الجمعة، 8 يوليو 2016

التائه

تأليف : امل شانوحة


شاب, طفل, العراق, تفجيرات, الصليب الأحمر
ارجو ان لا يصاب الولد العراقي بالإنفجار


 في وسط بغداد .. حمل الشاب العربي حقيبته الصغيرة على ظهره , و اتجه نحو الجهة المقصودة ..و عندما توغّل داخل السوق الشعبي , اخذ يُقلّب خريطة الطريق (التي كان يحملها) ليتأكّد من خط سيره الصحيح .. و هنا اقترب منه ولدٌ عراقي (في الثانية عشر من عمره) و سأله :

الولد : يا استاذ !! .. اتعرف اين اجد مركز الصليب الأحمر ؟
الشاب : تقصد اللجنة الدولية للصليب الأحمر .. فهؤلاء اجانب !
-المهم !! اين اجدها ؟!
-بصراحة .. حتى انا اريد الذهاب الى هناك , و لكنّي اضعت الطريق !
الولد : اذاً لنسأل سوياً عن المكان .. تعال معي !!

و مشيا قليلاً حتى اقتربا من رجلٍ يبيع الخضار .. فسأله الشاب العربي عن الطريق .. فدلّهم عليه..

ثم ذهب الشاب برفقة الولد بإتجاه ذلك المركز الإغاثي (الأجنبي) 

***

و في الطريق ..  
لاحظ الولد توتر الشاب , و تصبُبّ العرق منه بكثرة .. فسأله :

الولد : اذا كنت تشعر بالحرّ .. فهات حقيبتك , احملها عنك !!
الشاب بإرتباك : لا شكراً ! هي ليست ثقيلة

ثم سكتا لبعض الوقت .. قبل ان يسأله الشاب

-لما انت ذاهبٌ الى هؤلاء الأعداء ؟!
فقال الولد بدهشة و استنكار : اعداء ! و من قال انهم اعداء ! الا يكفي انهم تركوا بلادهم , لكي يُحضروا لنا المساعدات

الشاب بإشمئزاز : هذا ما يُقال للجميع !
-لا ..حقاً !! فالمحتاجون يذهبون اليهم في بداية كل شهر , ليأخذوا منهم بعض المؤن الغذائية.. (بحزن) ..و نحن كذلك !
-و هل حالتكم سيئة لهذه الدرجة ؟!

فيتذكّر الولد بحزن : منذ سنة ..كان لوالدي دكاناً في وسط البلد , و كانت حالتنا لا بأس بها
-و ماذا حصل ؟

الولد (بحزن و قهر) : فجّر انتحاري نفسه هناك , فقضى ابي حتفه ..و تدمّر الدكّان تماماً !
-يا الهي ... المجرمون !! يفجّرون في مناطق المسلمين !

الولد بغضب : لم يكن الإنتحاري ينتمي لإحدى الطوائف الأخرى ! بل كان من طائفتنا , انا و انت !!
الشاب بدهشة : و كيف هذا ؟!

فيحاول الولد تذكّر ما حدث : كان احدى المجاهدين العرب .. و قد قدِم الى العراق لأوّل مرة .. و يبدو انه تاه ,  فلم يعرف العنوان الصحيح !
-اذاً قتلكم بالخطأ !

فيصرخ الولد بغضب : مئة و خمسة اشخاص قتلى !! هذا عدا عن المصابين .. هذا لا يسمّى بالقتل الخطأ , بل هي مذبحةٌ بشعة !!

فيحاول الشاب التبرير لذلك الإنتحاري : هو اكيد لم يقصد اذيتكم انتم !

فردّ عليه بغضب و قهر : لما لا يدعونا و شأننا !! فالعراق نالت حصةً كبيرة من الألآم .. يعني الا يكفينا كل هذا القصف و التدمير , حتى يأتي الينا الغرباء و يفجّروننا ايضاً !
فيعاتبه الشاب : نحن لسنا بغرباء ! بل الأجانب , هؤلاء هم ...

يقاطعه بغضب : ما اعرفه انا .. ان هناك مراكزاً اجنبية تعالج مرضانا , و تصرِف عليّ انا و امي العاجزة .. و مثلنا كثيرون !! اما البلاد العربية , فكأنكم نسيتم اصلاً وجود دولة اسمها العراق !
الشاب : لا .. لا تقسوا علينا هكذا !

فيصرخ الولد بغضب : اذاً قلّ لي انت !! مالذي احضرك الى بلدٍ يُعتبر الأسوء أمّناً في كل العالم ؟! هل اتيت لتتعلّم مثلاً ؟! ام لتتاجر بأموالك عندنا ؟ اجبّني !! 

الشاب بإرتباك و توتر : انا اتيت لكيّ ... (ثم يسكت)
فقال الولد بقلق (بعد ان لاحظ توتره) : ان وجهك لا يبشّر بالخير ابداً ! 

و هنا انتبه الشاب بأنهما وصلا الى اللجنة الدولية للصليب الأحمر , فقال للولد (ليتهرّب من الإجابة) 
-آه انظر ! لقد وصلنا !!

الولد : جيد !! اذاً سأودّعك الآن ..لأن عليّ ان اُحضر بعض الحاجيات , قبل ان اتأخّر على امي .. و شكراً لك لأنك اوصلتني
الشاب بقلق : طيب , اذهب .. لكن حاول ان تعود الى بيتك فوراً !!
بإستغراب : و لما تستعجلني ؟!
الشاب بحزن : فقط افعل ما اقوله لك

و عندما دخل الصبي الى المركز .. رنّ جوال الشاب .. 

رئيس الأرهابين : الو !! لقد اتصلت لأهنئك .. فقد وصلت اخيراً الى هدفنا المنشود

فيلّتفت الشاب حوله (بخوف) : و كيف عرفتم ذلك ؟! هل تراقبونني ؟!

رئيسه (بنبرة امر) : عرفنا و انتهى الموضوع !! فهيا قمّ بالمهمة , ماذا تنتظر ؟!
فأجاب بترددّ : لكن المركز مليءٌ بالنسّوة و الأطفال العراقين !
الرئيس (بعدم مبالاة) : لا يهمّ 

الشاب (بدهشة و غضب) : كيف لا يهمّ ؟! اصلاً لما قررّتم تنفيذ المهمة في هذا اليوم بالذات ؟! الا تعلمون ببرنامجهم الإغاثي في بداية كل شهر ؟!
و بثقة قال : بالطبع نعرف !!
الشاب (بغضب) : اذاً انتم لا تبالون بقتل الأبرياء !

فيقاطعه الرئيس بعصبية : لا تناقش الأوامر يا ولد !! ادخل و نفّذ ما طلبناه منك فوراً !! مفهوم !!! ....آه صحيح .. لا تنسى ان تتشاهد قبل ان تضغط على زر التفجير .. و الى اللقاء في جنّة الفردوس .. سلام !!

ثم تنتهي المكالمة ..فيُحدّث الشاب نفسه (بغضبٍ و توترٍ شديد) :
-لعنة الله عليّ !! اتركتُ اهلي و بلدي , لكي أقتل اُناساً ابرياء !..(ثم يتنهد) .. يارب !! ان كنت ما افعله لا يرضيك ,  فانقذني مما انا فيه !

ثم اتجه الشاب نحو المركز (متردّداً) ..و هو يقول في نفسه (مُتذكّراً الولد) :
-اتمنى ان يكون الصبي خرج من هناك , فأنا لا اريد قتله !

***

و في الداخل ..
رأى هذا الشاب بعض الموظفين الأجانب , و هم يعطون (لطابورٍ من النساء و الأولاد العراقيين) صناديقاً من المعونات الغذائية , هذا عدا عن الأدوية الصحية..... ثم سمع (الشاب) احدَ الموظفين و هو ينادي مديره , الذي كان متجهاً نحو الباب الخارجي.. و قال له (بالإنجليزية) :

الموظف : سيدي !! الى اين انت ذاهب ؟!
المدير الأجنبي : الى الجامع !! فستبدأ صلاة الجمعة بعد قليل

و عندما مرّ هذا المدير بالقرب من الشاب العربي , استوقفه و سأله بإستغراب (و بلغةٍ انجليزية ركيكة) :
الشاب : عفواً !! هل انت مسلم ؟!

فأجاب الأجنبي بفخرٍ و فرح : نعم .. و الحمد الله !!
بدهشة : اتتكلم العربية ايضاً ؟!
الأجنبي : يعني قليلاً .... فلي سنواتٌ هنا 

الشاب بإهتمام : عفواً على سؤالي .. لكن كيف اسلمت , و متى ؟! هل لي ان اعرف ؟

الأجنبي و هو يتذكّر : طبعاً .... ذلك كان منذ ثلاثة اشهر .. كنت ما ازال وقتها جندياً في المارينز .. و كنت قد اقتحمت احدى المنازل العراقية , بعد ان تلقيت امراً بإحضار فرداً من تلك العائلة , للتحقيق معه في مركزنا .. لكن بالصدفة .. لدغني عقرب في ساحة منزلهم , فصرتُ اتلوّى من الألم ..فهل تدري ما فعله والدا الشاب المعتقل ؟!

الشاب : لا , ماذا ؟!
الأجنبي : ادخلوني لبيتهم و عالجوني .. و قد غَلت امه لي بعض الحليب .. اما الشاب (الذي كنت سأعتقله) فقد سهر عليّ طوال الليل , و هو يغير لي الضمّادات الباردة لإنزال حرارتي !
-و ماذا فعلت انت بعدما شُفيت ؟

الأجنبي : سألتهم اولاً عن سبب اهتمامهم بي .. فقالوا لي : بأن الإسلام يأمرهم بذلك.. فصرت استفسر اكثر عن هذا الدين الرحيم .. و صاروا يجيبونني برحابة صدر .. و بنهاية ذلك اليوم , اعلنت اسلامي .. و استقلت من العسكرية في اليوم التالي
الشاب : و لما بقيت اذاً في العراق ؟!

-لأني شعرتُ بأنني مدينٌ لشعبها عن سنواتي الخمسة التي قضيتها في الجيش ..و كما ترى .. التحقتُ باللجنة الدولية للصليب الأحمر .. و انا احاول الآن ان اساعد اكبر عددٍ من العائلات المنكوبة
ثم نظر الى الساعة كبيرة (التي علّقت على حائط المركز) ..
الأجنبي : اووه !! انظر الى الساعة ! سنتأخّر على الصلاة .. الن تأتي ؟!

يبتسم الشاب بدهشة : يعني اسلمت منذ وقتٍ قريب , و صرت تداوم ايضاً على الصلاة في المساجد !

فيبتسم الأجنبي بفخر : بل و ابشّرك بأنني اتممت البارحة حفظ جزئي الأول من القرآن .. فبصراحة اشعر بأنني ارغب دائماً في تعلّم المزيد عن هذا الدين الرائع !
-ما شاء الله !
الأجنبي : هيا بنا !!

***

ثم ذهبا معاً الى الجامع ..لكن الأجنبي دخل اولاً , ثم لحقه الشاب (بعض ان اخفى حقيبته في الخارج) .. 

و في داخل المسجد .. و عند القاء الخطبة ..اتصل قائد الإرهابين بالشاب , الذي اسرع و اغلق جواله , بعد ان بعث اليه برسالة يقول فيها (ساخراً) :

رسالة الشاب :
(( انا اصلّي الآن الجمعة ..الا يجدر بك ان تكون ايضاً في المسجد ؟! ))

و بعد ان خرج الناس من الجامع .. ذهب الشاب و حمل حقيبته (التي كان اخفاها بين الأشجار البعيدة قليلاً عن المسجد) .. 

ثم عاد و فتح جواله , ليجد رئيسه قد بعث اليه العديد من رسائل التي تشتمه و تَصِفُه بالجبان (ايّ الشاب) ..
لكن آخر رسالة هي ما اخافته حقاً , حيث قال له (رئيسه) :

رسالة رئيس الإرهابين :
(( يبدو انك خذلتنا و خذلت دينك ! لذلك سنبعث الى هناك , شاباً آخر .. اما انت !! فحسابك فيما بعد !! ))

فركض الشاب (كالمجنون) ليحذّر الناس (المتواجدين في المركز) .. لكنه تأخّر .. فقد سمع صوت انفجارٍ ضخم !! فأقترب (بخوف) من المركز , ليرى الناس و هي تهرب من النيران المشتعلة فيه , بينما تناثرت اشلاء بعض الضحايا في زوايا الطريق .. 

و رغم صدمته في هذه اللحظات , الا انه تناهى الى سمعه صراخ شخصٌ يناشد احدَ موظفي المركز (العراقين) :
الرجل : ماء !!! نريد ماءً لنطفىء الحريق !!! فهناك اناساً محاصرون في الداخل !

ثم سمع الشاب , عجوزاً (من المارّة) .. و هو يشير بيده لمكان على يسار المركز , و هو عجوز عراقي (من المنطقة)
-كان هناك بئراً قريباً من مبنى المركز , لكنه جفّ منذ وقتٍ قصير .. فمالعمل الآن ؟

فتذكّر الشاب امر القنبلة (التي يحملها في حقيبته) ..و ركض بإتجاه البئر المهجور..

ثم ضغط على زر التفجير .. و رمى بحقيبته داخل البئر .. ثم صرخ على الجميع : بأن يبتعدوا عن المكان .. ثم انفجرت قنبلته ليخرج معها (من باطن الأرض) نافورة ماءٍ كبيرة .. 

فأسرع الناس ليعبّئوا منها , و يطفئوا الحريق .. و قد ساعدهم ايضاً الشاب العربي و المدير الأجنبي .. الى ان خمد اخيراً وهج النار .. و استطاعوا لاحقاً اخراج المحاصرين , و الذي كان من بينهم الولد الصغير (نفسه) , و الذي كان تعرّض لبعض الحروق الخفيفة..

و بينما الناس منشغلة بالإطمئنان على المصابين .. حاول الشاب الهرب (بسرعة) , قبل ان يتذكّروا امر القنبلة التي كان يحملها .. 

لكن الأجنبي فاجأه , بأن قال للجميع (بصوتٍ عالي)
الأجنبي (مدير المركز) : علينا ان نشكر جميعنا , الشاب البطل !! الذي رمى بالقنبلة التي اعطيته اياها في البئر ..  فأطفأنا بسببها الحريق !!
فصفّق له الناس (بإمتنان) ..

فأقترب الشاب من الأجنبي , ثم همس له (و هو مازال متفاجئاً من تصرّفه هذا)
الشاب العربي : لماذا لم تقبض عليّ ؟!

فيتذكّر الأجنبي : لأني رأيت دموعك عندما كنا بالخطبة , و فسّر الشيخ قوله تعالى : (( من قتل نفساً بغير نفس او فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً و من احياها فكأنما احيا الناس جميعاً )) فأحسست بأنك واقعٌ في مصيبةٍ كبيرة .. لكنك ايضاً نادمٌ عليها !

الشاب بحزن : كلامك صحيح .. فقد احسست وقتها , كأني اسمع هذه الآية لأوّل مرّة في حياتي ! و لذلك تأثّرت كثيراً
الأجنبي : من الجيد اذاً , انك غيرت رأيك بآخر لحظة
الشاب بندم : و ما الفائدة ؟! فقد وجدوا غيري لتنفيذ المهمّة !

الأجنبي : لا تحزن يا اخي !! فنحن من الأساس نعلم بأننا مستهدفون دائماً ! لكن هذا لن يمنعنا من القيام بواجبنا ..  ...كما إنه بصراحة .. ما يعانيه الشعب العراقي الآن .. هو بسبب التدخّل الدولي في شؤون بلادهم , و لهذا استحقينا العيش في هذا الخطر !..(يتنهد) .. لذا اذهب و انت مطمئنّ , فأنا لن ابلّغ عنك 

الشاب بإبتسامة حزينة : اشكر تفهمّك !...و الله انك فهمت ديننا اكثر منّي , و من الكثيرين ممن يلقّبون انفسهم بالمسلمين !  فشكراً لك !! ..و استودعك الله !!

و بينما الأجنبي يسلّم عليه , يعود و يسأله (بقلق) :
-و هل ستعود اليهم ؟! اقصد .. أولئك الإرهابيين !

الشاب : لا , معاذ الله ! فالتصرفات الهمجية لهؤلاء الأشخاص هي من شوّهت صورة الإسلام في كل العالم ! .. (يتنهد بحزن) .. المهم الآن .. ان ارحل من هنا و فوراً !! لأنهم ان عثروا عليّ , فسيقتلونني حتماً لتقاعسي عن تنفيذ المهمّة !

الأجنبي : و الى اين تنوي الذهاب ؟
الشاب : سأعود الى بلادي طبعاً .. ثم أبحث عن عملٍ , أصرف منه على والدايّ
-و هذا جزائه اكبر عند رب العالمين 
-صدَقتَ و الله !!

ثم ودّعه الأجنبي , و عاد ليرى الأضرار التي حصلت في مركزه .. اما الشاب .. فذهب لأول الشارع , ليبحث له عن سيارة اجرة ..  
و هناك .. اقترب منه نفس الولد , و حضنه بقوة..
الشاب العربي (متفاجىء) : آه ! اهذا انت ؟! لكن لماذا تحضنني ؟
الولد العراقي بإمتنان : سمعت انك انت من انقذتني و انقذت الجميع , فأردّتُ ان اشكرك !!

الشاب (و هو مازال محرجاً من نفسه) : لا تشكرني رجاءً ! هيا عدّ الى بيتك .. و عدّني !! بأن تنتبه على امك و على نفسك .. مفهوم !! 

و هنا تمرّ بقربهما سيارة اجرة .. فيصرخ الشاب عالياً :
-هاى !! تاكسي !!
فتتوقف السيارة بجانبه .. فيقترب الشاب من نافذة السيارة , و هو يشير بيده الى الأمام 

الشاب : يا حاج !! هل تأخذي الى الحدود ؟ و اعطيك ما تشاء !!
فيبتسم سائق الأجرة : يبدو انك لست من هنا .. فالحدود , يا بنيّ صارت خلفنا ..هل انت تائِه ؟

فيقترب الولد من سيارة اجرة (بعد ان سمعهما) , و يقول للسائق :
الولد : لا يا عم !! انا من كنت تائهاً , و الشاب هو من دلّني على الطريق

فيقول الشاب العربي بحزن : لا يا صغير .. انا من كنت تائهاً , و انت من هديتني للطريق الصحيح .. فجزاك الله عنّي كل خير !!

النهاية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مسابقة الجدارة

تأليف : امل شانوحة منصبٌ رفيع إستوفى خمسة شباب شروط الوظيفة في شركةٍ مرموقة .. واجتمعوا في مكتب المدير العام (أغنى تجّار البلد) الذي قال لهم...