالك يا عم ؟
العجوز بدهشة : مالذي اتى بك الى بيتي ؟
- لما بيتك بعيد جداً عن الجميع ؟ 
العجوز متضايقاً : انا اخترت ان اعيش وحيداً و بعيداً عن الفضولين امثالك , فإذا كنت تريد المبيت فعليك ان تبحث عن بيتٍ آخر

فتمّتم جايسون بارتياح : عجوز وحيد في بيتٍ بعيد .. رائع
ثم اشار لمايكل الذي كان يجلس مرتعباً في السيارة بإشارة تعني بأنه وجد مراده , ثم قال للعجوز :
- مزرعتك جميلة يا عم
العجوز بنبرة حادة : اعرف هذا ..و الآن ارحل !!

و قبل ان يغلق الباب , اوقفه جايسون بيده .. بينما رفع مسدسه باليد الثانية في وجه العجوز المندهش و المرتعب , و هو يقول له :
- لكنها اصبحت منذ اليوم .. مزرعتي انا
و انطلقت الرصاصة كاتمة الصوت , مترافقة مع صرخة العجوز الأخيرة التي لم يسمعها احد !

النهاية

ملاحظة : 
هذه القصة مستوحاة من جريمة حقيقية حصلت في اميركا بنهاية الثمانينات , و المجرم مازال طليقاً الى يومنا الحالي !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...