السبت، 1 أكتوبر 2016

طفلة المقبرة

امل شانوحة

ثم تحولت لاحقاً الى قصة ((اميرة القصر)) بمشاركة : ايلين بن حسين و قيصر الرعب
موقع كابوس
الرابط : http://www.kabbos.com/index.php?darck=1599


طفلتي لم تمت !!

يحاول الوالد بصعوبة تهدأة ابنه الرضيع , الاّ ان الطفل لا يكفّ عن الصراخ
- ابني , هيا نمّ .. و الله تعبت .. افّ !! اين انت يا سيلينا ؟!

و كانت زوجته سيلينا تذهب يومياً لمدة شهر (بعد ولادتها) الى مقبرة ابنتها , التي لم تعش في الدنيا سوى ثلاث ساعات ! حتى ان بقاء اخوها التوأم حياً , لم يخفّف من لوعة فقدانها .. و بعد ان وضعت الأزهار على قبرها , و همّت بالرحيل .. سمعت صوت امرأة عجوز تناديها من بعيد 
- هاي انت !! توقفي رجاءً

و بعد ان اقتربت منها .. قالت الأم بضيق 
- آسفة .. ليس معي نقود الآن ..
- لا اريد مالك .... فقط اجيبيني .. هل انت والدة الطفلة ؟
و تشير على القبر .. فتقول الأم بحزن
- اعرف ما ستقولينه , فالجميع يكرّر نفس الكلام .. هي بالجنة و عليّ ان اكمل حياتي ..

- لم اقصد هذا ايضاً ..... لكن ابنتك معي 
- ما هذا الهراء ! اتسخرين من مصائب غيرك ؟!
- لحظة !! قبل ان تغضبي .. انا بصراحة .. طيب اولاً احلفي بأنك لن تبلّغي عني الشرطة
- اسمعي !! اياً كنت .. انا تعبة , و عليّ الذهاب .. فإبني يحتاجني الآن ..

لكن العجوز امسكت بيدها بحزم (لتوقفها عن الذهاب) ثم اخرجت من جيبها اسورة ذهبية صغيرة .. و قالت
- اليست هذه اسورة الرضيعة التي دفنتموها هنا
فسحبت السيدة الأسورة من يدها بعنف , ثم قرأت الأسم المحفور بداخله
و كان محفوراً : طفلتي اليزابيث

فبكت الأم , و قالت : 
- نعم ..اشتريتها , فور علمي بحملي بها و بأخيها .. هل انت تسرقين النعوش ؟!!
- بصراحة نعم .. لكن هذا من حسن حظك ..لأني وجدت ابنتك حيّة ترزق , و هي معي منذ شهر .. و كنت ابحث عن اهلها 

(ربما لو ايّ احد مكان الأم لظن انها مجنونة , لكن لوعة الأم على فقدان ابنتها جعلت وجهها يهللّ فرحاً لهذه البشارة الغير منطقية !)

- احقاً !!! ابنتي حيّة ! اين هي ؟ اريد رؤيتها حالاً !!!
فابتسمت العجوز بمكر و قالت :
- اذاً تعالي معي 

***
بعد قليل .. تفاجأ الزوج بعودة زوجته و هي تحمل الرضيعة (بثياب الصغيرة الرثّة) ..و قبل ان يستفسر عن الموضوع , كانت تخبره بالقصة , و هي تكاد تطير من الفرح
- انظر يا مايكل !! ابنتنا اليزابيث مازالت حيّة !!

..و حتى بعد ساعة من شرحها للقصّة , الاّ انه مازال لا يصدّق كل هذه التخاريف 
- اسمعي يا سيلينا .. علينا ان نُبلّغ عن هذه النصابة التي تنبش 
- اتريد ان اردّ جميلها , بالتبليغ عنها ! لا طبعاً !! يكفي انها اعادت لي ابنتي ..
- توقفي رجاءً !! هذه طفلة غير شرعية , ارادت ان تلصقها بك لكي..
- لا اسمح لك بقول هذا الكلام !! هي ابنتك و انت تعرف ذلك 
- لم اقصد ما فهمته ! قصدت العجوز.. اسمعي !! يمكننا نبش القبر , و سترين بنفسك جثة اليزابيث ..
- اخرج من الغرفة , اريد ارضاع طفلتي .... قلت اخرج !!

و عندما خرج الزوج متضايقاً , كان ابنه الآخر ذو الثماني سنوات يقف حائراً خارج الغرفة 
- ابي .. هل حقاً هذه اختي ؟!
- على الأقل , امك المجنونة تظن ذلك !
ثم خرج من المنزل غاضباً , تاركاً ابنه محتاراً
***

في الغرفة .. كانت الأم ترضع ابنتها و دموعها على خديها , و هي تمسك اصابع ابنتها الصغيرة و تدندن لها 
- اوو , يا بنتي .. اظافرك طويلة ! حسناً للننهي اولاً رضعتك , ثم اقصّها لك .. جيد ان اخاك الصغير نائم , كم سيفرح برؤيتك عندما.. أأأأي !

و هنا صارت الأم تنزف
- كيف هذا ! هل عضتتني ؟! ..ارني .. ألك سن ؟! كيف ؟! مازلت بشهرك الأول ! حسناً سأسأل الطبيب غداً ..لا توقفي !! لن ترضعي المزيد , سأحضّر لك زجاجة .. الزابيث توقفي !! هذا دم و ليس حليب ! أأأي !!

و عاد الأب بعد قليل , ليجد ابنه بجانب البيت يلعب بالكرة
- هل مازالت الطفلة هنا ؟
- طبعاً ! اليست اختي ؟...... لحظة ابي !! قبل ان تدخل , اريد ان اخبرك بشيء 
- ماذا ؟
- الطفلة تحب طعم الدماء ! كما انها كسرت ثلاث مقصّات عندما حاولت امي قصّ اظافرها .. لقد رأيت ذلك بنفسي !! فهل هي طفلة مستذئبة ؟
- انت تشاهد الكثير من الأفلام , بنيّ .. هيا ادخل !! فقد تأخّر الوقت
***

و مرّت الأيام .. و كبرت الصغيرة وصار عمرها عشر سنوات ..و كبرت معها المشاكل .. كان اخوها التوأم عادة ما يأتي من المدرسة غاضباً بسبب تصرفات اخته التي تحرجه امام اصدقائه ..
- مابك غاضباً هكذا ؟
- اختي المجنونة !! احرقت الفصل !
- لا تصدقيه يا امي , انا كنت اجلس مكاني ..لكن المعلمة الغبية هي من اسقطت من يدها المحلول , فاشتعل المختبر 
- يا الهي ! هل تأذى احد ؟!
- المعلمة احرقت يدها , و كلّه بسببها !! 
- توقف ادم !! ما دخل اختك بالموضوع ؟
- لقد سمعتها بنفسي , يا امي .. كانت تتمتم بتعويذة , قبل ان تنفخ على المعلمة , و بثواني ..
- هو يقول هذا , لأنه يحب المعلمة الشقراء 
- اسكتي !!
- توقف يا ادم !! و اذهب و اغسل يديك للغداء
- انت لا تصدقيني .. لكن ابي المرحوم كان يصدقني , و اخي الكبير ايضاً !! ليته لم يذهب للعسكرية !
ثم ذهب حزيناً الى غرفته
***

و بدأت الأيام تمضي كل يوم اسوء من الذي قبله .. كل يوم مشكلة في المدرسة او مع الجيران و مع اطفال الحيّ , و السبب : هي المشاغبة اليزابيث

و في يوم ..عادت من الحيّ و هي تعرج , و قالت انها تشاجرت مع اولاد الحيّ ..لكنها امضت اليوم كله بشكل عادي , و في اليوم التالي اخذتها امها بالغصب عند الطبيب : الذي تفاجأ بكسرٍ مضاعف في رجلها .. و بعد تجبيرها , خرجتا من المستشفى

و في الطريق
- امعقول يا اليزابيث انك لم تشعري بأيّ المٍ البارحة ؟!
- لا امي , و لا ادري لما هذه الجبيرة اللعينة ؟
- لننتظر اذاً نتيجة الفحوصات غداً .. و عساه خير !
و هنا .. اقتربت سيارة اخرى منهم و كأن السائق يتعمّد مضايقة الأم فمرة يسير يُمنة و مرة يساراً , فصرخت الأم عليه :
- هاي !! مابك ؟! هل انت سكران ؟
- امي !! اتركيه لي 

و اغمضت الفتاة عينيها , و صارت تتمتم بكلام غير مفهوم , ثم فتحت عيناها و اشارت بيدها على سيارته قائلة :
- الآن !!!
و على الفور !! انقلبت سيارة الرجل عدة مرات .. للتتوقف للحظة , قبل ان تندلع فيها النيران !
و هنا ضحكت الصغيرة بفخر , وسط ذهول امها !
***

و بعد ان عادتا الى المنزل .. ذهبت اليزابيث مباشرةً الى غرفتها و هي تستند على عكازها , بينما اسرعت الأم لغرفة اخيها التوأم .. و سألته بفزع :
- آدم .. اريد ان اسألك سؤالاً
- لماذا تهمسين يا امي ؟!
- اسمع !! اريدك ان تخبرني بكل الأشياء الغريبة التي كانت تفعلها اليزابيث
- و اخيرا صدقتني !!
- اخفض صوتك .. هيا تحدّث
و بينما كان يخبر امه , كانت اليزابيث تتنصّت عليهما , و هي تبتسم بخبث
***

في اليوم التالي و بعد ان اوصلت الصغيران الى المدرسة , عادت سريعاً الى البيت لتراقب الشريط (بعد ان كانت قد فتحت مساءً : كاميرا لابتوب ابنها و ابنتها لتراقب غرفهم)

و هنا رأت ما كانت تخشاه .. اليزابيث خرجت من غرفتها عند الساعة التاسعة ليلاً و سارت بشكلٍ طبيعي و من دون عكاز !  ثم دخلت الى غرفة اخاها التوأم , و بقيت واقفة بجانب سريره دون حراك , تراقبه و هو نائم .. فسرّعت الأم الشريط التسجيلي , لتجدها و قد بقيت على هذه الحالة حتى الفجر , قبل ان تعود و تستلقي في فراشها قبل دقائق من قدوم والدتها لإيقظها للمدرسة ! 

و بصعوبة امسكت الأم نفسها عن سؤال ابنتها عن سبب مراقبتها لأخيها , لأنها ارادت ان تراقبها لليالٍ اخرى , لتتأكد .. و في اليوم الرابع : شاهدت الشيء ذاته .. و لم يكن جمود ابنتها امام سرير اخوها هو المخيف , بل بقائها مستيقظة لأربعة ايام متوالية !
و هنا تذكّرت شيئاً , كانت كلمة زوجها التي رأته واقعاً في الصالة بعد عودتها من السوبرماركت .. و عندما حاولت ايقاظه , كان آخر ما قاله لها قبل ان يموت :
- تخلصي بسرعة من اليزابيث !! انها شيطانة !

ثم عادت و تذكّرت المرأة العجوز , و صارت تتساءل :
هل كانت مشعوذة ؟! هل فعلاً اليزابيث جنّية ؟! ياربي ! عليّ الذهاب الى المقبرة فوراً ... لحظة ! الموضوع كان من عشرة سنين , اكيد ان العجوز ماتت ..لا يهم ..سأذهب و اتأكّد بنفسي 
و ذهبت بالفعل الى المقبرة .. و بحثت هناك لساعات , لكنها لم ترى احداً .. 

و قبل ان تذهب , لمحت امرأة عجوز تضع ورداً على قبر اليزابيث , فصرخت من بعيد 
- هايّ !! انت !! ايتها العجوز لا تذهبي , توقفي حالاً !!
لكن العجوز اختفت بالغابة القريبة من المقبرة , فاسرعت الأم خلفها ,  و صارت تسير بعيداً عنها , لأنها ارادت ان ترى الى اين ستذهب  ..  

و بعد ساعات .. كانتا تعمقتا جداً في الغابة , و قد حلّ الليل .. فأضاءت الأم جوالها , لكن العجوز اختفت ! و لم يكن هناك سوى قصراً قديم اسود على تلة قريبة , يفصلها عنه : جسرٌ خشبي متهالك فوق مجرى نهر صغير .. و بعد ان وصلت الى بوابته الحديدة , تفاجأت بالباب يُفتح لوحده ! فدخلت اليه .. كان هناك سجاد احمر بالداخل .. و لوحات زيتية لشخصيات قديمة , كان منظرهم اقرب للأموات منه للأحياء ! حتى وصلت الى صالة كبيرة , لكنها لم تدخلها .. بل توقفت عند الباب ,  و صارت تسترق النظر من شقّه المفتوح ..

و في الداخل .. وجدت في صدر الصالة : عرش ضخم مهيب , يجلس عليه رجل في الاربعينات من عمره , يلبس روب اسود طويل بياقة حمراء .. و كانت العجوز تسجد له ..
- هيا قومي !! و اخبريني .. هل ارسلت ابني لعائلته الجديدة ؟
- طبعاً يا سيدي !! الست دائماً يا سيدي ابليس , اسلّم اطفالك الى عائلات طيبة , ليحولوا حياتهم الى جحيم 
- جيد .. اذاً استحقيت بجدارة الفصل الأخير من كتاب السحر .. هيا خذي

فأسرعت العجوز اليه و استلمت منه اوراقاً صفراء .. و هي تقول 
- هل هذا يعني بأني تخرّجت من مدرسة الشعوذة ؟
- نعم .. و لهذا سأكرّمك : برؤية مراسم الحفل لهذه الليلة 
- اهذا صحيح !! هل سأراك و انت تحرق قرباناً بشري ؟
- نعم .. و الآن فوراً !! هيا يا وحوش !! ابدؤا الحفلة !!

و بثواني .. رأت سيلينا آلاف الشياطين يخرجون من كل مكان بالقصر , ثم شعرت بنصل الرمح يغرز في ظهرها , لترى شيطاناً خلفها نصفه انسان ونصفه السفلي حيوان .. فأغمي عليها على الفور 

لتستيقظ بعد قليل و هي داخل قفص حديدي , و جموع الشياطين يجلسون على المدرّجات يزمجرون بسعادة , و نارا كبيرة في الوسط .. و هنا انتبهت على صراخ ولد .. لترى ابنها الصغير معلّق بحبل من السقف و هو يدنو ببطء نحو النار .. 

و ابنتها اليزابيث تقف بقرب عرش ابليس , و هي تقول : شكراً يا ابي لأنك سمحت لي برؤية حرق هذا اللعين الصغير
- و من بعده , امك
و يضحكان .. فتصرخ الأم بفزع
- ابني ! لاااااااااا

النهاية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المحطّة الأخيرة

كتابة : امل شانوحة    المصيّدة الدمويّة ركبت الصبيّة الحافلة بعد انتهاء عملها الليليّ في إحدى المطاعم ، وهي تشعر بالإنهاك والتعب الشديد.. وم...