الأحد، 24 يوليو 2016

البستان المشبوه

تأليف : امل شانوحة

بستان, مخيف, قربان, طفل, خطف, خطط, مؤامرة

من هؤلاء المرعبين داخل البستان ؟!

بعد ان خرج جاك و مايكل من مدرستهما المتوسطة , اتفقا ان يلعبا بالكرة في الملعب القريب من منزلهما .. و قبل ان يصلا الى هناك .. توقفت سيارةٌ سوداء امامهما فجأة !! و خرج منها رجلان ضخمان مُقنّعان ,  و هجما عليهما , بعد ان وضعا القماشة (المبلولة بالمخدّر) فوق انفيهما ..  
و في ثواني ... اختفى الصبيان !

و في المساء .. استيقظ مايكل بصعوبة , ليجد نفسه مُكبّل اليدين و الرجلين  و مُكممّ الفم .. نائماً فوق ارضية من القش , في مكانٍ لا ينيره سوى قنديل الغاز , المعلّق على عمودٍ خشبي في وسط اسطبل.. 

فتلفّت مايكل من حوله (برعب) ليجد صديقه جاك مُكبّلاً مثله , و هو يبكي بخوف .. فحاول الزحف نحوه .. لكن قبل ان يصل اليه , سمع صوت قفل الباب يُفتح .. فأغمض مايكل عيناه متظاهراً بالنوم ... فدخل رجلٌ ضخم  و اقترب من صديقه جاك و حمله , و حاول المسكين الصراخ المخنوق .. لكنهما خرجا , بعد ان اقفل الباب خلفه من جديد .. 

ففتح مايكل عيناه و هو لا يصدق ما يحدث ! 
- الى اين يأخذون صديقي ؟ و ماذا يريدون منا ؟ .. .. و اين انا ؟!
و صار مايكل يتلفّت يُمنةً و يسرى و هو يبحث عن شيءٍ ينقذه , فزحف الى كل زاوية و ركن في هذا الإسطبل (بنوره الخافت) .. 

و بعد ساعة من البحث المتواصل , وجد اخيراً قطعة من الزجاج المكسور .. فمسكها بيده (المقيدة خلف ظهره)  و صار يحاول بها قطع الحبل ..و قد استطاع بعد مدة ان يفك قيد يديه , بعد ان جرح نفسه عدة مرات ..و قبل ان يزيل الرباط عن فمه .. سمع صوت بكاء صديقه يقترب من الإسطبل .. فعاد بسرعة الى مكانه , و وضع يديه خلف ظهره (متظاهراً بأنه مازال مُقيداً) ..و اخفى قطعة الزجاج في جيبه , علّها تحميه من ذلك الوحش !
و عاد الصبي جاك (الغير مُقيد) و الرجل الضخم من خلفه , يدفعه بقسوة الى الداخل 
- هيا ادخل !! و ايّاك ان تُخبره بشيء ... افهمت !!
ثم اقفل الباب من جديد..

فتكوّر جاك بزاوية الإسطبل بعد ان اخفى وجهه بين ارجله , و صار يبكي بقهر !
فأسرع مايكل و فكّ قدميه و رباط فمه , و ركض ناحية صديقه..  و سأله بفزع :
- جاك !! جاك مالذي حصل ؟ .. ماذا فعلوا بك ؟!
- ابتعد عني !!
قالها و هو مازال يخفي وجهه بين يديه , و يرتجف بشدة
- ارجوك جاك اخبرني!! ..... حسناً لا بأس , اهدأ قليلاً ! .. و دعنا نفكر بطريقة للهرب من هنا.. 
- اهرب وحدك .. ...فأنا اريد الموت !!
- ماهذا الكلام .. انظر !! الجوال مازال معي .. فهم لم يفتشوني جيداً .. سأتصل بأبي

و بعد قليل..
- لا !!! اللعنة , لا يوجد تغطية هنا
و اعاد مايكل جواله في جيبه
- اسمع !! اعدك بأن نعود كلانا للمنزل .. اقسم لك !! لكن علينا اولاً ....لحظة اسمعت ؟!.. هناك احدٌ قادم الينا .. سأعود و اقيد نفسي , لكني لن اشدّ الحبل ..و سأحاول الفرار .. و سنذهب سوياً..  افهمت !!

لكن جاك لم يجيبه , بل ظلّ شارداً بشكلٍ يثير القلق.. فتركه مايكل ليعود الى مكانه (بعد ان لفّ الحبل حول قدميه , و ربط القماشة حول فمه)  و اخفى قطعة الزجاج بقبضته (و يداه خلف ظهره)

و فُتح قفل الإسطبل من جديد ..و اقترب الرجل الضخم هذه المرة من مايكل , و حمله و هو يقول :
- امازلت نائماً ايها الكسول ؟! هيا افق !! فأمامك حفلة طويلة ..  اليس كذلك يا جاك ؟
و جاك يحاول ان يحشر نفسه بالزاوية , برعبٍ شديد !

و هنا !! فاجأ مايكل الرجل بجرح رقبته بالزجاج بحدّة , فصرخ الرجل بألم !! و اسقط مايكل من يده ..و الذي بدوره اسرع لفك رباط رجله و فمه , ثم ركض ناحية صديقه و نزعه من مكانه نزعاً , حتى خرجا من الإسطبل .. و الرجل الضخم يلاحقهما , و هو يضغط بيده على جرح رقبته (الذي كان ينزف بغزارة) 
و صار الولدان يجوبان الطرقات الوعرة داخل الغابة المظلمة بهلعٍ شديد.. 

و يبدو ان الرجل الضخم لم يرد اعلام احداً بفشله في الحفاظ على الرهينتين الضعيفتان , لذلك فضّل اطلاق الكلاب خلفهما ..
و صار الولدان يهربان بكل قوتهما , لكن اصوات الكلاب ظلت تقترب منهم بسرعة .. لهذا لم يجد مايكل حلاً , الا ان يمسك بيد جاك و يقفزا معاً نحو البركة التي وجداها هناك .. و قد سبحا فيها لمدة , قبل ان يختفي نباح الكلاب .. و كانت البركة مظلمة بشكلٍ يثير الرعب , لا يسمع فيها الا اصوات الحشرات و نقيق الضفادع 

.. و ظلا يسبحان الى ان ظهرت انواراً من بعيد .. فاقتربا حتى شاهدا حفلاً بالهواء الطلق موجوداً بالطرف الآخر للبحيرة , و كأنها مسرحية قد صفّت امامها مقاعد للمتفرجين ..  و كان خلف الممثلين (الذين يلبسون عباءات الكهنة , بقبعاتٍ مخروطية) تمثالاً خرسانياً لبومةٍ ضخمة .. و يحملون مشاعل النار , و كأنها طقوساً دينية ! 

ثم ظهر رجلٌ بلباسٍ احمر و هو يحمل طفلاً صغيراً , ثم وضعه على مهدٍ حجري.. و صار الجمهور يتلو تراتيل بلغةٍ غريبة , و بصوتٍ عالي مترافقاً مع جوقة الممثلين 

فأسرع مايكل و اخرج جواله من جيبه و صار يصوّر الحدث ,  و هو يقول :
- جيد ان جوالي ضد الماء.. لا تقلق يا جاك ..سأنشر هذا الفيديو على اليوتيوب , فور خروجنا من هنا .. و سأفضح هؤلاء الملاعين امام الجميع , لينالوا جزائهم 
ثم انتبه مايكل على رجلٍ يجلس بمكانٍ عالٍ بين المشاهدين 
- جاك ! من الذي يجلس هناك بين الجمهور ؟ اهو رئيس البلد , ام شبيهه ؟!
- بل هو !! ....فقد كنت دميته قبل قليل !
- ماذا تقصد ؟!
و قبل ان يجيب .. توقفت التراتيل فجأة !! ليريا الرجل (بلباسه الأحمر) يرفع شعلة من النار , و هو يقول بصوتٍ عالي : 
- الآهنا ابليس !! سنرسل لك هذا القربان الطاهر , و نتمنى ان تقبله منا !!

ثم يشعل النار بالطفل الذي ظلّ يتلوّى و يصرخ من الألم , وسط تصفيق الجماهير , الى ان اختفى صوته بين النيران التي التهمته!  
و كاد الصبيان ان يُغمى عليهما من هول الصدمة ! و صارا يسبحان بكل قوتهما الى الجهة الأخرى من البحيرة .. ثم انطلقا ناحية السياج الحديدي , الموجود بنهاية هذا المخيّم المخيف !
لكن ما ان اقتربا منه , حتى وجدا لافتة تقول : 
((انتبهوا !! سياجٌ مُكهرب))

فقال مايكل و هو يحاول التقاط انفاسه :
- اللعنة !! لقد علقنا !
- لا حلّ سوى ان تقفز من فوق ظهري
- ماذا تقول ؟! السياج مُكهرب , ستموت و انت مبلولاً هكذا !!
- اسمع يا مايكل !! انا لا استطيع ان اواجه اهلي , بعد الذي فعلوه بي هؤلاء ال.. (و يبكي)
- و مالذي فعلوه ؟ فأنت لم تخبرني بشيء !

و هنا !! سمعا نباح الكلاب تقترب منهما ..و قبل ان يعي مايكل ما يحدث , رأى جاك و هو ينطلق بسرعة بإتجاه السياج , و هو يقول :
- سلّم لي على اهلي !!! 
ثم رمى بجسده المبلول فوق السياج لتنطلق الشرارات الكهربائية , التي ادت لتعطيل السياج .. و احتراق جسده الصغير !

و وسط هول الصدمة (بأن صديقه توفي) الاّ ان غريزة البقاء جعلته يقفز من فوق جسده المتفحّم , نحو الشارع الموجود خارج البستان الملعون

و ظلّ مايكل لساعاتٍ طويلة يركض في الطريق المهجور الى ان خارت قواه , فسقط على الأرض مغشياً عليه 

ثم استيقظ بعد قليل في سيارة احدهم , فصرخ برعب
- الى اين تأخذني ؟!!
- اهدأ بنيّ ! انا صياد .. و كنت ذاهباً للغابة لأصطاد , و وجدتك واقعاً في وسط الشارع ! و سآخذك الآن الى المخفر , ليوصلوك لأهلك .. ...لكن اخبرني !! مالذي حصل لك ؟ و لما انت وحدك هنا , في هذا الطريق المهجور ؟!
لكن مايكل لم يجبه , بل ظلّ يبكي بمرارة , و هو يتذكّر صديقه المحترق

و في المخفر , و بعد ان استمع المحقق لكلام مايكل  .. مدّ يده , و هو يقول :  
- كلامك مرعبٌ جداً , يا ولد ! .. هيا اعطني جوالك , لأرى بنفسي
- انظر بنفسك , ما فعلوه بالطفل الصغير !
و شاهد المحقق الفيديو (بالجوال) :
- اممم ...الملاعين !!.. ايها الحارس !!!!

فأتى الحارس .. ثم همس المحقق بإذنه بضعة كلمات , سمع مايكل منها هذه الجملة :
- انه يتكلّم عن البستان البوهيمي .. ... .نعم ....حضّره حالاً 

و بعد دقائق , عاد الحارس و معه كوب الحليب الساخن
- اشرب بنيّ , و هدأ اعصابك
- انا لا اريد شيئاً !! فقط اعيدوني الى بيتي !
- لقد اتصلنا بوالدك , و هو في طريقه الينا .. هيا لا تعاند , فالحليب سيريحك

و بعد ساعة .. حاول مايكل بصعوبة فتح عيناه , ليشاهد ظلال رجلٌ  يدخل على المحقق , و الذي بدوره قفز من مكانه ليحيه بالتحية العسكرية (و هو مندهش , و سعيد برؤيته) : 
- سيدي !! أأتيت بنفسك ! كم هذا شرفٌ لي 
- دعنا من البرتوكولات و اخبرني.. اين جوال الصبي ؟
- لا تقلق سيدي ...لقد حذفت الفيديو 
- لا يهم !! اعطني جواله , و انا سأتلفه بنفسي
- كما تشاء .. تفضل !!
و سلّمه جوال جاك , الذي حاول القيام من كرسيه و هو يترنّح
- لا !! لا تتلفوا الدليل !
ثم رأى جاك وجه الشخصية المهمة .. فإذا هو : رئيس البلد !
- أأنت ؟!
فقال الرئيس لحارسه الشخصي : 
- خذه و اعيده للبستان .. فإبليس ينتظر قربانه الثاني
- لااااا !!!!

و أُخذ مايكل لمصيره المجهول ! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...